إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيف يصل الوجود إلى الكمال؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف يصل الوجود إلى الكمال؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد


    أنت تقرأ في القرآن الكريم ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ العبادة طريق إلى الهدف، الإنسان خلق لكي يصل إلى الكمال، وليس المقصود بالكمال هو الكمال المادي، فالكمال المادي ليس له قيمة، أن أعيش في أفضل قصر، وأنام على أفضل فراش، هذا كله كمال مادي يتبخر وينتهي، الكمال الذي خلقت لأجله ليس الكمال المادي، بل الكمال الروحي، أنا خلقت ولي عمر طويل، ليس عمري أربعين أو خمسين سنة، عمر الإنسان ملايين السنين، ما تعيشه في الدنيا ليس العمر، بل هذا مقدمة للعمر، عمر الإنسان هو ببقائه بعد موته، وليس في حياته، هذه الحياة الدنيا ذرة من عمر الإنسان، خمسين أو أربعين أو ستين سنة، أي عمر يعيشه الإنسان، هذا المقدار الذي يعيشه الإنسان في الدنيا ذرة من عمره، ذرة من مسيرته.

    إذن الإنسان خلق للكمال مع ما يتناسب مع عمره وخطه الطويل، والكمال الذي يتناسب مع العمر الطويل هو الكمال الروحي، وإلا الكمال المادي ينتهي بانتهاء الدنيا، فالكمال الذي يبقى مصاحب للإنسان مدة عمره وبقاءه في عالم البرزخ، وفي عالم الآخرة، في الجنة، هو الكمال الروحي، ولأجله خلق الإنسان، الله خلقك وهو غير محتاج لخلقك أبدا، غني عن خلقك، وإنما خلقك تفضلا وجودا وكرما منه، خلق الإنسان لكي يصل هذا الإنسان إلى الكمال الروحي، لا إلى الكمال المادي، الإمام أمير المؤمنين : ”ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه“ ويقول : ”لعمر الله إن هذا هو الثوب الذي جئت به إليكم من المدينة“ ”ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعامه بقرصيه“ الإمام علي  لم يكن يرى للكمال المادي قيمة، المدار على الكمال هو المدار الروحي، النفسي، هو الذي يصاحب الإنسان ويبقى معه في القبر، وفي البرزخ، ويوم القيامة، وفي الجنة.

    خلق الإنسان من أجل الكمال الروحي، وبما أن العبادة طريق إلى الكمال الروحي، لذلك قال الآية: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ يعني ما خلقتهم إلا ليبلغوا طريق الكمال، وطريق الكمال هو العبادة، ﴿وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ لم يخلق الله البشر ليختلفوا، بل «لذلك» إشارة إلى الرحمة، يعني أنه خلقهم للرحمة، وليس للخلاف خلقهم، الإنسان خلق لكي يصل إلى الرحمة الإلهية، ولكي يكون مشمولا للرحمة الإلهية، والرحمة الإلهية هي أن ينعم الإنسان بالكمال الروحي، أن ينعم الإنسان بلذة القرب من الله تبارك وتعالى، بلذة الحوار، والمناجاة، والإقبال على الله تبارك وتعالى، الإنسان الذي يشعر في قلبه بلذة العبادة، بلذة الصلاة، القرآن، المسجد، المأتم، بلذة الطاعة والقربى، هو الذي يشعر بلذة الكمال الروحي، وهذا من أعظم أنواع الرحمة الإلهية.

    ولذلك الله تبارك وتعالى خلق الكون والإنسان لكي يصل إلى الكمال - الكمال الروحي - والعبادة هي طريق الكمال الروحي، لكن الإنسان في مسيرته نحو الكمال يحتاج إلى قدوة، العبادة من أين نأخذها؟ نأخذها من أبرز نماذج الكمال، ومن أوضح مصاديق الكمال، ولذلك الحديث القدسي يقول: ”ما خلقت سماء مبنية، ولا أرضا مدحية، ولا قمرا منيرا، ولا شمسا مضيئة، ولا فلكا يسري، ولا بحرا يجري، إلا لأجل هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء، قيل: ومن تحت الكساء؟ قال: هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها“

    من بعض معاني هذا الحديث أن الله تعالى ما خلق الكون إلا لأجل الكمال، هذا الكون كله يتحرك نحو الكمال ﴿رَبُّنَا الَّذِى أَعْطَى كُلَّ شَىْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ هداه للكمال، كل شيء في هذا الكون يتحرك نحو الكمال، والإنسان من جملة الكون، هذا الإنسان أيضا يتحرك نحو الكمال الروحي.

    بما أن الكون يسير نحو الكمال، فأكمل موجود في هذا الكون، وأعظم شخص يمثل ويجسد الكمال، هم هؤلاء الخمسة، بما أن أعظم مصاديق الكمال وأبرز نماذج الكمال هم هؤلاء الخمسة، لذلك ما خلقت الكون إلا لأجلهم، لأني ما خلقت الكون إلا لأجل الكمال، وهؤلاء هم الكمال الحقيقي، ولذلك يقول: ”ما خلقت الكون إلا لأجل هؤلاء الخمسة“.

    فالإنسان خلق لأجل الكمال، وطريق الكمال هو العبادة، والعبادة الموصلة إلى الكمال، هي العبادة والطاعة المأخوذة عن هؤلاء، أعرف الناس بطرق الكمال، هم أهل الكمال، أعرف الناس بالوصول للكمال، هم من بلغوا الكمال، ألا وهم بيت أهل الرحمة، فالإنسان خلق لكي يصل إلى الكمال الروحي، والكمال الروحي يحتاج إلى العبادة، والعبادة هي عبادة هؤلاء، عبادة علي وفاطمة والحسن والحسين والتسعة المعصومين من ذرية الحسين صلوات الله عليهم أجمعين.

    إذا الإنسان يقول: لماذا أنا خلقت، ما الهدف من وجودي؟ خلقني الله وابتليت بالهموم والغموم، فلو لم يخلقني لكان أفضل، لأستريح من هذه الهموم والمشاكل، نقول لك: خلقك الله لكي تصل إلى الكمال، وأنت باستطاعتك أن تصل إلى الكمال، إذا سلكت طرق الكمال، واتبعت أهل الكمال.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X