لم يكن أصحاب الائمة عليهم السلام في منأى عن ظلم الطغاة وجور السلاطين على طول خط التاريخ ، والوقائع والأحداث تشهد بذلك .. ولا زالت ..
واجتهد الائمة وأصحابهم في حفظ أنفسهم وممارسة أنواع التقية من أجل هذا الهدف المهم والمشروع والذي به يحفظ الدين وثلة المؤمنين .
فمثلاً تذكر لنا الروايات أن الإمام الصادق عليه السلام استعمل لغة الذم مع زرارة بن أعين - في بعض الأوقات - من أجل إبعاده عن رقابة وتربّص السلطات الحاكمة في ذلك الوقت .. لاسيما أنه كان وليد بيت كبير ضرب بجرانه الكوفة وأطرافها ، وكان معاشراً لأكابر السنّة وحكّامهم وقضاتهم ، وكان في بيته من لم يتشيّع بعدُ ، وكان أعداء أهل البيت يكنّون العداء لشيعتهم ومن أعلن الولاء لهم .
ولهذا نجد هنالك روايات مادحة لزرارة بن أعين مثل قول الإمام الصادق ع : " لولا زرارة لظننت أن أحاديث أبي عليه السلام ستذهب " ، بينما توجد روايات ذامة له من قبيل ما جاء عن الزعفراني ان ابا عبدالله الصادق قال : ما أحدث أحد في الاسلام ما أحدث زرارة من البدع ، لعنه الله . ( اختيار معرفة الرجال للكشي ح ٢٤١ ) . وعن ليث المرادي ان الصادق قال : لا يموت زرارة الا تائهاً . ( اختيار معرفة الرجال ٢٤٠ ) .
ولكن ما يحلّ هذا التعارض هو ما ورد عن الإمام الصادق نفسه صلوات الله عليه والذي بيّن من خلاله السبب وراء أخبار الذم الصادرة عنه بحق زرارة :
عن محمد بن قولويه والحسين بن الحسن بن بندار جميعا ، عن سعد بن عبد الله عن هارون بن الحسن بن محبوب ، عن محمد بن عبد الله بن زرارة ، وابنيه الحسن والحسين عن عبد الله بن زرارة ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام :
( اقرأ مني على والدك السلام ، وقل له إني إنما أعيبك دفاعاً مني عنك ، فإن الناس والعدو يسارعون الى كل من قربناه وحمدنا مكانه لادخال الأذى في من نحبه ونقربه ، ويرمونه لمحبتنا له وقربه ودنّوه منّا ، ويرون إدخال الأذى عليه وقتله ، ويحمدون كل من عبناه نحن ، فإنما أعيبك لأنك رجل اشتهرت بنا وبميلك الينا ، وأنت في ذلك مذموم عند الناس غير محمود الأثر بمودتك لنا ولميلك إلينا ، فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين بعيبك ونقصك ، ويكون بذلك منّا دافع شرهم عنك ، يقول الله عزّ وجلّ : { أمّا السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً } ، هذا التنزيل من عند الله صالحة ، لا والله ما عابها إلاّ لكي تسلم من الهلك ولا تعطب على يديه ، ولقد كانت صالحة ليس للعيب فيها مساغ والحمد لله ، فافهم المثل يرحمك الله ، فأنت والله أحب الناس إلي وأحب أصحاب أبي حيّاً وميّتاً ، فإنك أفضل سفن ذلك البحر القمقام الزاخر ، وأن من ورائك ملكاً ظلوماً غصوباً يرقب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهدى يأخذها غصباً وأهلها ، ورحمة الله عليك حيّاً ورحمته ورضوانه عليك ميتاً ) . وسائل الشيعة ج٢٠ ص١٩٦
آجركم الله
#٢٥شوال
#شهادة_الإمام_الصادق_ع
تعليق