المقصود من كلمة مولاه في حديث الغدير . لماذا هذا الاختلاف في التفسير بين الموضعين ؟؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
اسعد الله ايامكم جميعا بعيد الغدير الأغر ثبتنا الله واياكم على ولاية ومحبة أمير المؤمنين علي (ع) .
من الغريب أن تفسر كلمة المولى في حديث الغدير عند أهل السنة والجماعة بالمحب والناصر مع وجود القرائن الكثيرة التي تدل على عدم صحة هذا التفسير ومنها قوله (ص) : ( ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) وقوله هذا يدل على ان الولاية ليس بمعنى المحب والناصر بل بمعنى الأولى بالتصرف بالنفس والمال والعرض .
وهناك قرائن خارجية من أحاديث أخرى تدل على ضعف التفسير الأول وقوة التفسير الثاني لكلمة (مولاه) ومن هذه القرائن هي ما أورده البخاري في صحيحه من أنّ النبي (ص) قال : ( ما من مُؤْمِنٍ إلا وأنا أَوْلَى بِهِ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اقرؤوا إن شِئْتُمْ [النبي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ من أَنْفُسِهِمْ] فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ من كَانُوا وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أو ضَيَاعًا فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلَاهُ ) - 1 -
وروي هذا الحديث في صحيح مسلم أيضاً فقال : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيده إن على الأرض من مُؤْمِنٍ إلا أنا أَوْلَى الناس بِهِ فَأَيُّكُمْ ما تَرَكَ دَيْنًا أو ضَيَاعًا فَأَنَا مَوْلَاهُ وَأَيُّكُمْ تَرَكَ مَالًا فَإِلَى الْعَصَبَةِ من كان ) - 2 -
وبحسب اعتراف علماء السنة الذين سنذكرهم بعد قليل بأن المراد بـ (مولاه) في هذان الحديث هو ( وليّه المتولي لأمره ) وذهب الى هذا المعنى كل من :
1 - قال القسطلاني : ( وأنا مولاه ... أي ولي الميت أتولى أموره ) .
2 - وقال النووي : (ومعنى هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنا قائم بمصالحكم في حياة أحدكم وموته وأنا وليه في الحالين فإن كان عليه دين قضيته من عندي إن لم يخلف وفاء وإن كان له مال فهو لورثته لا آخذ منه شيئا وإن خلف عيالا محتاجين ضائعين فليأتوا إلي فعلي نفقتهم ومؤنتهم )
3 - وقال العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري : ( فأنا مولاه ، أي وليه ) .
4 - وقال الحميدي في تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم : ( فأنا مولاه أي وليه الذي يقوم به ويراعيه ) .
5 - وقال البغوي في شرح السنة : ( فأنا مولاه ، أي : وليه والكافل له ) .
6 - وقال ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين : ( فأنا مولاه ، أي وليه ) .
7 - وقال الصالحي الشامي في سبل الهدى والرشاد روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة فمن ترك مالا فلعصبته من كانوا ، فإن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه ) .
8 - قال ابن الأثير : المولى يقع على ستة عشر معنى : الأقرب ، والمالك ، والسيد ، والمعتق والمنعم والناصر والمحب ، والتابع ، والخال ، وابن العم ، والحليف ، والعقيل ، والصهر والعبد ، والمنعم عليه والمعتق وكل من ولي أمرا أو قام به فهو مولاه ووليه ) .
ومما لا شك فيه أن كل من يقرأ متن حديث الغدير يجزم جزماً قاطعاً بأن النبي (ص) لم يرد من لفظة (مولاه) إلاّ المعنى الذي فسّره شراح الحديث لهذان الحديثان في البخاري ومسلم .
وهذه الولاية التي له (ص) على الأمّة وأنّه وليهم والمتولي لأمورهم جعلها رسول الله (ص) لعلي يوم غدير خم بقوله : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) فكما أن رسول الله (ص) ولي أمر المسلمين فكذلك علي (ع) .
وقد يقول قائل : لماذا فسرّت (مولاه) في حديث الغدير بنفس معنى (مولاه) في هذا الحديث - أعني حديث البخاري ومسلم السالف - وجزمت بأنّه أراد هذا المعنى دون غيره من المعاني الأخرى لهذه اللفظة ؟!
قلت : لو أراد النبي صلى الله عليه وآله من لفظة (مولاه) في حديث الغدير معنى آخر غير معنى مولاه في حديث البخاري ومسلم لبيّنه لاحتمال حصول الخلط عند البعض بين المعنيين فيلزمه (ص) التوضيح والبيان .
وبعبارة أخرى : لو أراد النبي (ص) من لفظة (مولاه) غير المعنى الذي فسّره علماء اهل السنة في حديث البخاري ومسلم السالف لوضح وبين ذلك حتى لا يحصل الخلط بين المعنيين عند السامعين أو بعضهم ممن سمع منه الحديثين فيظن أن المعنى في الحديثين واحد ، وبما أنّه صلى الله عليه وآله لم يفرّق بين معنى مولاه في حديث الغدير ومعناه في الحديث الآخر علمنا أنّه لم يرد منهما إلاّ معنى واحداً .
****************************
الهوامش :
1 - على ما رواه الثعالبي ، في الثعالبي ، ج 4 ، ص 336 .
2 - صحيح مسلم ، مسلم النيسابوري ، ج 5 ، ص 62 .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
اسعد الله ايامكم جميعا بعيد الغدير الأغر ثبتنا الله واياكم على ولاية ومحبة أمير المؤمنين علي (ع) .
من الغريب أن تفسر كلمة المولى في حديث الغدير عند أهل السنة والجماعة بالمحب والناصر مع وجود القرائن الكثيرة التي تدل على عدم صحة هذا التفسير ومنها قوله (ص) : ( ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) وقوله هذا يدل على ان الولاية ليس بمعنى المحب والناصر بل بمعنى الأولى بالتصرف بالنفس والمال والعرض .
وهناك قرائن خارجية من أحاديث أخرى تدل على ضعف التفسير الأول وقوة التفسير الثاني لكلمة (مولاه) ومن هذه القرائن هي ما أورده البخاري في صحيحه من أنّ النبي (ص) قال : ( ما من مُؤْمِنٍ إلا وأنا أَوْلَى بِهِ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اقرؤوا إن شِئْتُمْ [النبي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ من أَنْفُسِهِمْ] فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ من كَانُوا وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أو ضَيَاعًا فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلَاهُ ) - 1 -
وروي هذا الحديث في صحيح مسلم أيضاً فقال : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيده إن على الأرض من مُؤْمِنٍ إلا أنا أَوْلَى الناس بِهِ فَأَيُّكُمْ ما تَرَكَ دَيْنًا أو ضَيَاعًا فَأَنَا مَوْلَاهُ وَأَيُّكُمْ تَرَكَ مَالًا فَإِلَى الْعَصَبَةِ من كان ) - 2 -
وبحسب اعتراف علماء السنة الذين سنذكرهم بعد قليل بأن المراد بـ (مولاه) في هذان الحديث هو ( وليّه المتولي لأمره ) وذهب الى هذا المعنى كل من :
1 - قال القسطلاني : ( وأنا مولاه ... أي ولي الميت أتولى أموره ) .
2 - وقال النووي : (ومعنى هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنا قائم بمصالحكم في حياة أحدكم وموته وأنا وليه في الحالين فإن كان عليه دين قضيته من عندي إن لم يخلف وفاء وإن كان له مال فهو لورثته لا آخذ منه شيئا وإن خلف عيالا محتاجين ضائعين فليأتوا إلي فعلي نفقتهم ومؤنتهم )
3 - وقال العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري : ( فأنا مولاه ، أي وليه ) .
4 - وقال الحميدي في تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم : ( فأنا مولاه أي وليه الذي يقوم به ويراعيه ) .
5 - وقال البغوي في شرح السنة : ( فأنا مولاه ، أي : وليه والكافل له ) .
6 - وقال ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين : ( فأنا مولاه ، أي وليه ) .
7 - وقال الصالحي الشامي في سبل الهدى والرشاد روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة فمن ترك مالا فلعصبته من كانوا ، فإن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه ) .
8 - قال ابن الأثير : المولى يقع على ستة عشر معنى : الأقرب ، والمالك ، والسيد ، والمعتق والمنعم والناصر والمحب ، والتابع ، والخال ، وابن العم ، والحليف ، والعقيل ، والصهر والعبد ، والمنعم عليه والمعتق وكل من ولي أمرا أو قام به فهو مولاه ووليه ) .
ومما لا شك فيه أن كل من يقرأ متن حديث الغدير يجزم جزماً قاطعاً بأن النبي (ص) لم يرد من لفظة (مولاه) إلاّ المعنى الذي فسّره شراح الحديث لهذان الحديثان في البخاري ومسلم .
وهذه الولاية التي له (ص) على الأمّة وأنّه وليهم والمتولي لأمورهم جعلها رسول الله (ص) لعلي يوم غدير خم بقوله : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) فكما أن رسول الله (ص) ولي أمر المسلمين فكذلك علي (ع) .
وقد يقول قائل : لماذا فسرّت (مولاه) في حديث الغدير بنفس معنى (مولاه) في هذا الحديث - أعني حديث البخاري ومسلم السالف - وجزمت بأنّه أراد هذا المعنى دون غيره من المعاني الأخرى لهذه اللفظة ؟!
قلت : لو أراد النبي صلى الله عليه وآله من لفظة (مولاه) في حديث الغدير معنى آخر غير معنى مولاه في حديث البخاري ومسلم لبيّنه لاحتمال حصول الخلط عند البعض بين المعنيين فيلزمه (ص) التوضيح والبيان .
وبعبارة أخرى : لو أراد النبي (ص) من لفظة (مولاه) غير المعنى الذي فسّره علماء اهل السنة في حديث البخاري ومسلم السالف لوضح وبين ذلك حتى لا يحصل الخلط بين المعنيين عند السامعين أو بعضهم ممن سمع منه الحديثين فيظن أن المعنى في الحديثين واحد ، وبما أنّه صلى الله عليه وآله لم يفرّق بين معنى مولاه في حديث الغدير ومعناه في الحديث الآخر علمنا أنّه لم يرد منهما إلاّ معنى واحداً .
****************************
الهوامش :
1 - على ما رواه الثعالبي ، في الثعالبي ، ج 4 ، ص 336 .
2 - صحيح مسلم ، مسلم النيسابوري ، ج 5 ، ص 62 .