إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

النصيحة أعظم هدية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • النصيحة أعظم هدية

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته


    قال الله سبحانه: { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ}.
    يقوم بناء الشخصية الاسلامية على فلسفة تربوية قوامها أن الإنسان هو مصدر للخير ينبع من عقله وقلبه ويده وعمله ومن كل كيانه، فالانانية واللامبالاة لا وجود لها في قاموس الاسلام، بل معيار إيمان الإنسان هو ما يتركه من آثار الخير والبركة والنفع في الناس، وهذا لايتعلق بالمنجزات المادية فحسب، بل بالامور التي تصرف في قاموس الانسانية في تعامُلِ الانسان مع أخيه الانسان. وهنا نستذكر الحديث الذي يقول: " عاشروا الناس معاشرةً إن غبتم حنّوا إليكم، وإن متم بكوا عليكم "
    فمادة الخير، لا تقف عند حدود المال كما يتصور بعض الناس، فالبسمة خير، والكلمة الطيّبةُ خير، والتحية خير،والرحمة خير وحسن العشرة والتسامح خير والدعم والتشجيع خير، ومن هذا الخير: النصيحة والنصح.
    النصيحة ثمرة محبة وهي "من أخلاق الكرام" كما يقول الامام علي ويضيف" المؤمن غريزته النصح". لهذا جعلها الاسلام واجبا وها هو رسول الله يعرف الإسلام بقوله: "الدين النصيحة"
    وإذا تأمّلنا سيرة معظم الانبياء والرسل نجد ان النصيحة هي العنوان الذي انطلقوا به فلا إكراه في الدين. النبي نوح نصح قومه مئات السنين يبين ويعظ ويَرشد وينصح : { قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} وهود لا يكل ولا يمل ويخاطب قومه : {وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ}.
    فمن هنا نفهم لماذا كانت النصيحة حجر زاوية في مسيرة الرسالة، تُقَدَّم لكل من يحتاج إليها؛ الى من يطلبها أو حتى من لا يطلبها، "يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة له في المشهد والمغيب""المؤمن أخو المؤمن، يحقّ عليه النصيحة". حقاً وليس منةً او جميلا أو مصلحة أو رصيداً (البعض ينصح ويفيد ولكنه يطالب مقابله في ما بعد)
    وللتشجيع على هذا السلوك الحميد فقد اعتبره الاسلام من السبل التي تعبد الطريق الى الجنة : "إن أعظم الناس منزلةً يوم القيامة، أمشاهم في أرضه بالنصيحة لخلقه".
    وعن الإمام الصادق(ع): "عليكم بالنصح لله في خلقه، فلن تلقاه بعمل أفضل منه".
    ومن هنا نفهم ايها الاحبة لماذا أزال الإسلام من أمام النصيحة عائق الغيبة رغم أنها من الكبائر، فهو أجاز لك أن تتحدث عن عيوب إنسان ما في حال جاء من يطلب نصحك لتوظيفه او لتزويجه او للتشارك معه أو غير ذلك.. بل يحق لك أن تُبادر وتحذره من هذه العيوب، وإن لم تفعل فأنت تتحمل مسؤولية ذلك الى يوم القيامة.
    ايها الاحبة :
    ­­­­ان النصيحة في الاسلام ليست ترفا فكريا او اجتماعيا بل هي واجبٌ وفريضة، يجب على المتمكن ان يقدم عليها وهو غير معذور ابدا حتى ولو كانت هناك صعاب.
    عليه اولا اختيار الاسلوب الامثل للنصيحة ثم يختار المكان والزمان وقبل كل شيئ عليه ان يكون ­­­قد قام بدور الناصح لنفسه والا لا نفع من نصحه للناس وينطبق عليه {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ.. } من يبدأ بنصح الناس قبل نفسه واهله يفقد مصداقيته ولا يُقبل منه. وقد ورد عن علي(ع): "إن أنصح الناس أنصحهم لنفسه، وأطوعهم لربه".
    ثم على الناصح أن يصبر، اذ حث الاسلام الناصحين على ضرورة الصبر وتحمل ردود الفعل ممن قد لا يعون أهمية النصائح التي توجه إليهم.. أو يعتبرونها إساءة وانتقاصاً من مواقعهم أو تعليماً عليهم، فيصدونهم.
    قديما كانت النصيحة بجمل، كما يقال في المثل فالذين كانوا قدوة وأسوة كانوا مقصد طالبي النصيحة التي يدفع مقابلها جمل ) اما اليوم فقد بات بعض الناس ينظرون اليها تهمة أو تسجيل نقطة، الامام علي(ع) ينصح : "يا أيها الناس اقبلوا النصيحة ممن نصحكم وتلقوها بالطاعة ممن حملها إليكم، واعلموا أن الله سبحانه لم يمدح من القلوب إلا أوعاها للحكمة ومن الناس إلا أسرعهم إلى الحق". وفي الحديث عن الإمام الباقر(ع): "اتبع من يبكيك وهو لك ناصح ولا تتبع من يضحكك وهو لك غاش". وقد ورد في الحديث: "ليكن أحبَّ الناس إليك المشفق الناصح"، وفي حديث آخر: "من أمرك بإصلاح نفسك، فهو أحقُّ من تطيعه".

    أيها الأحبة:
    النصيحة هي أعظم هدية تُهدى لنا، فكم من كلمة أنارت لنا دروب حياتنا وقللت من أخطائنا ودفعت المكاره عنا.. وأعانتنا على مواجهة صعوبات الحياة، وقوّت فينا العزم والإرادة، وأحيت فينا الأمل، وأعادتنا إلى أحضان الإيمان.
    الناصح المؤمن لا يمكن له انطلاقا من ايمانه ان يرى أحدا يسير في طريق خطأ ويتركه .. بل يخبره. وبالمناسبة قد يكرهه ذلك الشخص ولا يتقبل منه ولكن لا يمكن له الا ان ينصحه. فهو يعرف أنه اذا لم يجد نتيجة فعلى الاقل أُعذِر الى الله : { وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}
    (أيّها الاخوة إن هدف أن نُعذر امام الله يجب ان يكون فوق كل الاهداف على الاطلاق ولا يهمُّ الانسان مراعاة أحد اذا أعذر الى الله )
    لا بد من استعادة ثقافة النصيحة هذه الفضيلة الاجتماعية الكبرى لتكون هي الحاكمة في علاقاتنا بعدما ضيعناها في الحسابات المادية أو في حسابات المصالح، وقد ورد عن علي(ع): "لا خيرَ في قومٍ ليسوا بناصحين، ولا خير في قوم لا يحبُّون الناصحين".
    اليوم ترى المشهد :لا يعطي أحد النصيحة إلا لقاء مصلحة.. وفي المقلب الآخر لا يتقبل احد النصيحة بسبب الشك والريبة والخوف أوبحجة الخصوصية او لعُقَد من الشخص الناصح او اقراراً بالضعف و تفوق الآخر عليه .... لقد أضعنا هذه الفضيلة وخسرنا من ثواب النصح والتواصي بالحق وثوابها صدقة جارية ونحن نخسر اكثر من عدم تقبلنا لنصائح الآخرين.. {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}
    نخسر لان نصائح المجربين المخلصين الامناء الحريصين توفر علينا الكثير من المعاناة وتختصر رحلة البدء من الصفر ... ونحن بالمناسبة أشطر ما نكون بالبدء من الصفر او تحت الصفر في كل المشاريع التجارية والاجتماعية والاعلامية والثقافية.. ترانا الكل يبدأ من حيث بدأ الآخرون، لا ينظر احد إلى تجربة من سبقه، لا يريد ان يراها. في الوقت الذي عليه استخلاص النصح من هذه التجربة او تلك والاستشارة والوقوف على تجربتهم حتى يتفادى الاخطاء التي وقعوا بها..
    النصح يكون بالقول او العمل ننتصح من الأفراد ومن التجارب أيضاً.
    غير مسموح ايها الاحبة ان يعاد الخطأ ويكرر على مستوى التجارب المختلفة للافراد، للحركات والاحزاب والتيارات والقيادات والمدارس والمناهج والبرامج وكل التجارب الانسانية والعملية المختلفة سواء أكانت في المجتمع الواحد او في البلدات المختلفة او في الدول المختلفة..
    يقال، من الحكمة الانسانية انه على الانسان ان لا يقع في خطئه مرتين ونقول فوق هذا: ينبغي على الانسان ان لا يعيد ارتكاب اخطاء غيره ايضاً.
    نعم عندما تستنسخ اخطاء الآخرين وتمشي على خطاهم فأنت تغبن نفسك وتغشها، ولا ينفعك ان تدير ظهرك او تشيح بوجهك، تجارب الناس هي ملك البشرية وعلى الانسان الاستفادة منها كلها.. والا برأيكم كيف يمكن لنا ان نتطور مع ظاهرة تقليد بعضنا واستنساخ تجارب بعضنا.. ليس هكذا نعمر الارض ولا هكذا ننمو بل هذا يجعلنا نسير كالسلحفاة... فيما الآخرون يراكمون تجاربهم ويتطورون. هذه التجربة درجة وتلك درجة وهكذا تصبح التجارب سلما يصعدون ومن خلاله تُطالُ النجوم ..
    عندما تحدث الإمام الصادق(ع) عن علي(ع) قال: "إن علياً عليه السلام كان عبداً ناصحاً لله عز وجل فنصحه". وها هو الامام علي ينصحنا ويشير إلى ناصح موجود بين أيدينا لنتعلق ونتمسك به فيقول:
    "اتّعظوا بمواعظ اللّه، واقبلوا نصيحة اللّه.. واعلموا أنّ هذا القرآن هو النّاصح الّذي لا يغشّ.. استنصحوه على أنفسكم، و اتّهموا عليه آراءكم.. واستغشّوا فيه أهواءكم" ونصيحة علي هذه وحدها تحتاج الى تبحر واستنصاح واستفادة
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X