إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإنسانُ السَّوِيُّ: 12- النَّفْسُ المَّرْضِيَّةُ :-

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإنسانُ السَّوِيُّ: 12- النَّفْسُ المَّرْضِيَّةُ :-

    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
    اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
    السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ



    في ظلِّ الآيات الأخيرة المُبارَكةِ منْ سُورَةِ الفَجرِ نجدُ هذا التَّعبيرُ الرائعُ ألا وهو النَّفْسُ المَّرْضِيَّةُ ، وذلكَ بعدَ أنْ أشارَ عَزَّ وجَلَّ الَى كونْهَا أولاً نَفْسٌ مُطْمَئِنَّةً وهيَ الّتي تَسكنُ إلَى رَبِّهَا ، بعدَ ذلكَ وَصَفهَا بالرَاضِيَةِ : وهيَ النَّفْسُ المُتكامِلَةُ الرَاضِيَةُ منْ رَبَّهَا رَضَى الرَبِّ منْهَا، وإطمئنانِهَا إلَى رَبِّهَا يَستلزِمُ رِضَاهَا بِمَا قَدَّرَ وقَضَى تَكويناً أو حَكَمَ بهِ تَشريعاً ، فلَا تُسخَطُها سَانِحَةٌ ولَا تُزيغُهَا مَعصيَّةٌ ، ومِنْ ثَمَّ وصفَهَا
    ( مَرضيَّةٌ ): وهذا الَّلقَبُ المُبارَكُ يأتي في الذِّكرِ الحَكيمِ : ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ﴾، سُورَةُ الفَجرِ،الآيتان٢٧ ـ ٢٨.
    وفي الرِّواياتِ ضِمن أوصافِ النَّفْسِ المُطْمَئِنَّةِ ، ويذكرُ بعدَ الرَاضِيَةِ ، إلا أنَّهُ أشرفُ وأقوَى منْ حيثِ مَا قالَهُ النَّيسابوري في تَفسيرِهِ : إنَّ الرَاضِيَةَ هيَ النَّفْسُ الرَاضِيَةُ والمُسَّلِمَةُ لِكُلِّ المُقدرَاتِ الكَائنَةِ والأحكامِ الجَاريةِ الّتي تَصِلُهَا منَ اللهِ .
    و النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ للسَّيدةِ الزَّهراءِ لو لمْ تَكنْ راضيةً منَ اللهِ ، لِمَا كانتْ مَرضيَّةٌ عِندَ اللهِ ، ولَمَا حَازتْ هذا الَّلقبُ ، إنَّ هذا الَّلقبُ غايةٌ في تَمجيدِ فَاطمةَ الصديقةَ الطَّاهرةَ (عَلِيْهِا السَّلامُ)، وقدْ ظَهرَتْ صِفةُ الرِّضَا بنحوِ الكَمالِ في حبيبةِ ذي الجَلَالِ ، بَلْ إتَحَدَ رضَاهَا برِضَا اللهِ ورَسولِهِ وارتفعتْ المُغايرةُ ، وإلَّا لَمَا قالَ النَّبيُّ (صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ): ( رِضَا فَاطِمَةَ مِنْ رِضَايَ؟ وَ سَخَطُ فَاطِمَةَ مِنْ سَخَطِي اثبات الهداة ج 3 ، ص406 . ، ومثلُهَا أيضاً نفوسُ الأئمةِ المعصومينَ (عَلِيْهِم السَّلامُ)، وقدْ نزلَ في رِضَا فاطمةَ آيُ الذِّكرِ الحَكيمِ في قولِهِ : ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ ﴾، سُورَةُ الضُحى ، الآية 5 .
    روي في سبَّبِ نزولِهَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ: ( دَخَلَ رَسُولُ اَللَّهِ عَلَى فَاطِمَةَ وَ عَلَيْهَا كِسَاءٌ مِنْ جِلْدِ اَلْإِبِلِ، فَلَمَّا رَآهَا بَكَى وَ قَالَ: يَا فَاطِمَةُ تَعَجَّلِي مَرَارَةَ اَلدُّنْيَا بِنَعِيمِ اَلْآخِرَةِ [اَلْجَنَّةِ ] غَداً فَأَنْزَلَ اَللَّهُ تَعَالَى :
    ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ ﴾ ، خصوصاً نفسُ سيدِ الشُّهداءِ (عَلِيْهِ السَّلامُ) الّذي أؤولوا فيهِ قولِه تَعالَى : ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ﴾ )، شواهد التنزيل ، ج 2 ، ص445 ، وهذه الثَّمرةُ منْ تلكَ الشَّجرةِ كَمَا أنَّ الواحدَ منَ العَشرةِ ..
    ففي الأولى الرِضَا منَ العبدِ ، وفي الثَّانيَّةِ الرِّضَا منَ اللهِ ، والمَناطُ رضَا الحَقِّ عنِ العبدِ ، لأنَّ العبدَ إذا رَضيَ عنِ اللهِ رضَيَ اللهُ عنْهُ ، كَمَا يُقالُ : « رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ » .
    وفي مجمعِ البحرينِ : الرَاضِيَةُ وهيَ الّتي رَضيت بِمَا أُوتيت ، و المَّرْضِيَّةُ هيَ الّتي رضَى عنها .
    عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ): ( اقْرَءُوا سُورَةَ الْفَجْرِ فِي فَرَائِضِكُمْ وَ نَوَافِلِكُمْ، فَإِنَّهَا سُورَةُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَارْغَبُوا فِيهَا رَحِمَكُمُ اللَّهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَ كَانَ حَاضِرَ الْمَجْلِسِ: كَيْفَ صَارَتْ هَذِهِ السُّورَةُ لِلْحُسَيْنِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)خَاصَّةً؟ فَقَالَ: أَلاَ تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: يٰا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* اِرْجِعِي إِلىٰ رَبِّكِ رٰاضِيَةً مَرْضِيَّةً* فَادْخُلِي فِي عِبٰادِي* وَ ادْخُلِي جَنَّتِي ؟إِنَّمَا يَعْنِي الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ(عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)،فَهُوَ ذُو النَّفْسِ الْمُطْمَئِنَّةِ الرَّاضِيَةِ الْمَرْضِيَّةِ وَ أَصْحَابُهُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ(صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)الرَّاضُونَ عَنِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ هُوَ رَاضٍ عَنْهُمْ ،وَ هَذِهِ السُّورَةُ[نَزَلَتْ]فِي الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ(عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)وَ شِيعَتِهِ، وَ شِيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً، مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَةَ الْفَجْرِ كَانَ مَعَ الْحُسَيْنِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي دَرَجَتِهِ فِي الْجَنَّةِ، إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ).. بحار الأنوار ، ج 44، ص 218- 219.
    هذه المرتبةُ أسمَى وآخرُ مقامٍ لكمالِ النَّفسِ الإنسانيَّةِ، فهذهِ المرتبةُ مقامٌ لوصلِ وتوددِ النَّفْسِ النَّاطقةِ بالرُّوحِ المَلكوتيَّةِ.
    ففي النَّفْسِ الرَاضِيَةِ كانَ الرَضَا والإستحسانُ منْ قِبَلِ العَاشقِ، بيْدَ أنَّ العاشقَ لمْ يَكنْ مُطمئناً تماماً منْ رِضَا المَعشوقِ، وإنِّمَا كانَ يَستشعرُ احياناً آثاراً لِرِضَا المَحبوبِ، ولَكنْ في هذا المَقامِ ( النَّفْسُ المَّرْضِيَّةُ ) تَحصلُ النَّفْسُ النَّاطِقَةُ علَى الإطمئنانِ القَلبي، بمعنَى أنَّ اللهَ سُبحانَهُ وتَعالَى أيضاً يظهرُ لَهُ رضاهُ عنْ النَّفْسِ النَّاسوتيَّةِ ويثبتُ ويُعلنُ لَهُ عِشقَهُ سُبحانَه لَهُ ،
    وتوصِيفُها بالرَاضِيَةِ لأنَّ إطمئنانِهَا إلَى رَبِّها يَستلزمُ رِضَاهَا بِمَا قَدَّرَ وقَضَى تَكويناً أو حَكَمَ بِهِ تَشريعاً فلَا تَسخطُهَا سَانَحةٌ ولَا تُزِيغُهَا معصيَّةٌ، وإذا رضَيَ العبدُ منْ رَبِّهِ رضيَ الرَّبُ منْهُ إذْ لَا يَسخُطُهُ تعالَى إلَّا خروجُ العبدُ منْ زَي العبوديَّةِ فإذا لَزِمَ طريقَ العبوديَّةِ إستوجبَ ذلكَ رضَى رَبِّهِ ولِذا عَقَّبَ قولِهِ " رَاضِيَةً " بقولِهِ " مَّرْضِيَّةً ".
    عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ ،قَالَ: ( قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،جُعِلْتُ فِدَاكَ ،يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، هَلْ يُكْرَهُ الْمُؤْمِنُ عَلَى قَبْضِ رُوحِهِ؟ قَالَ: لاَ وَ اللَّهِ، إِنَّهُ إِذَا أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ لِقَبْضِ رُوحِهِ جَزِعَ عِنْدَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ[لَهُ]مَلَكُ الْمَوْتِ: يَا وَلِيَّ اللَّهِ، لاَ تَجْزَعْ، فَوَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)لَأَنَا أَبَرُّ بِكَ وَ أَشْفَقُ عَلَيْكَ مِنْ وَالِدٍ رَحِيمٍ لَوْ حَضَرَكَ، افْتَحْ عَيْنَيْكَ فَانْظُرْ، قَالَ: وَ يُمَثَّلُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، وَالْأَئِمَّةُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ(عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)،فَيُقَالُ لَهُ:هَذَا رَسُولُ اللَّهِ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ، وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ الْأَئِمَّةُ(عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) رُفَقَاؤُكَ.
    قَالَ: فَيَفْتَحُ عَيْنَيْهِ، فَيَنْظُرُ فَيُنَادِي رُوحَهُ مُنَادٍ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْعِزَّةِ، فَيَقُولُ: يٰا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ،إِلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ اِرْجِعِي إِلىٰ رَبِّكِ رٰاضِيَةً بِالْوَلاَيَةِ مَرْضِيَّةً بِالثَّوَابِ فَادْخُلِي فِي عِبٰادِي يَعْنِي مُحَمَّداً وَ أَهْلَ بَيْتِهِ وَ ادْخُلِي جَنَّتِي فَمَا شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنِ اسْتِلاَلِ رُوحِهِ وَ اللُّحُوقِ بِالْمُنَادِي الکافي ، ج 3 ، ص127
    .
    التعديل الأخير تم بواسطة الاشتر; الساعة 29-06-2022, 04:03 PM.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X