إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإنسانُ السَّوِيُّ:25- النَّفْسُ اَلْكُلِّيَّةُ اَلْإِلَهِيَّةُ :-

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإنسانُ السَّوِيُّ:25- النَّفْسُ اَلْكُلِّيَّةُ اَلْإِلَهِيَّةُ :-

    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
    اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
    السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ

    حَديث‌ُ الإعرابي‌ِّ الّذي‌ سأل‌َ أميرَ المؤمنين‌َ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) عَن‌ِ النَّفْس‌ِ فَقَالَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): ( أَيَّ الاْنْفُسِ تَسْأَلُ؟
    فَقَالَ: يَا مَوْلاَيَ هَلِ الاْنْفُسُ عَدِيدَةٌ؟
    فَقَالَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): نَفْسٌ نَامِيَةٌ نَبَاتِيَّةٌ وَحِسِّيَّةٌ حَيْوَانِيَّةٌ وَنَاطِقَةٌ قُدْسِيَّةٌ وَإِلهِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ مَلَكُوتِيَّةٌ.
    ثمّ إنّ الاعرابي‌ّ سأل‌ عن‌ كلّ من‌ الانفس‌ النامية‌ النباتيّة‌، الحسيّة‌ الحيوانيّة‌، والناطقة‌ القدسيّة‌، فكان‌ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) يجيبه‌ قال‌: يَا مَوْلايَ مَا النَّامِيةُ النَّباتيَّةُ؟ قَالَ علیهِ السَّلاَمُ: قُوَّةٌ أَصْلُهَا الطَّبايِعُ الاْربَعُ، بَدْوُ إِيجَادِهَا عِندَ مَسْقَطِ النُّطْفَةِ، مَقَرُّهَا الْكَبِدُ، مَادَّتُهَا مِنْ لَطَائِفِ الاْغْذِيَةِ، فِعْلُهَا النُموُّ والزِّيَادَةُ، سَبَبُ افْتِراقِهَا اخْتِلاَفُ الْمُتَولِّدات‌؛ فَإذَا فَارَقَتْ عَادَتْ إلی مَا مِنْهُ بَدَتْ، عَوْدَ مُمَازَجةٍ لاَعَوْدَ مُجَاوَرَةٍ.
    فَقالَ: يَا مَوْلاَي‌ مَا النَّفْسُ الْحَيْوَانِيَّةُ؟ قَالَ علیه‌ السَّلاَمُ: قُوَّةٌ فَلَكِيَّةٌ وَحَرَارَةٌ غَرِيزِيَّةٌ أَصْلُهَا الاْفْلاَكُ. بَدْوُ إِيجَادِهَا عِنْدَ الْوِلاَدَةِ الجِسْمَانِيَّةِ، فِعْلُهَا الْقُوَّةُ والْحَرَكَةُ وَالظُّلْمُ وَالغَلَبَةُ وَاكْتِسَابُ الشَّهَوَاتِ الدُّنْيَويّةِ، مَقَرُّهَا الْقَلْبُ. سَبَبُ افْتِرَاقِهَا اخْتِلاَفُ المُتولّداتِ، فَإذَا فَارَقَتْ عَادَتْ إلی مَا مِنْهُ بَدَتْ عَوْدَ مُمَازَجَةٍ لاَ عَوْدَ مُجَاوَرَةٍ فَتَنْعَدِم‌ صُورَتُهَا وَيَبْطُلُ فِعْلُهَا وَوُجُودُهَا وَيَضْمَحِلُّ تَركيبُهَا.
    فقال‌: ما النَّفْسُ النَّاطِقَةُ القُدْسِيَّةُ؟ قَالَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): قُوَّةٌ لاَهُوتِيَّةٌ بَدْوُ إِيجَادِهَا عِنْدَ الوِلاَدَةِ الدُّنْيويَّةِ، مَقَرُّهَا الْعُلُومُ الْحَقِيقيّةُ، مَوَادُّهَا التَّأْيِيدَاتُ الْعَقْلِيّةُ، فِعْلُهَا الْمَعَارِفُ الربّانِيَّةُ سَبَبُ فِرَاقِهَا تَحلُّلُ الآلاتِ الجِسْمَانِيَّةِ؛ فَإذَا فَارَقَتْ عَادَتْ إلی مَا مِنْهُ بَدَتْ، عَوْدَ مُجَاوَرَةٍ لاَعَوْدَ مُجَاوَزَةٍ.. حتّى إذا ما سأله‌ عن‌ الإلهيّة‌ الكلّيّة‌ الملكوتيّة‌ أجابه‌ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) بهذه‌ الكيفيّة‌:
    فَقَالَ: مَاالنَّفْسُ الإلهِيَّةُ الْمَلَكُوتِيَّةُ الْكُلِّيَّةُ ؟
    فَقَالَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): قُوَّةٌ لاَهُوتِيَّةٌ وَجُوْهَرَةٌ بَسِيطَةٌ حَيَّةٌ بِالذَّاتِ، أَصْلُهَا الْعَقْلُ مِنْهُ بَدَتْ وَعَنْهُ دَعَتْ وَإِلَيْةِ دَلَّتْ؛ وَعَوْدَهَا إلَيْهِ إِذَا أَكْمَلَتْ وَشَابَهَتْ وَمِنْهَا بَدَتِ الْمَوْجُودَاتُ وَإِلَيْهَا تَعُودُ بِالْكَمَالِ. وَهِيَ ذَاتُ الْعلیا وَشَجَرَةُ طُوبَي‌ وَسِدْرَةُ الْمُنْتَهَي‌ وَجَنَّةُ الْمَأْوَي‌؛ مَنْ عَرَفَهَا لَمْ يَشْقَ أَبَدَاً وَمَنْ جَهِلَهَا ضَلَّ وَغَوَي‌.
    فَقَالَ السَّائِلُ: مَا الْعَقْلُ؟

    قَالَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): جَوْهَرٌ دَرَّاكٌ مُحِيطٌ بِالاْشْيَاءِ عَنْ جَمِيعِ جِهَاتِهَا عَارِفٌ بِالشَّيْءِ قَبْلَ كَوْنِهِ؛ فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْمَوْجُودَاتِ وَنَهَايَةُ الْمَطَالِبِ ،شرح‌ دعاء الصباح‌، للسبزواري‌ّ قدّس‌ سرّه‌، ص‌ 45 و 46.
    قَالَ كُمَيْلُ: سَأَلْتُ مَوْلاَنَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ علیاً (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فَقُلْتُ: ( أُرِيدُ أَنْ تُعَرِّفَنِي‌ بِنَفْسِي‌!
    قَالَ: (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): يَا كُمَيْلُ إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةٌ: النَّامِيَةُ النَّبَاتِيَّةُ، وَالْحِسِّيَّةُ الْحَيْوَانِيَةُ، وَالنَّاطِقَةُ الْقُدسِيَّةُ، وَالْكُلِّيَّةُ الإلَهِيَّةُ.
    ثمّ يبيّن‌ أميرُ المؤمنين‌َ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)‌ كُلاّ منَ‌ القِوى‌ الخمسِ‌ لهذهِ‌ النُّفوسُ‌ وخاصيّتها ، حتّى‌ يصلُ‌ إلَی النَّفسِ‌ الكُلّيّة‌ِ الإلهيّةِ‌ فيقولُ‌:
    وَالْكُلِّيَّةُ الإلَهِيَّةُ وَلَهَا خَمْسُ قُوى: بَقَاءٌ فِي‌ فَنَاءٍ، وَنَعِيمٌ فِي‌ شَقَاءٍ وَعِزُّ فِي‌ ذُلٍّ، وَغِنيً فِي‌ فَقْرٍ، وَصَبْرٌ فِي‌ بَلاَءٍ.
    وَلَهَا خَاصِّيتَّانِ: الرِّضَا وَالتَّسْلِيمُ.
    وَهَذِهِ الَّتِي‌ مَبْدَؤهَا مِنَ اللَهِ وَإِلَيْهِ تَعُودُ؛ قَالَ اللَهُ تَعَالَى:

    ﴿ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن‌ رُّوحِي‌ ﴾؛ ، وَالْعَقْلُ وَسَطُ الكُلِّ )،شرح‌ُ دعاءِ الصَّباحِ‌ ، للسبزواري‌ّ قدّس‌ سرّه‌، ص‌ 44 و 45. قال الله تعالى : ﴿ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ﴾، سُورَةُ الحِجْرِ ،الآية 29. وقال تعالى : ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ *ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ * رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ﴾، سُورَةُ الفَجْرِ ، الآيات27 – 29، والعقلُ وسطُ الكُلِّ ، لكيلَا يقولُ أحدُكُم شيئاً منَ الخيرِ والشَرِّ إلَّا بقياسٍ معقولٍ . مُستدرَكُ نهجِ البَلاغَةِ ، ص 159 .
    ومركزُ النَّفْسِ الأخيرةِ ﴿ الْمُطْمَئِنَّةُ في القَلبِ ، لقولِهِ تَعالَى : ﴿ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ﴾، سُورَةُ النَّحْلِ ،الآية 106 . وفي هذهِ النَّفْسِ تَحصَلُ الفيوضاتُ الإلهيَّةِ و الإلهاماتِ العَلويَّةِ، ومنْهَا العِلمُ الَّلدُّني الّذي يعلمُهُ الإنسانُ بدونِ مُعلمٍ ، أي لَا يأتي عنْ طريقِ العَقلِ والحَواسِ، بلْ ينزلُ منْ عندِ اللهِ مباشرةً علَى القلبِ، فيعيِهِ ويشرقُ بِهِ ولَا يعودُ ينساهُ.
    ومثلُ ذلكَ مَا كانَ يحدثُ للنَّبيِّ(صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)عندمَا كانَ ينزلُ الوَحي علَى قلبِهِ ، يقولُ تَعالَى : ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ﴾، سُورَةُ الشُّعراءِ ،الآيتان 193، 194.
    أي‌ أنّ قَوامُ‌ هذهِ‌ النَّفوسِ‌ بالعَقلِ‌؛ يرتبطُ‌ بِهِ‌ وجودُهَا كمَا ترتبطُ‌ الدَّائرَةُ‌ بمحورِهَا الّذي‌ تدورُ علیهِ .‌
    وأنّ النَّفْسَ الكُلَّيّةِ الإلهيّةِ وإنْ كانتْ طَليعةُ وجودِهَا مِنْ مادّةٍ صافيَّةٍ في كمالِ النَّقاوةِ إلّا أنّ هذهِ النَّفْسُ لكمالِ روحانيّتِهَا وعلوِّ شأنِهَا قريبةُ الأفُقِ بعالمِ المُجرّداتِ وقطّانُ عالمِ الجَبَروتِ ، فهَي مُلِّحقةٌ بالآباءِ العلويّةِ والجهاتِ الفاعليّةِ ، لَا الامّهاتِ السُفليّةِ والحيثيّاتِ القابليّةِ .

    فالظاهرُ أنَّهَا تُحملُ علَى روحِ الإيمانِ الّتي يؤيدُ اللهُ بهَا تَعالَى خاصةً عبادَهُ المؤمنينَ منْ أهلِ الإخلاصِ فيصيرُ المؤمنُ بهَا ناظراً بنورِ اللهِ.
    ثم إعلم أنَّ مَثلَ النَّفسِ الكُلِّيَّةِ كَجنسِ الأجناسِ، والأنفسَ البَسيطَةِ كالأنواعِ لهَا، والأنفسَ الّتي دونَهَا كنوعِ الأنواعِ، والأنفسَ الجزئيَّةِ كالأشخاصِ؛ مُرتَبَةٌ بَعضُهَا تحتَ بعضٍ كترتيبِ العَدَّدِ.
    فالنَّفْسُ اَلْكُلِّيَّةُ كالواحدِ، و النَّفْسُ البَسيطةُ كالآحادِ، و النَّفْسُ الجِنسيَّةُ كالعَشراتِ، و النَّفْسُ النَّوعيَّةُ كالمئاتِ، والأنفسُ الجُّزئيَّةُ الشَّخصيَّةُ كالألوفِ؛ وهي الّتي تختصُّ بتدبيرِ جُزئياتِ الأجسامِ والأنفسُ النَّوعيَّةُ مؤيدةٌ لهَا، و النَّفْسُ الجِنسيَّةُ مؤيدة ٌللنَّوعيَّةِ، والنُّفوسُ البَسيطَةُ مؤيدةٌ للجِنسيَّةِ.

    فالنَّفْسُ اَلْكُلِّيَّةُ الّتي هيَ نفسُ العَالمُ مؤيدةٌ للنَّفْوسِ البَسيطَةِ، والعقلُ الكُلِّيُّ مؤيدٌ للنَّفْسِ الكُلِّيَّةِ، والبَاري — جَلَّ ثَناؤُهُ — مؤيدٌ للعَقلِ الكُلِّيِّ؛ فهَو مُبدِعُهَا كُلَّهَا ومُدبِّرٌ لَهَا منْ غيرِ مُمَازَجَةٍ لهَا ولَا مباشرةٍ، فَتَبَارَكُ اللهُ أَحسَنُ الخَالقِيِنَ.


المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X