إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قداسة الحركة الحسينية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قداسة الحركة الحسينية

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد

    هدف الحركة الحسينية هو الذي أكسبها صفة القداسة، هو الذي لوّنها بلون القداسة، فحتى يكون الهدف هدفًا مقدسُا، يمر بمراحل أربع:
    المرحلة الأولى: التحرر من الذات. نحن نحوم حول ذواتنا، نحن نحوم حول أنفسنا، نحن تحركنا مصالحنا، تحركنا غرائزنا، تحركنا أهواؤنا «أفرأيت من اتخذ إلهه هواه» يدور حول نفسه، يدور حول هواه، يدور حول مصالحه. من تحركه مصالحه، سوف تبقى أهدافه أهدافًا ذاتية مصلحية، لا يمكن أن تكتسب صفة القداسة. فالمرحلة الأولى هي التحرر من الذات، عندما يتجاوز ذاته، يكون هدفه هدفُا مقدسًا.
    النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم يذهب إلى الطائف، يدعوهم إلى الإسلام، فيأمرون صبيانهم وسفهاءهم بأن ينالوا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فيخرجون ويمرمونه بالحجارة، بالأشواك، بالأوساخ، والنبي يتلقاها إلى أن دنيت رجلاه، فأقبل واستند إلى حائط - حائط يعني بستان - ورفع يديه إلى السماء وقال: ”اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون“ هنا يجسد لنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم التحرر من الذات، لو كانت الحركة لذاتي، لأعولت، لبكيت، لقلت: ظلموني، لقلت: أخروني، لقلت: لم يحترموني، ولكن الحركة ليست لذاتي، الحركة هي حركة تحرر من الذات، وأهوائها ونوازعها، الحركة حركة غيرية وليست حركةُ نفسية، وليست حركة ذاتية. ”اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون“ الحسين بن علي عليه السلام يجسد لنا هذه المرحلة، مرحلة التحرر من الذات.
    ”اللهم إنك تعلم أن ما كان لم يكن منافسةً في سلطان، ولا طلبًا لجاه ولا مال وإنما كان طلبًا لصلاح عبيدك“، ”إني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن أعمل بالمعروف، وأنهى عن المنكر“.
    المرحلة الثانية: أن يكون المشروع نفسه مشروعًا معنويًا مجردًا عن المادة، وليس مشروعًا ماديًا. ”أديسون“ اكتشف الطاقة الكهربائية، أنجز للبشرية إنجازًا ضخمًا، لكن المشروع مادي. ”نيوتن“ اكتشف الجاذبية، أنجز للبشرية إنجازًا ضخمًا، لكن المشروع مادي.
    متى يقال للمشروع أنه مشروع مقدس؟ ليس كل إنجاز هو مقدس، ليس إنجاز هو عطاء، هو مقدس، متى يقال له مقدس؟ عندما يتجرد عن المادة، عندما يكون المشروع منصبًا
    على أمر ليس مادة، ليس دنيًا ليس شيئًا له علاقة براحة الإنسان ورخاء الإنسان.
    الحسين بن علي «عليهما السلام» لم يكتشف الطاقة الكهربائية بحركته، لم يكتشف الجاذبية، لكنه اكتشف طاقة الأمة، الحسين كان هدفه اكتشاف طاقة الأمة، هل لدى الأمة استعداد بالتغيير؟ هل لدى الأمة طاقة على أن تغير من ذاتها؟ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ أراد الحسين عليه السلام أن يستثير إرادة الأمة، أن يستثير طاقة الأمة، أن يستثير عزيمة الأمة، وتوصل إلى ذلك، استثار عزائمها، وحرك إرادتها، وأيقظها من سباتها، وجعل المجتمع مجتمعًا واعيًا، يقصد طريق الانتصار بعدالته ومبادئه وقيمه. إذن، الحسين خاض هذه المرحلة، ألا وهي مرحلة تلوين المشورع بلون معنوي، لا بلون مادي.
    المرحلة الثالثة: عندما يكون الهدف ملونًا بالإخلاص التام لذلك الهدف، عندما يكون الهدف ملونًا ومعطّرًا بعطر الإخلاص التام لذلك الهدف، فليس هناك قصد لشهرة ولا للقب، ولا لألوانٍ مادية أخرى، عندما يكون الهدف خالصًا، حين إذن يكون الهدف هدفًا مقدسًا.
    المرحلة الرابعة: أن يكون لله وحده ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾، يتحدث القرآن عن النبي إبراهيم : ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾ يعني هذا العمل لك، ليس شيئًا آخر.
    عندما يتحدث عن موسى بن عمران : ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي﴾ كيف ذاهب إلى ربي؟ هل هو ذهاب على الأرض؟ لا، إنه الذهاب الروحي والنفسي، يعني مشروعي يتلخص في هدفي، هدفي يتلخص في الله وحده وليس في شيء آخر ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾.
    عندما يتحدث التاريخ عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: ”والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه“
    عندما يتحدث التاريخ عن علي أمير المؤمنين عليه السلام "والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها، على أن أعصي الله في نملة، أسلبها جلب شعيرة ما فعلت، ولو شئت لاهتديت الطريقة إلى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح
    ونسائج هذا القز ولكن هيهات أن يبلغني هواي أو يقودني جشعي إلى تخير الأطعمة، ولعل باليمامة أو الحجاز من لا عهد له بالشبع ولا طمع له بالقرص، أأبيت مبطانًا وحولي بطون غرثاء وأكباد حرى، أأقنع من نفسي أن يقال لي أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر.
    وحسبك داءً أن تبيت ببطنة وحولك أكباد تحن إلى ال
    ​​​قد إذن، الهدف خالص لله عند: إبراهيم، موسى، أمير المؤمنين. الحسين عليه السلام يجسد هذا الخلوص، أن الهدف الذي جعل حركته حركة مقدسة، حركة نزيهة من العيوب، نزيهة من النقص، نزيهة من الغمز، أنها حركة متمحضة في الله «تبارك وتعالى». ”رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويوفينا أجور الصابرين، ألا إني زاحف بهذه الأسرة - أنا وأسرتي وكل ما عندي زاحفون نحو الله - مع قلة العدد وخذلان الناصر، وأيم والله لا تلبثون بعدها إلا كريث ما يركب الفرس حتى تدور بكم دور الرحى، وتقلق بكم قلق المحور، عهد عهد إلي أبي عن جدي رسول الله“، هذا هدفي:
    إلهي تركت الخلق طرًا في هواك
    فلو قطعتني في الحب إربًا
    وأيتمت العيال لكي أراك
    لما مال الفؤاد إلى سواك
    وأصبح الحسين عليه السلام قُدسًا في قدس، قداسةً معطرة بالقداسة؛ لأن هدفه الله، لأنه فني في الله، لأنه ذاب في الله، لأنه لم يكن له أي حركة إلا في الله «تبارك وتعالى» وهو الذي كان يقول: "أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك، حتى يكون هو المظهر له، متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك، ومتى كانت الآثار هي التي توصل إليك، عميت عين لا تراك عليها رقيبًا، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من ودك نصيبًا»
    وإذا به يوم عاشوراء: يأخذ الدم يصبغ شيبته، يصبغ وجهه، وهو فرح، مستبشر، مقبل على الموت بكل ثقة، وبكل اطمئنان ”اللهم رضًا بقضائك، وتسليمًا لأمرك، يا غياث المستغيثين“
    نعم تلك النفس المطمئنة رقدت في كربلاء، فأصبحت كربلاء بذلك الدم الطاهر قبلةً للأحرار، قبلةً للواثبين، قبلة للزوار، يقصدونها لا لأنها تراب، لا لأنها حجر، لا لأنها رمل، كل هذا موجود في غيرها. يقصدونها لأن أنوار الحسين عليه السلام تتساطع من جوانبها، لأن المبادئ والقيم تشجع من أرجائها، لأن الحرية والكرامة والعزة تتجلى على جوانبها، لأن الحسين عليه السلام المملوء اطمئنانًا وتوكلًا وتسليمًا، يظهر في كل نقطة من نقاط كربلاء، طوبى لهذه الأرض العظيمة.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X