إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نصوصٌ تحتَ الركام مرتضى ابو حميدة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نصوصٌ تحتَ الركام مرتضى ابو حميدة


    قد تبدو مفردة (رُكام) غير منسجمة، مع سياق توثيق التراث و ذاكرة الأيام، ولا توحي بحقيقة (الأصالة الوثائقية) لأول وهلةٍ، فما يندثرُ تحت الركام، لا يخلو من ضياعٍ في بعض جزئياته، أو تشويه لمعالمه، أو إلغاءه بالمُجمل.. لكنما لجأت هنا الى هذه الإستعارة، لشد إنتباه القارئ الكريم، نحو دهاءِ و مكرِ دُعاة الفكر- أحادي الخطاب والمُرتكز، والذين تلَّونوا مع متغيرات الظروف، ومستحدثات النمطية المعاصرة..
    فالإمبراطورية العثمانية ،التي حكمت حُكماً ثيوقراطياً أحادي المعتقد والمذهب، نجحت في تأسيس الهوية المذهبية النخبوية ، طيلة خمسة قرون من عمر الزمان، حتى أصبح متقمصوا تلك الهوية يعتقدون بالفطرة ، أنهم نخبة الدين والدولة، وتبنوا نظرية (الدولة =إلإمام الشرعي)، فإتخذت من (النزعة الدينية الرسمية)،شعاراً و دِثاراً لإقصاء ما عداه ، وبكل الوسائل، حتى لو كانت دمويةً عمياء !!!
    لكن الغريب في هذه النُخبة المتأسلمة، إنها إستحالت وبشكل مفاجئ وغير مسبوق ، الى (نخبة عروبية قومية عِلمانية)، مارسَت منهجية الإقصاء والتهميش الفكري، والعقائدي والمذهبي و الإجتماعي، وهو ما يتعارض مع مشروع القومية العربية الجامعة لـ(أمة الضاد) دون تمييز بين فكر ومذهب ومعتقد !!!
    وأياً ما تكون هذه النخبة (قومية) أو (متأسلمة) او (عِلمانية)، فالتحرر الثقافي الذي يكتسح الساحة العربية والإسلامية والإنسانية، يجعلهم في مواجهة حقيقية مع (قراءة عصرية) لِما تحتَ الركام..إذ أنَّ القارئ المعاصر لمْ يعُد تلك الدُمية المتحركة، حسب خيوطٍ مترهلة، والذهنُ المتفتحُ بدأ ينزعُ الى رغبة المشاهدة والملاحظة وإصدار الحُكم..
    وكيف ستكون القراءة النهائية بعد إصدار الحُكم؟ إذا تم الكشف عن نصوصٍ بقيتْ – عن عمدٍ تحتَ الرُكام، والتي تكشف حقيقتين مهمتين ..الأولى (السيرة المعطاء لرجالات التشيع المحمدي الأصيل، وأياديهم على الحضارة العربية والإسلامية) والثانية (غياب الوازع الديني والعلمي والأخلاقي، لدى كُتَّاب التاريخ المؤتمنين عليه).
    وإليكَ هذا بـ(لغة المثال) : ذكر (الشيخ الذهبي) في (سير أعلام النبلاء) ترجمة العلامة (ابو الحسن الحَلَبي) رحمة الله عليه ،قائلاً " العَلاَّمَةُ أَبُو الحَسَنِ الحَلَبِيُّ، فَقِيْهُ الشِّيْعَةِ، وَنَحْوِيُّ حَلَبَ، وَمِنْ كِبَارِ تَلاَمِذَةِ الشَّيْخِ أَبِي الصَّلاَحِ..تصدَّر لِلإِفَادَة، وَلَهُ مصَنّف فِي كشف عُوَار الإِسْمَاعِيليَّة وَبَدْءِ دعوتِهم، وَأَنَّهَا عَلَى المخَارِيق، فَأَخَذَهُ دَاعِي القَوْم، وَحُمِلَ إِلَى مِصْرَ، فَصَلَبَهُ المُسْتنصر ، فَلاَ رَضِيَ اللهُ عَمَّنْ قَتله، وَأُحرقت لِذَلِكَ خِزَانَةُ الكُتُب بِحَلَب، وَكَانَ فِيْهَا عَشْرَةُ آلاَف مجلدَة، فَرَحِمَ الله هَذَا المُبْتَدِع الَّذِي ذَبَّ عَنِ المِلَّة، وَالأَمْرُ للهِ"..
    وهذا الحافظ السيوطي في كتابه (همع الهوامع)، يُترجِمُ لإمام الفقه والرواية (يحيى بن يعمر) طيب الله ثراه، قائلاً "يحيى بن يعمر العدواني الوشقي النحوي البصري؛ كان تابعياً، لقي عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس.. أحد قراء البصرة، وعنه أخذ عبد الله بن أبي إسحاق القراءة،.. كان عالماً بالقرآن الكريم والنحو ولغات العرب وأخذ النحو عن أبي الأسود الدؤلي.. وكان شيعياً من الشيعة الأولى القائلين بتفضيل أهل البيت من غير تنقيص لذي فضل من غيرهم".
    وإذا ما وصلنا الى ترجمة النحويِّ القدير(أبي عثمان المازني)، فلا تملك نفسك إلا أن تتنفس الصعداء لِذِكره الشادي، حيث ترجمَ له الحافظ (إبن حَجَر العسقلاني) في (لِسان التهذيب) قائلاً "
    وكان شيعياً إمامياً على رأي ابن ميثم .." وترجمَ له (إبن خلكان) في (وفياتِ الأعيان) و(الصَفَدي) في (فوات الوفيات) بهذه الترجمة " قال القاضي بكار بن قتيبة: “ما رأيت نحوياً قط يشبه الفقهاء إلا حيان بن هرمة والمازني، وكان في غاية الورع”..
    وترجمَ له (إبن العماد الحنبلي) في( شذرات الذهب)، نقلاً عن تلميذه (الْمُبرِّد) قولهُ “لم يكن بعد سيبويه، أعلم من أبي عثمان المازني بالنحو”.
    وذكر المؤرخ (القفطي) في (إنباه الرواة على أنباه النحاة) عن فقيه أهل السُنة أبي جعفر الطحاوي المصري الحنفي: ” سمعتُ القاضي بكَّار بن قُتيبة، رحمهُ الله، يقول: “ما رأيتُ نحويَّاً قطّ يشبه الفقهاء إلَّا حَبَّان بن هلال والمازني، يعني أبا عثمان”.
    بينما وصفه (الجاحظ) في(البلدان)” وفينا اليوم ثلاثة رجال نحويّون ليس في الأرض مثلهم، ولا يُدرَك مثلُهم- يعني في الاعتلال والاحتجاج والتقريب- منهم أبو عثمان بكر بن محمد المازني، والثاني العباس بن الفرج الرياشي، والثالث أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن الزيادي، وهؤلاء لا يصاب مثلهم في شيء من الأمصار”.
    و هنا ..تُثار التساؤلات لِمَنْ يلوذُ بـ(العربية الصمّاء) و(النزعة الدينية العوراء):
    أليست هذه النصوص قد دوّنها من تنتسبون اليهم فكراً وعقيدةً ورؤى منذ ألف عام ؟
    ألم يأنِ لكم أن تكاشفوا جمهوركم ، الذي صادرتم عقله الجمعي، بحقيقة أوائل الشيعة(بُناة الحضارة العربية الإسلامية)؟
    ولله درُّ العلامة الأزهري الدكتور (سليمان دنيا) حيث يقول عن موسوعة المجتهد الكبير السيد (حسن الصدر) قدس سره " يسعدني أن تتاح لي فرصة التقديم لكتاب " الشيعة وفنون الإسلام " الذي نحا فيه مؤلفه السيد الشريف " الحسن أبو محمد " منحى ربما يبدو غريبا لدى أهل السنة. وكنت أريد أن أدرس الكتاب دراسة موضوعية، وتبين بالدلائل والشواهد مبلغ صدق القضية التي يعالجها الكتاب، ولكني رأيت الأمر فوق طاقتي لأن المؤلف (رضي الله عنه) واسع الباع غزير الاطلاع. يعرض لسائر العلوم الإسلامية والعربية، ويحكم عليها حكم المحيط بها، الواقف في أسرارها، العارف بعوامل نشأتها، ومراحل نموها."




المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X