من ضمن سلسلة باب (العَائِلَةُ المِثَالِيَّة)
قال رسول الله صلى الله عليه واله: "إذا جاءكم مَن ترضون خلقه ودينه فزوّجوه".(1)
قبلت الفتاة (ت ـ ع) الزواج من الشاب (ث ـ ي) الفقير مادياً، والغني أخلاقياً، والملتزم دينياً؛ لأن السعادة لا
يمكن الحصول عليها إلّا بالتعاون، والتفاهم، والحبّ، والقناعة، والتضحية، والإيثار المتبادل بين الزوجين، بدأت
حياتهما معاً واستمرت لمدة (25) سنة بسعادة وودّ، ورُزِقوا البنون والبنات، ومع أنّ الزوج حاصل على
الشهادة الأكاديمية إلا أنه يعمل بالبناء؛ ليكسب رزقه بشرف والزوجة موظفة.
شَهدت لها أمّ الزوج فقالت:
تقدّمنا إلى خطبتها ولم يكن أملنا كبيراً بالقبول؛ لأن الفتاة خطبها الكثير من الأغنياء والوجهاء، ففكرنا بالاستدانة
لتقديم المهر، لكنها قالت: عندي كلّ شيء ولا أريد سوى خاتم الزواج وغرفة، أمّا الأجهزة الكهربائية والسّجاد
والمقتنيات الأُخر، فقدّموها أهلها كهدية للزواج.
وبعد ذلك باعت مصوغاتها الذهبية، وقطعة أرض تملكها، واشترت منزلاً صغيراً، وحينما مرضتُ كانت
ترعاني، حتى ابنتي لم ترعني مثلها، وبقيتُ أعيش معهم دون بقية أولادي؛ بسبب حسن تعاملها معي ومع ابني.
قال الزوج:
قبل أن أتزوج كنتُ كئيباً؛ بسبب رفض الفتيات خطبتي؛ كوني فقيراً. سمعتُ يوماً أنّ صديقي له أختٌ بعمر
الزواج؛ ولأني أعرفهم كعائلة، وأعرف أخلاقهم والتزامهم الديني تمنيتُ أن أكون زوج ابنتهم، فهم عائلة مثالية،
متعاونون فيما بينهم، معروفون بين الجيران والأصدقاء بكرم أخلاقهم وتربيتهم الصالحة. تقدّمتُ إلى الخطبة
وغمرتني فرحة عظيمة حين وافقوا، وبتّ أشعر بثقة كبيرة أنّ الدنيا ما تزال بخير، وأنّ فيها مَن يطبّق تعاليم
الدين، ويقدّر الشاب لتديّنه وأخلاقه، ولا لثمن المهر، والمنزل، والسيارة، وكان تعاونهم معي كإخوة وأخوات فقد
تقاسموا أثاث البيت والمقتنيات كهدايا فيما بينهم كي لا يحرجوني، ولم أسمع من زوجتي أو أهلها يوماً كلاماً
يحرجني أو يذكّرني أو يقلّل من احترامي.
قالت الزوجة:
عشتُ مع أهلي حياة ميسورة، وتمتعتُ بكلّ متطلبات الحياة، وكنتُ أسمع عن حالات الطلاق، والخيانة الزوجية،
والمشاكل المتنوعة، والعنف الأسري، فكنتُ أدعو الله عز وجل في كلّ صلاة أن يرزقني زوجاً صالحاً يفهمني
ويرعاني ويحبّني، ويأخذ بيدي إلى الجنة، ويقدّرني لشخصي لا لغرض مادي، فكنتُ أرفض الخطّاب الواحد تلو
الآخر إلى أن سمعتُ أنّ صديق أخي قد طلبني للزواج، وأنه يمتدحه كثيراً؛ لأنه يعرفه من سنين، وأنه على قدر
من الالتزام الديني، والعفة، والإخلاص بالعمل، ولا يعيبه إلا فقره.
فكّرتُ كثيراً، وقلتُ في نفسي الفقير يغنيه الله تعالى من رزقه، أمّا الأخلاق الحميدة فلا تقدّر بثمن، وقلتُ تُرى
كيف سيكون تعامله معي ومع أولاده؟ وكيف ستكون تربيته لهم؟ بالتأكيد ستكون في ضمن تعاليم الدين وأخلاق أهل البيت عليهم السلام.
الدروس التي استفدناها من هذه الأسرة:
كسر قاعدة عُرفية وهي أنّ قيمة العروس بقيمة المهر المقدّم إليها، كذلك تفضيل الخطيب الغني الذي يقدّم مهراً
عالياً، وأن ذلك ليس سبب السعادة، فباستطاعة أهل الزوجة المساهمة فيما بينهم بنوع من الهدايا المقدّمة كي
يسدوا النقص في الأثاث، وأن لا يكون هناك تفرقة بين الزوج والزوجة ومقتنياتهم، كذلك مسألة الدخل أن يكون
مشتركاً لسدّ نفقات الأسرة، وتعلّمنا أنّ الأخلاق الحسنة أثمن من كنوز الأرض، فبها أحبت أمّ الزوج زوجة ابنها،
وفضّلت البقاء عندهم، وبها بُنيت أسرة سعيدة، ونشأ أطفالٌ صالحون، وكانت السمعة الطيبة لها صدىً عند الأهل
والأقارب والجيران والأصدقاء تعود بالمنفعة على الأولاد والبنات، ومنها كان تعامل أهل الزوجة بأن لم يحسّسوا
الزوج بالمِنّة، كذلك اختيار الصديق الجيد له أثر في هذه القصة.
..............................
ليلى ابراهيم الهر
تم نشره في المجلة العدد86
قال رسول الله صلى الله عليه واله: "إذا جاءكم مَن ترضون خلقه ودينه فزوّجوه".(1)
قبلت الفتاة (ت ـ ع) الزواج من الشاب (ث ـ ي) الفقير مادياً، والغني أخلاقياً، والملتزم دينياً؛ لأن السعادة لا
يمكن الحصول عليها إلّا بالتعاون، والتفاهم، والحبّ، والقناعة، والتضحية، والإيثار المتبادل بين الزوجين، بدأت
حياتهما معاً واستمرت لمدة (25) سنة بسعادة وودّ، ورُزِقوا البنون والبنات، ومع أنّ الزوج حاصل على
الشهادة الأكاديمية إلا أنه يعمل بالبناء؛ ليكسب رزقه بشرف والزوجة موظفة.
شَهدت لها أمّ الزوج فقالت:
تقدّمنا إلى خطبتها ولم يكن أملنا كبيراً بالقبول؛ لأن الفتاة خطبها الكثير من الأغنياء والوجهاء، ففكرنا بالاستدانة
لتقديم المهر، لكنها قالت: عندي كلّ شيء ولا أريد سوى خاتم الزواج وغرفة، أمّا الأجهزة الكهربائية والسّجاد
والمقتنيات الأُخر، فقدّموها أهلها كهدية للزواج.
وبعد ذلك باعت مصوغاتها الذهبية، وقطعة أرض تملكها، واشترت منزلاً صغيراً، وحينما مرضتُ كانت
ترعاني، حتى ابنتي لم ترعني مثلها، وبقيتُ أعيش معهم دون بقية أولادي؛ بسبب حسن تعاملها معي ومع ابني.
قال الزوج:
قبل أن أتزوج كنتُ كئيباً؛ بسبب رفض الفتيات خطبتي؛ كوني فقيراً. سمعتُ يوماً أنّ صديقي له أختٌ بعمر
الزواج؛ ولأني أعرفهم كعائلة، وأعرف أخلاقهم والتزامهم الديني تمنيتُ أن أكون زوج ابنتهم، فهم عائلة مثالية،
متعاونون فيما بينهم، معروفون بين الجيران والأصدقاء بكرم أخلاقهم وتربيتهم الصالحة. تقدّمتُ إلى الخطبة
وغمرتني فرحة عظيمة حين وافقوا، وبتّ أشعر بثقة كبيرة أنّ الدنيا ما تزال بخير، وأنّ فيها مَن يطبّق تعاليم
الدين، ويقدّر الشاب لتديّنه وأخلاقه، ولا لثمن المهر، والمنزل، والسيارة، وكان تعاونهم معي كإخوة وأخوات فقد
تقاسموا أثاث البيت والمقتنيات كهدايا فيما بينهم كي لا يحرجوني، ولم أسمع من زوجتي أو أهلها يوماً كلاماً
يحرجني أو يذكّرني أو يقلّل من احترامي.
قالت الزوجة:
عشتُ مع أهلي حياة ميسورة، وتمتعتُ بكلّ متطلبات الحياة، وكنتُ أسمع عن حالات الطلاق، والخيانة الزوجية،
والمشاكل المتنوعة، والعنف الأسري، فكنتُ أدعو الله عز وجل في كلّ صلاة أن يرزقني زوجاً صالحاً يفهمني
ويرعاني ويحبّني، ويأخذ بيدي إلى الجنة، ويقدّرني لشخصي لا لغرض مادي، فكنتُ أرفض الخطّاب الواحد تلو
الآخر إلى أن سمعتُ أنّ صديق أخي قد طلبني للزواج، وأنه يمتدحه كثيراً؛ لأنه يعرفه من سنين، وأنه على قدر
من الالتزام الديني، والعفة، والإخلاص بالعمل، ولا يعيبه إلا فقره.
فكّرتُ كثيراً، وقلتُ في نفسي الفقير يغنيه الله تعالى من رزقه، أمّا الأخلاق الحميدة فلا تقدّر بثمن، وقلتُ تُرى
كيف سيكون تعامله معي ومع أولاده؟ وكيف ستكون تربيته لهم؟ بالتأكيد ستكون في ضمن تعاليم الدين وأخلاق أهل البيت عليهم السلام.
الدروس التي استفدناها من هذه الأسرة:
كسر قاعدة عُرفية وهي أنّ قيمة العروس بقيمة المهر المقدّم إليها، كذلك تفضيل الخطيب الغني الذي يقدّم مهراً
عالياً، وأن ذلك ليس سبب السعادة، فباستطاعة أهل الزوجة المساهمة فيما بينهم بنوع من الهدايا المقدّمة كي
يسدوا النقص في الأثاث، وأن لا يكون هناك تفرقة بين الزوج والزوجة ومقتنياتهم، كذلك مسألة الدخل أن يكون
مشتركاً لسدّ نفقات الأسرة، وتعلّمنا أنّ الأخلاق الحسنة أثمن من كنوز الأرض، فبها أحبت أمّ الزوج زوجة ابنها،
وفضّلت البقاء عندهم، وبها بُنيت أسرة سعيدة، ونشأ أطفالٌ صالحون، وكانت السمعة الطيبة لها صدىً عند الأهل
والأقارب والجيران والأصدقاء تعود بالمنفعة على الأولاد والبنات، ومنها كان تعامل أهل الزوجة بأن لم يحسّسوا
الزوج بالمِنّة، كذلك اختيار الصديق الجيد له أثر في هذه القصة.
..............................
- عوالي اللالئ: ج2، ص70.
ليلى ابراهيم الهر
تم نشره في المجلة العدد86
تعليق