إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإنسانُ السَّوِيُّ:20- الإنسانُ المُختارُ لِطَريقِ الشَرِّ:-

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإنسانُ السَّوِيُّ:20- الإنسانُ المُختارُ لِطَريقِ الشَرِّ:-

    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
    اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
    السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ

    من لُطفِ اللهِ بالإنسانِ أنَّهُ ألهَمَهُ طريقيَ الخيرِ والشَرِّ وجَعَلَ نسبةَ الخَيرِ غَالِبَةٌ والميلُ إليهَا شَديدٌ منْ خِلالِ الفِطرةِ السَلِيمَةِ لقَولِهِ تَعالَى : ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾، سُورَةُ الرُّومِ ، الآية 30،
    عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: ( قُلْتُ أَجْبَرَ اَللَّهُ اَلْعِبَادَ عَلَى اَلْمَعَاصِي قَالَ لاَ قُلْتُ فَفَوَّضَ إِلَيْهِمُ اَلْأَمْرَ قَالَ قَالَ لاَ قَالَ قُلْتُ فَمَا ذَا قَالَ لُطْفٌ مِنْ رَبِّكَ بَيْنَ ذَلِكَ الکافي ج1 ص159، فإنْ اختارَ طريقَ الخير فنعمَ الإختيار وعندهَا يجدُ تسديداً ومدداً إلَهيَاً لكنْ معَ إختبارٍ وإمتحانٍ بالبلاءاتِ لِغرضِ التَثبتِ منْ عقيدتهِ وسلوكِهِ في هذا الطَريقِ ،أمَّا إذا اختارَ طَريقَ الشَرِّ فسَيَجِدُ المَددِ والتأييدِ الشَّيطَانيِّ منْهُ ومِنْ أتباعِهِ معَ الإختبارِ الإلهي عَلَّ هذا الإنسانُ يَعودُ إلَى رُشدِهِ ويَعودُ القهقَرى ويَلتَزِمَ طَريقَ الخيرِ .
    في البدءِ كانِ الإختيارُ: جعلَ اللهُ الإنسانَ مُختاراً، وعلى ضوءِ إختيارِهِ جعلَهُ مسؤولاً، أي أنّ حرِّيَّةَ الإنسانِ في الإختيارِ هيَ حريَّةٌ مسؤولةٌ، حيثُ يتعرضُ الإنسانُ في حياتِهِ وبعدَ مماتِهِ لمسؤوليَّةِ إختياراتِهِ الإيجابيَّةِ والسلبيَّةِ ، قال تعالى: ﴿ وَهَدَيناهُ النّجْدَيْنِ ﴾، سُورَةُ البَلَدِ ، الآية 10، والنَجْدُ الطَّريقُ، والنَجْدانِ هُمَا طَريقَا الحياةِ السَّعيدَةِ والشَّقِّيَّة، طريقُ الخيرِ والشَرِّ، وكلمةُ (هديناه) تعني فتَحنَا أمامَهُ كِلَا الطريقينِ، وزيَّنَا لَهُ الأوّلَ وقبَّحنَا لَهُ الثَّاني، فإنسانٌ ومَا اختارَ ، لذلكَ عبّرَ سُبحانَهُ وتَعالَى عنْ نتائجِ هذا الإختيارِ بقولِهِ: ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾، سُورَةُ الإنسَانِ، الآية 3، شاكراً: إذا اختارَ (طريقَ الخيرِ)، كفوراً: إذا إختارَ (طريقَ الشَرِّ)، وكلٌّ يتحملُ مسؤوليَّةَ إختيارِهِ ، يقولُ النَّبيُّ الأكرمُ (صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) مُشيراً إلى قابليَّةِ الإختيارِ لَدَى الإنسانِ : وَرَدَ عنْ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) : ( قَالَ أَيُّهَا اَلنَّاسُ إِنَّمَا هُمَا نَجْدَانِ نَجْدُ خَيْرٍ وَ نَجْدُ شَرٍّ فَمَا بَالُ نَجْدِ اَلشَّرِّ أَحَبُّ إِلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ اَلْخَيْرِ )، بحارُ الأنوارِ ، ج2، ص21! ولنَا أنْ نُترجِمَ هذا القَولَ الّذي لمْ يُقرِّرَ الحَقيقةَ فقطْ، بلْ أرشَدَ إلَى أهدَى السُّبلِ وأفضلهَا، علَى الأنحاءِ التاليَّةِ : طَالمَا أنَّكمْ – أيُّهَا النَّاسُ – مُختارونَ وعارفونَ بمَا هو الأصلحُ والأفلحُ مَعرفةَ فطرةٍ وعقلٍ ووعيٍ وعلمٍ وترجيحٍ وتجربةٍ .
    إنّ لوجودِ المصائبِ والآلامِ والمعاناةِ والتَّحدياتِ في حياةِ الإنسانِ دورٌ كبيرٌ في رُقيهِ وتقدمِّهِ العلميِّ والطِّبيِّ والأخلاقيِّ ، ولذلكَ فإنَّ الشُّرورَ الطَّارئةَ عَرضاً هيَ أيضاً مفيدةٌ وليستْ ضارّةٌ ، كالعمليَّةِ الجِّراحيَّةِ الّتي فيها شِفاءُ المريضِ منَ الموتِ فلَا يُعدُّ شرّاً ، والإنسانُ يطلبُ منَ الجَّراحِ إجراءَ العمليَّةِ ويُعطيِهِ مَالاً علَى ذلكَ لإنقاذِ حياتِهِ ، ولَا يُعَدُّ الألمُ والخَسارةُ الماديَّةِ شرّاً لهُ لِمَا فيهَا منْ مصلحةٍ كبيرةٍ .
    والإنسانُ لهُ عَدوّان : عَدوٌّ مِنْ داخلِهِ وهوَ النَّفسُ الأمّارَةُ بالسّوء ، وأعداءٌ مِنْ خارجِهِ وهُمُ الشَّياطينُ ورِفاقُ السّوء .
    وعِلَّةُ إختيارِ البَعضِ طريقَ الخيرِ ، والبَعضِ الآخرِ طريقَ الشَرِّ ، يعودُ إلى عواملَ عديدةٍ:-
    مِنها : الإستجابَةُ لِنداءِ النَّفسِ أو مُخالَفتِها : فإنَّ النَّفسَ بِطبعِها تُحبُّ الرّاحةَ والإنفلاتَ وعدَمَ التقَيُّدِ ، وتميلُ إلى الشَّهواتِ والدُّنيا و.و. فمَنْ خالفَ نفسَهُ ، وأطاعَ عقلَهُ إختارَ طريقَ الخيرِ والرَّشادِ ، والعكسُ بالعكسِ .
    ومِنها : الإستجابَةُ لِنِداءِ الشَّيطانِ أو الرَّحمنِ : فالشَّيطانُ يأمرُ بالسّوءِ والفَحشاءِ والمُنكَرِ والبَغْيّ والتَّمَرُّدِ على اللهِ ، واللهُ تعالى يأمرُنا بالخيرِ والعدلِ والإحسانِ ، والإنسانُ بإرادتِهِ يختارُ أحدَهُما .
    ومِنها : عامِلُ التَّربيةِ والتَّعليمِ : فلَو تَربَّى شَخصٌ تربيَةً إيمانيّةً سَيعيشُ جَوّاً إيمانيّاً ويَتلاءَمُ معَهُ ، بخِلافِ مَنْ ترَبَّى تربيةً غير إيمانيةً سَنرى فيهِ النّوازِعَ الى الشَرِّ قويَّةً ، لِقَولِهِ تَعالَى : ﴿ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ﴾، سُورَةُ الأعرافِ ،الآية 170.
    ومِنها : شِدَّةُ وضَعفُ المعرفَةِ باللهِ تعالى : كلَّما إشتدَّتْ معرفَةُ الإنسانِ باللهِ كلَّما إزدادَ حبّاً لهُ وتقرُّباً منهُ وإمتثالاً لأوامرهِ ، قالَ تعالى : ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾، سُورَةُ فاطِرِ، الآية 28، وكُلَّما ضَعُفَتْ مَعرفتُهُ ضعُفَ إنجذابُهُ إليهِ .
    ومِنها : الأصدِقاءُ : فلو كانَ للإنسانِ رِفاقُ سوءٍ ، سَيَجرُّونَهُ إلى أعمالِ الشَّرِّ ، بخلافِ مالو كانَ لهُ أصدقاءٌ صالِحونَ ، فَإنَّهُ سيعيشُ أجواءَهم ويتأثَّرُ بسيرَتِهم الصّالحَةِ ، وسلوكِهِم الطَيِّبِ ، لِقَولِهِ تَعالَى : ﴿وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا * يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَني وَ كَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولا﴾، سُورَةُ الفُرقانِ ، الآيات27-29.
    ومِنها : عزيمَةُ الشَّخصِ : فبَعضُ النّاسِ يُريدونَ اللهَ ويبحثونَ عنهُ بشكلٍ جادٍّ ، وبَعضُهم لا يَهُمُّهمُ الأمرُ كثيراً ويَقومونَ بالتَّسويفِ إلى مَرحلةِ الكِبرِ والهَرَمِ ، لِيقوموا حينَها بالتَّوبةِ ! والبَعضُ لا يُفكِّرُ بالأمرِ ويَنشغِلُ بالدُّنيا ، لِقَولِهِ تَعالَى : ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾، سُورَةُ النِّساءِ ، الآية17.
    ومِنها : أنَّ مُمارسةَ بَعضِ الأعمالِ الخَيّرَةِ تَكونُ سَبباً للتَّوفيقاتِ الإلهيَّةِ ، ومُمارسَةَ بَعضِ الأعمالِ الشِّريرَةِ تكونُ سَبباً لأنْ يَكِلَنا اللهُ إلى أنفُسنا ، لِقَولِهِ تَعالَى : ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾، سُورَةُ الزَّلزَّلةِ ، الآيتان 7-8.
    ومِنها : كَثرَةُ الإنشغالِ بالدُّنيا : فالإنسانُ الّذي يَنشَغِلُ بالدُّنيا كثيراً ، ولا يَترُكُ مَجالاً لِنفسهِ للمُراجعَةِ والمُحاسبَةِ ، والتَّفكيرِ بِمستقبلِهِ الحَقيقيّ وعَوالمِهِ اللاّحقَةِ ، والتَّفكيرِ بِمبدَئِهِ ومَعادِهِ ، وخالقِهِ ومَنشئِهِ ، بطَبيعةِ الحالِ لنْ نَرى فيهِ حافِزاً كَبيراً نَحوَ الخَيرِ وسُلوكِ طَريقِ الأبرارِ ، ولِذا ورَدَ عنِ الأنبِياءِ والأئمَّةِ عَليهِمُ السَّلامُ : حُبُّ الدُّنيا رَأسُ كُلِّ خَطيئة ، لِقَولِهِ تَعالَى : ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾، سُورَةُ الحَديدِ ، الآية20.
    ووَرَدَ في الأدعِيَةِ والمُناجاةِ الطَلَبُ مِنَ اللهِ بأنْ يُخرِجَ حُبَّ الدُّنيا مِنْ قُلوبِنا : سَيّدي أخرِجْ حُبَّ الدُّنيا مِنْ قَلبي .
    ومِنها : كَثرَةُ مُمارسَةِ الذُّنوبِ : فإنَّها تُظلِمُ القَلْبَ ، وتوسِخُ الرُّوحَ ، وتُصبِحُ مُجانسةً بينَهُ وبينَ العمَلِ السَّيءِ ، فيَقوى فيهِ داعي الشَّرِّ ، بِخلافِ مَنِ إبتعَدَ عنِ المَعاصي ، وإقتربَ مِنَ الطّاعاتِ ، فإنَّهُ يقوى فيهِ داعي عَملِ الخيرِ ، لِقَولِهِ تَعالَى : ﴿ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَىٰ أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ ﴾، سُورَةُ الرَّومِ ، الآية10.
    ولكنْ كُلُّ هذا لا يوصِلُهُ إلى مَرحلَةِ الإلجاءِ والجَبرِ ، ولكنَّها أسبابٌ وعَوامِلٌ ، وَكلَّما إزدادَتْ إزدادَ إحتِمالُ سلوكِ طَريقِ الشَّرِّ ، وكلَّما أضعَفَ الإنسانُ بإرادتِهِ هذهِ العَواملَ ضَعفَ فيهِ إحتمالُ سلوكِ طَريقِ الشَّرِّ، وقَويَ فيهِ سلوكُ طَريقِ الخَيرِ .
    والإرتباطُ باللهِ والمراقبَةُ الشَّديدةُ واللُّجوءُ إليهِ تعالى والدُّعاءُ بأنْ لا يَكِلنا إلى أنفُسِنا طَرفَةَ عَينٍ ، وأنْ يُنجيَنا مِنَ الشَّياطينِ وألاعيبِهِم وإغواءاتِهِم ، لهُ دَورٌ كَبيرٌ في التَّوفيقِ والتَّسديدِ والتَّأييدِ الإلهي لِعبادهِ الصّالِحين .
    وبالجُملَةِ : الأمرُ كلُّهُ قائِمٌ على عَزيمَةٍ قويَّةٍ وصادقَةٍ وإصرارٍ شَديدٍ مِنَ الإنسانِ على سُلوكِ طريقِ الخيرِ ، مَعَ الدُّعاءِ والإلتجاءِ الدّائمِ إلى اللهِ تَعالى .


المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X