بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
ظاهرة اللجوء للمشعوذين من عدة محاور
(( شيوع طلب تفسير الأحلام ))
* المحور الأول:
يرتبط بما يكثر شيوعه في الأوساط الاجتماعية وخصوصًا في أوساط النساء، وهو انّه كثيرًا ما نسمع أو نرى أن أحدًا رأى رؤيةً في المنام أو أنقدح في قلبه أمر من الأمور ورتَّب على هذه الرؤية أثرًا لا يرتبط به فحسب بل إنَّ هذا الأثر يريده أن ينعكس حتى على المجتمع.
وما وقع قبل أيام من توزيع رسائل، أنَّه على الشيعة أن يصوموا يوم الخميس ويقرءوا سورة يس، وإنَّ من لم يفعل ذلك أُصيب ببعض الابتلاءات، وقد راجت هذه الرسالة في أوساط البسطاء من الناس، وأخذوا يسألون عن واقع هذه الرسالة، ولعلَّ بعضهم لم يسأل وقام بإنجاز مفاد ومضمون هذه الرسالة عن حسن نية، إنَّ ما يبعث على الأسف أن تروج مثل هذه الأساطير في أوساطنا رغم إننا في عصر التعقل والوعي والصحوة.
(( لا يجوز أن نرتِّب أثرًا على الأحلام ))
تعلمون أن الضرورة الدينية قائمة على أساس عدم حجية الرؤى والأحلام وإنه لا ينبغي بل لا يصحُّ ولا يجوز لأحدٍ أن يرتِّب أثرًا على رؤية رآها في المنام هو أو غيره، لا أدري كيف نتقبل مثل هذه الرؤى والأحلام ونرتب عليها الآثار، كما كان يقع سابقًا يرى أحدهم شخصًا في المنام فيقول إنه رأى النبي (ص) أو رأى عليًا (ع) أو رأى الحسن (ع) وإنَّه يأمر شيعته أن يكتبوا هذه الرؤية عشر مرات، ومن كتبها حصل على هكذا منحة، ومن لم يكتبها وقع في بلاء مبرم، وقد أهمل بعضهم كتابة هذه الرسالة فصدمته سيارة، وهذه الخرافات والأساطير كانت تروج بين أوساط البسطاء من الناس وكنَّا نحسب أن مثل هذه الأساطير بعد الصحوة والوعي لا محلَّ لها في أوساطنا ونفاجأ بعد ذلك، بأن يسأل البعض عن مثل هذه المسجات وهذه الرسائل.
أيها الأخوة والأخوات إن الطريق الوحيد للتعرُّف على أحكام الله عز وجل من واجبات أو مستحبات أو مندوبات هو القرآن والسنَّة الشريفة وأهل البيت (عليهم السلام) وطريقنا إلى معرفة القرآن والسنة وما أفاده أهل البيت (عليهم السلام) هم الفقهاء رضوان الله تعالى عليهم، فما جاء عن غيرهم لا يصح التعويل عليه، وترتيب الأثر عليه لذلك نؤكد على انَّه بمجرد أن تبرز مثل هذه الأساطير يجب علينا جميعًا أن نتظافر على طمسها ومحاربتها، حتى لا تسوِّل لأحد نفسه أن يروِّج مثل هذه الخرافات.
(( الذي يروِّج هذه الأساطير إما مريض أو محتال ))
إن الذي يروِّج لمثل هذه الخرافات أحد شخصين فهو إما إنَّه يحمل في داخله عقد وأمراض نفسيَّة يُنفِّس عنها بمثل هذه الأوهام وبمثل هذه الخرافات والأساطير، فتراه يحلم في كل يوم ويتشبث بالأوهام والخيالات، ويجعل من خياله وأوهامه حقائق يحاول أن يزرعها في نفوس البسطاء من الناس، هذا إنسان مريض معقَّد، ولا ينبغي للعقلاء أمثالكم أن تؤثر فيهم ولو بمستوى ضئيل، فالعقلاء لا يقعون تحت تأثير هؤلاء المعقدين المبتلين بمركبات النقص وبالعقد النفسية.
وبالمناسبة نرى الكثير من الأخوات بل والأخوة الأعزاء يتصلون أو يسألون عن رؤيا رأوها في المنام ما تفسيرها؟ وما شأنك بتفسيرها، ولماذا ترتب الأثر عليها رؤيا رأيتها، كلُّ أحد إذا نام ولو خمس مرات في اليوم فإنّه في كل مرة ينام يرى رؤية، فلو كان لكل هذه الرؤى من أثر نرتِّبه في واقعنا لكان مسار الحياة معتمد على الرؤى والأحلام، وأشد من هؤلاء الأخوة الذين يسألون عن الأحلام ما يفعله بعض المتسمِّين بطلبة العلم، نحن مضطرون إلى أن نقول ذلك، وكأن الله قد أعطاه ما منح يوسف (عليه السلام) من مقام، فهو يتصدى لتفسير الأحلام، وبمجرَّد أن يأتيه الرجل أو تأتيه المرأة تسأله تراه يشرح ويُفصِّل، وإنَّه سيقع كذا وإن هذا الفعل تأويله كذا، من أين لك هذا التفسير!! أينزل عليك الوحي أم يقدح الملَك في قلبك، إنَّ ما تفعله من رجم الغيب، وتسويلات الشيطان
للأسف إنَّه يُكتب في بعض النشرات الدعائية أنَّ من أراد أن تُفسَّر له رؤيته فليتصل على هذا الرقم، طبعًا هناك اتفاق مع بتلكو تكون قيمة الدقيقة غير قيمتها فيما لو اتصلت اتصالاً اعتياديًا، فأصبح تفسير الأحلام موردًا من موارد التكسب، وهذا من السحت، ومن أكل المال بالباطل، فكل من قبض مالاً لتفسير رؤية فقد قبض في يده جمرةً من نار، وأكل في بطنه نارًا، وباء بغضب من الله ورسوله، وكل امرأةٍ أو رجلٍ عرض رؤيته على مثل هؤلاء الخادعين فقد تعرض للعقاب وللاثم، وفي الروايات “من رأى رؤية فليؤلها على خير” وكما يقال إن الرؤية كما أوُّلت، فلماذا يتطيَّر الإنسان ويتشائم، المؤمن لا يتطيَّر، والكثير من الأحلام تنشأ عن طبيعة الطعام الذي يأكله الإنسان، أو عن بعض الهواجس التي يعيشها في قلبه، أو بعض الهموم التي تنتاب الإنسان فإنها تنعكس في صورة رؤى، ومن الصعب جدًا التعرف على الرؤية الصادقة، من الرؤية التي هي أضغاث أحلام وكل من أدعى ذلك فقد أدعى مقامًا لم يعطاه إلا الأنبياء والأولياء. (هذا هو المحور الأول الذي أحببنا أن نؤكد عليه).
(( الابتلاء بالعين والسحر ))
* المحور الثاني:
راج في بعض الأوساط إنَّه وبمجرَّد أن يُصاب الإنسان بمشكلة، كلما تقدم في طلب عمل رُفض، أو كلَّما دخل مشروعًا فشل، أو إنه يمرض كثيرًا، أو إنه ليس على وئام مع زوجته، أو زوجته ليست على وئام معه، كلما وقع ذلك نسب هذه الأمور إلى الحسد أو العين، أو إن أحدًا صنع له طُبًَّا وسحرًا هذا يقع كثيرًا خصوصًا بين أوساط النساء هذا مبتلى بعين وهذا مبتلى بسحر بطبابه كيف يُفكُّ هذا السحر كيف يفك هذا الطب كيف نرفع أثر العين، تراه يبحث عن واحد من المشعوذين، المتسمين بطلبة العلم، وهم ليسو منهم وطلبة العلوم منهم براء، والحوزة منهم براء، يذهبون إليهم فيؤكدون هذا الأمر لهم ويهولون الأمر، وإن هناك امرأة صنعت لك طبًّا امرأة قصيرة أو طويلة، من الطبيعي أن تكون واحدة ممن تدخل بيتهم قصيرة، فيقول نعم تلك التي صنعت لك السحر، فيترتب على ذلك الأثر، أو مثلاً يُسرق له مال فيذهب لهؤلاء المشعوذين، فيقول له إن الذي سرق مالك شخص طويل دائمًا يأتي إلى البيت، فيقوم بالتفكير، كثيرون يأتون إلى بيتنا، أحدهم لا بد إنه طويل إذًا هذا الذي سرق، فيسيء به الظن، هذا حرام وهو من أشد المحرمات، أن يعوِّل الإنسان على مثل كلام المشعوذين، الذين لا يخشون الله، والذين يبحثون عن مكسب من طريق ملتوي ومحرم..
فإن الإنسان بطبيعته يمرض بعلَّة واعتلال بجسده، يحصل سوء تفاهم بين الإنسان وزوجته نتيجة لسوء تصرف سوء معاملة، نتيجة عدم التوافق في الأمزجة، في الأسلوب أو سوء الخلق، هذه هي المناشيء، لماذا نوعز هذه الأمور إلى السحر والعين وما إلى ذلك، مما يضطرنا إلى ان نلجئ إلى هؤلاء المشعوذين، وهكذا يفشل الإنسان في مشروعه الاستثماري لأنه لم يحسن التخطيط من اجل الوصول إلى المشروع المناسب، هكذا ينبغي أن نفسِّر الأمور بهذه الطرق من المناشىء الواقعية، ولا ينبغي أن نعول على مثل هذه الأوهام، والخيالات، هذه مسألة مهمة جدًا، إذ أن الإنسان الذي يعيش هذا الشعور يتحول لديه هذا الشعور إلى عقدة نفسية، فيصبح إنسانًا غير سوي، غير طبيعي لا يفكر بعقله، وإنما يحدوه فيما يفعل ويقول هذا الوهم الذي قد استحكم وتجذر في نفسه، فيصبح مريضًا.
(( خطأ وخطر اللجوء إلى المشعوذين ))
بعض الأخوات يسأل عن إنه وباعتبار إن لديها مشكلة مع زوجها كثيرًا ما يسئ معها التصرف يؤذيها قد يضربها قد يبخل عليها، فماذا تفعل؟، تلجأ إلى هؤلاء الساقطين المشعوذين فيعمل لها ما يعبَّر عنه “بالتعطيفه” من أجل أن تعطف قلب زوجها عليها، ويقبض في مقابل ذلك الأموال الكثيرة، وقد تكون هناك عدة جلسات حتى ينجز هذا الأمر، هذه مهزلة في الواقع هذا احتيال على الناس وسفاهة ممن يذهب.
إليهم أولاً ما يعبَّر عنه “بالتعطيفة” محرم شرعًا، إذ أن هناك وسائل أخرى لتحسين خلق الزوج، لتستشر العقلاء لتعرض أمرها على عاقل ينصحها بما تفعل مع هذا الزوج السيئ الخلق، تحسن التصرف مع زوجها تتودد إليه، تصارحه هناك وسائل كثيرة، أما أن تتجه لهذا الاتجاه فهو محرم، “جاءت امرأة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلَّم) فقالت إن زوجي مؤذي ما مضمون الرواية مؤذي يضربني يسيء إليَّ يسبني يشتمني لا يُقدرني، فذهبت إلى عرَّاف “ساحر” فعمل لي “تعطيفه” فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غضبًا شديدًا بان على وجهه وقال لها أفٍ لكِ كدرت البحار وكدرت الطين ولعنتك السماء والملائكة الأخيار وملائكة السماوات والأرض”. الوسائل باب 144 من أبواب مقدمات النكاح ج1
(( واقع المشعوذين ))
ولا بأس أن أشير إلى واقع هؤلاء المشعوذين، للأسف الشديد كل من أراد أن يقوم بعمل فيه نحو من الهالة أو الصبغة القدسية أولاً يتزي بزي طلبة العلم وهو لم يدرس كلمة أو إذا كان درس فهو لذرِّ الرماد في العيون وللضحك على عقول الناس، ويتصدى ويفتح مجلسه كما يفتح الطبيب عيادته، يجلس ليعالج كل من به وجع بالبطن يعالجه أو وجع في الرأس أو المرأة التي هي مختلفة مع زوجها يعالجها أو الذي لم يحصل على عمل وليس هناك أي مشكلة حقرت أو كبرت إلا وعنده لها دواء، بكم الدخلة بخمسين أو أقل أو أكثر، وعلاج هذه المشكلة تحتاج لخمس جلسات، فيبتز الأموال من الناس فيأتيه الناس من كل أقطار الأرض من البحرين ومن الحجاز ومن الكويت ومن كل مكان يقصدونه، مجتمع عقلاء بعصر الصحوة تروج مثل هذه الظواهر هذا أمر مؤسف جدًا، وللأسف أن هؤلاء المحتالين يعطون لصاحب المشكلة ورقة يخربشون فيها بجميع الأشكال الهندسية ويلفها له ويعطيها إليه، ويأمره بأن يضعها تحت المخدة للزوج وسيصبح الزوج لك مثل العبد، لكنه يبقى مثل الوحش، فتعاود الذهاب له وتقول لم أستفد فيقول المحتال إنك لم تضعينها بشكل صحيح، وتحتاجين إلى ورقة أخرى، فهذا الوضع مؤسف..
لو كان الأمر يقف عند هذا الحد لهانت المصيبة لكن أنا لا أريد أن أنقل لكم قصص كثيرة جدًا ممن يتصلن من الأخوات ويحكين عما يُبتزَّ منهن من أموال، فهناك مثلاً واحدة من الأخوات تواصل العلاج عند هذا المشعوذ و ما أنهت – علاجها معه فكم صرفت ولم ينتهِ العلاج بعدُ ولها جلسات لا بد منها، هذا واقع مرير ينبغي أن نتنبه إليه، لو أن الأمر يقف عند الأموال لهان، إلا أن الأمر لا يقف عند هذا الحد، فالمرأة تأتي مع أمها أو أختها فيقول لا بد أن تدخل لوحدها، فتدخل ويغلق الباب فأول معصية هي الخلوة بإمرأة أجنبيه، فيقرأ عليها أوراد أولاً من بعيد، وبعدما ينهيه يهف في وجهها، لا لم يخرج الجنِّي من الرأس أو العقدة لم تنحل، فيقوم بوضع يده على رأسها، هذا الرجل فاسق، أفيعقل أن نذهب إلى فساق، فيقوم بوضع يده على رأسها من تحت الحجاب، أي على شعرها مباشرة لأن الحجاب يمنع أثر الدعاء الذي يقرأه، والأنكى من ذلك أن بعضهن نقلت إليَّ إنه يضع يده على صدرها ويقرأ عليها، وهكذا يفعل المشعوذون، المتسمون بطلبة العلم فينبغي أن نتنبه لمثل هذه الأمور، فهم في الوقت الذي هم فيه محتالون ليس لهم أخلاق وليس لهم وازع ديني فلا ينبغي أن نعول على مثل هذه الأمور..
أهل البيت (عليهم السلام) لم يدفعونا إلى مثل هذا الأمر، فمن مرض يذهب إلى الطبيب هكذا يأمر أهل البيت (عليهم السلام)، ومن خسر في تجارته يقول الإمام الصادق (عليه السلام) فليستشر العقلاء”، من التجار الفاهمين أستشرهم وتعلم منهم طريقة التجارة، ومن لم يكن على وئام مع زوجته “فإمساكٌ بمعروف أو تسريحٌ بإحسان”، و “أبعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها” هذه تعاليم القرآن وأهل البيت (عليهم السلام) أما التوسل بمثل هذه الوسائل، فهو مما لم يدعنا إليه الإسلام فكيف يروج في أوساط المؤمنين أهل الصلاح أهل الإيمان.
أختم الحديث بقصة تعبر عن مستوى الاحتيال الذي يمارسه هؤلاء يقول أحد الذين يبيعون الذهب، جاءني مجموعة من النساء فقالوا لي إن لدينا حجاب وهو كلفنا تلك القيمة الكبيرة نريدك أن تضعه داخل طبله، وكانوا حريصين عليه وقالوا لي لا يضيع لأنه كلفنا الكثير، فقلت لهم غدًا يكون جاهزًا، ولما ذهبوا أخذني الفضول متعجبًا يا ترى على ما تحوي هذه الورقة، ففتحتها فإذا مكتوب فيها “بيبسي كولا حاول مرة أخرى”، وهؤلاء مساكين دفعوا تلك القيمة وهذا إنسان محتال كتب لهم هذه العبارة وقال لهم لا تفتحوا هذه الورقة لأنكم إذا فتحتموها يبطل مفعولها.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
ظاهرة اللجوء للمشعوذين من عدة محاور
(( شيوع طلب تفسير الأحلام ))
* المحور الأول:
يرتبط بما يكثر شيوعه في الأوساط الاجتماعية وخصوصًا في أوساط النساء، وهو انّه كثيرًا ما نسمع أو نرى أن أحدًا رأى رؤيةً في المنام أو أنقدح في قلبه أمر من الأمور ورتَّب على هذه الرؤية أثرًا لا يرتبط به فحسب بل إنَّ هذا الأثر يريده أن ينعكس حتى على المجتمع.
وما وقع قبل أيام من توزيع رسائل، أنَّه على الشيعة أن يصوموا يوم الخميس ويقرءوا سورة يس، وإنَّ من لم يفعل ذلك أُصيب ببعض الابتلاءات، وقد راجت هذه الرسالة في أوساط البسطاء من الناس، وأخذوا يسألون عن واقع هذه الرسالة، ولعلَّ بعضهم لم يسأل وقام بإنجاز مفاد ومضمون هذه الرسالة عن حسن نية، إنَّ ما يبعث على الأسف أن تروج مثل هذه الأساطير في أوساطنا رغم إننا في عصر التعقل والوعي والصحوة.
(( لا يجوز أن نرتِّب أثرًا على الأحلام ))
تعلمون أن الضرورة الدينية قائمة على أساس عدم حجية الرؤى والأحلام وإنه لا ينبغي بل لا يصحُّ ولا يجوز لأحدٍ أن يرتِّب أثرًا على رؤية رآها في المنام هو أو غيره، لا أدري كيف نتقبل مثل هذه الرؤى والأحلام ونرتب عليها الآثار، كما كان يقع سابقًا يرى أحدهم شخصًا في المنام فيقول إنه رأى النبي (ص) أو رأى عليًا (ع) أو رأى الحسن (ع) وإنَّه يأمر شيعته أن يكتبوا هذه الرؤية عشر مرات، ومن كتبها حصل على هكذا منحة، ومن لم يكتبها وقع في بلاء مبرم، وقد أهمل بعضهم كتابة هذه الرسالة فصدمته سيارة، وهذه الخرافات والأساطير كانت تروج بين أوساط البسطاء من الناس وكنَّا نحسب أن مثل هذه الأساطير بعد الصحوة والوعي لا محلَّ لها في أوساطنا ونفاجأ بعد ذلك، بأن يسأل البعض عن مثل هذه المسجات وهذه الرسائل.
أيها الأخوة والأخوات إن الطريق الوحيد للتعرُّف على أحكام الله عز وجل من واجبات أو مستحبات أو مندوبات هو القرآن والسنَّة الشريفة وأهل البيت (عليهم السلام) وطريقنا إلى معرفة القرآن والسنة وما أفاده أهل البيت (عليهم السلام) هم الفقهاء رضوان الله تعالى عليهم، فما جاء عن غيرهم لا يصح التعويل عليه، وترتيب الأثر عليه لذلك نؤكد على انَّه بمجرد أن تبرز مثل هذه الأساطير يجب علينا جميعًا أن نتظافر على طمسها ومحاربتها، حتى لا تسوِّل لأحد نفسه أن يروِّج مثل هذه الخرافات.
(( الذي يروِّج هذه الأساطير إما مريض أو محتال ))
إن الذي يروِّج لمثل هذه الخرافات أحد شخصين فهو إما إنَّه يحمل في داخله عقد وأمراض نفسيَّة يُنفِّس عنها بمثل هذه الأوهام وبمثل هذه الخرافات والأساطير، فتراه يحلم في كل يوم ويتشبث بالأوهام والخيالات، ويجعل من خياله وأوهامه حقائق يحاول أن يزرعها في نفوس البسطاء من الناس، هذا إنسان مريض معقَّد، ولا ينبغي للعقلاء أمثالكم أن تؤثر فيهم ولو بمستوى ضئيل، فالعقلاء لا يقعون تحت تأثير هؤلاء المعقدين المبتلين بمركبات النقص وبالعقد النفسية.
وبالمناسبة نرى الكثير من الأخوات بل والأخوة الأعزاء يتصلون أو يسألون عن رؤيا رأوها في المنام ما تفسيرها؟ وما شأنك بتفسيرها، ولماذا ترتب الأثر عليها رؤيا رأيتها، كلُّ أحد إذا نام ولو خمس مرات في اليوم فإنّه في كل مرة ينام يرى رؤية، فلو كان لكل هذه الرؤى من أثر نرتِّبه في واقعنا لكان مسار الحياة معتمد على الرؤى والأحلام، وأشد من هؤلاء الأخوة الذين يسألون عن الأحلام ما يفعله بعض المتسمِّين بطلبة العلم، نحن مضطرون إلى أن نقول ذلك، وكأن الله قد أعطاه ما منح يوسف (عليه السلام) من مقام، فهو يتصدى لتفسير الأحلام، وبمجرَّد أن يأتيه الرجل أو تأتيه المرأة تسأله تراه يشرح ويُفصِّل، وإنَّه سيقع كذا وإن هذا الفعل تأويله كذا، من أين لك هذا التفسير!! أينزل عليك الوحي أم يقدح الملَك في قلبك، إنَّ ما تفعله من رجم الغيب، وتسويلات الشيطان
للأسف إنَّه يُكتب في بعض النشرات الدعائية أنَّ من أراد أن تُفسَّر له رؤيته فليتصل على هذا الرقم، طبعًا هناك اتفاق مع بتلكو تكون قيمة الدقيقة غير قيمتها فيما لو اتصلت اتصالاً اعتياديًا، فأصبح تفسير الأحلام موردًا من موارد التكسب، وهذا من السحت، ومن أكل المال بالباطل، فكل من قبض مالاً لتفسير رؤية فقد قبض في يده جمرةً من نار، وأكل في بطنه نارًا، وباء بغضب من الله ورسوله، وكل امرأةٍ أو رجلٍ عرض رؤيته على مثل هؤلاء الخادعين فقد تعرض للعقاب وللاثم، وفي الروايات “من رأى رؤية فليؤلها على خير” وكما يقال إن الرؤية كما أوُّلت، فلماذا يتطيَّر الإنسان ويتشائم، المؤمن لا يتطيَّر، والكثير من الأحلام تنشأ عن طبيعة الطعام الذي يأكله الإنسان، أو عن بعض الهواجس التي يعيشها في قلبه، أو بعض الهموم التي تنتاب الإنسان فإنها تنعكس في صورة رؤى، ومن الصعب جدًا التعرف على الرؤية الصادقة، من الرؤية التي هي أضغاث أحلام وكل من أدعى ذلك فقد أدعى مقامًا لم يعطاه إلا الأنبياء والأولياء. (هذا هو المحور الأول الذي أحببنا أن نؤكد عليه).
(( الابتلاء بالعين والسحر ))
* المحور الثاني:
راج في بعض الأوساط إنَّه وبمجرَّد أن يُصاب الإنسان بمشكلة، كلما تقدم في طلب عمل رُفض، أو كلَّما دخل مشروعًا فشل، أو إنه يمرض كثيرًا، أو إنه ليس على وئام مع زوجته، أو زوجته ليست على وئام معه، كلما وقع ذلك نسب هذه الأمور إلى الحسد أو العين، أو إن أحدًا صنع له طُبًَّا وسحرًا هذا يقع كثيرًا خصوصًا بين أوساط النساء هذا مبتلى بعين وهذا مبتلى بسحر بطبابه كيف يُفكُّ هذا السحر كيف يفك هذا الطب كيف نرفع أثر العين، تراه يبحث عن واحد من المشعوذين، المتسمين بطلبة العلم، وهم ليسو منهم وطلبة العلوم منهم براء، والحوزة منهم براء، يذهبون إليهم فيؤكدون هذا الأمر لهم ويهولون الأمر، وإن هناك امرأة صنعت لك طبًّا امرأة قصيرة أو طويلة، من الطبيعي أن تكون واحدة ممن تدخل بيتهم قصيرة، فيقول نعم تلك التي صنعت لك السحر، فيترتب على ذلك الأثر، أو مثلاً يُسرق له مال فيذهب لهؤلاء المشعوذين، فيقول له إن الذي سرق مالك شخص طويل دائمًا يأتي إلى البيت، فيقوم بالتفكير، كثيرون يأتون إلى بيتنا، أحدهم لا بد إنه طويل إذًا هذا الذي سرق، فيسيء به الظن، هذا حرام وهو من أشد المحرمات، أن يعوِّل الإنسان على مثل كلام المشعوذين، الذين لا يخشون الله، والذين يبحثون عن مكسب من طريق ملتوي ومحرم..
فإن الإنسان بطبيعته يمرض بعلَّة واعتلال بجسده، يحصل سوء تفاهم بين الإنسان وزوجته نتيجة لسوء تصرف سوء معاملة، نتيجة عدم التوافق في الأمزجة، في الأسلوب أو سوء الخلق، هذه هي المناشيء، لماذا نوعز هذه الأمور إلى السحر والعين وما إلى ذلك، مما يضطرنا إلى ان نلجئ إلى هؤلاء المشعوذين، وهكذا يفشل الإنسان في مشروعه الاستثماري لأنه لم يحسن التخطيط من اجل الوصول إلى المشروع المناسب، هكذا ينبغي أن نفسِّر الأمور بهذه الطرق من المناشىء الواقعية، ولا ينبغي أن نعول على مثل هذه الأوهام، والخيالات، هذه مسألة مهمة جدًا، إذ أن الإنسان الذي يعيش هذا الشعور يتحول لديه هذا الشعور إلى عقدة نفسية، فيصبح إنسانًا غير سوي، غير طبيعي لا يفكر بعقله، وإنما يحدوه فيما يفعل ويقول هذا الوهم الذي قد استحكم وتجذر في نفسه، فيصبح مريضًا.
(( خطأ وخطر اللجوء إلى المشعوذين ))
بعض الأخوات يسأل عن إنه وباعتبار إن لديها مشكلة مع زوجها كثيرًا ما يسئ معها التصرف يؤذيها قد يضربها قد يبخل عليها، فماذا تفعل؟، تلجأ إلى هؤلاء الساقطين المشعوذين فيعمل لها ما يعبَّر عنه “بالتعطيفه” من أجل أن تعطف قلب زوجها عليها، ويقبض في مقابل ذلك الأموال الكثيرة، وقد تكون هناك عدة جلسات حتى ينجز هذا الأمر، هذه مهزلة في الواقع هذا احتيال على الناس وسفاهة ممن يذهب.
إليهم أولاً ما يعبَّر عنه “بالتعطيفة” محرم شرعًا، إذ أن هناك وسائل أخرى لتحسين خلق الزوج، لتستشر العقلاء لتعرض أمرها على عاقل ينصحها بما تفعل مع هذا الزوج السيئ الخلق، تحسن التصرف مع زوجها تتودد إليه، تصارحه هناك وسائل كثيرة، أما أن تتجه لهذا الاتجاه فهو محرم، “جاءت امرأة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلَّم) فقالت إن زوجي مؤذي ما مضمون الرواية مؤذي يضربني يسيء إليَّ يسبني يشتمني لا يُقدرني، فذهبت إلى عرَّاف “ساحر” فعمل لي “تعطيفه” فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غضبًا شديدًا بان على وجهه وقال لها أفٍ لكِ كدرت البحار وكدرت الطين ولعنتك السماء والملائكة الأخيار وملائكة السماوات والأرض”. الوسائل باب 144 من أبواب مقدمات النكاح ج1
(( واقع المشعوذين ))
ولا بأس أن أشير إلى واقع هؤلاء المشعوذين، للأسف الشديد كل من أراد أن يقوم بعمل فيه نحو من الهالة أو الصبغة القدسية أولاً يتزي بزي طلبة العلم وهو لم يدرس كلمة أو إذا كان درس فهو لذرِّ الرماد في العيون وللضحك على عقول الناس، ويتصدى ويفتح مجلسه كما يفتح الطبيب عيادته، يجلس ليعالج كل من به وجع بالبطن يعالجه أو وجع في الرأس أو المرأة التي هي مختلفة مع زوجها يعالجها أو الذي لم يحصل على عمل وليس هناك أي مشكلة حقرت أو كبرت إلا وعنده لها دواء، بكم الدخلة بخمسين أو أقل أو أكثر، وعلاج هذه المشكلة تحتاج لخمس جلسات، فيبتز الأموال من الناس فيأتيه الناس من كل أقطار الأرض من البحرين ومن الحجاز ومن الكويت ومن كل مكان يقصدونه، مجتمع عقلاء بعصر الصحوة تروج مثل هذه الظواهر هذا أمر مؤسف جدًا، وللأسف أن هؤلاء المحتالين يعطون لصاحب المشكلة ورقة يخربشون فيها بجميع الأشكال الهندسية ويلفها له ويعطيها إليه، ويأمره بأن يضعها تحت المخدة للزوج وسيصبح الزوج لك مثل العبد، لكنه يبقى مثل الوحش، فتعاود الذهاب له وتقول لم أستفد فيقول المحتال إنك لم تضعينها بشكل صحيح، وتحتاجين إلى ورقة أخرى، فهذا الوضع مؤسف..
لو كان الأمر يقف عند هذا الحد لهانت المصيبة لكن أنا لا أريد أن أنقل لكم قصص كثيرة جدًا ممن يتصلن من الأخوات ويحكين عما يُبتزَّ منهن من أموال، فهناك مثلاً واحدة من الأخوات تواصل العلاج عند هذا المشعوذ و ما أنهت – علاجها معه فكم صرفت ولم ينتهِ العلاج بعدُ ولها جلسات لا بد منها، هذا واقع مرير ينبغي أن نتنبه إليه، لو أن الأمر يقف عند الأموال لهان، إلا أن الأمر لا يقف عند هذا الحد، فالمرأة تأتي مع أمها أو أختها فيقول لا بد أن تدخل لوحدها، فتدخل ويغلق الباب فأول معصية هي الخلوة بإمرأة أجنبيه، فيقرأ عليها أوراد أولاً من بعيد، وبعدما ينهيه يهف في وجهها، لا لم يخرج الجنِّي من الرأس أو العقدة لم تنحل، فيقوم بوضع يده على رأسها، هذا الرجل فاسق، أفيعقل أن نذهب إلى فساق، فيقوم بوضع يده على رأسها من تحت الحجاب، أي على شعرها مباشرة لأن الحجاب يمنع أثر الدعاء الذي يقرأه، والأنكى من ذلك أن بعضهن نقلت إليَّ إنه يضع يده على صدرها ويقرأ عليها، وهكذا يفعل المشعوذون، المتسمون بطلبة العلم فينبغي أن نتنبه لمثل هذه الأمور، فهم في الوقت الذي هم فيه محتالون ليس لهم أخلاق وليس لهم وازع ديني فلا ينبغي أن نعول على مثل هذه الأمور..
أهل البيت (عليهم السلام) لم يدفعونا إلى مثل هذا الأمر، فمن مرض يذهب إلى الطبيب هكذا يأمر أهل البيت (عليهم السلام)، ومن خسر في تجارته يقول الإمام الصادق (عليه السلام) فليستشر العقلاء”، من التجار الفاهمين أستشرهم وتعلم منهم طريقة التجارة، ومن لم يكن على وئام مع زوجته “فإمساكٌ بمعروف أو تسريحٌ بإحسان”، و “أبعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها” هذه تعاليم القرآن وأهل البيت (عليهم السلام) أما التوسل بمثل هذه الوسائل، فهو مما لم يدعنا إليه الإسلام فكيف يروج في أوساط المؤمنين أهل الصلاح أهل الإيمان.
أختم الحديث بقصة تعبر عن مستوى الاحتيال الذي يمارسه هؤلاء يقول أحد الذين يبيعون الذهب، جاءني مجموعة من النساء فقالوا لي إن لدينا حجاب وهو كلفنا تلك القيمة الكبيرة نريدك أن تضعه داخل طبله، وكانوا حريصين عليه وقالوا لي لا يضيع لأنه كلفنا الكثير، فقلت لهم غدًا يكون جاهزًا، ولما ذهبوا أخذني الفضول متعجبًا يا ترى على ما تحوي هذه الورقة، ففتحتها فإذا مكتوب فيها “بيبسي كولا حاول مرة أخرى”، وهؤلاء مساكين دفعوا تلك القيمة وهذا إنسان محتال كتب لهم هذه العبارة وقال لهم لا تفتحوا هذه الورقة لأنكم إذا فتحتموها يبطل مفعولها.