(قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَ تَشْتَكِي إِلَی اللَّهِ وَ اللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)
بسم الله الرحمن الرحیم
(قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَ تَشْتَكِي إِلَی اللَّهِ وَ اللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)
سورة المجادلة (١)
الإشارات:
1- الظهار من العادات الجاهلية التي كانت متعارفة في العلاقة بين الزوج والزوجة، وهو شكل من أشكال الطلاق لا يحقّ للزوج الرجوع بعده إلی زوجته، ولا يحقّ للزوجة أن تتزوّج غير زوجها، وكان يتمّ هذا الشكل من الطلاق بأن يقول الزوج لزوجته: (أنتِ عليّ كظهر أمّي) ومن هنا سمّي بهذا الاسم (الظهار).
2- وقد حصل مثل الأمر في عهد رسول الله؛ فظاهر رجل زوجته، فأتت إلی النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) تشتكي ما آل إليها حالها في علاقتها بزوجها، فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إنّه لم ينزل عليه من الله تشريع خاص في هذه الواقعة، فابتأست المرأة وقالت: (أشكو إلی الله فاقتي وحاجتي وشدّة حالي)، ولم يطل الأمر ونزلت هذه السورة وجعلت حلّاً فيه تخيير الزوج بين الوفاء بقسمه وطلاق المرأة أو الكفّارة والرجوع إلی زوجته، والكفّارة تتراوح بين عتق عبد أو إطعام ستين مسكيناً، أو صيام شهرين متتابعين. وتولّی رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مساعدة الرجل ماليا ليطعم ستين مسكيناً ويكفّر بذلك عن ظهاره لتعود إليه زوجته.
3- يذكر الله صفة السمع وينسبها إلی نفسه فيها ثلاث مرّات، فيقول: (سمع- يسمع سميع)، والدلالة التي تستفاد من ذلك، هي أنّه يدعو الناس إلی الحديث معه.
التعاليم:
1- علی الإنسان أن يلتفت إلی كلّ كلمةٍ تصدر منه فالله يسمع ما يصدر عنّا من قول: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي...)
2- يسمع الله دعاءنا وأنيننا وشكوانا إليه فعلينا أن لا نيأس عند المصاب، ما دام لنا ربّ يسمع ما نطلب ما نشكو منه: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي...)
3- علی الرغم من عظمة موقع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الديني والدنيوي، وقيادته للمسلمين وكونه حاكماً ونبيّاً في آنٍ معاً، فإنّه لم يكن بينه وبين الناس حجاب يحول دون وصولهم إليه، وشكواهم بين يديه: (تُجَادِلُكَ)
4- الحرية متاحة في المجتمع الإسلاميّ والتعبير عن الرأي مسموح، إلی حدٍّ يسمح لامرأة أن تشتكي وتناقش بل وتجادل: (الَّتِي تُجَادِلُكَ)
5- في حالات الشدّة والضيق، علی الإنسان أن يلجأ إلی الله وأوليائه: (تَشْتَكِي إِلَی اللَّهِ)
6- الحوادث، والحاجات، والأزمات، هي الخلفيّة التي توضع كثير من القوانين لحلّها عند حدوثها: (وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا...سَمِيعٌ بَصِيرٌ)
7- من شروط قيادة المجتمع وعناصر الصلاحية لتولّي هذه المهمّة، أن يكون القائد مستعدّاً للاستماع إلی شكاوی الناس وحاجاتهم: (وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)
العتبة الحسينية المقدسة