إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العَبَّاسُ مَقْتَلُهُ هَدَّ الإمامَ الحُسينِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):-

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العَبَّاسُ مَقْتَلُهُ هَدَّ الإمامَ الحُسينِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):-

    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
    اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
    السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ اللهِ وَبَرَكآتُهْ

    الحَديثُ عنِ العَبَّاسِ منْ أينَ أبدأُ بهِ والَى أينَ أنتَهي فيهِ ، وعنْ ماذا أتحدَثُ وفيمَا أخوَضُ أبِنَسَبِهِ أمْ بِولادَتِه ، أم بِطُفُولَتَهِ ، أمْ بِإهتِمَامِ أبيهِ بِهِ ، أمْ بِنَسبِ أُمِّهِ ، أمْ بإخلَاصِهِ لإخوَتِهِ ، أمْ بِمَحبَتِهِ لأخيهِ الحُسينِ أمْ بإهتِمامِ الحُسينِ بهِ ، أمْ بعلاقَتِهِ بِأُختِهِ العَقيلَةُ زينب ، أمْ ،أمْ ، أمْ ........؟؟؟؟
    العَبَاسُ الّذي جَمَعَ بينَ وليِّ اللهِ أميرُ المؤمنينَ عليِّ أبنَ أبي طَالبٍ ، لقَولِهِ تَعَالَى في كتابِهِ الكَريمِ ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾، سُورَةُ المَائِدَةِ ، الآية 55 ، وقَولِهِ تَعَالَى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ......﴾، سُورَةُ النِّسَاءِ ، الآية 59، عنِ اَلتِّرْمِذِيُّ فِي اَلْجَامِعِ وَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي اَلْحِلْيَةِ وَ اَلْبُخَارِيُّ فِي اَلصَّحِيحِ وَ اَلْمَوْصِلِيُّ فِي اَلْمُسْنَدِ وَ أَحْمَدُ فِي اَلْفَضَائِلِ وَ اَلْخَطِيبُ فِي اَلْأَرْبَعِينِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ اَلْحُصَيْنِ وَ اِبْنِ عَبَّاسٍ وَ بُرَيْدٍ : ( أَنَّهُ رَغِبَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنَ اَلْغَنَائِمِ فِي جَارِيَةٍ فَزَايَدَهُ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ وَ بُرَيْدَةُ اَلْأَسْلَمِيُّ فَلَمَّا بَلَغَ قِيمَتُهَا قِيمَةَ عَدْلٍ فِي يَوْمِهَا أَخَذَهَا بِذَلِكَ فَلَمَّا رَجَعُوا وَقَفَ بُرَيْدَةُ قُدَّامَ اَلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ شَكَا مِنْ عَلِيٍّ فَأَعْرَضَ عَنْهُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ثُمَّ جَاءَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَشْكُو فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ قَامَ إِلَى بَيْنِ يَدَيْهِ فَقَالَهَا فَغَضِبَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَ تَرَبَّدَ وَجْهُهُ وَ اِنْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ وَ قَالَ مَا لَكَ يَا بُرَيْدَةُ مَا آذَيْتَ رَسُولَ اَللَّهِ مُنْذُ اَلْيَوْمِ أَ مَا سَمِعْتَ اَللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ إِنَّ اَلَّذِينَ يُؤْذُونَ اَللّٰهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اَللّٰهُ فِي اَلدُّنْيٰا وَ اَلْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذٰاباً مُهِيناً أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ عَلِيّاً مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ وَ أَنَّ مَنْ آذَى عَلِيّاً فَقَدْ آذَانِي وَ مَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اَللَّهَ وَ مَنْ آذَى اَللَّهَ فَحَقٌّ عَلَى اَللَّهِ أَنْ يُؤْذِيَهُ بِأَلِيمِ عَذَابِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَا بُرَيْدَةُ أَنْتَ أَعْلَمُ أَمِ اَللَّهُ أَعْلَمُ أَمْ قُرَّاءُ اَللَّوْحِ اَلْمَحْفُوظِ أَعْلَمُ أَنْتَ أَعْلَمُ أَمْ مَلَكُ اَلْأَرْحَامِ أَعْلَمُ أَنْتَ أَعْلَمُ يَا بُرَيْدَةُ أَمْ حَفَظَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ بَلْ حَفَظَتُهُ قَالَ وَ هَذَا جَبْرَئِيلُ أَخْبَرَنِي عَنْ حَفَظَةِ عَلِيٍّ أَنَّهُمْ مَا كَتَبُوا قَطُّ عَلَيْهِ خَطِيئَةً مُنْذُ وُلِدَ ثُمَّ حَكَى عَنْ مَلَكِ اَلْأَرْحَامِ وَ قُرَّاءِ اَللَّوْحِ اَلْمَحْفُوظِ وَ فِيهَا مَا تُرِيدُونَ مِنْ عَلِيٍّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّ عَلِيّاً مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ وَ هُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي بحارُ الأنوارِ ، ج۳۹ ، ص۳۳۲ ، نقلاً عنْ سُننِ اَلتِّرْمِذِيِّ ،ج ٥ ،ص ٦٣٢ ،ح ٣٧١٢.
    وبينَ الفحُولَةِ منَ العَربِ منْ خِلالِ ما روي أنّ أميرَ المؤمنينَ عليّاً(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قال لأخيه عقيل ـ وكان نسّابة عالماً بأنساب العرب وأخبارهم ـ: ( اُنظر إلى امرأةٍ قد ولدتها الفحولةُ من العربِ لأتزوّجها؛ فتلد لي غلاماً فارساً ). فقال له : ( تزوّج أُمّ البنين الكلابية، فإنَّهُ ليسَ في العَرَبِ أشجعُ منْ آبائِهَا. فتزوّجها )، عمدة الطالب: 357. ، فولدتْ لَهُ العباسَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وبعدَهُ عبدَ اللهِ، وبعدَهُ جَعفراً، وبعدَهُ عُثمانَ
    ومِنْ المُتَعَارَفِ عِنْدَ العَرَبِ أَنَّ النَّاسَ تَبْعَثُ شَخْصًا غَيْرَ الخَاطِبِ لِيُفَاتِحَ أَهْلَ البِنْتِ بِمَوْضُوعِ الخُطُوبَةِ، وَقَدْ أَرَادَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْ أَخِيهِ عَقِيلٍ أَنْ يَقُومَ بِهَذِهِ المُهِمَّةِ نِيَابَةً عَنْهُ بَعْدَ أَنْ أَوْكَلَ إِلَيْهِ مُهِمَّةَ تَشْخِيصِ المَرْأَةِ المَطْلُوبَةِ أَوَّلًا، اسْتِئْنَاسًا بِرَأْيِهِ، لِأَنَّ عَقِيلًا كَانَ عَارِفًا بِأَنْسَابِ العَرَبِ .
    وكان أوّلُ مولودٍ زَكيٍّ للسَيّدةِ أمِّ البنينَ هو سيّدُنَا المُعظّمُ أبو الفَضلُ العَباس (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ، وقدْ إزدَهَرَتْ يثرِبُ ، وأشرقتْ الدُّنيَا بولادتِهِ وسَرَتْ موجاتٌ مِنَ الفَرَحِ والسُّرورِ بينَ أفرادِ الأُسرَةِ العَلويَّةِ ، فقدْ وُلِدَ قَمرُهُم المُشْرِقِ الّذي أضاءَ سماءَ الدُّنيَا بفضائِلِهِ ومآثرِهِ ، وأضافَ إلَى الهاشميينَ مَجداً خَالداً وذكراً نَديّاً عَاطراً.
    وحينَمَا بُشِّرَ الإمامُ أميرُ المؤمنينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِهذا المولودِ المُبارَكِ سَارعَ إلَى الدَّارِ فتناولَهُ ، وأوسَعَهُ تقبيلاً ، وأجرَى عليهِ مراسيمَ الولادةِ الشَّرعيَّةِ فأذَّنَ في أُذُنِهِ اليُمنى وأقامَ في اليُسرَى ، سَمّى الإمامُ أميرُ المؤمنينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وليدَهُ المُباركُ ( بالعبَّاسِ ) وقدْ إستَشَفَّ منْ وراءِ الغَيبِ إنَّهُ سيكونُ بطلاً منْ أبطالِ الإسلامِ ، وسيكونُ عَبوساً في وجهِ المُنكَرِ والبَاطِلِ ، ومُنطَلَقَ البَسمَاتِ في وجهِ الخيرِ ، وكانَ كمَا تنبّأَ فقدْ كانَ عبوساً في ميادينِ الحُروبِ الّتي أثارتهَا القوَى المُعاديَّةِ لأهلِ البيتِ (عَلَيْهِم السَّلَامُ) ، فقدْ دمّرَ كتائِبَهَا وجَندَلَ أبطالَهَا ، وخيّمَ الموتُ علَى جميعِ قطعاتِ الجَّيشِ في يومِ كربلاءَ ، ويقولُ الشَّاعرُ فيه:
    عَبَسَتْ وجوهُ القومِ خوفَ الموتِ * والـعَبَّاس فيهم ضاحكٌ يتبسمُ
    كانَ العبّاسُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) في روعةِ بهائِهِ ، وجميلِ صورتِهِ آيةً منْ آياتِ الجَّمالِ ، ولِذلكَ لُقّبَ بقَمرِ بنَي هاشمٍ ، وكمَا كانَ قمراً لأُسرتِهِ العلويَّةِ الكَريمَةِ ، فقدْ كانَ قمراً في دُنيَا الإسلامِ ، فقدْ أضاءَ طريقَ الشَّهادةِ ، وأنارَ مقاصدَهَا لِجميعِ المُسلمينَ
    أمَّا مَلامِحُهُ فقدْ كانَ صورةً بارعةً منْ صُورِ الجَّمالِ ، وقدْ لُقّبَ بِقَمرِ بني هاشمٍ لِرَوعةِ بهائِهِ ،وجمالِ طلعتِهِ ،وكانَ متكاملُ الجِّسمِ قدْ بدَتْ عليهِ آثارُ البُطولَةِ والشَّجاعَةِ ، قَالَ أَبُو الفَرَجِ الأَصْفَهَانيُّ عَنْهُ: (كَانَ العَبَّاسُ رَجُلًا وَسِيمًا جَمِيلًا، يَرْكَبُ الفَرَسَ المُطَهَّمَ وَرِجْلَاهُ تَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: قَمَرُ بَنِي هَاشِمٍ)، مَقَاتِلُ الطَّالِبِيِّينَ: 55.
    وَقَالَ السَّيِّدُ المُقَرَّمُ فِي تَرْجُمَتِهِ: (وَلَمَّا تَطَابَقَ فِيهِ الجَمَالَانِ الصُّورِيُّ وَالمَعْنَوِيُّ قِيلَ لَهُ: "قَمَرُ بَنِي هَاشِمٍ"، حَيْثُ كَانَ يَشُوءُ بِجَمَالِهِ كُلَّ جَمِيلٍ، وَينُذُّ بِطَلَاوَةِ مَنْظَرِهِ كُلَّ أَحَدٍ، حَتَّى كَأَنَّهُ الفَذُّ فِي عَالَمِ البَهَاءِ، وَالوَحِيدُ فِي دُنْيَاهُ، كَالقَمَرِ الفَائِقِ بِنُورِهِ أَشِعَّةَ النُّجُومِ، وَهَذَا هُوَ حَدِيثُ الرُّوَاةِ... (ثُمَّ ذَكَرَ جُمْلَةً مِنْ أَقْوَالِ الرُّوَاةِ فِي جَمَالِهِ وَبَهَاءِ هَيْئَتِهِ)، العَبَّاسُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) - عَبْدُ الرَّزَّاقِ المُقَرَّمُ ،ص 131.
    نَشأَ أبو الفَضْلَ العبّاسِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) نَشأةً صَالحَةً كريمَةً ، قَلَّمَا يَظفرُ بِهَا إنسانٌ فقدْ نشأَ في ظلالِ أبيِهِ رائدُ العَدالَةِ الإجتماعيَّةِ في الأرضِ ، فغذّاهُ بِعلُومِهِ وتقواهُ ، وأشاعَ في نفسِهِ النَّزعاتِ الشَّريفَةِ ، والعَاداتِ الطيّبةِ ليكونَ مِثالاً عنْهُ ، وإنموذَجاً لِمثلِهِ ، كَمَا غَرَستْ أُمُّهُ السَيّدَةُ فاطمَةُ في نَفسِهِ ، جميعَ صِفاتِ الفَضيلَةِ والكَمالِ ، وغذّتُهُ بِحُبِّ الخَالقِ العَظيمِ فجَعلتْهُ في أيّامِ طُفولَتِهِ يَتطلّعُ إلَى مرضاتِهِ وطَاعَتِهِ ، وظلَّ ذَلكَ مُلازماً لَهُ طِوالَ حياتِهِ.
    ولازمَ أبو الفَضلِ أخوَيِهِ السِّبطينِ ريحانتَي رسولِ اللهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)الحسنِ والحسينِ سَيّدي شبابِ أهلِ الجَنّةِ فكانَ يتلقّى مِنْهُمَا قواعدَ الفَضيلَةِ ، وأسسَ الآدابَ الرَفيعَةِ ، وقدْ لازمَ بصورةٍ خاصَةٍ أخاهُ أبَا الشُّهداءِ الإمامِ الحُسينِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فكانَ لَا يَفارقُهُ في حِلِهِ وتَرحالِهِ ، وقدْ تأثّرَ بِسلوكِهِ ، وانطبعتْ في قرارةِ نفسِهِ مُثُله الكَريمةِ وسجايَاهُ الحَميدةِ حتَّى صارَ صورةً صادقةً عنْهُ يحكيِهِ في مُثُلهِ وإتجاهاتِهِ ، وقدْ أخلصَ لَهُ الإمامُ الحُسينُ كأعظمِ ما يكونُ الإخلاصُ وقدَّمَهُ علَى جميعِ أهلِ بيتِهِ لمَّا رأى مِنْهُ مِنَ الودِّ الصَّادقِ لَهُ حتَّى فدَاهُ بنفسِهِ.
    انّ المكوناتِ التَّربويَّةِ الصَالحَةِ التَّي ظفرَ بِهَا سيّدنَا أبو الفضلِ العبّاسِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قدْ رفعتَهُ إلَى مُستوَى العُظماءِ والمُصلحينِ الّذينَ غَيّروا مَجرَى تاريخِ البَشريَّةِ بِمَا قدّموهُ لَهَا منَ التَّضحياتِ الهائلَةِ في سبيلِ قضاياهَا المَصيريَّةِ ، وإنقاذِهَا منْ ظُلماتِ الذُّلِّ والعُبوديَّةِ.
    لقدْ نشأَ أبو الفَضلِ علَى التَّضحيَّةِ والفِداءِ منْ أجلِ إعلاءِ كلمَةِ الحَقِّ ، ورفعَ رسالةَ الإسلامِ الهَادفةِ إلَى تَحريرِ إرادةِ الإنسانِ ، وبناءَ مجتمعٍ أفضلَ تسودُهُ العَدالَةُ والمَّحبَةُ ، والإيثارُ ، وقدْ تأثرَ العبَّاسُ بهذهِ المبادئِ العَظيمَةِ وناضَلَ في سبيلِهَا كأشدّ ما يكونُ النِّضالُ ، فقدْ غرسَهَا في أعماقِ نفسِهِ ، ودخائلِ ذاتِهِ ، أبوهُ الإمامُ أميرُ المؤمنينَ وأخواهُ الحَسنُ والحُسينِ (عَلَيْهِم السَّلَامُ) ، هؤلاءُ العِظامُ الّذينَ حَملوا مِشعلَ الحُريَّةِ والكَرامَةِ ، وفتحوا الآفاقَ المُشرقَةِ لِجميعِ شعوبِ العَالمِ وأُممِ الأرضِ منْ أجلِ كرامتِهِم وحرّيتِهِم ، ومنْ أجلِ أنْ تسودَ العَدالَةُ والقِيَّمُ الكريمَةِ بينَ النَّاسِ

    لمّا رأى(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)وحدةَ الحُسينِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)بعدَ قَتلِ أصحابِهِ وجملةٍ منْ أهلِ بيتِهِ، قالَ لإخوتِهِ منْ أُمِّهِ: ( تَقدّموا لأحتَسِبَكُم عندَ اللهِ تعالَى، فإنَّهُ لَا ولدَ لَكُم، فتقدّموا حتّى قُتلوا، فجاءَ إلَى الحُسينِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)واستأذنَهُ في المصال ). مقتل الحسين لأبي مخنف: 178،
    فقال(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)له: ( أَنْت حَامِلُ لِوَائِي‏، فقال: لقد ضاق صدري وسئمت الحياة، فقال له الحسين(عَلَيْهِ السَّلاَمُ): إن عزمت فاستسق لنا ماءً، فأخذ قِربته وحمل على القوم حتّى ملأ القربة، قالوا: واغترف من الماء غرفة، ثمّ ذكر عطش الحسين(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فرمى بها وقال:
    يَا نَفسُ مِن بَعدِ الحُسينِ هُوني ** وبَعدَهُ لا كُنتِ أنْ تَكوني
    هَذا الحُسينُ وَارِدُ المَنونِ ** وتَشرَبينَ باردَ المَعينِ
    ثمّ عاد فأُخذ عليه الطريق فجعل يضربهم بسيفه، وهو يقول:
    لا أرْهبُ المَوتَ إذِ المَوتُ زَقَا ** حَتَّى أُدارى في المَصَاليتِ لُقى
    إِنِّي أنا العبَّاسُ أغدُو بِالسُّقَا ** وَلا أخافُ الشَّرَّ يَومَ المُلتَقَى

    فضربه حكيم بن طفيل الطائي السِنبِسي على يمينه فبراها، فأخذ اللواء بشماله، وهو يقول:
    واللهِ إِنْ قَطعتُمُ يَميني ** إِنِّي أُحامي أبداً عَن دِيني
    فضربَه زيدُ بنُ ورقاءِ الجَّهني علَى شِمالِهِ فبراهَا، فضمَّ الَّلواءَ إلَى صَدرِهِ (كمَا فعلَ عمُّهُ جعفرُ إذ قطعوا يمينِهِ ويسارِهِ في مؤتَةَ، فضمَّ الَّلواءَ إلَى صدرِهِ) وهو يقولُ:
    ألا تَرونَ مَعشَرَ الفُجَّارِ ** قَد قَطَعُوا بِبَغْيهِم يَساري
    فحملَ عليهِ رجلٌ تميميٌّ منْ أبناءِ أبانَ بنَ دَارم، فضربَهُ بعمودٍ علَى رأسِهِ، فخرَّ صريعاً إلَى الأرضِ، ونادى بأعلَى صوتِهِ: أدركني يا أخي، فانقضَّ عليهِ أبو عبدِ اللهِ كالصَّقرِ، فرآهُ مقطوعَ اليَّمينِ واليَّسارِ، مرضوخَ الجَّبينِ، مشكوكَ العَينِ بِسهِمٍ، مُرتثاً بالجِّراحَةِ، فوقف عليهِ مُنحنياً، وجلسَ عندَ رأسِهِ يبكي حتّى فاضتْ نفسُهُ .
    ثمّ حملَ علَى القَومِ، فجعلَ يضربُ فيهِم يميناً وشمالاً، فيفرّونَ منْ بينِ يديِهِ كمِا تفرُّ المِعزَى إذا شَدَّ فيهَا الذئبُ، وهو يقولُ: أَيْنَ تَفِرُّون وقد قتلتم أخي، أَيْنَ تَفِرُّون‏ وقدْ فتَّتمُ عَضُدِي
    ثمّ قال(عَلَيْهِ السَّلاَمُ): ( الْآنَ انْكَسَرَ ظَهْرِي، وَقَلَّتْ حِيلَتِي ). بحار الأنوار،ج 45،ص 42.
    قال الإمام زين العابدين(عَلَيْهِ السَّلاَمُ): ( رَحِمَ اللهُ الْعَبَّاسَ، فَلَقَدْ آثَرَ وَأَبْلَى وَفَدَى أَخَاهُ بِنَفْسِهِ حَتَّى قُطِعَتْ يَدَاهُ، فَأَبْدَلَهُ اللهُ عَزَّ وَ جَلَ بِهِمَا جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا مَعَ المَلَائِكَةِ فِي الجَنَّةِ، كَمَا جَعَلَ لِجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَإِنَّ لِلْعَبَّاسِ عِنْدَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَنْزِلَةً يَغْبِطُهُ بِهَا جَمِيعُ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَة )، الأماليُ للصَّدوق،ص 548 ،ح10.
    ورَدَ في زيارةِ النَّاحيَّةِ المُقدّسَةِ للإمامِ المَهدي(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):
    ( اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْعَبَّاسِ بْنِ أَمِيرِ اَلمُؤْمِنِينَ، اَلْمِوَاسِي أَخَاهُ بِنَفْسِهِ، اَلْآخِذِ لِغَدِهِ مِنْ أَمْسِهِ، اَلْفَادِي لَهُ اَلْوَاقِي، اَلسَّاعِي إِلَيْهِ بِمَائِهِ، اَلْمَقْطُوعَةِ يَدَاهُ، لَعَنَ اَللهُ قَاتِلِيهِ يَزِيدَ بْنَ اَلرُّقَادِ، وَحَكِيمَ بْنَ اَلطُّفَيْلِ اَلطَّائِيَّ ). المزار الكبير،ص 489.




  • #2
    الأخ الفاضل الأشتر . أعظم الله لنا ولكم الأجر بمصيبة قتل قمر العشيرة الإمام أبا الفضل العباس (عليه السلام) . و أحسنتم وأجدتم وسلمت أناملكم على كتابة ونشر هذه المقالة القيمة التي تتحدث لجزء يسير من سيرته وشهادته . جعل الله عملكم هذا في ميزان حسناتكم . ودمتم في رعاية الله تعالى وحفظه .

    تعليق


    • #3
      أبو الفضل العباس الأكبر بن علي بن أبي طالب، هو ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أول أئمة أهل البيت عند الشيعة، أمه أم البنين فاطمة بنت حزام الكلابية. وُلد سنة 26 هـ في اليوم الرابع من شهر شعبان حسب بعض الروايات. يكنى بـأبو الفضل وأبو القاسم.

      تعليق


      • #4
        تاريخ ومكان الميلاد: 15 مايو 647 م، المدينة المنورة، السعودية
        تاريخ ومكان الوفاة: 10 أكتوبر 680 م، كربلاء
        الزوجة: لبابة بنت عبدالله (متزوج ?–680 م)
        الولادة: 4 شعبان 26هـ الموافق 5 مايو 645م; المدينة المنورة
        الأشقاء: الحسين بن علي، زينب بنت علي، الحسن بن علي، عمر بن علي، أبي بكر بن علي، المزيد
        الابناء: قاسم بن العباس، قاسم ابن عباس، عبيدالله بن العباس، الفضل بن العباس
        الوالدان: علي بن أبي طالب، أم البنين

        تعليق


        • #5
          أعظم الله لكم ألأجرَ بمصيبةِ أبي الفَضلِ عليه السلام ورزقنا الله وإياكم شفاعة الحسين وشفاعته عليهما السلام

          تعليق


          • #6
            اريد التسجيل

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
            x
            يعمل...
            X