بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
قال الله سبحانه وتعالى: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُون}
إن من السنن التي أجراها الله في حياة عباده سنة انتصار الحق والعدل والاستضعاف على الباطل والظلم والاستكبار.. ولكنها كسنن الله في خلقه تجري بأسبابها، و أسباب هذه السنة تتمثل بنهوض أتباع الحق ودعاته في مواجهة أصحاب الباطل وناشريه، وفي عدم استكانة العاملين للعدل أمام جبروت الظالمين والطغاة..فلا يرضى المستضعفون باستضعافهم باعتباره قدراً.. بل يعملون على صناعة القوة، فالله قد وعد: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}.
وقد قدم القرآن الكريم العديد من النماذج الإيمانية والإنسانية التي صارعت الطغاة والمستكبرين وحققت بتأييد الله وعونه النصر الكبير. و من أكثر النماذج ذكرا في القران الكريم أنموذج النبي موسى في مواجهة فرعون.
هذه المواجهة التي حصلت بفعل حالة الطغيان والعلو والاستكبار التي عاشها فرعون.. ودفعته إلى أن يقتل ويذبح ويستهين بأعراض الناس وأرواحهم وأموالهم.. وقد بلغ به فائض القوة إلى أن يُعلن وأمام الملأ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} {قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي * أَفَلَا تُبْصِرُونَ}..كما بلغ به الاستبداد والاعتداد إلى أن يقول: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}.
يومها طأطأ الناس رؤوسهم لجبروت فرعون خوفاً وطمعاً، إلا أن النبي موسى استجاب لربه حين جاءه النداء حاسماً إليه وإلى أخيه هارون: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}.
وهنا نتعلم من القرآن أنه لا بد من اتباع كل سبل الحوار والإقناع وإقامة الحجة والدليل مع الطرف المقابل، فالحوار مطلوب حتى مع طاغية بحجم فرعون.. ففي منهج الأنبياء الحوار هو الأساس، والإصرار عليه هو المبدأ، أما المواجهة فتأتي بعد ذلك، تأتي بعد استنفاد هذه الوسيلة لحسم الخلاف، وأعداء الأنبياء هم دائماً الذين يفرضون المواجهة المباشرة، لأن الحوار بالحسنى والمنطق يفضح حقيقتهم ويكشف ضعفهم.
ولكن، وكعادة الطواغيت يستخف فرعون الغارق في أوهامه بموسى وهارون، أعمته قصوره وخدمه وحشمه وعدد جيشه وملكه المترامي كل هذا صرفه عن رؤية حقيقة المشهد الذي ينتصب أمامه.
وكان من الطبيعي أن يقول طاغية مثله لمن حوله معبراً عن استخفافه بموسى: {مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ}، علماً أن فرعون كان يعرف موسى جيداً بعد أن تربى في قصره كما تذكر سيرة ولادته.. وهذا التوهين والتصغير من حجم الآخرين هو سلاح يستخدمه الطغاة ...
النبي موسى(ع) لم يعر بالاً بكل هذا، وبلّغ فرعون ما دعاه إليه ربه بأن يرفع الظلم والقتل والاستبداد عن المستضعفين في مصر التي كان يحكمها.
وفي الخطوة الثانية وحتى يهز عنفوانه وجبروته أظهرموسى لفرعون المعجزات التي أجراها الله على يديه..عندما ألقى عصاه أمام فرعون وملئه فإذا هي ثعبان مخيف، ثم أدخل يده في جيبه ثم نزعها فإذا هي بيضاء تشع نوراً عم أرجاء المكان..
كان ذلك كافياً لجعل فرعون يفكر، وعلى الأقل أن يعيد حساباته.. لكنه على العكس سارع إلى رد التحدي بمنطقه الجبروتي، متجاهلاً معجزة موسى، صنّفها في خانة السحر، خوفاً من أن ينفضح أمره، وقال أرسلوا إلى المدائن ليأتوا بكل ساحر عليم {ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ}. وجرى ما جرى من إنتصار كبير لموسى ورسالته بعون من الله، لاسيما بعد أن أخذ الناس الذين هزتهم هذه المعجزة الإلهية يفكرون بدعوة موسى، وهم يرون أنه حتى السحرة الذين رباهم فرعون على يديه يعلنون إيمانهم وعلى أعين الناس جميعاً غير عابئين بجبروت فرعون، وكان ما حدث بداية تحول في الوعي والموقف...
لكن هل استسلم فرعون، هل اتعظ؟ بالطبع لم يستسلم ولم يستكن، وهو كدأب ضعاف الحجة ما كان به إلا أن رد على البينة و الدليل القاطع بإثارة الهواجس التي لا أساس لها فعمل على جبهتين مع هؤلاء الذين يتبعون موسى: من جهة سخّر أبواقه الإعلامية (ومثال هذا واضح اليوم في عالمنا العربي و الإسلامي): والهدف أن يغيّر الحقائق: {إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}، ومن جهة ثانية لجأ إلى التهديد والوعيد: {اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ}. لاحظوا كيف أن فرعون لم يقدر على مواجهة موسى بالحجة والبرهان، فقرر أن يتوجه إلى الضغط على اتباعه والمؤمنين برسالته لعل هذا يضعف موقف النبي موسى ويؤذيه، ويكون سبباً لتراجعه عندما يرى ما يحل بالمؤمنين من حوله، وهم يحاربون في أرزاقهم وأبنائهم وأعراضهم. وهذا التوجه من فرعون كان بداية سقوطه.
وظهرت ثلاثة أحداث إضافية تؤشر لهذا السقوط، لكنه كما كل الطغاة تجاهل دلالة هذه الأحداث الثلاثة، كما تجاهل المعجزات التي أتى بها موسى من قبل:
- أول حدث نفاذ الخط الإيماني في المجتمع ودخوله حتى دائرة فرعون الضيقة، وتحديدا بيته فقد آمنت زوجته آسيا بنت مزاحم، وايضا برز في موقف الرجل المؤمن من آل فرعون(وزيره او ابن عمه) كان يكتم إيمانه، ولكنه ما لبث أن أعلنه جهارة لما شعر بالخطر على حياة النبي موسى(ع).
- أما الحدث الثاني فهو ما تعرض له قارون، عندما خُسفت به الأرض وكان أقرب المقربين لفرعون..
- والحدث الثالث عجز فرعون عن مواجهة المشكلات التي ظهرت في مصر والتي أصابت اقتصادها ومصدر عيشها وهو النيل، ما أبطل ادعاءاته بالألوهية القادرة على كل شيء.
ورغم كل مؤشرات السقوط هذه ظل فرعون يتمادى في طغيانه عندها جاء النداء الإلهي إلى موسى لإنقاذ المستضعفين والمؤمنين من قومه وتحريرهم من نير فرعون، والخروج بهم إلى ساحة أخرى يعيشون فيها إيمانهم وحريتهم وكرامتهم.
عرف فرعون، فدفعه جبروته وغطرسته إلى ملاحقة موسى(ع) ومن معه، لإعادتهم إلى العبودية، وكله ثقة بالقضاء عليهم {إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ}.
ولما وصل فرعون مع جنوده إلى حيث كان النبي موسى(ع)، وكان قد شارف النيل، دب الهلع والخوف في قلوب بني إسرائيل {وقالوا إنا لمدركون}.
لكن النبي موسى(ع) الواثق من نصر ربه وتأييده له..قال لهم: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}.
وجاءه النداء أن: {اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} ليتحول البحر إلى يابسة لتعبر أنت ومن معك {وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ}..حتى في ذروة هذه المعجزة الصارخة، كان يمكن لفرعون أن يتعظ او يتراجع لكنه أكمل ما بدأ به، فأطبقت عليه المياه وعلى جنوده بتسديد من الله. وفي هذه اللحظة فقط، أي بعد فوات الأوان، يستفيق فرعون من غروره ويكتشف الحقيقة التي لم يحسب لها حساباً.فيصرخ معلناً أنه من المسلمين..{قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.
ويأتيه النداء لا فائدة {الآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}...{ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً}.
أيها الأحبة،
لم تكن هذه القصة بدعا من الأحداث التي تنتصر فيها إرادة الحق على الباطل، والعدل على الظلم والاستضعاف على الاستكبار...فهذه هي صورة الحياة التي سيستمر فيها الصراع، لكن النتيجة الحاسمة دائماً هي تحقيق وعد الله ونصر من يستنصره ويبذل في سبيل ذلك الغالي والنفيس.
إن الفرعونية ذهنية موجودة في كل عصر، هي خط قد يتمثل تارة بشخص يمثل فرعون نموذجه الصارخ، وقد يتمثل باتجاه اجتماعي استعلائي، أو تيار فكري سياسي ــ إقصائي، أو دولة استكبارية، وكل هؤلاء يجمعهم قاسم مشترك :
-هو الشعور بقدر من الألوهية في التعامل مع الآخرين من البشر.
-هو التمركز على الذات ونفي الآخر..
-هي العنصرية الصهيونية التي تعتبر الشعوب الأخرى أغياراً..
- هي الدولة الاستكبارية التي تريد أن تهمش جميع دول العالم لحساب مصالحها..
-هي الكيانات المستبدة التي تستضعف شعوبها..
-هي القوى التي تعتبر نفسها مالكة للإيمان والحقيقة وغيرها كافر يستحق الإلغاء والإقصاء.. وفرعون يمثل النموذج الفاضح لهذه العقلية التي أدانها الله وتوعد بالقضاء عليها على أيدي المؤمنين.
إن الذي وعد الله به نبيه وأخاه هارون، عندما قال لهما {إنَّني مَعَكُمَا أَسْمَع وَأَرَى}..
سيبقى هو الوعد الإلهي الدائم للمستضعفين في مواجهة كل هؤلاء الفراعنة وفي كل مرحلة من مراحل الزمن، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. وهو وعد للمؤمنين العاملين المجاهدين والباذلين..{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ}.
إن الفرعونية ذهنية موجودة في كل عصر، هي خط قد يتمثل تارة بشخص يمثل فرعون نموذجه الصارخ، وقد يتمثل باتجاه اجتماعي استعلائي، أو تيار فكري سياسي ــ إقصائي، أو دولة استكبارية، وكل هؤلاء يجمعهم قاسم مشترك :
-هو الشعور بقدر من الألوهية في التعامل مع الآخرين من البشر.
-هو التمركز على الذات ونفي الآخر..
-هي العنصرية الصهيونية التي تعتبر الشعوب الأخرى أغياراً..
- هي الدولة الاستكبارية التي تريد أن تهمش جميع دول العالم لحساب مصالحها..
-هي الكيانات المستبدة التي تستضعف شعوبها..
-هي القوى التي تعتبر نفسها مالكة للإيمان والحقيقة وغيرها كافر يستحق الإلغاء والإقصاء.. وفرعون يمثل النموذج الفاضح لهذه العقلية التي أدانها الله وتوعد بالقضاء عليها على أيدي المؤمنين.
إن الذي وعد الله به نبيه وأخاه هارون، عندما قال لهما {إنَّني مَعَكُمَا أَسْمَع وَأَرَى}..
سيبقى هو الوعد الإلهي الدائم للمستضعفين في مواجهة كل هؤلاء الفراعنة وفي كل مرحلة من مراحل الزمن، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. وهو وعد للمؤمنين العاملين المجاهدين والباذلين..{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ}.
تعليق