كتاب الحوار في القرآن / حوارت الامام الصادق عليه السلام انموذجا ) تأليف شعبة البحوث والدراسات في العتبة الكاظمية المقدسة )
تأهل الحوار في الفكر الاسلامي وخاصة في منهجية أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين آمنوا بالحوار في زمن سيطرت عليه فكرة الغلبة والهيمنة وصراع السلطة ، وأتباعها حتى صار في حينه الحوار وكأنه ضرب من التنازل عن العقيدة وكان معظم الناس لايعرفون أو يتجاهلون معنى الحوار والمحاورة والمناظرة والجدل الفاظ قريبة من بعضها قوله تعالى ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) وتبرز أهمية الحوار باعتباره من أهم وسائل الدعوة والجدل في معناه مقابلة الحجة بالحجة
أولا .... الوضوح المعرفي
ولن يتحقق هذا الوضوح إلا بالإحاطة بموضوع القضية والوقوف على أدلتها منم النصوص وقرائن الواقع ، قال الله تعالى ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ) وجهل أحد الطرفين بالموضوع يقطع الحوار، قوله تعالى ( كذلك يصنع الله على قلب كل متكبر جبار ) والايآت التي تنطبق على فكر الزنادقة ومحاوراتهم مع الإمام الصادق عليه السلام ورد
1) أبن أبي العوجاء 2) ابو شاكر الديصاني 3) عبد الملك البصري 4) عبد الله بن المقفع أجتمعوا ليطعنوا بالقرآن الكريم وإبطال نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وحين جاء الموعد قال أبن أبي العوجاء أنا أفكر في البحث استوقفتني آية (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا ? )عجزت عن مجاراتها أما عبد الملك البصري قال قرأت (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ? إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ? وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ? ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) عجزت عن مجاراتها وقال عبد الله بن المقفع انا قرأت (وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي( , واما ابو شاكر الديصاني قال انا قرأت (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ?) قال هشام واذا هم باجتماعهم مر بهم الامام الصادق عليه السلام قال قول الله تعالى (قل لئن أجتمعت الأنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) قالوا اقشعرت جلودنا لهيبته ثم تفرقوا
ثانيا هيمنة الفكرة المسبقة لأن القرآن الكريم واضح قوله تعالى (فلا يغررك تقلبهم في البلاد ) احقار للكاذبين،
ثالثا .. محاولة دحض الحق ، قال يحي بن سلام جادلوا الانبياء بالشرك ليبطلوا به الايمان قوله تعالى ( واخذتهم فكيف كان عقاب )
أصول الحوار
العلم ( فاعلم انه لااله الا الله ) قال أبن ابي العوجاء أردت حوارك يا ابن رسول الله قال عليه السلام ما أعجب تنكر الله وتشهد إني ابن رسول الله
رابعا .. الحجة والبرهان المطلوب من الحوار هو التزام طرق الاقناع وان يبني الحوار على الحجة والبرهان ، وكل قضية لابرهان لها هي باطلة ، سأل احد الزنادقة الامام الصادق عليه السلام الدليل على صنع العالم ؟ فقال عليه السلام وجود الافاعيل التي دلت على صانعها صنعها ألا ترى انك إذا نظرت الى بناء مشيد مبني علمت أن له بانيا ، وأن لم تر الباني ، الحوار الجاد والذكي دعوة الى مراجعة النفس وتنوير الفكر العام حول القصد ، واظهار تفاهة البدع دائما يكون الحوار الذكي معبرا يعتمد على الاندهاش ، لانه يذهب الى فكرة غفل عنها المحاور ، يقول ابو شاكر الدبصاني للامام عليه السلام دلني على معبودي ، فاذا غلام في كفه بيضة يلعب بها قال ابو عبد الله عليه السلام هذا حصن مكنون له جلد غليظ وتحت الجلد ذهبية مائعة وفضة ذائبة ، فلا الذهنية المائعة تختلط بالفضة الذائبة ولا الفضة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة ، فهي على حالها لم يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن اصلاحها ولم يدخل فيها داخل مفسد فيخبر عن افسادها لايدري للذكر خلقت أم للأنثى تغلق عن مثل الوان الطواويس الذي لها مدبرا ، تناول الإمام الصادق عليه السلام محاورات منثورة في مواضيع متنوعة منها ما يخص وجود الله سبحانه تعالى ووحدانيته وحكمته وقدرته ومناقشة أزلية الأشياء ووسائل النبوة ومعنى المعجزة وضرورة وجود استجابة الدعاء الى عشرات من المسائل الأخرى ، من اسلوب الامام الصادق عليه السلام التحاوري ، سعيه لإيجاد مساحة مشتركة تكون نقطة انطلاق الحوار ، البحث عن المشتركات ثم الخلاف ، واهداف الحوار عند مولاي الصادق هو اخلاص الفنية ويكون الدفع احقاق الحق وأزهاق الباطل