لماذا انتشرت مذاهب التلاميذ دون مذهب استاذهم ..؟
استاذية الإمام الصادق عليه السلام لرؤساء أهمّ المذاهب الإسلامية أمر مفروغ منه تاريخياً ، والسؤال الذي يتبادر الى الذهن هنا هو : ما الذي جعل مذهب الأستاذ أقل انتشاراً واعتناقاً من مذهب التلميذ .. !!
الأسباب كثيرة ولكن نريد هنا ذكر سبب هامّ ومؤثر في هذا الجانب كثيراً وهو : ( متلازمة الولاء السياسي ) .. !
كان ولا زال الولاء السياسي للدين والمذهب هو وراء انتشار وتقويض ذلك الدين وذلك المذهب في هذه المنطقة او تلك ، وفي هذه الدولة او تلك الدولة ، او في هذا الزمان او ذلك الزمان ..
فطبيعة الحكّام والسياسيين هي دعم وتأييد كل ما من شأنه تدعيم حكمهم وتقوية سياستهم وشرعنة أفعالهم وممارساتهم ، فيدعمونهم ما أوتوا بذلك من قوة ، فيصبح ذلك المذهب هو المذهب الرسمي لتلك الدولة ، وذلك رجل الدين المؤيّد لهم هو مفتي دولتهم أو قاضي قضاتها .. والناس كما قيل على دين ملوكهم ..!
فمثلاً : يرى الدكتور عبد الحسين علي احمد في كتابه ( موقف الخلفاء العباسيين من ائمة اهل السنة الأربعة ومذاهبهم ) أن ( الإمام مالك ) قد تطور فكره السياسي على أربع مراحل :
المرحلة الأولى : اتسمت بالولاء للخليفة العباسي المنصور ، وأخذ العطاء منه .
المرحلة الثانية : بدأت منذ سنة ١٤٤ للهجرة ، حين استطاع محمد النفس الزكية أن يحصل على تأييد أهل المدينة ، وأدرك مالك قوة محمد ، وعلم أنه أصبح أقوى من المنصور ، فأفتى بجواز الخروج معه . وحين سعى أهل المدينة يستفتون مالكاً في الانضمام إلى الثوار مع أن في أعناقهم بيعة للمنصور قال : إنما بايعتم مكرهين ، وليس على مكره يمين . ولم يزد على الافتاء . أما هو فقد لزم بيته .
المرحلة الثالثة : مرحلة التحفظ والامتناع عن الخروج على الحاكم الظالم ، لاقتناعه بعدم إمكان القيام بأية ثورة ضد المنصور ، بعد ما رأى ما نزل بأهل المدينة أثناء ثورة النفس الزكية .
المرحلة الرابعة : رفض الخروج على الحاكم الظالم ، وتبدأ من سنة ١٤٨ هـ .وفي هذه السنة حصل مالك من المنصور على صلاحيات واسعة في الفقه والقضاء .
والعكس بالعكس ، فالمذهب المعارض للدولة هو المذهب الآيل للإنقراض ، فعلماؤه يقتّلون ، وآرائه تصبح اراءً منحرفة ومحظورة ، وشعائره تكون جريمة .. الخ
بهذه المعادلة البسيطة والحقيقة التاريخية التي لا زالت معاشة يمكن ان نعرف السبب وراء تعملق المذاهب الإسلامية على حساب المذهب الجعفري .. راجع التاريخ وراجع حياة ائمة المذاهب وعلاقتهم مع ملوك عصرهم وستلمس من نقوله واضحاً وجليا ..
آجركم الله
تعليق