إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفَرقُ بينَ مَوقِفِ مُسْلِمِ(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) و مَوقِفِ بْنُ زِيَادٍ:-

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفَرقُ بينَ مَوقِفِ مُسْلِمِ(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) و مَوقِفِ بْنُ زِيَادٍ:-

    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
    اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
    السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ اللهِ وَبَرَكآتُهْ


    إزْدَادُ مُسْلِمُ إيماناً ووثوقاً بنجاحِ الدَّعوَةِ حِينَمَا بَايَعَهُ ذَلكَ العَدَّدُ الهَائِلُ منْ أهلِ اَلْكُوفَةِ ، فكتب للإمام(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) يَستَحِثّه فيهَا علَى القُدُومِ إليهِم بِرسَالَةِ هذا نَصُّها :
    ( فإنَّ الرَائدَ لَا يُكذُبُ أهلَهُ ، وقدْ بَايعنَي من أهلاَلْكُوفَةِ ثمانيةُ عشرٍ ألفَا ، فَعَجِّلْ حَينَ يأتيَكَ كِتَابِي ، فإنَّ النَّاسَ كُلُّهُم مَعكَ ، ليسَ لَهُم في آلِ مَعاويَّةَ رأيُّ وَلَا هَوَى)، تأريخُ الطَّبري ،ج 6 ، ص 211 .
    أمَّا موقفُ النُّعمانُ بنُ بَشيرٍ – والي اَلْكُوفَةَ – مٍنَ الثَّورةِ فقَدْ كانَ مُوقفاً يَتَّسِمُ باللِّينِ والتَّسامحِ ودليلُ هذا فَبَلَغَ ذَلِكَ (وَ أَقْبَلَتِ اَلشِّيعَةُ تَخْتَلِفُ إِلَى مُسْلِمٌ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، فَلَمَّا اِجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ قَرَأَ عَلَيْهِمْ كِتَابَ اَلْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فَأَخَذُوا يَبْكُونَ. [وَ] قَامَ عَابِسُ بْنُ أَبِي شَبِيبٍ اَلشَّاكِرِيُّ ، فَحَمِدَ اَللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي لاَ أُخْبِرُكَ عَنِ اَلنَّاسِ، وَ لاَ أَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِهِمْ، وَ مَا أُغِرُّكَ مِنْهُمْ، وَ اَللَّهِ لَأُحَدِثَنَّكَ عَمَّا أَنَا مُوَطِّنٌ نَفْسِي عَلَيْهِ؛ وَ اَللَّهِ لَأُجِيبَنَّكُمْ إِذَا دَعَوْتُمْ، وَ لَأُقَاتِلَنَّ مَعَكُمْ عَدُوَّكُمْ، وَ لَأَضْرِبَنَّ بِسَيْفِي دُونَكُمْ حَتَّى أَلْقَى اَللَّهَ، لاَ أُرِيدُ بِذَلِكَ إِلاَّ مَا عِنْدَ اَللَّهِ». فَقَامَ حَبِيبُ بْنُ مُظَاهِرٍ اَلْفَقْعَسِيُّ [اَلْأَسَدِيُّ] فَقَالَ: «رَحِمَكَ اَللَّهُ؛ قَدْ قَضَيْتَ مَا فِي نَفْسِكَ بِوَاجِزٍ مِنْ قَوْلِكَ». ثُمَّ قَالَ: «وَ أَنَا - وَ اَللَّهِ اَلَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ - عَلَى مِثْلِ مَا هَذَا عَلَيْهِ». ثُمَّ قَالَ اَلْحَنَفِيُّ مِثْلَ ذَلِكَ. وَ اِخْتَلَفَتِ اَلشِّيعَةُ إِلَيْهِ حَتَّى عُلِمَ مَكَانُهُ)، اَلنُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ ، [فَخَرَجَ] فَصَعِدَ اَلْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اَللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ؛ فَاتَّقُوا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ، وَ لاَ تُسَارِعُوا إِلَى اَلْفِتْنَةِ وَ اَلْفُرْقَةِ، فَإِنَّ فِيهِمَا يَهْلِكُ اَلرِّجَالُ، وَ تُسْفَكُ اَلدِّمَاءُ، وَ تُغْصَبُ اَلْأَمْوَالُ... إِنِّي لَمْ أُقَاتِلْ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْنِي، وَ لاَ أَثِبُ عَلَى مَنْ لاَ يَثِبُ عَلَيَّ، وَ لاَ أُشَاتِمُكُمْ، وَ لاَ أَتَحَرَّشُ بِكُمْ، وَ لاَ آخُذُ بِالْقَذْفِ وَ لاَ اَلظِّنَّةِ وَ لاَ اَلتُّهَمَةِ، وَ لَكِنَّكُمْ إِنْ أَبْدَيْتُمْ صَفْحَتَكُمْ لِي، وَ نَكَثْتُمْ بَيْعَتَكُمْ وَ خَالَفْتُمْ إِمَامَكُمْ، فَوَ اَللَّهِ اَلَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ لَأَضْرِبَنَّكُمْ بِسَيْفِي مَا ثَبَتَ قَائِمُهُ فِي يَدِي وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِي مِنْكُمْ نَاصِرٌ! أَمَا إِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ مَنْ يَعْرِفُ اَلْحَقَّ مِنْكُمْ أَكْثَرَ مِمَّنْ يُردِيهِ اَلْبَاطِلُ». فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ سَعِيدٍ اَلْحَضْرَمِيُّ - حَلِيفُ بَنِي أُمَيَّةَ - فَقَالَ: إِنَّهُ لاَ يُصْلِحُ مَا تَرَى إِلاَّ اَلْغَشْمُ [أَيِ اَلظُّلْمُ]، إِنَّ هَذَا اَلَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ عَدُوِّكَ رَأْيُ اَلْمُسْتَضْعَفِينَ»!. فَقَالَ [اَلنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ]: «أَنْ أَكُونَ مِنَ اَلْمُسْتَضْعَفِينَ فِي طَاعَةِ اَللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ مِنَ اَلْأَعَزِّينَ فِي مَعْصِيَةِ اَللَّهِ»! ثُمَّ نَزَلَ ، وقد اتَّهمَهُ الحِزبُ الأمَويُّ بالضَّعَفِ ، أو التَّضَاعُفِ في حِفظِ مَصلَحةِ الدَّولَةِ ، والإهتمامِ بسلامِتِهَا .
    ودافعَ اَلنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ نَفسِهِ بأنَّهُ لَا يعتمِدُ علَى أيَّةِ وسيلَةٍ تُبعِدَهُ عنِ اللهِ ، ولَا يَسلُكُ طَريقاً يَتجافَى معَ دينِهِ ، وقدْ إستبَانَ لِلحِزبِ الأمويِّ ضُعفَ اَلنُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ ، وإنهيَارِهِ أمامَ الثَّورَةِ .

    في قِبَالِ ذلكَ :
    بَاغتَ إبنُ زيادٍ جماهيرَ اَلْكُوفَةَ وَ أَقْبَلَ إِلَى اَلْكُوفَةِ وَ مَعَهُ مُسْلِمُ بْنُ عَمْرٍو اَلْبَاهِلِيُّ وَ شَرِيكُ بْنُ أَعْوَرَ اَلْحَارِثِيُّ وَ حَشَمُهُ وَ أَهْلُ بَيْتِهِ حَتَّى دَخَلَ اَلْكُوفَةَ وَ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ وَ هُوَ مُتَلَثِّمٌ وَ اَلنَّاسُ قَدْ بَلَغَهُمْ إِقْبَالُ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَيْهِمْ فَهُمْ يَنْتَظِرُونَ قُدُومَهُ فَظَنُّوا حِينَ رَأَوْا عُبَيْدَ اَللَّهِ أَنَّهُ اَلْحُسَيْنُ فَأَخَذَ لاَ يَمُرُّ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ اَلنَّاسِ إِلاَّ سَلَّمُوا عَلَيْهِ وَ قَالُوا مَرْحَباً بِابْنِ رَسُولِ اَللَّهِ قَدِمْتَ خَيْرَ مَقْدَمٍ فَرَأَى مِنْ تَبَاشُرِهِمْ بِالْحُسَيْنِ مَا سَاءَهُ فَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ عَمْرٍو لَمَّا أَكْثَرُوا تَأَخَّرُوا هَذَا اَلْأَمِيرُ عُبَيْدُ اَللَّهِ بْنُ زِيَادٍ . وَ سَارَ حَتَّى وَافَى اَلْقَصْرَ فِي اَللَّيْلِ وَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ قَدِ اِلْتَفُّوا بِهِ لاَ يَشُكُّونَ أَنَّهُ اَلْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَغْلَقَ اَلنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ عَلَيْهِ وَ عَلَى حَامَّتِهِ فَنَادَاهُ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهُ لِيَفْتَحَ لَهُمُ اَلْبَابَ فَاطَّلَعَ إِلَيْهِ اَلنُّعْمَانُ وَ هُوَ يَظُنُّهُ اَلْحُسَيْنَ فَقَالَ أَنْشُدُكَ اَللَّهَ إِلاَّ تَنَحَّيْتَ وَ اَللَّهِ مَا أَنَا مُسَلِّمٌ إِلَيْكَ أَمَانَتِي وَ مَا لِي فِي قِتَالِكَ مِنْ أَرَبٍ فَجَعَلَ لاَ يُكَلِّمُهُ ثُمَّ إِنَّهُ دَنَا وَ تَدَلَّى اَلنُّعْمَانُ مِنْ شَرَفٍ فَجَعَلَ يُكَلِّمُهُ فَقَالَ اِفْتَحْ لاَ فَتَحْتَ فَقَدْ طَالَ لَيْلُكَ وَ سَمِعَهَا إِنْسَانٌ خَلْفَهُ فَنَكَصَ إِلَى اَلْقَوْمِ اَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ مِنْ أَهْلِ اَلْكُوفَةِ عَلَى أَنَّهُ اَلْحُسَيْنُ فَقَالَ أَيْ قَوْمِ اِبْنُ مَرْجَانَةَ وَ اَلَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ فَفَتَحَ لَهُ اَلنُّعْمَانُ وَ دَخَلَ وَ ضَرَبُوا اَلْبَابَ فِي وُجُوهِ اَلنَّاسِ فَانْفَضُّوا . الإرشاد ، ج۲، ص42.
    وباتت اَلْكُوفَةَ على وجل وترقّب، وفي منعطف سياسي خطير.
    وفي اليومِ الثَّاني لِوصولِهِ إلَى اَلْكُوفَةِ فوجئ أهل اَلْكُوفَةِ بإبنِ زيادٍ عندَ الصّباحِ وهو يَحتلُّ القصرَ بالنِّداءِ: الصلاةُ جامعةً، خَرجَ مُتقلِّداً سيفه ، ومعتمّاً بعمامة ، فاعْتَلى أعوادَ المنبرِ وخطبَ النَّاسَ ، فقالَ : ( أمَّا بعدُ : فإنَّ أميرَ المؤمنينَ ولاَّني مِصرَكُم وثغرَكُم وفيئَكُم ، وأمرَني بإنصافِ مَظلومِكِم ، وإعطاءَ محرومَكُم ، وبالإحسانِ إلَى سامِعِكُم ومطيعِكُم ، وبالشِّدَّةِ علَى مُريبِكُم ، فأنا لِمُطيعِكُم كالوالدِ البرَّ الشفيقِ ، وسيفي وسوطي على منْ تركَ أمري وخالفَ عَهدي ). مقاتل الطالبيّين ،ص 97.
    ولم يُعرِّض في خطابِهِ للإمامِ الحُسينِ وسفيرِهِ مُسْلِمٍ (عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ) ، وذلكَ خوفاً منْ إنتفاضةِ الجماهيرِ عليْهِ وهو بَعدُ لمْ يَحكُمَ أمرَهُ ، وعمدَ إبنُ زيادٍ إلَى نَشرِ الإرهابِ وإذاعةِ الخوفِ.
    ثمّ فرضَ علَى الحَاضرينَ مسؤوليَّةَ التَّجُسّسِ علَى المُعارضينَ، وهدّدَ مَنْ لَمْ يُساهم في هذه العمليَّةِ ويُنَفِّذْ هذا القرارُ بالعقوبَةِ وقطعِ المُخصّصاتِ المَاليَّةِ، فقالَ:... فمَنْ يجيء لنا بهم فهو بريء، ومَنْ لم يكتب لنا أحدٌ فليضمن لنا في عَرافته أن لا يخالِفَنا منهم مخالف، ولا يبغي علينا منهم باغ، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ برئت منه الذمّة وحلال لنا دمُه ومالُه. وأيُّما عريف وجد في عرافته مَنْ بُغية أمير المؤمنين أحد لم يرفعه إلينا صُلب على باب داره، واُلغيت تلك العرافة من العطاء. الإرشاد ،ج2 ،ص 45.
    وإنطلقَ هؤلاءُ الجَواسيسُ إلَى صفوفِ جيشِ مُسلِمِ ،فأخذوا يشيعونَ الخَوفَ ، ويبثّونَ الأراجيفَ ، ويظهرونَ لَهُمْ الإشفاقَ خوفاً عليْهُم منْ جيوشِ أهلِ الشَّامِ القَادمَةِ .
    وقدْ كانَ إبنُ زيادٍ معروفاً في أوساطِ الكوفيّينَ بالقَّسوَةِ والشِّدّةِ، فكانَ منَ الطَّبيعيِ أنْ يُحْدِثَ قدومُه وخطابُه الشَّدِّيدُ الَّلهجَةِ هزّةً عندَ المعارضينَ لسياستِهِ، فلَاحتْ بوادرُ النُّكوصِ والتَّخاذِلِ والإرجافِ تظهرُ علَى الكُوفيّينَ وقياداتِهِم؛ مِنْ هُنَا إعتمدَ مُسْلِمُ بنُ عَقيلٍ(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) وسيلةً جديدةً للسَّيرِ في حركتِهِ نحو الهَدفِ المَطلوبِ، فانتقلَ إلَى دارِ هانئ بنَ عروةٍ وجعلَ يتستّرُ في دَعوتِهِ وتحركاتِهِ إلاّ عنْ خُلّصِ أصحابِهِ، وهانئ يومذاك سيّدُ بني مُرادٍ وصاحبُ الكَلمَةِ المَسموعةِ في الكُوفةِ والرأي المُطاعِ. مروج الذهب ،ج2 ،ص 89.
    إتّخذَ إبنُ زيادٍ كُلَّ وسيلَةٍ مَهمَا كَانتْ دنيئةٌ للقَضاءِ علَى الوجود السّياسي، والتحرّكُ الّذي برزَ مُنذراً بالخَطَرِ بوجودِ مُسْلِمِ بنِ عَقيلٍ(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) على النظام الاُموي، وسارع للقضاء على مُسْلِمِ بنِ عَقيلٍ(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) وكلّ الموالين له قبل وصول الإمام الحسين (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، وليتمكّن بذلك من إفشال الثورة فدبّر خطّةً للتجسّس على تحرّكات مسلم ومكانه والموالين له، واستطاع أن يكتشف مخبأه، وأن يعلم بمقرّه، مناقب آل أبي طالب ،ج4 ،ص 91 ، فكانت بداية تخاذل النّاس عن الصّمود في مواجهة الظلم.
    لقدْ إستطاعَ الوالي الجَديدُ عبيدُ اللهِ بنُ زيادٍ أنْ يُحْكِمَ الحيلةَ والخِداعَ ليقبضَ على هانئ بن عروة الذي آوى رسول الحسين (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) وأحسن ضيافته، واشترك معه في الرأي والتدبير، فقبض عليه وقتله بعد حوار طويل جرى بينهما، وألقى بجثمانه من أعلا القصر إلى الجماهير المحتشدة حوله، فاستولى الخوف والتخاذل على النّاس، وذهب كلّ إِنسان إلى بيته وكأنّ الأمر لا يعنيه. إعلام الورى ،ج1 ،ص 441.
    فَمُنِي جيشُ مُسْلِمِ بنِ عَقيلٍ(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) بهزيمة مُخزية لم يَحدث لها نظير في جميع فترات التاريخ ، فقد هَزمَتهُ الدعايات المُضلِّلة من دون أن تكون في قِبالِهِ أيَّة قُوَّة عسكرية ، ولم يمضِ قليل من الوقت حتى انهزم معظم جيش مسلم .

    ونعودُ إلَى مُسْلِمِ بنِ عَقيلٍ(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) :
    وقد صلَّى بجماعة منهم صلاة العشاء في الجامع الأعظم فكانوا يَفرّون في أثناء الصلاة ، وما أنهى مُسْلِمِ بنِ عَقيلٍ(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) صلاته حتى انهزموا بأجمعهم ، وقد أمسى وحيداً طريداً مُشرَّداً ، لا مأوى يأوي إليه ، ولا قَلبٌ يعطف عليه .
    طوى مسلم ليلته حزيناً تساوِرُه الهُموم ، وكان – فيما يقول المؤرخون – قد قضى شطراً من الليل في عبادة الله ، ما بين الصلاة وقراءة القرآن ، وقد خفق في بعض الليل ، فرأى عَمَّه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ،
    فأخبره بِسرعَةِ اللحَاق به ، فأيقنَ عند ذلك بِدُنُوِّ الأجلِ المحتوم منه ،
    وقد أصدرت سلطات ابن زياد أمراً تَضمَّنَ ما يأتي :
    قرار الحكم بالإعدام على كل من آوى مسلماً مهما كانت مكانته الاجتماعية، وإنَّ دِيَّة مُسْلِمِ بنِ عَقيلٍ(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) تكون لمن جاء به كجائزة ، و إن من ظَفِر بمسلم تمنحه السلطة عشرة آلاف درهم ، ومن يأتي به يكون من المُقرَّبين عند الطاغية يزيد ، وينال ثقته.
    وتَمَنَّى أكثر أولئك الأوغاد الظفر بمُسْلِمِ بنِ عَقيلٍ(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، لينالوا المكافأة ، وكذا التَقَرّب إلى يزيد بن معاوية ، وبعد أن جرت معركة غير متكافئة بين مسلم وبين أزلام ابن زياد جُرح فيها مسلم وسقط على الأرض ، فوقع في أسر أعدائه ، وسلَّموه إلى الطاغية ابن زياد ، فأمر بإلقائه من أعلى القصر ، واستقبل مسلم الموت بثغر باسم ، فَصُعِدَ به إلى أعلى القصر ، وكان يسبِّح الله ويستغفره بِكلِّ طُمأنينة ورضا ويقول: (
    اللَّهُمَّ احكُمْ بيننا وبَين قَومٍ غَرّونا وَخذلونا ).
    واستُدعِيَ الجَلاَّدُ ، فَضَربَ عُنُقَه ، وَرَمى برأسه وجسدهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) إلى الأرض ، وسقط مُسْلِمُ بنُ عَقيلٍ(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) شهيداً ، دفاعاً عن الحق ، ودفاعاً عن مولاه الإمام الحسين (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) .



  • #2
    الأخ الفاضل الأشتر . أحسنتم وأجدتم وسلمت أناملكم على كتابة ونشر هذه المقالة القيمة التي تبين اختلاف مواقف الرجال من أتباع الإمام الحسين (عليه السلام) وأتباع يزيد بن معاوية لعنه الله . جعل الله عملكم هذا في ميزان حسناتكم . ودمتم في رعاية الله تعالى وحفظه .

    تعليق


    • #3
      وفقنا الله وإياكم كي نكون من الخدَمَةِ لإهلِ البيتِ وأصحابهم ولكم منا الشكر والإحترام

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X