تويت
إنّ خبر
(عرس القاسم) من الأخبار التي رواها الشيخ الطريحي في كتابه (المنتخب) برواية مرسلة، وإذا كان كذلك فالخبر يكون ضعيفاً لا يصح الإعتماد عليه وترتيب الأثر..بل إنّ الطريحي قد أورد هذا الخبر بصيغة (نُقل) وفيه تأكيد على الضعف..
بل إنه لم ترد قصة عرس القاسم في كتب المقاتل المشهورة كمقتل أبي مخنف ومقتل المقرَّم ومقتل الشيخ عبد الزهرة الكعبي وكتاب اللهوف لابن طاووس...وبقية الكتب التي ذكرت الواقعة بالتفصيل.
بل إنّ السيد المقرّم في مقتله قال: والشيخ الطريحي عظيم القدر، جليل في العلم، فلا يمكن لأحد أن يتصور في حقه هذه الخرافة، فثبوتها في كتابه (المنتخب) مدسوسة وسيحاكِم الطريحي واضعها، فهذا الطريحي نفسه يقول: إنّ هذه القضية لم نظفر بها في الكتب المعتبرة والروايات المعتمدة..ولاشك أنّ هذه العبارة لها دلالة صريحة في أنّ الطريحي نفسه لم يعتمد على ذلك النقل.إنّ غاية ما يُثبته النقل عن قصة عرس القاسم هو احتمال صدور الخبر واحتمال حصول الفعل ليس إلا..والخبر المحتمل الصدور لايجوز نسبته إلى المعصوم لانه يكون من الكذب عليهم وهو حرام شرعاً، وقد صرّح بعض الفقهاء كالسيد الخوئي (قُدس سره) بأنّ خبر العرس لم يثبت. إنّ حدثاً مهولاً كيوم عاشوراء وما جرى فيه من أحداث عظيمة لا تدع المرء يفكّر في عرس وزفاف، فكيف يمكن التفكير في عرس وسط أجواء القتال والشهداء والمصائب والمِحن التي أحاطت بالإمام الحسين(عليه السلام) وبأهل بيته من كل حدب وصوب!فنفس رواية الطريحي صريحة بقول القاسم عليه السلام(عُرسنا أخرّناه ـ أي أجلناه ـ إلى الآخرة) فهل هناك تصريح أوضح من هذا في نفي حصول العرس.بالإضافة الى أنّ القاسم بن الحسن (عليه السلام) وصفته كتبُ المقاتل بأنه غلام لم يكن قد بلغ الحُلم أي إنه لم يبلغ سن الزواج، فكيف تصح نسبة الزواج إليه؟!وإنّ الإمام الحسين(عليه السلام) لم يكن له من البنات سوى أربعة وهن: فاطمة وكانت زوجة الحسن المثنى، وسكينة ولم تكن في حد الزواج أو قيل إنها لا ترغب به، ورقية وكانت صغيرة، وكذلك بنته زينب.أي لم يكن من بنات الحسين من هنّ بسن الزواج غير فاطمة بنت الحسين المتزوجة أساساً، فكيف حصل ذلك؟! يقول الشيخ محمد تقي التستري: وما اشتهر من تزويجه فهي قصة، وليس للحسين عليه السلام إلا فاطمة واحدة، وقد زوّجها من ابن أخيه الحسن المثنى.وقال الشيخ ذبيح الله المحلاتي: ولا شك أنّ فاطمة بنت الحسين كانت زوجة للحسن المثنى، وكان زوجها حاضراْ في كربلاء، فكيف يمكن أن يكون هناك أساس وأصل لهذا النقل؟ولم يكن للإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء بنت أخرى باسم فاطمة..وقال الشيخ أحمد الوائلي: والمرأة المروي أنّ القاسم تزوج بها كانت ذات بعل يومئذ يوم الطف..إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) كان يعلم بأنّ القاسم بن الحسن(عليه السلام) سيقتل، فما المصلحة في تزويجه؟ وما الغاية من مجرد إجراء العقد؟ (تجاربي مع المنبر). وأخيراً لو تنزلنا جدلاً وقلنا أن هناك زواجاً للقاسم فهل يا تُرى إنه كان بطريقة (زفة شباب) كما يقولون أو بطريقة فيها من مظاهر الفرح والسرور ما لا يتلائم مع عاشوراء المقدسة،وكان أصحاب الحسين مجزّرين كالأضاحي على أرض كربلاء..فلم يكن في يوم العاشر فرح بل هو يوم مأساة وشهادة.نعم بعض الشعراء الشعبيين كان يصوّر للناس المشهد من خياله بأنّ أم القاسم كانت تتمنى أن ترى ولدها(عريساً) كحال الشباب اليوم فألّفوا على هذا الخيال القصائد العاطفية التي تُبكي الآخرين..ولكن هذا ليس دليلاً على وجود العرس..وليس مبرراً لاجل إبكاء الناس..لانّ لدينا في عاشوراء ما يُغنينا عن مثل ذلك..ولدينا ما يُفجعنا ويبكينا..أقول علينا إذن أن نأخذ من القاسم الشجاعة والثبات في نصرة الحق وأهله..ونأخذ منه صفة التضحية في سبيل الدين والعقيدة والمذهب لكي يتربى شبابنا على ذلك لأجل أن يحاربوا الأعداء والظالمين.منقول
تعليق