إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

البيان التفصيلي لقضية عائشة الحُمَيراء بالأدلة والتحليل الدقيق

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • البيان التفصيلي لقضية عائشة الحُمَيراء بالأدلة والتحليل الدقيق

    البيان التفصيلي لقضية عائشة الحُمَيراء
    بالأدلة والتحليل الدقيق مع بيان حقيقة أبو بكر :-

    لماذا لُقِّبَت عائشة بالحُمَيراء ؟ تزعم مذاهب السنة والجماعة أنّ هذا اللقب يعني أنّ عائشة بيضاء اللون مخلوطٌ لونها بالحُمرة ، وهذا يعني أنّها امرأة جميلة ! أي أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يلاطفها بهذا الاسم لجمالها ! وفي الحقيقة لم يكن ذلك السبب مطلقاً ؛ لأنّ النبي الكريم مُحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان له زوجات جميلات لم تنقطع عائشة عن حسدهن لجمالهن ، مثل أم سلمة (رضي الله عنها) كانت بيضاء مشربة بحمرة ، كذلك ابنته فاطمة الزهراء (عليها السلام) . فالعرب يُسمون أبيض البشرة بالأبيض واذا تشرّب بالحمرة قالوا أزهر , ولم يحدث أن لقّب أحدٌ بالأحمر لجماله أو لُقّبت امرأة بالحميراء لاحمرار بشرتها , فالنبي مُحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يلقّب نسائه الجميلات بالحُمَيراء كما لقّب عائشة بذلك فقط ، مما يبين أن كلمة الحُمَيراء لها معنى آخر غير معناها الظاهري . خصوصاً أنّ عائشة كانت تغار من زوجات النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) غيرة شديدة ، وباعترافها لتفوقهن بجمالهن ومن ذلك قولها في السيدة مارية القبطية : «مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ إِلَّا دُونَ مَا غِرْتُ عَلَى مَارِيَةَ ؛ وَذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ جَمِيلَةً مِنَ النِّسَاءِ جَعْدَةً» . (راجع : الطبقات الكبرى لابن سعد : ج8، ص212. والمنتخب من كتاب أزواج النبي للزبير بن بكار : ص57. وأنساب الأشراف للبلاذري : ج1، ص449.)
    وكانت عائشة تغار غيرة شديدة من باقي الزوجات ، كالسيدة زينب بنت جحش وسودة بنت زمعة وصفية بنت حيي بن أحطب لجمالهن ، وبأعترافها هي بل حتى كانت تغار من السيدة الكريمة خديجة بنت خويلد (عليها السلام) التي لم تراها ، فقالت فيها يوماً :
    «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَكَادُ يَخْرُجُ مِنَ الْبَيْتِ حَتَّى يَذْكُرَ خَدِيجَةَ فَيُحْسِنُ الثَّنَاءَ عَلَيهَا، فَذكرهَا يَوماً مِنَ الأَيَّامِ فَأَدْرَكَتْنِي الْغَيْرَةُ، فَقُلْتُ: هَلْ كَانَتْ إِلا عَجُوزًا، فَقَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا، فَغَضِبَ حَتَّى اهْتَزَّ مُقَدَّمُ شَعْرِهِ مِنَ الْغَضَبِ، ثُمَّ قَالَ: لا وَاللَّهِ، مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا، آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي فِي مَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ مِنْهَا أَوْلادًا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلادَ النِّسَاءِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لا أَذْكُرُهَا بِسَيِّئَةٍ أَبَدًا» . (راجع : الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر : ج4، ص1823. وصحيح البخاري طبعة السلطانية : ج5، ص39. والروض الأنف للسهيلي : ج2، ص424. وأسد الغابة في معرفة الصحابة : ج6، ص85. وفتح الباري لابن حجر العسقلاني : ج7، ص140.)
    من الطبيعي أنّ نجد الدميم هو الذي يحسد على الجمال ويغار ، أمّا الجميل فليس من الطبيعي أن يحسد الدميم وأن يغار منه ، كما أنّه ليس من الطبيعي أن يكون الميل لغير ذات الجمال أكثر منه للجميلة الوضيئة ، وقد ذكر في حديث الإفك على لسان عائشة قولها :
    «فَوَاللهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلَاّ أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا» . ولو صدقنا أنّها كانت هي ذات الحظوة لدى الرسول وأنّه كان يحبها أكثر من غيرها ، فلماذا هذه الغيرة وهذا الحسد منها لهن ؟ حتّى أنّ النبي غضب منها كثيراً عندما غارت من خديجة التي هي أكبر منها سناً ولم تدركها ! فإنّ الحسد لا بد أن يكون على شيء يفقده الحاسد ويتمنى زواله عن المحسود وانتقاله إليه .
    وعلى فرض قبول رأيهم القائل بأنّ عائشة كانت بيضاء اللون مشربة بالحمرة ، فنقول أنّ الأدلة على أنّ عائشة سوداء ولم تكن بيضاء اللون ولا مزهرةً كثيرةً ، منها أنّ أبو بكر أبو عائشة كان من العبيد المعتقين ومنه أتى سواده ، فورثت عائشة لون بشرته . وكان أبو بكر أسود اللون إذ ذكروه في جملة السودان ، فقال ابن الجوزي في كتاب عيون الأثر (الطبعة القديمة) - الصفحة (٤٤٩) :- «بِأَنَّ السُّودَانَ: أَسَامَّةُ بن زَيْدٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَسَالِم مَوْلى أَبِي حُذَيْفَة وَبِلَالُ بن رَبَاح» . (وقد حذف الناشرون ذلك في الطبعات الجديدة) .
    وكان أولاد أبي قحافة (والد أبو بكر) هم : عَتيق وعُتَيق ومعتَق ، وهذه أسماء المعتقين من العبودية . لذلك قال أبو سفيان عن حكم أبي بكر ، عن مصنف عبد الرزاق الصنعاني - الجزء (5) - الصفحة (451) - الحلقة (9767) :- عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ مُبَارَكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنِ ابْنِ أَبْجَرَ قَالَ:
    «لَمَّا بُويِعَ لِأَبِي بَكْرٍ جَاءَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: غَلَبَكُمْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ أَذَلُّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي قُرَيْشٍ، أَمَا وَاللَّهِ لَأَمْلَأَنَّهَا خَيْلًا وَرِجَالًا . قَالَ: فَقُلْتُ: مَا زِلْتَ عَدُوًّا لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ فَمَا ضَرَّ ذَلِكَ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ شَيْئًا» . (أخرجه الحاكم وصححه الذهبي) .
    وقال الشاعر عن حربه مع عائشة في معركة الجمل :
    أَطَعْنَا بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ شِقْوَةً
    *** وَهَلْ تَيْمٌ إِلَّا أَعْبُدٌ وَإِمَاءُ .
    كَفينَا بَنِي تَيْم بْنِ مُرَّةَ مَا جَنَت
    *** وَمَا التَيم إِلّا أَعْبُدٌ وَإِمَاءُ .
    المصادر :-
    1- الكامل في التاريخ لابن الأثير : ج2، ص609.
    2- مختصر تاريخ دمشق لابن منظور : ج9، ص305.
    3- تاريخ دمشق لابن عساكر : ج21، ص105.
    4- أنساب الأشراف للبلاذري : ج2، ص267.
    5- التعازي والمراثي لمحمد بن يزيد المبرد : ص257.
    6- تجارب الأمم وتعاقب الهمم لابن مسكويه : ج1، ص502.
    7- تاريخ الطبري : ج4، ص524.

    وكان عبد الله بن جدعان أكبر تاجرٍ للعبيد والإماء في مكة وصاحب أكبر دار لتوليد وبيع الأطفال ، إذ كان يملك العشرات من الإماء (الجواري) اللواتي يعرضهن على الرجال فيحملن منهم ثم يبيع الأطفال من آبائهم أو من الغرباء ، وكان غنياً جداً حتى سُمّي بحاسي الذَّهَب ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يشرب فِي إِنَاءٍ من ذهب ، وهو الذي كان قائداً لجيش قريش في حرب الفجّار . وكان القرشيون يأنفون من سكن الجواري المتهتكات في مكة ، فكانت اقامتهن في خارجها ، فكانت صهاك خارج مكة وكانت سلمى في الأبطح خارج مكة ورايتها حمراء ، وكانت النابغة أم عمرو ابن العاص والصعبة أم طلحة بن عبيد الله خارج مكة أيضاً . وكانت قريش تسمِّي الجواري بأسمائهن فقط دون ذكر لآبائهن ، مثل صهاك وسلمى والنابغة والصعبة وحمامة (جدة معاوية) والزرقاء (جدَّة معاوية الأخرى أم أمية) ، وكان البغاء مختصاً ببعض الجواري المحترفات ، وكانت أم سفيان بن عبد الأسد أمة لابن جدعان . (راجع المصادر :- أسواق العرب في الجاهلية والإسلام : ص130. ومثالب العرب لهشام بن الكلبي : ص139، طبعة دار الهدى للتراث - بيروت . ومعجم البلدان للحموي : ج2، ص424، ج5، ص185. ومجمع الأمثال لأبو الفضل الميداني : ج2، ص127. والمذكر والمؤنث لابن الأنباري : ج2، ص7. ونسب قريش للزبيري : ص292. والروض الأنف للسهيلي : ج2، ص78. والأوائل للعسكري : ص396.)
    وكان مؤسسة ابن جدعان التيمية في أيام الجاهلية أسوأ وأكبر مؤسسة فسادٍ في مكة ، وهي أعظم من مؤسسة زعيم المنافقين عبد الله بن أُبي في المدينة التي نزلت في حقه وحق أمثاله قوله تعالى :
    ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا . فعن تفسير ابن كثير لابن كثير - الجزء (6) - الصفحة (54) :- «وَكَانَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فِي شَأْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ ، فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ إِمَاءٌ، فَكَانَ يُكْرِهْهُنَّ عَلَى البِغاء طَلَبًا لخَراجهن، وَرَغْبَةً فِي أَوْلَادِهِنَّ، وَرِئَاسَةً مِنْهُ فِيمَا يَزْعُمُ» .
    وكان أبو قحافة وأبناؤه من عبيد عبد الله بن جدعان التيمي ومن أصلٍ حبشي ، وعمله النداء على طعام ابن جدعان ، وقد جاء في حقّ ابن جدعان من الشعر ، قالَ أُمَيَّةُ بنُ أبي الصَّلْتِ ، يَمْدَحُ عبدَ اللهِ بنَ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ : (لَهُ دَاعٍ بِمَكَّةَ مُشْمَعِلٌ
    *** وآخَرُ فَوْقَ دَارَتِهِ يُنَادِي) . فالمشمعل هو سفيان بن عبد الأسد ، والآخر هو أبو قحافة ، والاثنان من عبيد عبد الله بن جدعان . فعن كتاب أخبار مكة للفاكهي - الجزء (5) - الصفحة (196) - الحلقة (١٣٤) :- «وَعَن هِشَام بن الْكَلْبِيّ قَالَ كَانَ لعبد الله بن جدعَان مناديان يناديان أَحدهمَا بِأَسْفَل مَكَّة والاخر بِأَعْلَى مَكَّة وَكَانَ المناديان سُفْيَان بن عبد الاسد وابو عبد قُحَافَة وَكَانَ أَحدهمَا يُنَادي أَلا من أَرَادَ اللَّحْم والشحم فليأت دَار ابْن جدعَان وَهُوَ أول من أطْعم الفالوذج بِمَكَّة» . وعن المنمق في أخبار قريش لمحمد بن حبيب البغدادي - الصفحة (372) :- «وكان له مناديان يناديان أحدهما بأسفل مكة والآخر بأعلى مكة وكان المناديان أبا سفيان بن عبد الأسد وأبا قُحافة ، وكان أحدهما ينادي: ألا من أراد الشحم واللحم فليأت دار عبد الله بن جدعان، وهو أول من أطعم الفالوذ بمكة، وله يقول الشاعر :
    لَهُ دَاعٍ بِمَكَةَ مُشْمَعِل
    *** وَآخَرُ فَوْقَ دَارَتِهِ يُنَادِي
    إلى رُدُحٍ مِنَ الشِّيزَى مِلاَءِ
    *** لُبَابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهَادِ» .
    ولمّا تحرر أبوبكر من العبوديّة أصبح اسمه عتيق ، وكان عَتيق ومعتَق وعُتَيق أولاداً لأبي قحافة . والدليل على أنّ عتيق هو كل من يعتق جاء في عيون الأثر لابن سيد الناس (الطبعة الجديدة) - الجزء (2) - الصفحة (7) :-
    «دَعَا جُبَيْرُ بْنُ مُطْعَمٍ غُلامًا لَهُ حَبَشِيًّا يُقَالُ لَهُ وَحْشِيٌّ، يَقْذِفُ بِحَرْبَةٍ لَهُ قَذْفَ الْحَبَشَةِ، قَلَّمَا يُخْطِئُ بِهَا، فَقَالَ لَهُ: اخْرُجْ مَعَ النَّاسِ، فَإِنْ أَنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ عَمَّ مُحَمَّدٍ بِعَمِّي طُعَيْمَةَ بْنِ عَدِيٍّ، فَأَنْتَ عَتِيقٌ» .
    فلم يكن تيم من قريشٍ ولم يكن أبو بكر من العرب ، لكن الانتماء الى القبائل العربية كان سهلاً عبر التحالف معها ، ويتم تبني رجال القبائل الذكور الغرباء عبر تزويجهم من كرائم العرب واعلان أبوتهم لهم . وبالنسبة إلى ولادة أبو بكر تتضح من نسبه واسمه ، فهو : «عبد الله بن عثمان بن (عامر) بن عمرو بن كعب بن سعد بن تَيْم بن مُرّة» . وأُمه هي : «سلمى بنت صخر بن (عامر) بن عمرو بن كعب بن سعد بن تَيْم بن مُرّة» . أي أنّ عامر كان له ولدين احدهما عثمان (ابو قحافة) والآخر صخر (ابو سلمى) ، فتزوج عثمان (أبو قحافة) من بنت أخيه سلمى ، ليولد بذلك أبو بكر . (راجع المصادر :- الأسامي والكنى لأحمد بن حنبل : ص25. والمستدرك على الصحيحين للحاكم : ج3، ص64. والطبري فى المعجم الكبير : ج1، ص2 . وابن عبد البر في الاستيعاب : ج2، ص13 . وابو نعيم في معرفة الصحابة : ج24، ص151 . والسيوطي في تاريخ الخلفاء ج1، ص28. ومحمد بن حبيب البغدادي في المحبر : ص12 . والهيثمي في مجمع الزوائد : ج10، ص 11 . والطبراني في المعجم الكبير : ج9، ص40. وابن الاثير في جامع الاصول ج12، ص121. وابن الأثير في أسد الغابة ج3، ص205. وأبو حاتم في الدارمي ج2، ص419. وابن حزم الاندلسي في جمهرة أنساب العرب : ج1، ص135. وابو العباس المحب الطبري في الرياض النضرة في مناقب العشرة : ج1، ص74. وعبدالملك العصامي المكي في سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي : ج2، ص410. وغيرهم الكثيرين..).
    ويتأسف المسلم للتغيرات الحاصلة في كتب السيرة والحديث بحيث تصبح السوداء شقراء ويصبح الكذّاب موثقٌ وبالعكس ! ولأنّ بلال الحبشي الأسود من المعارضين للنظام فقد أبقوه على صفته أسود وحبشي ، بينما أصبح الآخرون من البيض والعرب ! ومع هذا كُلّه فقد ثبت في الصحيح لمسلم :
    «أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ جُدْعَانَ كَانَ يُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ فَهَلْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: لَا، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ» . (البداية والنهاية لابن كثير : ج3، ص267.)
    ومن ذلك نستنتج أنّ عائشة كانت سوداء اللون تبعاً لأبيها عتيق ولم تكن بيضاء مشربة بالحمرة ! بل قد وردت أدلة صريحة جداً في بيان ذلك وهي قَدْ قِيلَ لِعَبّادِ بْنِ العَوّامِ : «صِفْ لِي عَائِشَةَ» ؟ فَقَالَ : «كَانَتْ أَدْمَاءَ» . وَقِيلَ لِسُهيل بْنِ ذَكْوَانِ : «رَأَيْتَ عَائِشَةَ» ؟ قَالَ : «نَعَمْ» . قِيلَ : «صِفْهَا» ؟ قَالَ : «كَانَتْ سَوْدَاء» . (راجع : التاريخ الكبير للبخاري : ج4، ص104. والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي : ج1، ص133 . والتاريخ الأوسط للبخاري : ج2، ص102. والمجروحين لمحمد بن حبّان التميمي : ج1، ص353. وميزان الاعتدال للذهبي : ج2، ص242.) . العجيب عند القوم أنّ كلّ من يروي أنّ عائشة كانت سوداء اللون أو أدماء يتم تكذيبه حتى لو كان ثقةً ! فعن تاريخ الإسلام لشمس الدين الذهبي - الجزء (9) - الصفحة (348) : "وَهُوَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ سَوْدَاءَ فَكَذَبَ بِمِثْلِ هَذَا" .
    رغم أنّ الراوي عبَّاد بن العَّوام بن عمر بن عبد الله بن المنذر كان مُحدّثاً صدوقاً . حدّث عن: أبي مالكٍ الأشجعي، وعبد الله بن أبي نجيحٍ المكي، وأبي إسحاق الشيباني، وابن عونٍ، وسعيدٍ الجريري، وعدةٍ. وعنه: أحمد بن حنبلٍ، وعمرٌو الناقد، وزياد بن أيّوب، وعليّ بن مسلمٍ الطوسي، والحسن بن عرفة، وخلقٌ سواهم. وقال ابن سعدٍ: كان من نبلاء الرجال في كل أمره. قال: وكان يتشيع، فحبسه الرشيد زماناً، ثم خلى عنه، فأقام ببغداد. قلت: أظنّه خرج مع إبراهيم، فلذلك سجنه . وَقَدْ وَثَقّه أبو بكر البزار وأبو حاتم الرازي وأبو دواد السجستاني وأحمد بن حنبل وأحمد بن شعيب النسائي وأحمد بن صالح الجيلي وعبد الرحمن بن يوسف بن خراش وعلي بن المديني ومحمد بن سعد كاتب الواقدي ووكيع بن الجراح ويحيى بن معين وغيرهم .
    حتّى بالنسبة إلى الراوي سهيل بن ذكوان ؛ فقد قال أبو أحمد بن عدي الجرجاني عنه : "ثبت لا بأس به مقبول الأخبار، حدث عن جماعة عن أبيه وهذا يدل على ثقة الرجل" . وقال أبو الفتح الأزدي : "صدوق ذهب بعض حديثه " . وقال أبو جعفر العقيلي : "صويلح فيه لين" . وقال أبو عبد الله الحاكم النيسابوري : "أحد أركان الحديث، ساء حفظه في آخر عمره" . وقال أبو يعلى الخليلي : "ثقة" . وقال : "أحمد بن شعيب النسائي : ليس به بأس، ومرة: متروك الحديث" . وقال ابن عبد البر الأندلسي : "ثقة" . وقال الذهبي : "مرض فنقص حفظه قليلاً" . وقال الليث بن سعد المصري : "من عبّاد أهل المدينة" . وقال علي بن المديني : "كان عندنا ثبتاً" . وقال محمد بن سعد كاتب الواقدي : "ثقة كثير الحديث" . فأكثر الأئمة على توثيقه ، وروى عنه كبار الأئمة ، واحتج به مسلم كثيراً في صحيحه .

    ويذكر أنّ ابن عباس وبخّ عائشة بعد معركة الجمل وبيّن أنّها لم تكن بيضاء اللون في حديثٍ طويلٍ فيه : «لَمَّا هَزَمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَصْحَابَ الْجَمَلِ، بَعَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ (رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا) إِلَى عَائِشَةَ يَأْمُرُهَا بِتَعْجِيلِ الرَّحِيلِ وقِلَّةِ الْعُرْجَةِ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَأَتَيْتُهَا وهِيَ فِي قَصْرِ بَنِي خَلَفٍ فِي جَانِبِ الْبَصْرَةِ . قَالَ فَطَلَبْتُ الْإِذْنَ عَلَيْهَا فَلَمْ تَأْذَنْ . فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ إِذْنِهَا، فَإِذَا بَيْتٌ قِفَارٌ لَمْ يُعَدَّ لِي فِيهِ مَجْلِسٍ فَإِذَا هِيَ مِنْ وَرَاءِ سِتْرَيْنِ، قَالَ فَضَرَبْتُ بِبَصَرِي فَإِذَا فِي جَانِبِ الْبَيْتِ رَحْلٌ عَلَيْهِ طِنْفِسَةٌ، قَالَ فَمَدَدْتُ الطِّنْفِسَةَ فَجَلَسْتُ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْطَأْتَ السُّنَّةَ دَخَلْتَ بَيْتَنَا بِغَيْرِ إِذْنِنَا وجَلَسْتَ عَلَى مَتَاعِنَا بِغَيْرِ إِذْنِنَا، فَقَالَ لَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ (رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا) نَحْنُ أَوْلَى بِالسُّنَّةِ مِنْكِ ونَحْنُ عَلَّمْنَا السُّنَّةَ، وإِنَّمَا بَيْتُكِ الَّذِي خَلَّفَكِ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَخَرَجْتِ مِنْهُ ظَالِمَةً لِنَفْسِكَ غَاشِيَةً لِدِينِكَ عَاتِيَةً عَلَى رَبِّكَ عَاصِيَةً لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَإِذَا رَجَعْتِ إِلَى بَيْتِكِ لَمْ نَدْخُلْهُ إِلَّا بِإِذْنِكِ ولَمْ نَجْلِسْ عَلَى مَتَاعِكِ إِلَّا بِأَمْرِكِ، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بَعَثَ إِلَيْكِ يَأْمُرُكِ بِالرَّحِيلِ إِلَى الْمَدِينَةِ وقِلَّةِ الْعُرْجَةِ! فَقَالَتْ رَحِمَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا واللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وإِنْ تَزَبَّدَتْ‌ فِيهِ وُجُوهٌ ورُغِمَتْ فِيهِ مَعَاطِسُ، أَمَا واللَّهِ لَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وأَمَسُّ بِرَسُولِ اللَّهِ رَحِماً وأَقْرَبُ قَرَابَةً وأَقْدَمُ سَبْقاً وأَكْثَرُ عِلْماً وأَعْلَى مَنَاراً وأَكْثَرُ آثَاراً مِنْ أَبِيكِ ومِنْ عُمَرَ، فَقَالَتْ أَبَيْتُ ذَلِكَ، فَقَالَ أَمَا واللَّهِ إِنْ كَانَ إِبَاؤُكِ فِيهِ لَقَصِيرَ الْمُدَّةِ عَظِيمَ التَّبِعَةِ ظَاهِرَ الشُّؤْمِ بَيِّنَ النَّكَدِ، ومَا كَانَ‌ إِبَاؤُكِ فِيهِ إِلَّا حَلْبَ شَاةٍ حَتَّى صِرْتِ لَا تَأْمُرِينَ ولَا تَنْهَيْنَ ولَا تَرْفَعِينَ ولَا تَضَعِينَ . .... وَمَا أَنْتِ إِلَّا حَشِيَّتُهُ مِنْ تِسْعِ حَشَايَا خَلَّفَهُنَّ بَعْدَهُ ! لَسْتِ بِأَبْيَضِهِنَّ لَوْناً ولَا بِأَحْسَنِهِنَّ وَجْهاً ولَا بِأَرْشَحِهِنَّ عَرَقاً ، ولَا بِأَنْضَرِهِنَّ وَرَقاً ولَا بِأَطْرَاهُنَّ أَصْلًا ! فَصِرْتِ تَأْمُرِينَ فَتُطَاعِينَ وتَدْعِينَ فَتُجَابِينَ» . (إختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي : ج1، ص57. والفتوح لابن أعثم : ج2، ص337.)
    اذن نستيقن أنّ لقب "الحُمَيراء" الذي أُطلق على عائشة لا يخص لون بشرتها الذي تبين أنّها كانت سوداء اللون أدماء ، وإنّما السبب أمرٌ آخر ، وهو أنّ الحُمَيراء تعني كثيرة الحيض ! يقول ابن منظور في لسان العرب - الجزء (15) - الصفحة (115) :- «شرُّ النِّسَاءِ السُّوَيْداء المِمْراضُ، وشَرٌّ مِنْهَا الحُمَيْراءُ المِحْياضُ» . وذكر أبي حيّان التوحيدي في البصائر والذخائر - الجزء (2) - الصفحة (92) :- «شَرُّ النِّسَاءِ الحُمَيْرَاءُ الْمِحْيَاضُ وَالسُّوَيْداءُ المِمْرَاضُ» . (راجع أيضاً : ربيع الأبرار ونصوص الأخيار للزمخشري : ج5، ص235. وروض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار للأماسي : ص292. وجمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة لأحمد زكي صفوت : ج1، ص68. والمزهر في علوم اللغة وأنواعها للجلال السيوطي : ج2، ص456. وتهذيب اللغة للأزهري : ج8، ص179. والأمالي لأبي علي القالي : ج2، ص256.)
    قد يقول قائل أنّ حُمَيراء قد تعني حِمارة وهنا لا يصح أن يسميها النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بذلك وهو صاحب الخلق العظيم الذي أمر بعدم التنابز بالالقاب ، فمصغر حمارة حميرة وليست حُمَيراء . ولكنه صحّ أن يسميها بالحُمَيراء كما كانت العرب تقول :
    «شَرُّ النِّسَاءِ الحُمَيْرَاءُ الْمِحْيَاضُ وَالسُّوَيْداءُ المِمْرَاضُ» . وعن الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي لابن المبرد - الجزء (2) - الصفحة (143) :- «قوله: (أَحْمَر)، لونٌ مِن الأَلوان معروفٌ، وجَمعُه: حُمْرٌ (هذا إذا أريد به المَصْبُوغ، فإنْ أُرِيد بالأَحْمَر ذُو الحُمْرة، جمع على الأحامر، لأنه اسْمٌ لَا وَصْف) . ويقال في تَثْنيته : أَحْمَران . وفي الحديث : "وأمَّا النِّساء فقد شَغَلَهُم الأَحْمَران" . ويقال في المُؤَنَّث: "حمراء". وفي الحديث: "مَنْ حَمْراء الساقَيْن" ، وتصغَّرُ على حُمَيْرَاءُ. وفي الحديث: "لا تْفعَلي يا حُمَيْرَاء"» .
    فالمرأة التي تمرض كثيراً كان يتحول لونها إلى الأسوداد بسبب المرض ، وهو دليلٌ على كثرة حيضها وعلّتها . والمتأمل في أحاديث الحيض في صحيح البخاري ومسلم وغيره يجد أغلبها إن لم تكن كلها برواية عائشة , كقولها أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يباشرها وهي حائض ! ويضع رأسه في حجرها وهي حائض ! وكان يقرأ القرآن وراسه في حجرها وهي حائض ! وكان يرقد معها في لحاف وهي حائض ! وأنّه كان يصلّي وهي نائمة بجانبه وهي حائض ! وأنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يشرب الإناء ويناولها وهي حائض ! وأنّها حاضت في الحج , وحتى في يوم رحيل النبي كانت حائض تشتكي من رأسها ! ليبدو وكأنّ جلّ وقتها وهي في حيضها .

    ويجب الالتفات إلى أمرٍ آخر هو أنّ الحُمَيراء مؤنث أحيمر ! فلقد قرن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عائشة بالأحيمر الذي هو أشقى الناس ! فعن مستدرك الصحيحين للحاكم - الجزء (3) - الصفحة (151) - الحلقة (٤٦٧٩) :- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَحْرِ بْنِ بَرِّيٍّ، ثنا أَبِي، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا عَلِيُّ بْنُ بَحْرِ بْنِ بَرِّيٍّ، ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خُثَيْمٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَعَلِيٌّ رَفِيقَيْنِ فِي غَزْوَةِ ذِي الْعَشِيرَةِ، فَلَمَّا نَزَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَامَ بِهَا، رَأَيْنَا نَاسًا مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ يَعْمَلُونَ فِي عَيْنٍ لَهُمْ فِي نَخْلٍ، فَقَالَ لِي عَلِيٌّ: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ، هَلْ لَكَ أَنْ تَأْتِيَ هَؤُلَاءِ فَنَنْظُرَ كَيْفَ يَعْمَلُونَ؟ فَجِئْنَاهُمْ، فَنَظَرْنَا إِلَى عَمَلِهِمْ سَاعَةً، ثُمَّ غَشِينَا النَّوْمُ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَعَلِيٌّ فَاضْطَجَعْنَا فِي صُورٍ مِنَ النَّخْلِ فِي دَقْعَاءَ مِنَ التُّرَابِ، فَنِمْنَا فَوَاللَّهِ مَا أَيْقَظَنَا إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُنَا بِرِجْلِهِ وَقَدْ تَتَرَّبْنَا مِنْ تِلْكَ الدَّقْعَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا تُرَابٍ» لِمَا يَرَى عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُحَدِّثُكُمَا بِأَشْقَى النَّاسِ رَجُلَيْنِ؟» قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أُحَيْمِرُ ثَمُودَ الَّذِي عَقَرَ النَّاقَةَ، وَالَّذِي يَضُرُّ بِكَ يَا عَلِيُّ عَلَى هَذِهِ - يَعْنِي قَرْنَهُ - حَتَّى تَبْتَلَّ هَذِهِ مِنَ الدَّمِ - يَعْنِي لِحْيَتَهُ -» هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ . وافق عليه الذهبي في التلخيص . (راجع أيضاً : الجامع الصحيح للسنن والمسانيد لصهيب عبد الجبار : ج15، ص415. وجامع المسانيد والسنن لابن كثير : ج6، 338. ومعرفة الصحابة لأبي نعيم : ج1، ص184. والبخاري في التاريخ الكبير : ج1، ص71. والبداية والنهاية لابن كثير : ج5، ص32. ودلائل النبوة للبيهقي : ج3، ص13. وغاية المقصد في زوائد المسند لنور الدين الهيثمي : ج3، ص375. والأحاديث الواردة في فضائل الصحابة لسعود بن عيد الصاعدي : ج6، ص253. والتاريخ الكبير لابن أبي خيثمة : ج1، ص379. وخصائص علي للنسائي : ص163. وجامع الأحاديث للسيوطي : ج37، ص346. والجامع الصغير وزيادته للسيوطي : ص4354.)
    الوارد في الأحاديث أعلاه هو قول النبي لعلي (صلّى الله عليهما وآلهما وسلّم) بأنّ هناك شقيان يتشابهان في الشقاء : أولهما شقي ثمود أرم ذات العماد ولقبه الأحيمر وهو أشقى الأولين , وثانيهما هو قاتلك ياعلي فهو أشقى الآخرين . وإذن من يحذو حذو أشقى الأولين أحيمر ثمود أرم ذات العماد , سيكون الشقي الآخر وينال لقب شقي الآخرين بقتل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) . ولقد سعت عائشة لقتل أمير المؤمنين علي العظيم (عليه السلام) وخرجت من بيتها الذي أمرت أن تبقى فيه : ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ
    ، فلم تقرّ عائشة ولم تتق الله إذ قال تعالى : ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ . متمردةً على أمير المؤمنين علي العظيم (عليه السلام) متوعدةً بقتله ودحر قواته بحجة المطالبة بدم عثمان , وقد افتت عائشة بقتل عثمان بقولها : «اقْتُلُوا نَعْثلاً فَقَدْ كَفَر! قَتَلَ اللَّهُ نَعْثَلاً لَقَدْ غَيَّرَ سُنَّةَ رَسُول اللَّه» ، ذكر الطبري في تاريخه - الجزء (4) - الصفحة (458) :- «إِنَّ عَائِشَةَ لَمَّا انْتَهَتْ إِلَى سَرِفَ رَاجِعَةً فِي طَرِيقِهَا الى مكة، لقيها عبد بن أُمِّ كِلابٍ- وَهُوَ عَبْدُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، يُنْسَبُ إِلَى أُمِّهِ- فَقَالَتْ لَهُ: مَهْيَمْ؟ قَالَ: قَتَلُوا عُثْمَانَ ، فَمَكَثُوا ثَمَانِيًا، قَالَتْ: ثُمَّ صَنَعُوا مَاذَا؟ قَالَ: أَخَذَهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِالاجْتِمَاعِ، فَجَازَتْ بِهِمُ الأُمُورُ إِلَى خَيْرِ مُجَازٍ، اجْتَمَعُوا عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَيْتَ أَنَّ هَذِهِ انْطَبَقَتْ عَلَى هَذِهِ إِنْ تَمَّ الأَمْرُ لِصَاحِبِكَ! رُدُّونِي رُدُّونِي، فَانْصَرَفَتْ إِلَى مَكَّةَ وَهِيَ تَقُولُ: قُتِلَ وَاللَّهِ عُثْمَانُ مَظْلُومًا، وَاللَّهِ لأَطْلُبَنَّ بِدَمِهِ، فَقَالَ لَهَا ابْنُ أُمِّ كِلابٍ: ولم؟ فو الله إِنَّ أَوَّلُ مَنْ أَمَالَ حَرْفَهُ لأَنْتِ! وَلَقَدْ كُنْتِ تَقُولِينَ: اقْتُلُوا نَعْثَلا فَقَدْ كَفَرَ، قَالَتْ: إِنَّهُمُ اسْتَتَابُوهُ ثُمَّ قَتَلُوهُ، وَقَدْ قُلْتُ وَقَالُوا، وَقَوْلِي الأَخِيرُ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِي الأَوَّلِ، فَقَالَ لَهَا ابْنُ أُمِّ كِلابٍ :
    فَمِنْكِ الْبَدَاءُ وَمِنْكِ الْغِيَرْ
    *** وَمِنْكِ الرِّيَاحُ وَمِنْكِ الْمَطَرْ
    وَأَنْتِ أَمَرْتِ بِقَتْلِ الإِمَامِ
    *** وَقُلْتِ لَنَا إِنَّهُ قَدْ كَفَرْ
    فَهَبْنَا أَطَعْنَاكِ فِي قَتْلِهِ
    *** وَقَاتِلُهُ عِنْدَنَا مَنْ أَمَرْ
    وَلَمْ يَسْقُطِ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِنَا
    *** وَلَمْ تنكسف شَمْسُنَا وَالْقَمَرْ
    وَقَدْ بَايَعَ النَّاسُ ذَا تَدَرّإٍ
    *** يُزِيلُ الشَّبَا وَيُقِيمُ الصَّعَرْ
    وَيَلْبَسُ لِلْحَرْبِ أَثْوَابَهَا
    *** وَمَا مَنْ وَفَى مِثْلَ مَنْ قَدْ غَدَرْ
    فَانْصَرَفَتْ إِلَى مَكَّةَ فَنَزَلَتْ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَصَدَتْ لِلْحِجْرِ ، فَسُتِرَتْ وَاجْتَمَعَ إِلَيْهَا النَّاسُ، فَقَالَتْ: يَا أيُّهَا النَّاس، انّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُومًا، وَوَاللَّهِ لأَطْلُبَنَّ بِدَمِهِ
    » . فقُتِلَ عثمان بتحريضٍ قوي من عائشة ؛ ولسوء إدارته في الحكم وتسليط أرحامه وأقاربه على رقاب الناس كابن خاله عبد الله بن عامر الذي ولّاه العراق وهو ابن ست عشرة سنة (كما ذكر ذلك ابن عبد البر في الاستيعاب : ج2، ص693) . وتوليته للوليد بن عقبة أخوه لأمه الذي ولّاه الكوفة وقد صلّى بالناس صلاة الصبح وهو مخمور ! وقد صلّى بالناس الصبح أربعاً ثم التفت اليهم ، فقال : أزيدكم ؟ فرُفِعَ ذلك إلى ‏عثمان ‏فأمر به أن يجلد . (كما ذكر ذلك أحمد بن حنبل في مسنده : ج2، ص395) . ثم توليته لسعيد بن العاص من أقرباءه الذي كان يتبجح أمام الناس أنّ هذا السواد هو ملك لنا وبستان لقريش ! فناهضه أهل الكوفة وكادوا يحاربوه حتى فرّ هارباً إلى عثمان ، وهكذا غيرهم . ولأمره أيضاً بتعذيب الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) بالضرب المبرح حتّى مات ، وقيامه بنفي الصحابي الجليل ابو ذر الغفاري (رضي الله عنه) من المدينة حتّى مات وحيداً في الصحراء .
    وبعد مقتل عثمان بن عفّان أختار الناس أمير المؤمنين علي العظيم (عليه السلام) وبايعوه وقال : «وَبَايَعَنِي النَّاسُ غَيْرَ مُسْتَكْرَهِينَ وَلَا مُجْبَرِينَ ، بَلْ طَائِعِينَ مُخَيَّرِينَ» . وبعد أن بويع الإمام علي (عليه السلام) انتقل إلى الكوفة ونقل عاصمة الخلافة هناك ، ورأى تأجيل تنفيذ القصاص حتى تستقر الأمور في المدينة وكان كثيرٌ من الصحابة في رأيه ؛ ولأنّ الناس كانوا يشكون سوء الإدارة أيام خلافة عثمان ، فكان الإمام علي (عليه السلام) يحتاج إلى وقت أطول من أجل حل تلك القضية الشائكة . ومن بين المبايعين للإمام علي (عليه السلام) طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام طلبا منه أن يوليهما بعض ولاياته , ولكن الإمام (عليه السلام) قال لهما : «ارْضَيَا بِقِسْمِ اللَّهِ لَكُمَا حَتَّى أَرَى رَأْيِي ، وَاعْلَمَا أَنِّي لَا أُشْرِكُ فِي أَمَانَتِي إِلَّا مَنْ أَرْضَى بِدِينِهِ وَأَمَانَتِهِ مِنْ أَصْحَابِي وَمَنْ قَدْ عَرَفْتُ دَخِيلَهُ» , فداخلهما اليأس من المنصب فاستأذناه للعمرة وخرجا من المدينة الى مكّة ناكثين بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) .
    ولما وصل طلحة والزبير إلى مكّة دخلا على عائشة وأخذا يحرضانها على الخروج , بعد أن التمستْ مِن أُمّ سَلَمَة الخروج فأبتْ ، وسألتْ حفصة فأجابتْ . فشكلت جيشاً وقادت جملاً وخرجت في أوّل نفرٍ من المدينة المنورة (يثرب) ، وسارت مسيرة ليالي وأيام حتى عسكرت في البصرة ، مع الزبير وطلحة الذي كان يعشقها ، وسارت حتى انتهتْ الحَوْءَب وهو ماء ، فصاحت كلابها فقالت عائشة :
    «أَيّ مَاءٍ هَذَا» ؟ فَقِيلَ : «الحَوْءَب» . فَقَالَتْ : «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ وَعِنْدَهُ نِسَاؤه : لَيْتَ شِعْرِي أَيَّتُكُنَّ تَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ؟» . عن الأحاديث المختارة لضياء الدين المقدسي - الجزء (12) - الصفحة (160) - الحلقة (١٧٩) :- أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ دَاوُدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ مَاشَاذَهْ وَغَيْرُهُ، أَنَّ زَاهِرَ بْنَ طَاهِرٍ الشَّحَّامِيَّ أَخْبَرَهُمْ، أَبْنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَغْرِبِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، أَبْنَا جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، ثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَبْنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ عِصَامِ بْنِ قُدَامَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عِنْدَ أَزْوَاجِهِ: «لَيْتَ شِعْرِي أَيَّتُكُنَّ تَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ، يُقْتَلُ عَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ شِمَالِهَا قِيَامٌ مِنَ النَّاسِ، وَمَا كَادَتْ أَنْ تَنْجُوَ» .
    فخرجت عائشة معهما على جملٍ أحمر اللون (في الخبر أنّه عسكر الجني) مطالبةً بدم عثمان والقصاص من الإمام علي العظيم (عليه السلام) , فصادفهم في اثناء الطريق عبد الله بن عامر عامل عثمان على البصرة , قد صرفه أمير المؤمنين (عليه السلام) بحارثة بن قدامة السعدي فرجح لهم البصرة لما فيها من كثرة الضيع والعدة , فتوجهوا نحوها فمانع عنها عثمان بن حنيف والخزّان والموكلون فوقع بينهم القتال , فقال لهم مجاشع بن مسعود :
    «اضْرُبُوهُ وَانْتِفُوا شَعْرَ لِحْيَتِهِ» ! فضربوا عثمان أربعينَ سوطاً ونتفوا شعر لحيته ورأسه وحاجبيه وأشفار عينيه وحبسوه . (تاريخ الطبري : ج4، ص469.)
    فخرج أمير المؤمنين علي العظيم (عليه السلام) طالباً لهم ، فلمّا قرُب من البصرة كتب إلى طلحة والزبيرِ :
    « أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ عَلِمْتُمَا أَنِّي لَمْ أُرِدِ النَّاسَ حَتَّى أَرَادُونِي ، وَلَمْ أُبَايِعْهُمْ حَتَّى أَكْرَهُونِي وَأَنْتُمَا مِمَّنْ أَرَادُوا بَيْعَتِي ، وَبَايَعُوا وَلَمْ تُبَايِعَا لِسُلْطَانٍ غَالِبٍ وَلَا لِغَرَضٍ‏ حَاضِرٍ ، فَإِنْ كُنْتُمَا بَايَعْتُمَا طَائِعَيْنِ فَتُوبَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَمَّا أَنْتُمَا عَلَيْهِ ، وَإِنْ كُنْتُمَا بَايَعْتُمَا مُكْرَهَيْنِ فَقَدْ جَعَلْتُمَا السَّبِيلَ عَلَيْكُمَا بِإِظْهَارِكُمَا الطَّاعَةَ وَإِسْرَارِكُمَا الْمَعْصِيَةَ . وَأَنْتَ يَا زُبَيْرُ فَارِسُ قُرَيْشٍ ، وَأَنْتَ يَا طَلْحَةُ شَيْخُ الْمُهَاجِرِينَ ، وَدَفْعُكُمَا هَذَا الْأَمْرَ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَا فِيهِ كَانَ أَوْسَعَ لَكُمَا مِنْ خُرُوجِكُمَا مِنْهُ بَعْدَ إِقْرَارِكُمَا بِهِ‏ . وَأَمَّا قَوْلُكُمَا إِنِّي قَتَلْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَبَيْنِي وَبَيْنَكُمَا مَنْ تَخَلَّفَ عَنِّي وَعَنْكُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ؟ ثُمَّ يُلْزَمُ كُلُّ امْرِئٍ بِقَدْرِ مَا احْتَمَلَ وَهَؤُلَاءِ بَنُو عُثْمَانَ ! إِنْ قُتِلَ مَظْلُوماً كَمَا تَقُولَانِ أَوْلِيَاؤُهُ وَأَنْتُمَا رَجُلَانِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، وَقَدْ بَايَعْتُمَانِي وَنَقَضْتُمَا بَيْعَتِي وَأَخْرَجْتُمَا أُمَّكُمَا مِنْ بَيْتِهَا الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تَقِرَّ فِيهِ ، وَاللَّهُ حَسِيبُكُمَا وَالسَّلَامُ » .
    وَكَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ :
    « أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّكِ خَرَجْتِ مِنْ بَيْتِكِ عَاصِيَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ ، تَطْلُبِينَ أَمْراً كَانَ عَنْكِ مَوْضُوعاً ثُمَّ تَزْعُمِينَ أَنَّكِ تُرِيدِينَ الْإِصْلَاحَ بَيْنَ النَّاسِ ! فَخَبِّرِينِي مَا لِلنِّسَاءِ وَقَوْدِ الْعَسَاكِرِ ؟! وَزَعَمْتِ أَنَّكِ طَالِبَةٌ بِدَمِ عُثْمَانَ وَعُثْمَانُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَأَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ ، وَلَعَمْرِي إِنَّ الَّذِي عَرَضَكِ لِلْبَلَاءِ وَحَمَلَكِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ لَأَعْظَمُ إِلَيْكِ ذَنْباً مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ ، وَمَا غَضِبْتِ حَتَّى أَغْضَبْتِ وَلَا هِجْتِ حَتَّى هَيَّجْتِ فَاتَّقِي اللَّهَ يَا عَائِشَةُ وَارْجِعِي إِلَى مَنْزِلِكِ وَأَسْبِلِي عَلَيْكِ سِتْرَكِ وَالسَّلَامُ » .
    فَجَاءَ الْجَوَابُ إِلَيْهِ :
    « يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ جَلَّ الْأَمْرُ عَنِ الْعِتَابِ ! وَلَنْ نَدْخُلَ فِي طَاعَتِكَ أَبَداً فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ‏ وَالسَّلَامُ » . (الفتوح لابن أعثم : ج2، ص465،301 . وراجع البحار : ج32، ص125، عن كشف الغمة) .
    فلمّا جاء الجواب وسمع أمير المؤمنين (عليه السلام) بوصولهم جهّز جيشاً وخرج إلى البصرة , وخطب (عليه السلام) فقال :
    « اَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ عائِشَةَ سَارَتْ إِلَى الْبَصْرَةِ ، وَمَعَها طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ ، وَكُلٌّ مِنْهُما يَرَى الْأَمْرَ لَهُ دوُنَ صاحِبِهِ ، أَمَّا طَلْحَةُ فَابْنُ عَمِّها ، وَأَمَّا الزُّبَيْرُ فَخَتَنُها ، وَاللَّهِ لَوْ ظَفَرُوا بِما اَرادُوا - وَلَنْ يَنالوُا ذلِكَ اَبَداً - لَيَضْرِبَنَّ أَحَدُهُما عُنُقَ صاحِبِهِ بَعْدَ تَنازُعٍ مِنْهما شَديدٍ . وَاللَّهِ إِنَّ رَاكِبَةَ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ ما تَقْطَعُ عَقَبَةً وَلَا عُقْدَةً إِلاَّ فِي‏ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ ، حَتّى‏ تُورِدَ نَفْسَها وَمَنْ مَعَها مَوارِدَ الْهَلَكَةِ ، أي‏ وَاللَّهِ لَيُقْتَلَنَّ ثُلْثُهُمْ وَلَيَهْرِبَنَّ ثُلْثُهُمْ وَلَيَتُوبَنَّ ثُلْثُهُمْ ، وَأَنَّهَا الَّتِي‏ تَنْبَحُها كِلَابُ الْحَوْأَبِ ، وَأَنَّهُما لَيَعْلَمَانِ أَنَّهُما مُخْطِئَانِ . وَرُبَّ عَالِمٍ قَتَلَهُ جَهْلُهُ وَمَعَهُ عِلْمٌ لا يَنْفَعُهُ ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكيلُ ، فَقَدْ قَامَتِ الْفِتْنَةُ وَفيهَا الْفِئَةُ الْباغِيَةُ ، أَيْنَ الْمُحْتَسِبُونَ ؟ أَيْنَ الْمُؤْمِنُونَ ؟ مَا لِي‏ وَلِقُرَيْشٍ ؟ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ قَتَلْتُهُمْ كَافِرينَ وَلَأَقْتُلَنَّهُمْ مَفْتوُنينَ ، وَما لَنَا إِلى‏ عَائِشَةَ مِنْ ذَنْبٍ إِلَّا أَنَّا أَدْخَلْنَاهَا فِي‏ حَيِّزِنَا ، وَاللَّهِ لَأَبْقِرَنَّ الْبَاطِلَ حَتَّى‏ يَظْهَرَ الْحَقُّ مِنْ خَاصِرَتِهِ ، فَقُلْ لِقُرَيْشٍ فَلْتَضِجَّ ضَجِيجَهَا » . (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج١، ص233. وراجع أيضاً جمهرة خطب العرب لأحمد زكي صفوت : ج1، ص287.)
    وحقاً تمّ الأمر كما خططت له عائشة بمؤازرة صاحبيها طلحة والزبير ، وحدثت موقعة الجمل بين جيشها وبين جيش أمير المؤمنين علي العظيم (عليه السلام) , وقد شارك في قيادة جيش أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) عمّار بن ياسر والأشتر النخعي وعبد الله بن عباس ومحمد بن أبي بكر (رضي الله عنهم وأرضاهم) . أما أصحاب الجمل فعائشة وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام . فنشبت الحرب وأسفرت عن قتل ثلاثة عشر ألف رجلاً من أصحاب الجمل , وخمسة آلاف رجلٍ من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وانتهت بانكسار جيش أصحاب الجمل . وقد أجمعت النصوص التاريخيّة أنّ قتلى معركة الجمل من جيش الإمام عليّ (عليه السلام) خمسة آلاف (5000)‏ : (تاريخ الطبري : ج4، ص539. والعقد الفريد : ج3، ص324 . والكامل في التاريخ : ج2، ص346 . ومروج الذهب : ج2، ص360 . والبداية والنهاية : ج7، ص245) . ولكن هناك اختلافٌ كبيرٌ بين النصوص حول عدد قتلى معركة الجمل من جيش عائشة ، فقد ذكرت بعض الأخبار التاريخيّة أنّ عدد من قُتِلَ منهم عشرون ألفاً (العقد الفريد : ج3، ص324.) ، بينما جاء في أخبار أُخرى أنّه قُتِلَ منهم ثلاثة عشر ألفاً (تاريخ الطبري : ج4، ص539.) ، وعلى خبرٍ آخر عشرة آلاف‏ (الكامل في التاريخ : ج2، ص346.)
    وبعد انقضاء الحرب وخسارة عائشة جاء أمير المؤمنين علي العظيم (عليه السلام) بذاته حتى وقف أمامها وضرب الهودج بالقضيب وقال :
    «يَا حُمَيْرَاءَ ! هَلْ رَسولُ اللَّهِ أَمَرَكِ بِهَذَا الخُروجِ عَليَّ ؟ أَلَمْ يَأْمُرُكِ أَنْ تُقِرّي فِي بَيْتِكِ ؟ وَاللَّهِ مَا أَنَّصَفَكِ الْلَّذَيْنِ أَخْرَجُوكِ مِنْ بَيْتِكِ ! إِذْ صَانُوا حَلَائِلَهُمْ وَأَبْرَزُوكِ» . (الجمل لضامن بن شدقم المدني : ص146. وغرر الخصائص الواضحة : ص418.) تأمل قول امير المؤمنين لعائشة : (يا حميراء!) ولم يقل يا بنت أبي بكرٍ ولا قال يا أم المسلمين ولم يقل يا أخت اسماء ولم يقل يا زوجة خاتم الانبياء ! فعائشة حذت حذو أحيمر ثمود إرم وكادت أن تكون أشقى الآخرين ، فهي الحميراء التي ناداها النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بهذا اللقب ، وحدثها بأنّها قد تسعى لقتل أمير المؤمنين وتخرج عليه كما في الحديث عن المستدرك على الصحيحين للحاكم - الجزء (3) - الصفحة (129) - الحلقة (٤٦١٠) :- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَفِيدُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، ثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُرُوجَ بَعْضِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، فَضَحِكَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَ: «انْظُرِي يَا حُمَيْرَاءُ، أَنْ لَا تَكُونِي أَنْتِ» ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ:«إِنْ وُلِّيتَ مِنْ أَمْرِهَا شَيْئًا فَارْفُقْ بِهَا» .
    والمعنى بخروج بعض أمهات المؤمنين أنّه سيخرج منهن من تسعى للحرب والمعني بذلك عائشة ، ولذلك ضحكت لتلك النبوءة التي بدت لها أنّها غير قابلة للحصول , ولكن النبي الكريم يستدرك تلك الضحكة بقوله له :
    «انْظُرِي يَا حُمَيْرَاءُ، أَنْ لَا تَكُونِي أَنْتِ» . أنّه يُسميها بالحميراء في هذا السند الصحيح , ثم يلتفت الى علي العظيم (عليه السلام) ويقول : «إِنْ وُلِّيتَ مِنْ أَمْرِهَا شَيْئًا فَارْفُقْ بِهَا» ، وهو ما تحقق بعد معركة الجمل . فالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سماها بالحُمَيراء تشبيهاً لها بأحيمر ثمود أرم , فاشقى الآخرين هو قاتل أمير المؤمنين علي العظيم (عليه السلام) ، ومن يحذو حذو ذلك ، فنادها النبي مُحَمّد العظيم بالحُمَيراء . وبالفعل فقد جاء في أنساب الأشراف للبلاذري - الجزء (2) - الصفحة (249) :- «وَانْتَهَى عَلِيٌّ إِلَى الهَوْدَجِ فَضَرَبَهُ بِرُمْحِهِ وَقَالَ : كَيْفَ رَأَيَتِ صَنِيعَ اللَّهِ بِكِ يَا أُخْتَ إِرْم ؟ فَقَالَتْ : مَلَكَتَ فأَسْجَحْ ! ثُمَّ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ : انْطَلِقْ بِأُخْتِكَ فَأَدْخَلَها البَصْرَة . فَأَنْزَلَهَا مُحَمَّدٌ فِي دَارِ صَفيَّةَ بِنْتُ الحَرْثِ بْنِ طَلْحَةَ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ العَبْدَري ، وَهِيَ أُم طَلْحَةَ الطَّلْحَاتِ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن خَلَفَ الخُزَاعِي ، فَمَكَثْتْ بِهَا أَيَّامًا ثُمَّ أَمَرَهَا عَلِيّ بِالرِّحْلَةِ ، فَاسْتَأْجَلَتَهُ أَيَّامًا فَأَجَلّهَا ، فَلَمَّا انْقَضَى الْأَجَلُ أَزْعَجَها فَخَرَجَتْ إِلَى المَدينَةِ فِي نِساءٍ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ وَرِجال مِنْ قَبْلِهِ حَتَّى نَزَلَت المَدينَة ، وَكَانَتْ تَقولُ إِذَا ذَكَرَتْ يَوْمَ الْجَمَلِ : وَددْتُ أَنِّي مِتُّ قَبْلَهُ بِكَذَا وَكَذَا عَامًا» . وَعَنْ إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ حَاطِبٍ قَالَ: أَقْبَلْتُ مَعَ عَلِيٍّ يَوْمَ الْجَمَلِ إِلَى الْهَوْدَجِ وَكَأَنَّهُ شَوْكُ قُنْفُذٍ مِنَ النَّبْلِ، فَضَرَبَ الْهَوْدَجَ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ حُمَيْرَاءَ إِرَمَ هَذِهِ أَرَادَتْ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلَتْ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ» .
    وهكذا استحقت عائشة لقب حُمَيراء أرم , فإن كان أحيمر ثمود قد قتل ناقة وفصيلها , فأنّ حُمَيراء قريش قتلت الآلاف من المسلمين في يومين ولا زال الدماء تجري إلى يومنا هذا بسببها وسبب حزبها وانصارها , فاستحقت لقب الحُمَيراء ، بالإضافة إلى كثرة حيضها واحمرار ساقيها كما أسلفنا بيان ذلك ! فكان دم حيضها الغزير له علامة ربانيّة على دماء المسلمين التي ستكون عائشة سبباً رئيسياً في اراقتها وافتعال فتنتها . بل لدرجة أنّ عائشة تمنت أن تكون حِيضةً مُلقاةً ! والحِيضة هي الخِرقة التي تستثفر بها المرأة ، وهي الفوطة النسائية في وقتنا الحالي ! حيث قالت عائشة في حديثٍ صحيحٍ متواتر : «لَيْتَنِي كُنْتُ حِيضَةً مُلْقَاةً» . (راجع : مختار الصحاح للرازي اللغوي : ص86. وموسوعة التفسير المأثور : ج14، ص72. والصحاح في اللغة والعلوم للجوهري أبو نصر : ص1178. وتفسير سفيان الثوري : ص183. وتاج اللغة وصحاح العربية للجوهري أبو نصر : ج3، ص1073. وغريب الحديث لأبو عبيد : ج4،ص110. وشرح سنن أبي داود لابن رسلان : ج1، ص518. والنهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير : ج1، ص469. واللباب في علوم الكتاب لابن عادل : ج4، ص64. وتفسير القرطبي : ج3، ص81. ولسان العرب لابن منظور : ج7، ص143.)
    فبالله عليكم أيها المسلمين وخاصةً ابناء عائشة الحُمَيراء من مذاهب السنة والجماعة وغيرهم : أهذه أمكم التي تفتخرون بها وتُحرقون الأخضر واليابس من أجلها وترفضون كل آية صريحةٍ وحديث صحيح يُبين حقيقتها لكم ؟! هل ترضون أن نقول لكم يا أبناء الحُمَيراء ؟! أو نقول لكم يا أبناء خِرقة الحيض ؟! أو نقولها علناً لكم يا أبناء من تمنت أن تكون فوطةً نسائية ؟! تداركوا أنفسكم قبل فوات الأوان وكونوا مع أهل بيتٍ طهرهم الله من الرجس تطهيراً ، ذكرهم صلبه شامخ نبعت منه أشبال الأسود مثل علي العظيم والحسنان وأنثاهم رحمها طاهرٌ لم تر قط أي حُمَرة في حياتها مثل فاطمة الزهراء . فعن المستدرك على الصحيحين للحاكم - الجزء (2) - الصفحة (373) - الحلقة (3312) :- أَخْبَرَنَا مَيْمُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، ثنا الْمُفَضَّلُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَنَشٍ الْكِنَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ، يَقُولُ: وَهُوَ آخِذٌ بِبَابِ الْكَعْبَةِ: أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عَرَفَنِي فَأَنَا مَنْ عَرَفْتُمْ، وَمَنْ أَنْكَرَنِي فَأَنَا أَبُو ذَرٍّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
    «مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي مَثَلُ سَفِينَةِ نُوحٍ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا، وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ» . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ .
    فشتان بين عائشة الحُمَيراء التي كان يباشرها النبي وهي حائض ويضع رأسه في حجرها وهي حائض ! وكان يقرأ القرآن وراسه في حجرها وهي حائض ! وكان يرقد معها في لحاف وهي حائض ! وأنّه كان يصلّي وهي نائمة بجانبه وهي حائض ! وأنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يشرب الإناء ويناولها وهي حائض ! وأنّها حاضت في الحج , وحتى في يوم رحيل النبي كانت حائض تشتكي من رأسها ! ليبدو وكأنّ جلّ وقتها وهي في الحيض والقذارة بحسب صحاح السنّة والجماعة ! وبين فاطمة الزهراء التي لم ترَ قط حُمَرةً دم أو قذارة طيلة حياتها ، التي أوصانا الله تعالى في حبّها لأنّها من ذوي القربى الذينّ أوصانا الله بالمودّة لهم . عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ سُئِلَ : مَا الْبَتُولُ ؟ فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
    «الَّتِي لَمْ تَرَ حُمْرَةً قَطُّ وَلَمْ تَحِضْ ؛ فَإِنَّ الْحَيْضَ مَكْرُوهٌ فِي بَنَاتِ الْأَنْبِيَاءِ» . وَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لِعَائِشَةَ : «يَا حُمَيْرَاءُ ، إِنَّ فَاطِمَةَ لَيْسَتْ كَنِسَاءِ الْآدَمِيِّينَ ، لَا تَعْتَلُّ كَمَا تَعْتَلِلْنَ» . وَعَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ : «أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) سُئِلَ : مَا الْبَتُولُ ؟ فَإِنَّا سَمِعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَقُولُ إِنَّ مَرْيَمَ بَتُولٌ وَفَاطِمَةَ بَتُولٌ . فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : الْبَتُولُ الَّتِي لَمْ تَرَ حُمْرَةً قَطُّ ، أَيْ لَمْ تَحِضْ ؛ فَإِنَّ الْحَيْضَ مَكْرُوهٌ فِي بَنَاتِ الْأَنْبِيَاءِ» . وَعَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ آبَائِهِ قَالَ : «إِنَّمَا سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ الطَّاهِرَةَ ؛ لِطَهَارَتِهَا مِنْ كُلِّ دَنَسٍ وَطَهَارَتِهَا مِنْ كُلِّ رَفَثٍ ، وَمَا رَأَتْ قَطُّ يَوْماً حُمْرَةً وَلَا نِفَاساً» . وَعَنْ أَسْمَاءٍ قَالَتْ : «قَبِلْتُ أَيْ وَلَّدْتُ فَاطِمَةَ بِالْحَسَنِ ، فَلَمْ أَرَ لَهَا دَماً ! فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ ، إِنِّي لَمْ أَرَ لَهَا دَماً فِي حَيْضٍ وَلاَ نِفَاسٍ» ؟! فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اِبْنَتِي طَاهِرَةٌ مُطَهَّرَةٌ ، لاَ يُرَى لَهَا دَمٌ فِي طَمْثٍ وَلاَ وِلاَدَةٍ» . وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : «إِنَّ ابْنَتِي فَاطِمَةَ حَوْرَاءُ إِذْ لَمْ تَحُضَّ وَلَمْ تَطْمِثْ ، وَإِنَّمَا سَمَّاهَا فَاطِمَةَ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَطَمَهَا وَمُحِبِّيهَا عَنْ النَّارِ» .
    وللمزيد حول آية التطهير :-
    https://justpaste.it/3p1mi

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	====.jpg 
مشاهدات:	813 
الحجم:	678.8 كيلوبايت 
الهوية:	950986
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X