بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اٰللـــٌٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْمُ عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ
يومُ دُحو الأرضِ هو الخَامسُ و العشرونَ منْ شَهرِ ذي القِعدَةِ ، و هوَ يومٌ مُباركٌ و يُستحبُ فيهِ الصَّومَ ، فعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ قَالَ : ( كُنْتُ مَعَ أَبِي وَ أَنَا غُلَامٌ فَتَعَشَّيْنَا عِنْدَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)لَيْلَةَ خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِاٰللـــٌٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْمُ عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ
فَقَالَ لَهُ : لَيْلَةُ خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وُلِدَ فِيهَا إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ، وَ وُلِدَ فِيهَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَ فِيهَا دُحِيَتِ الْأَرْضُ مِنْ تَحْتِ الْكَعْبَةِ ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ كَمَنْ صَامَ سِتِّينَ شَهْراً )، وسائل الشيعة: 10 / 449
وَ رُوِيَ عَنْ الإمام مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ : ( فِي خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ أَنْزَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ كَفَّارَةَ سَبْعِينَ سَنَةً ، وَ هُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ أُنْزِلَ فِيهِ الرَّحْمَةُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى آدَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ))، 4
وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّيْقَلِ ، قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا أَبُو الْحَسَنِ ـ يَعْنِي الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)ـ فِي يَوْمِ خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ ، فَقَالَ : ( صُومُوا ، فَإِنِّي أَصْبَحْتُ صَائِماً
قُلْنَا : جُعِلْنَا فِدَاكَ ، أَيُّ يَوْمٍ هُوَ ؟
قَالَ : يَوْمٌ نُشِرَتْ فِيهِ الرَّحْمَةُ ، وَ دُحِيَتْ فِيهِ الْأَرْضُ ، وَ نُصِبَتْ فِيهِ الْكَعْبَةُ ، وَ هَبَطَ فِيهِ آدَمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ))، وسائل الشيعة : 10 / 450
وَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)قَالَ : ( أَوَّلُ رَحْمَةٍ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ فِي خَمْسَةٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَ قَامَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، فَلَهُ عِبَادَةُ مِائَةِ سَنَةٍ صَامَ نَهَارَهَا وَ قَامَ لَيْلَهَا )، وسائل الشيعة : 10 / 451
﴿ أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعاً لَكُمْ وَلأِنْعَامِكُمْ * فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى* وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى * فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ سُورَةُ النَّازعَاتِ ، الآيات 27-41 .
عَنْ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ البَاقِرِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: ( لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَخْلُقَ الْأَرْضَ أَمَرَ الرِّيَاحَ فَضَرَبْنَ وَجْهَ الْمَاءِ حَتَّى صَارَ مَوْجاً، ثُمَّ أَزْبَدَ فَصَارَ زَبَداً وَاحِداً فَجَمَعَهُ فِي مَوْضِعِ الْبَيْتِ، ثُمَّ جَعَلَهُ جَبَلاً مِنْ زَبَدٍ، ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِهِ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ﴾، سُورَةُ آلِ عمرانَ ، الآية 96،)، من لا يحضره الفقيه ، الشيخ الصدوق ، ج ٢ ، ص ٢٤١،
قال السيد ابن طاوس عليه الرحمة: إعلمْ أنَّ كُلَّ حيوانٍ فانَّهُ مُضطرٌ الَى مَسكنٍ يَسكُنُ فيهِ ويَتحصنُ بهِ مِمّا يؤذيِهِ، فَمِنْ أعظمِ المِنَنِ الجِسَامِ إنشاءُ الأرضِ للأنَامِ، ومِنْ أسرارِ مَافي ذلكَ مِنَ الإنعامِ أنَّ اللهَ جَلَّ جَلَالُهُ لَمْ يَجعلْ بِناءَ الأرضِ وتدبيرَ إنشائِهَا إلَى مَلائكَتِهِ ولَاغَيرَهُم مِنْ خَاصَتِهِ، وتَولّاهَا بيدِ قُدرَتِهِ ورحمتِهِ، ومَلأهَا مِنْ كُنوزِ حِلمِهِ وعَفوِهِ ورأفتِهِ. فأذكُرْ أيُّهَا الإنسانُ المُتَشرفِ بنورِ الألبابِ، المُعترفِ بالإقرارِ بِربِّ الأربابِ، أنَّهُ لَو كُنتَ في دارِ الفَناءِ فَقيراً يَتَعذَّرُ عليكَ تَحصيلَ مَسكنٍ للبَقاءِ، تَتَحصنُ فيهِ مِنْ حَرِّ الصَّيفِ وبَردِ الشِّتاءِ ومَا مَعَكَ ثَمنَ ولَا أُجرَةَ العِمَارةِ للبِنَاءِ، فَرَحِمَكَ سُلطانُ ذلكَ الزَّمانِ، وَبنَى لكَ مَسكناً بيدِهِ ومَلأَهُ مِمَّا تَحتاجُ إليِهِ مِنَ الإحسانِ، ومَا أتعبَ لكَ فيهِ قَلباً ولَا جَسداً ولَاقَدَماً ولَايداً، ولَا أهلاً ولَاولداً، بلْ عمَّرَهُ، وأنتَ مَا عَرفتَ ذلكَ السُّلطانُ ولَا خَدمتَهُ، ثُمَّ دعاكَ لِتَسكنَ في مَا عمَّرَهُ بيدِهِ لكَ، فَسَكنتَهُ ووجَدتَهُ قدْ مَلأَهُ منْ ذخائرِ العِنَايةِ بكَ. فكيفَ تكونُ مَحبتَكَ لذلكَ السٌّلطانُ العظيمُ، ومُراقبتَكَ لِحَقِّهِ الجَسيمِ، واعترافَكَ بإحسانِهِ العَميمِ، فَليكُنِ اللهُ جَلَّ جَلَالَهُ عَندكَ -علَى أقَلِّ المَراتبِ- مِثلَ ذلكَ السُّلطانُ المملوكُ لِرَبِّكَ جَلَّ جَلَالُهُ، الّذى هو أصلُ المَواهبِ ،
وليَكُنْ كُلُّ يومٍ يأتي فيهِ وقتُ إنشاءِ المَسكنِ الجَديدِ كيومِ العيدِ، مُعترفاً لِمولاكَ المجيدِ بحقِّهِ الشَّاملِ للعبيدِ، وكنْ مَشغولاً رَحِمَكَ اللهُ ذلكَ اليومَ وغيرِهِ بالشُّكرِ لَهُ جَلَّ جَلالُهُ والتَّحميدِ والتَّمجيدِ، وإياكَ أنْ يَمُرَّ عليكَ مِثلَ هذا اليومُ وأنتَ مُتهاونٌ بقَدَرِهِ ومُتغافلٌ عنْ مولاكَ وعظيمِ شَأنِهِ ومُتشاغلٌ عنْ واجبِ شُكرِهِ، فَتسقطَ منْ عينِ عِنايتِهِ وتَهونَ، وتدخلَ تحتَ ذُلِّ ذَمِّ جَلَّ جَلالِهِ لكَ في قَولِهِ : ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ﴾، سُورَةُ يُوسُفَ ، الآية 105، وتَذَكَّر رَحِمكَ اللهُ أنَّكَ لَو إحتجتَ الَى فراشٍ في دَارِكَ وبِساطٍ تَجلسُ عليهِ لمسارِّك، ففَرَشَ لكَ ذلكَ الفِراشَ وذلكَ البساطَ بيدِكَ، كيفَ تكونُ في المُراقَبَةِ والمَحبَةِ والخِدمَةِ لَهُ بِنفسِكَ ومَالِكَ ولِسانِكَ وأهلِكَ وولدِكَ، فلَا يَكن اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ عِندَكَ دونَ هذهِ الحَالِ، وقدِ بَسطَ لكَ الأرضَ فِراشاً وجعلَ لكَ فيها معاشاً، وتَذَكَّر رَحِمَكَ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ مِنَّتَهُ عليكَ وإحسانَهُ إليكَ، كيفَ أنزلَ الكعبةَ الشَّريفةَ، وجَعلَهَا باباً إليهِ، ومَحلاً لِفتحِ أبوابِ عفوهِ ورحمتِهِ عندَ الجُرأةَ عليهِ، واسترضَاكَ، وأنتَ مُلطخٌ بأنجاسِ الذُّنوبِ وأدنَاسِ العُيوبِ أنْ تزورَهُ إليهَا، وأنْ تكونَ قِبلةً لكَ إذا أردتَ التَّوجهَ إليهِ توجهتَ إليها. وارحمْ ضعفَ قلبَكَ وكبدَكَ، ورقةَ نفسَكَ وجسدَكَ، فلَا تُعرضَها لخطرِ أنْ يكونَ مولاكَ ومالكُ دُنياكَ وأُخراكَ مُقبلاً عليكَ يدعوكَ إليهِ، وأنتَ مُعرضٌ عَنْهُ مُتمردٌ عليهِ .
وأمَّا خِتامُ العَملِ في هذا اليومِ فينبغي أنْ يكونَ ببذلِ أقصَى الجُهدِ في التَّلطفِ في الطَّلبِ مِنَ اللهَ تَعالى بالقبولِ والمَغفرةِ ، وأنْ يقبلَ مِنْهُ مَا عَملَهُ، ويبَلِّغَهُ منْ مَراحِمِهِ ومكارمِ أمَلِهِ، فإنَّهُ يُوشَكُ إذا إجتهدَ العبدُ في لُزومِ الأدبِ لِكُلِّ يومٍ سعيدٍ أنْ يؤهلَهُ اللهُ تَعالَى للمزيدِ ، لِقَولِهِ تعَالَى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ ﴾، سُورَةُ إبراهيمَ ، الآية 7.
تعليق