إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

معالم الأمومة المعطاء في شخصية السيدة الزهراء .

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • معالم الأمومة المعطاء في شخصية السيدة الزهراء .

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد

    معالم الأمومة المعطاء في شخصية السيدة الزهراء .


    قدوة كل أم هي فاطمة، ومصدر العطاء للأمومة المثلى هي فاطمة «صلوات الله عليها»، فاطمة الزهراء ارتكزت على عدة ركائز في مجال التربية:
    الركيزة الأولى: الاستقرار العاطفي.


    انحدرت الزهراء من أسرة مستقرة عاطفياً، أبوها يحب أمها، وأمها مخلصة لأبيها، وهذا ما تحدث الرسول عنه عندما قالت له بعض زوجاته، فقد كان الرسول بعد وفاة خديجة بسنين دائماً يتصدق عن خديجة، ويهدي الشاة لصديقاتها، ويذكر خديجة قائماً وقاعداً، فقالت له بعض زوجاته: ما تذكر في عجوز حمراء الشدقين أبدلك الله خيراً منها، قال: ما أبدلني الله خيراً منها، آمنت بي حين كفر بي الناس، وآوتني حين طردني الناس، ورزقت منها الولد وحرمته غيرها، أي شاء الله أن يكون نسلي وسلالتي من هذا الرحم الطاهر، رحم خديجة بنت خويلد.

    فالزهراء انحدرت من هذه الأسرة المستقرة عاطفياً أباً وأماً، وانعكس هذا الأثر على أبنائها، فأغدقت عاطفتها وحنانها على أبنائها، فكانت ترقص ولدها الحسن وتقول: أشبه أباك يا حسن، وأخلع عن الحق الرسن، وكانت ترقص ولدها الحسين وتقول: بأبي شبه أبي، ليس شبيهاً بعلي، باعتبار أن الحسنين حملا السمات الجمالية والشكلية للرسول ، وكانت دائما تناديهما: يا ثمرة فؤادي ويا قرة عيني، فإغداق المحبة هو امتداد لذلك النشأ العاطفي الذي ورثته الزهراء من أسرتها المحمدية.
    الركيزة الثانية: التجسيد العملي.


    عندما تقرأ التاريخ تجد أن نصائح الزهراء قليلة؛ لأنها كانت تركز على لغة العمل لا لغة الكلام، كانت تتعامل مع أبنائها عملاً وفعلاً، تجسد لهم القيم فيقتدون بها، كانت تبرز التربية بشكل عملي لا بشكل قولي، ولذلك يقول الإمام الحسن الزكي: ما رأيت أعبد من أمي فاطمة، كانت إذا قامت إلى محرابها لا تنفتل من صلاتها حتى تتورم قدماها من طول الوقوف بين يدي ربها، فأقول لها: أماه فاطمة لم لا تدعين لنفسك؟ فتقول: بني حسن الجار ثم الدار.
    الركيزة الثالثة: ركيزة القيم.


    لا تحتاج أن تعرض على الطفل خارطة طويلة من الأوامر والنواهي، المهم أن تربيه على القيم الأساسية، والمهم أن تربيه على القيم الأصيلة، فالزهراء كانت ترى أن القيمة هي معيار الشخصية الكاملة، فكانت تركز على القيم لا على التفاصيل.
    الركيزة الرابعة: القيم الفطرية.


    أن الزهراء كانت تركز على القيم الفطرية، فهناك قيم مكتسبة وقيم فطرية، والقيم المكتسبة هي القيم التي يكتسبها الإنسان من الثقافة الاجتماعية، بمجرد أن يختلط بالأصدقاء ويدخل المدرسة سوف يكتسب القيم الاجتماعية الأخرى، لكن هناك قيم فطرية أولية لابد أن يكتسبها من الأسرة، ولذلك ركزت الزهراء على القيم الفطرية في مقابل القيم المكتسبة، والقيم الفطرية هي:

    القيمة الأولى: قيمة الارتباط بالله وهي أعظم قيمة، فالطفل لابد أن يتعلم الصلاة، وأن يتعلم الدعاء، وأن يتعلم أن ملجأه ومغاثه ومأمنه هو الله عزوجل، ولابد أن يتعلم روح الارتباط بالله منذ صغره من خلال أمه، لأنها أول معلم، وقد ركزت الزهراء على هذا الجانب، ففي ليالي القدر عندما كان الحسنين وزينب أطفال صغار زينب كان عمرها 3 سنوات والحسين عمر خمس سنوات والحسن ست سنوات عندما توفيت أمهم الزهراء إذا جاءت ليالي القدر الثلاث تأمر الزهراء أطفالها بالنوم نهاراً كي يستيقظوا للعبادة ليلاً وهم أطفال، تعطيهم قليلاً من الطعام؛ حتى لا تصيبهم تخمة تمنعهم من العبادة ومزاولة العبادة والصلاة، تربيهم على روح الارتباط بالله تبارك وتعالى.

    سلمان الفارسي كما روى عنه ابن طاووس في مهج الدعوات قال: تعلمت من فاطمة كلمات تعلمتها من أبيها رسول الله وقالت لي: إن سرك يا سلمان أن لا تصاب بأذى الحمى ما دمت حياً فواظب عليها صباحاً ومساءً، وهو دعاء مشهور يواظب عليه علمائنا ومراجعنا ويعتبرون هذا الدعاء حرزاً من الأحراز يقي من الأوبئة والمشاكل وهو دعاء النور:

    بِسْمِ اللهِ النُّورِ، بِسْمِ اللهِ نُورِ النُّورِ، بِسْمِ اللهِ نُورٌ عَلى نُور، بِسْمِ اللهِ الَّذي هُوَ مُدَبِّرُ الاْمُورِ، بِسْمِ اللهِ الَّذي خَلَقَ النُّورَ مِنْ النُّورِ، الْحَمْدُ للهِ الَّذي خَلَقَ النُّورَ مِنَ النُّورِ، وَاَنْزَلَ النُّورَ عَلى الطُّورِ، فِي كِتاب مَسْطُور، رِقٍّ مَنْشُور، بِقَدَر مَقْدُور، عَلى نَبِيٍّ مَحْبُور، الْحَمْدُ للهِ الَّذي هُوَ بِالْعِزِّ مَذْكُورٌ، وَبِالْفَخْرِ مَشْهُورٌ، وَعَلَى السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ مَشْكُورٌ، وَصَلَىّ اللهُ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ الطّاهِرينَ.
    هي النورُ من نورٍ، وبالنورِ زُوِّجَتْ
    فنورُ عليٍّ قد غشى نورَ فاطمٍ
    تبارك ربٌّ فيهما جَمَع الخَيرا
    فأولَدَها نجماً.. وأعقَبَها بَدرا
    القيمة الثانية: فهم الحياة فهماً موضوعياً، كانت الزهراء تعلم أبناءها على أن الحياة ليست جمعاً للأموال ولا طلباً للثروة ولا لهفاً وراء الجاه ولا سعياً وراء الألقاب، فالحياة أن تكون طريقاً لخدمة سبيل الله، ولتكن حياتك طريقاً للآخرة ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ [القصص: 77] لذلك لما دخل عليها رسول الله ، وهي تطحن الرحى والطفل في حضنها تربته وهي تسبح، كانت تجمع بين أمور ثلاثة: عمل وحضانة للطفل وارتباط بالله تبارك وتعالى، فلما نظر إليها ابتسم وقال: بنيه، تعجلت مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة، فقالت: أبه يا رسول الله الحمد لله على نعمائه وله الشكر على آلائه.

    القيمة الثالثة: العطاء المجاني، الزهراء علمت أبناءها على العطاء المجاني بلا مقابل ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا «5» عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا «6» يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا «7» وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا «8» إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا «9»﴾ [الإنسان: 5 - 9] ثلاثة أيام لم يذوقوا الطعام وكانوا على الماء يرتعشون كالفراخ كلما قدموا أقراصهم جاء من يطلبها، مسكين ويتيم وأسير، وباتوا جياعاً بتلك الحالة المرة، ولكن هذه الحالة جعلتهم عمالقة في مقام العطاء والإحسان والبذل، دون رعاية لأمور مادية أخرى ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا «9»﴾، وجاء لها الإمام علي بسوارين حصل عليهما من الغنائم فلم تلبس السوارين بل أعطتهما لولدها الحسن وقالت له: اذهب بهما إلى أبي رسول الله، وقل له بعهما وتصدق بثمنهما على فقراء المسلمين. فهي تعلم ابنها على الصدقة والعطاء والبذل بلا مقابل.

    القيمة الرابعة: الأدب، الإمام علي يقول لابنه الحسن «عليهما السلام»: ”إنما قلب الحدث كالأرض الخالية، كلما ألقي فيها شيء قبلته فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك وينشغل لبك“، كان علي وفاطمة يذوبان تأديباً للحسن والحسين ويربونهما على الأدب العالي، كان الحسن يدخل المسجد وهو طفل فيعامله المسلمون معاملة الرجل لعلو أدبه وسمو نفسه، وكان يستمع الوحي من رسول الله ، ويرجع البيت ويفرغه على أمه فاطمة الزهراء.

    القيمة الخامسة: وهي القيمة التي ركزت فاطمة عليها بالنسبة إلى أولادها: الانتصار للعدالة والفضيلة، الانتصار للحق، ربت أبناءها على حب الشهادة وحب مقارعة الظلم والطغيان، حب التضحية في سبيل القيم والمبادئ، لذلك كل أبنائها ساروا على هذا الطريق، طريق التضحية ومواجهة الظلم، وطريق مواجهة الطغيان، وتلاحظ أن الأئمة يهتمون بتاريخ أهل البيت ، لما ورد عن الإمام الصادق : يقول علموا أبناءكم من علمنا فضائلهم، مناقبهم عطائهم، تحليل حياتهم ما ينتفعون به، حتى لا تسبقكم المرجئة.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X