إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جرائم‌ المنصور الشنيعة‌ ضدّ بني‌ الحسن

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جرائم‌ المنصور الشنيعة‌ ضدّ بني‌ الحسن

    بسم الله الرحمن الرحيم
    وأمر رياحاً بأخذ بني‌ حسن‌،[١] ووجّه‌ في‌ ذلك‌ أبا الازهر المهري‌ّ.
    وقد كان‌ حبس‌ عبدالله‌ بن‌ حسن‌ فلم‌ يزل‌ محبوساً ثلاث‌ سنين‌. فكان‌ حسن‌ بن‌ حسن‌ قد نصل‌ خضابه‌ تسلّياً علی‌ عبدالله‌.
    فكان‌ أبوجعفر يقول‌: مَا فَعَلَتِ الحَادَّةُ؟
    فأخذ رياح‌ حسناً ( المثلّث‌ )، وإبراهيم‌ ( الغمر ) ابنَي‌ حسن‌ بن‌ حسن‌ ( الحسن‌ المثنّي‌)، وحسن‌ بن‌ جعفر بن‌ حسن‌ بن‌ حسن‌، وسليمان‌ وعبدالله‌ ابنَي‌ داود بن‌ حسن‌ بن‌ حسن‌، ومحمّداً وإسماعيل‌ وإسحاق‌ بني‌ إبراهيم‌بن‌ حسن‌بن‌ حسن‌ ( أولاد إبراهيم‌ الغمر )، وعبّاس‌ بن‌ حسن‌ ( المثلّث‌ ) بن‌ حسن‌ ( المثنّي‌ ) بن‌ حسن‌ بن‌ عليُ بن أبي‌طالب‌، أخذوه‌ علی‌ بابه‌، فقالت‌ أُمّه‌ عائشة‌ ابنة‌ طلحة‌ بن‌ عمر بن‌ عبيد الله‌ بن‌ معمر: دعوني‌ أشمّه‌! قالوا: لا،والله‌ ما كنتِ حيّةً في‌ الدنيا. وعليُ بن حسن‌ بن‌ حسن‌ بن‌ حسن‌ العابد.
    وحبس‌ معهم‌ أبو جعفر المنصور عبدالله‌ بن‌ حسن‌ بن‌ حسن‌ أخا عليّ( أي‌: الابن‌ الآخر للحسن‌ المثلّث‌ ) . [٢]
    وحدّثني‌ ابن‌ زبالة‌ قال‌: سمعتُ بعض‌ علمائنا يقول‌: مَا سَارَّ عَبْدُاللَهِ ابْنُ حَسَنٍ أَحَداً قَطُّ إلاَّ فَتَلَهُ عَنْ رَأْيِهِ. [٣]
    حجّ أبو جعفر سنة‌ أربع‌ وأربعين‌ ومائة‌، فتلقّاه‌ رياح‌ بالرَّبَذَة‌، فردّه‌ إلی‌ المدينة‌، وأمره‌ بإشخاص‌ بني‌ حسن‌ إلیه‌، وبإشخاص‌ محمّد بن‌ عبد الله‌ ابن‌ عمروبن‌ عثمان‌ محمّد الديباج‌، وهو أخو بني‌ حسن‌ لاُمِّهم‌. أُمّهم‌ جميعاً فاطمة‌ ابنة‌ الحسين‌ بن‌ عليُ بن أبي‌ طالب‌ علیهم‌ السلام‌.
    كان‌ بنو الحسن‌ في‌ حبس‌ المنصور بالمدينة‌ ثلاث‌ سنين‌ ثمّ سيقوا إلی‌ سجن‌ الكوفة‌.
    وتحرّك‌ المنصور من‌ الربذة‌ إلی‌ الكوفة‌. وجلس‌ في‌ محمل‌ وقيّد بني‌ الحسن‌ ومحمّد الديباج‌ بالاغلال‌، وأجلسهم‌ في‌ محامل‌ بلاغطاء ولاوطاء وأخذهم‌ معه‌ إلی‌ الكوفة‌، وحبسهم‌ في‌ محبس‌ الهاشميّة‌ قرب‌ القنطرة‌.
    وضرب‌ محمّد الديباج‌ أربعمائة‌ سوط‌ حتّي‌ جُرح‌ بدنه‌ [٤] ولصق‌ ثوبه‌ بجلده‌. وأمر بخلع‌ ذلك‌ الثوب‌ اللاصق‌ بالجلد، وإلقاء قميص‌ غليظ‌ علیه‌ مكانه‌، وسوق‌ مركبه‌ أمام‌ مركب‌ عبدالله‌ المحض‌ أخيه‌ لاُمّه‌ ـ وكان‌ يحبّه‌ كثيراً ـ ليراه‌ عبدالله‌ بذلك‌ الوضع‌ طول‌ الطريق‌. فكان‌ يراه‌ أمامه‌ علی‌ تلك‌ الحالة‌.
    وكان‌ السجن‌ ضيّقاً إلی‌ درجة‌ أ نّهم‌ كانوا لا يعرفون‌ الليل‌ من‌ النهار، ونتيجة‌ لرائحة‌ السجن‌ النتنة‌ فقد ورمت‌ أجسامهم‌ وماتوا جميعهم‌ في‌ السجن‌. [٥]
    ولمّا حُمِل‌ بنو الحسن‌ إلی‌ الكوفة‌، كان‌ محمّد وإبراهيم‌ يأتيان‌ معتمّين‌ كهيئة‌ الاعراب‌، فيسايران‌ أباهما ويسائلانه‌ ويستأذنانه‌ في‌ الخروج‌، فيقول‌: لا تعجلا حتّي‌ يمكنكما ذلك‌، ويقول‌: إنْ مَنَعَكُمَا أَبُو جَعْفَرٍ أَنْ تَعِيشَا كَرِيمَيْنِ، فَلاَ يَمْنَعْكُمَا أَنْ تَمُوتَا كَرِيمَيْنِ. [٦]
    وكانت‌ رقيّة‌ ابنة‌ محمّد بن‌ عبد الله‌ العثماني‌ّ زوجة‌ إبراهيم‌بن‌ عبدالله‌بن‌ الحسن‌ بن‌ الحسن‌.
    قال‌ سليمان‌ بن‌ داود بن‌ الحسن‌: ما رأيتُ عبدالله‌ بن‌ حسن‌ جَزِع‌ من‌ شي‌ء ممّا ناله‌ إلاّ يوماً واحداً، فإنّ بعير محمّد بن‌ عبدالله‌ بن‌ عمروبن‌ عثمان‌ انبعث‌ وهو غافل‌، لم‌ يتأهّب‌ له‌، وفي‌ رجليه‌ سلسلة‌، وفي‌ عنقه‌ زَمَّارة‌ [٧] فهوي‌، وعلقت‌ الزمّارة‌ بالمحمل‌، فرأيته‌ منوطاً بعنقه‌ يضطرب‌. فرأيتُ عبدالله‌ بن‌ حسن‌ قد بكي‌ بكاءً شديداً. [٨]
    وحدّثني‌ محمّد بن‌ أبي‌ حرب‌ قال‌: كان‌ محمّد بن‌ عبدالله‌ بن‌ عمرو ( الديباج‌ ) محبوساً عند أبي‌ جعفر وهو يعلم‌ براءته‌، حتي‌ كتب‌ إلیه‌ أبو عون‌ من‌ خراسان‌: أخبر أميرَ المؤمنين‌ أنّ أهل‌ خراسان‌ قد تقاعسوا عنّي‌، وطال‌ علیهم‌ أمر محمّد بن‌ عبد الله‌ . فأمر أبو جعفر عند ذلك‌ بمحمّد بن‌ عبدالله‌ بن‌ عمرو، فضُربت‌ عنقه‌، وأرسل‌ برأسه‌ إلی‌ خراسان‌، وأقسم‌ لهم‌ إنّه‌ رأس‌ محمّدبن‌ عبد الله‌، وأنّ أُمّه‌ فاطمة‌ ابنة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌.
    وقيل‌: أمر المنصور به‌ ( محمّد بن‌ عبدالله‌ الديباج‌ ) فضُرب‌ حتّي‌ مات‌، ثمّ احتزّ رأسه‌ فبعث‌ به‌ إلی‌ خراسان‌، فلمّا بلغ‌ ذلك‌ عبدالله‌بن‌ حسن‌ قال‌:[٩] إِنَّا لِلَّهِ وَإنَّا إلَیهِ رَاجِعُونَ، وَاللَهِ إنْ كُنَّا لَنَأْمَنُ بِهِ فِي‌ سُلْطَانِهِمْ ثُمَّ قُتِلَ بِنَا فِي‌ سُلْطَانِنَا. [١٠]
    ... وعن‌ مسكين‌ بن‌ عمرو قال‌: لمّا ظهر محمّد بن‌ عبدالله‌بن‌ حسن‌ أمر أبو جعفر بضرب‌ عنق‌ محمّد بن‌ عبدالله‌ بن‌ عمرو، ثمّ بعث‌ به‌ إلی‌ خراسان‌، وبعث‌ معه‌ الرجال‌ يحلفون‌ بالله‌ إنّه‌ لمحمّد بن‌ عبدالله‌ ابن‌ فاطمة‌ ابنة‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌. قال‌ عمر: فسألت‌ محمّدبن‌ جعفربن‌ إبراهيم‌، في‌ أي‌ّ سبب‌ قُتل‌ محمّد بن‌ عمرو؟ قال‌: احتيج‌ إلی‌ رأسه‌....
    بعث‌ المنصور رأس‌ الديباج‌ إلی‌ خراسان‌ مكان‌ رأس‌ النفس‌ الزكيّة‌
    فلمّا قُتِل‌ محمّد بن‌ عبدالله‌ بن‌ حسن‌، وجّه‌ أبو جعفر برأسه‌ إلی‌ خراسان‌، فلمّا قدم‌ به‌ ارتاب‌ أهل‌ خراسان‌، وقالوا: إلیس‌ قد قُتل‌ مرّةً وأتينا برأسه‌؟! ثمّ تكشّف‌ لهم‌ الخبر حتّي‌ علموا حقيقته‌، فكانوا يقولون‌: لم‌يُطَّلَع‌ من‌ أبي‌ جعفر علی‌ كذبةٍ غيرها. [١١]
    نلحظ‌ هنا أنّ المنصور قد مكر واحتال‌، وبعث‌ رأس‌ محمّدبن‌ عبدالله‌بن‌ عمرو ( محمّد الديباج‌ ) ـ أخو عبدالله‌ المحض‌ لاُمّه‌، وأُمّهما فاطمة‌ ابنة‌ الحسين‌ـ مكان‌ رأس‌ محمّد بن‌ عبدالله‌ بن‌ الحسن‌، وقد ورّي‌ والتورية‌ كذب‌.
    أي‌: لمّا كانت‌ أُمّ محمّد الديباج‌ هي‌ فاطمة‌ ابنة‌ الإمام‌ الحسين‌ابن‌ فاطمة‌ ابنة‌ رسول‌ الله‌، فقد قال‌ المنصور: هذا ابن‌ فاطمة‌ ابنة‌ رسول‌الله‌.
    وأمّا أُمّ محمّد بن‌ عبدالله‌، فقد كان‌ واضحاً أنّ عبدالله‌ لمّا كان‌ ابنَ الحسن‌بن‌ الحسن‌، فهو ابن‌ فاطـمة‌ ابنة‌ رسـول‌ الله‌. وتوضـيح‌ ذلـك‌: لمّا كانت‌ فاطمة‌ ابنة‌ الحسين‌ زوجة‌ الحسن‌ المثنّي‌ بن‌ الإمام‌ الحسن‌ المجتبي‌، فهي‌ أُمّ عبدالله‌، وابنها هو محمّد بن‌ فاطمة‌ ابنة‌ الحسين‌، وعلی‌ هذا يصل‌ نسب‌ محمّد بن‌ عبدالله‌ بن‌ الحسن‌ إلی‌ فاطمة‌ الزهراء ابنة‌ رسول‌ الله‌ من‌ طرف‌ الاب‌ والاُمّ معاً.
    استغلّ المنصور هذا التشابه‌ في‌ الاسم‌، وبعث‌ رأس‌ محمّد الديباج‌ مكان‌ رأس‌ محمّد بن‌ عبدالله‌.
    [1]ـ كان‌ رياح‌ بن‌ عثمان‌ المرِّي‌ وإلی‌ المدينة‌ من‌ قبل‌ المنصور. وذكر المستشار عبدالحليم‌ الجندي‌ّ في‌ كتاب‌ «الإمام‌ جعفر الصادق‌» ص‌ 124 و 125، رياح‌ بن‌ عثمان‌ بالباء الموحّدة‌ (رباح‌) وقال‌: وفي‌ إمرته‌ اقتحم‌ الجند منازل‌ أهل‌ البيت‌ فأخرجوا منها رجالهم‌ إلی‌ السجون‌، ومرّت‌ مواكب‌ أهل‌ البيت‌ في‌ شوارع‌ المدينة‌ وهم‌ في‌ الاصفاد، هزلهم‌ العذاب‌ والايّام‌ الشداد، ثمّ سيقوا إلی‌ الكوفة‌ ليودعوا السجن‌ حيث‌ حُبسوا ـ كما يقول‌ المسعودي‌ّ في‌ «مروج‌ الذهب‌» ـ في‌ سرداب‌ تحت‌ الارض‌ لا يعرفون‌ الليل‌ من‌ النهار حتّي‌ مات‌ أكثرهم‌، ثمّ خرّ علیهم‌ ليموت‌ تحت‌ أنقاضه‌ الاحياء منهم‌، ويدفن‌ الذين‌ سبقوهم‌ إلی‌ الموت‌ دون‌ أن‌ يعني‌ بهم‌ أحد.
    [٢] ـ«تاريخ‌ الطبري‌ّ» ج‌ 7، ص‌ 537 .
    [٣] ـ«تاريخ‌ الطبري‌ّ» ج‌ 7، ص‌ 539 .
    [٤] ـ جاء في‌ «منتهي‌ الآمال‌» ج‌ 1، ص‌ 197 (ما تعـريبه‌): كان‌ جسم‌ محمّد كسـبيكة‌ الفضّة‌، ثمّ اسودّ وجهه‌ وصار كالزنج‌ من‌ شدّة‌ الضرب‌ ووقع‌ السياط‌ وقد فُقئت‌ إحدي‌ عينيه‌ وسالت‌ علی‌ وجهه‌ من‌ ذلك‌. وقال‌ في‌ ص‌ 199: بايع‌ المنصور محمّد النفس‌ الزكيّة‌ مرّتين‌: احداهما في‌ المسجد الحرام‌، والاُخري‌ في‌ الابواء بالمدينة‌. وقال‌ أيضاً: كان‌ محمّد يتخفّي‌ أحياناً في‌ شـعاب‌ الجبال‌. وكان‌ يوماً في‌ جبل‌ رضـوي‌ مع‌ أُمّ ولد ولدت‌ له‌ رضـيعاً. ولمّا رأي‌ عبداً جاء لطلبه‌ من‌ قبل‌ المنصور فرّ ومعه‌ أُمّ ولده‌ فسقط‌ الطفل‌ الرضيع‌ من‌ يدها في‌ الوادي‌ وتقطّع‌ إرباً إرباً. ونقل‌ أبو الفرج‌ هذا المطلب‌. أقول‌: ذكره‌ الطبري‌ّ في‌ تاريخه‌ أيضاً.
    [٥] ـ«تاريخ‌ الطبري‌ّ» ج‌ 7، ص‌ 540، 541 .
    [٦] ـ«تاريخ‌ الطبري‌ّ» ج‌ 7، ص‌ 540، 541 .
    [٧] ـ جاء في‌ «أقرب‌ الموارد» مادّة‌ زمر: (الزَّمَّارَة‌) القصبة‌ التي‌ يُزَمَّر فيها والساجور ومنه‌ «أتي‌ الحجّاج‌ بسعيد بن‌ المسيِّب‌ وفي‌ عنقه‌ زَمَّارَة‌» وهي‌ الساجور استعيرت‌ للجامعة‌ وـ عمودٌ بين‌ حلقتي‌ الغُلّ . وقال‌ في‌ مادّة‌ سَجَرَ: الساجور خشبة‌ تُعلَّق‌ في‌ عنق‌ الكلب‌، ج‌سواجير.
    [٨] ـ«تاريخ‌ الطبري‌ّ» ج‌ 7، ص‌ 543 .
    [٩] ـ ترجمة‌ عبد الله‌ بن‌ الحسن‌
    قال‌ السيّد علی‌ خان‌ المدني‌ّ في‌ «رياض‌ السالكين‌» ص‌ 18، طبعة‌ سنة‌ 1334، وفي‌ طبعة‌ جماعة‌ المدرّسين‌: ج‌ 1، ص‌ 131 و 132: هو عبدالله‌ بن‌ الحسن‌ بن‌ الحسن‌بن‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیهم‌ السلام‌. يكنّي‌ أبا محمّد ويُدعي‌ بالمحض‌، لانّ أباه‌ الحسن‌بن‌ الحسن‌، وأُمّه‌ فاطمة‌ ابنة‌ الحسين‌. وهو أوّل‌ مَن‌ جمع‌ ولادة‌ الحسنين‌ من‌ آل‌ الحسن‌، وأوّل‌ من‌ جمعها من‌ آل‌ الحسين‌ الباقر علیه‌ السلام‌. وكان‌ عبدالله‌ شيخاً من‌ شيوخ‌ الطالبيّين‌، وربّما قال‌ من‌ الشعر شيئاً فمنه‌ قوله‌:
    بِيضٌ حرائرُ مَا هَممنَ برِيبةٍ كظِباء مكّة‌ صَيْدِهنّ حرامُ
    يُحْسَبْنَ مِنْ لِينِ الكَلاَمِ فَواسِقاً وَيصدّهنّ عَنِ الخنا الإسلام
    روي‌ ثقة‌ الإسلام‌ في‌ «الروضة‌» بإسناده‌ عن‌ عليُ بن‌ جعفر قال‌: حدّثني‌ معتب‌ أو غيره‌ قال‌: بعث‌ عبدالله‌ بن‌ الحسن‌ إلی‌ أبي‌ عبدالله‌ علیه‌ السلام‌ يقول‌ لك‌ أبو محمّد: أنا أشجع‌ منك‌، وأنا أسخي‌ منك‌، وأنا أعلم‌ منك‌.
    فقال‌: أمّا الشجاعة‌ فو الله‌ ما كان‌ لك‌ موقف‌ يُعْرَفُ به‌ جبنك‌ من‌ شجاعتك‌. وأمّا السخاء فهو الذي‌ يأخذ الشي‌ء من‌ جهته‌ فيضعه‌ في‌ حقّه‌. وأمّا العلم‌ فقد أعتق‌ أبوك‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ ألف‌ مملوك‌، فَسَمِّ لنا خمسةً منهم‌ وأنت‌ عالم‌.
    فعاد إلیه‌ الرسول‌ فأعلمه‌، ثمّ أعاد إلیه‌ فقال‌: يقول‌: إنَّكَ رَجُلٌ صَحَفِي‌ٌّ *!
    فقال‌ له‌ أبو عبد الله‌ علیه‌ السلام‌: قل‌ له‌: إنَّهَا وَاللَهِ صحف‌ إبراهيم‌ وموسي‌ وعيسي‌ ورثتها عن‌ آبائي‌ علیهم‌ السلام‌ . ** وكان‌ أبو جعفر المنصور يسمّي‌ عبد الله‌ بن‌ الحسن‌ أبا قُحافة‌ تهكّماً به‌، لانّ ابنه‌ محمّداً ادّعي‌ الخلافة‌ وأبوه‌ عبدالله‌ حي‌ّ، ولم‌ يلِ الخلافة‌ مَن‌ أبوه‌ حي‌ّ قبله‌ سوي‌ أبي‌ بكر بن‌ أبي‌ قحافة‌.
    وكان‌ أبو العبّاس‌ السفّاح‌ يكرم‌ عبدالله‌ بن‌ الحسن‌ إكراماً تامّاً. فيُحكي‌ أنّ عبدالله‌ قال‌ له‌ يوماً: لم‌ أر مائة‌ ألف‌ قطّ مجتمعة‌!
    فقال‌ له‌ أبو العبّاس‌: ستراها الآن‌، ثمّ أمر له‌ بمائة‌ ألف‌ درهم‌، ولم‌ يتعرّض‌ له‌ ولا لاحدٍ من‌ أهل‌ بيته‌ بمكروهٍ مدّة‌ خلافته‌ حتّي‌ مضي‌ بسبيله‌.
    وقام‌ من‌ بعده‌ أخوه‌ المنصور فقلب‌ للطالبيّين‌ ظهر المجنّ، وخاف‌ خروجهم‌ علیه‌، وقد بلغه‌ ذلك‌ عنهم‌ فحجّ سنة‌ 140، ورجع‌ علی‌ طريق‌ المدينة‌، فقبض‌ علی‌ عبدالله‌ ابن‌ الحسـن‌ وأخيه‌ إبراهيم‌ وسائر إخـوته‌ وأولادهم‌ وسيّرهم‌ معه‌ في‌ الحـديد إلی‌ الكـوفة‌ فحبسهم‌ هناك‌.
    ثمّ أمر المنصور بقتل‌ عبدالله‌ فقُتِل‌، وهو ابن‌ خمس‌ وسبعين‌ سنة‌. وذلك‌ في‌ سنة‌ خمس‌ وأربعين‌ ومائة‌.
    * ـ في‌ «أقرب‌ الموارد»: الصَّحَفِيُّ الذي‌ يروي‌ الخطا عن‌ الصُّحَف‌ بأشباه‌ الحروف‌، مولَّدة‌، وـمن‌ يأخذ العلم‌ من‌ الصحيفة‌ لا عن‌ أُستاذ، وهو منسوب‌ إلیها بحذف‌ إلیاء علی‌ القياس‌ كَحَنفي‌ّ إلی‌ حنيفة‌.
    * ـ«الكافي‌» ج‌ 8، ص‌ 363 و 364، الحديث‌ 553 .
    [١٠] ـ«تاريخ‌ الطبري‌ّ» ج‌ 7، ص‌ 547 .
    [١١] ـ«تاريخ‌ الطبري‌ّ» ج‌ 7، ص‌
    منقول عن موقع مكتبة المتقين


    مرقد الصحابي الجليل عمار بن ياسر رضوان الله عليه

  • #2

    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم ويبارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X