غدير الامل الموعود
منتهى محسن
منتهى محسن
افراحا قدسية تتكرر في عرض هذه الحياة الواسعة تزف للوجود بشائر محمديه علوية ومهدوية في ان واحد ، فكأن الدهر يعيد انفاسه وكرته من جديد ، فمنذ ان انقضى عهد الشرك والإلحاد بظهور دولة الاسلام التي شيدها نبينا الاكرم محمد (ص) بجهده وجهاده وتضحياته، اعلنت حاكمية الله على الارض قاطبة.
ليستمر الأبرار صالحا بعد صالح يسطرون مواقفهم على جيد الزمان نبلا وايمان واخلاقا، فينتشي الوجود وترتدي الدنيا جلباب السرور والسعد، لما يختار الله الخلص من عباده المؤمنين ويجتبيهم ليكونوا حملة دينه القويم وصراطه المستقيم ، وقد اتم نعمته علينا بتنصيب الإمام علي (ع ) وليا واماما وقائدا في يوم غدير خم .
هذا المشروع الالهي العظيم الذي زف بشرى الإمامة له ارتباط اساسي ووثيق بالإمام المهدي (عج )، لأن يوم الغدير اعلان الرجل الأول من منظومة سلسلة الإمامة والولاية المتمثلة بالإمام علي بن ابي طالب (ع) وتتويجه بالخلافة دونما منافس او منازع ، ولتختم تلك المنظومة بظهور الخاتم والثاني عشر من ائمة النور والضياء ليتوج جهود اجداده الطيبين الطاهرين.
اذن كان يوم الغدير الأغر ليس ذلك اليوم العظيم عندما نفذت ارادة السماء في تطبيق رسالتها السامية بالتنصيب فحسب، بل صار عنوانا بارزا لخط الإمامة الكبير والذي ينتهي بفرج مهدي هذه الامة الموعود,
وبينما يعيش الموالي الأفراح الغديرية والمهدوية معا عليه ان يستغل الفرص في تلك الساعات عبر الدعاء للأمام المهدي بالفرج فهو بقية الله الاعظم، فقد جاء عن لسانه الشريف : (أنا بقيّةٌ من آدمَ ، وذخيرةٌ من نوحٍ ، ومصطفىً من إبراهيمَ ، وصَفوةٌ من محمدٍ (صلى الله عليهم أجمعين). (1)
فاذا احيا الموالي اليوم ذكرى مناسبة يوم غدير خم الأغر فكأنما احيا ذكرى ميلاد الامام المهدي (عج )، كما ان يوم تتويج الإمام علي (ع) بمنصب الخلافة لهو في الوقت نفسه اقرار بتتويج الامام المهدي (عج ) بإقامة دولة العدل الالهي وخلافة الارض، قال تعالى : ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) (2)
فالأرض يرثها الله لعباده الصالحون ، عليه لابد للمؤمنين من استغلال تلك المناسبات الروحانية العظيمة الشأن وجعلها ايام تبتل ودعاء وتوسل بتعجيل الفرج وشروق غرة المنتظر ليخلص الكون من بحار الدماء النازفة ظلما وجور، ويئم القوم اجمع تحت راية الحق والعدل والامان
والسبيل الى ذلك يكون بان يتخذ من تلك الأفراح المحمدية المعطاءة سبيلا لإصلاح وتشذيب الذات ومجاهدة النفس، وهذا لا يكون عبثا دون سعي ومجاهدة وبذل، بل ان عين الولاء الحق لسيد الوصيين، الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع ) يكون بمقدار صدق وصحة انتظارنا للفرج، واستعدادنا وتهيئنا القلبي والروحي والعملي، جاء عنه (عليه السلام) انه قال:
( المنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل الله)(3) .
لنكون بعد ذلك كله نعم المنتظرين والمستعدين غاية الاستعداد للقاء امام زماننا ونصرتنا له والمجاهدة بين يديه، وفي ذلك غاية الفوز والظفر.
(1) (بحار الأنوار/ ج52 /ص238)
(2) سورة القصص/ آية 5
(3) الأحاديث الواردة من كتاب (الإمام المهدي (عج)، للإمام الشيرازي).
تعليق