بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ الله وبُرَكآتُهْ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ الله وبُرَكآتُهْ
منْ دُعاءِ الخضرِ وقدْ عَلَّمه إياهُ الإمامُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)،المعروفُ بدُعاءُ كُميلُ بنُ زيادٍ ،
( اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ سُؤالَ خاضِعٍ مُتَذَلِّلٍ خاشِعٍ، أَنْ تُسامِحَنِي وَتَرْحَمَنِي، وَتَجْعَلَنِي بِقِسْمِكَ راضِياً قانِعاً، وَفِي جَمِيعِ الأَحْوالِ مُتَواضِعاً ) .
بِقِسْمِكَ: بِالقِسْمِةِ بالنَّصيبِ الّذي جُعلَتْ لي مِنْ فَضلِكَ، وبِحُصتي ونَصيبي الّذي يُصيبُني في الاُمورِ غيرِ الإخْتيَارِيَّةِ. والقَسَم هو العَطَاءُ.
وهذهِ العِباراتُ منَ الدُّعاءِ تُوحي لِلإنسانِ السَّعادَةِ الحَقيقيَّةِ، حيثُ هدوءُ الخَاطِرِ والوَقارِ وعدمِ الغَضَبِ أزاءِ العواصِفِ والمَصائبِ الشَّديدَةِ، لأنَّ عدمَ الرِّضَا عنِ الاُمورِ الحَياتيَّةِ، والغَضَبَ الشَّديدُ عنْدَ الحَوادِثِ الطَّارئِةِ المَكروهَةِ.. يولّدُ الهَمَّ والغَمَّ والتَّشويشَ، وقدْ يَصِلُ بالإنسانِ لِدرجَةِ اليأسِ منَ الحياةِ مَا يؤدّي إلَى الإنتحارِ أو الإصابَةِ بضغطِ الدَّمِ والأمراضِ العَصَبيَّةِ والنَّفسيَّةِ.
قالَ تَعالَى: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾، سُورَةُ الفَجْرِ، الآية 28.
فأشترطَ الحَقُّ تَبارَكَ وتَعالَى للرُّجُوعِ إليْهِ الدُّخولَ في الرِّضَا، فلَابُدَّ للسَّالِكِ إليهِ بِقَدمِ المَعرفَةِ منَ الدُّخولِ في الرِّضَا، وأقلَّ درجاتِهِ الرِّضَا باللهِ ربَّاً، بتركِ عبادَةِ مادونَهُ مِنْ أهواءِ النَّفسِ والجَري وراءَ الأسبَّابِ، والرَّضَا باللهِ في كُلِّ مَاقضى وقَدَّرَ، وهو الرِّضَا بالقَسَمِ كَمَا في الفَقَرَةِ، والقَنَاعَةُ الّتي هَي منْ منازِلِ الزُّهدِ الّذي هو ضَرورةٌ لمريدي هذا الطَّريقِ،،،
فينبغي للإنسانِ في حَالِ الرَّخاءِ والشِّدَّةِ وموجباتِ الفَرَحِ والحُزنِ.. عدمَ الخُروجِ عنْ حُدودِ الإنسانيَّةِ، ويَحسُنْ أنْ يكونَ في مُقابِلِ الطَّوارىء ثابتُ العَزمِ راضياً.
والرِّضَا والتَّسليمُ يكونُ صَحيحاً في مُقابِلِ الحَوادِثِ غيرِ الإختياريَّةِ، أمّا الحَوادثُ الإختياريَّةِ المَكروهَةِ، الّتي تَحصُلُ مِنَ الإهمالِ الفَردي أو الجَماعي فعلَى الإنسانِ أنْ يتدارِكَهَا بالسَّعي المُتواصِلِ الجَاد، معَ ثباتِ القَلبِ وأستقرارِ النَّفسِ ، لتغييرهَا وتحسينِهَا، إذْ أنَّ تركَ العملِ في جلبِ المَنفعَةِ ودفعِ المَضرّةِ ، والإعراضِ عنْ الدُّنيَا المَشروعَةِ.. مُخالِفٌ للطَّبيعَةِ واحتياجاتِ الإنسانِ، وهو في درجَةٍ مَا.. منَ الذنوبِ.
المُسلمُ يؤمنُ أنَّ رزقَهُ مقسومٌ لَهُ، وأنَّهُ لنْ يموتَ قبلَ أنْ يستوفي تمامَ رزقِهِ.
قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾، سُورَةُ هود، الآية 6.
فاللهُ سُبحانَهُ جَعَلَ رِزقاً لِكُلِّ واحدٍ مِنْا، نَحنُ البَشرُ، كمَا جعلَ ذلكَ للنَّملَةِ والطَّائرِ والسَّمَكَةِ والبَعوضَةِ والفِيلِ...
يقولُ أميرُ المؤمنينَ عليٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) في نهجِ البَلاغةِ : ( وَ لَوْ فَكَّرُوا فِي عَظِيمِ اَلْقُدْرَةِ وَ جَسِيمِ اَلنِّعْمَةِ لَرَجَعُوا إِلَى اَلطَّرِيقِ وَ خَافُوا عَذَابَ اَلْحَرِيقِ وَ لَكِنِ اَلْقُلُوبُ عَلِيلَةٌ وَ اَلْبَصَائِرُ مَدْخُولَةٌ أَ لاَ يَنْظُرُونَ إِلَى صَغِيرِ مَا خَلَقَ كَيْفَ أَحْكَمَ خَلْقَهُ وَ أَتْقَنَ تَرْكِيبَهُ وَ فَلَقَ لَهُ اَلسَّمْعَ وَ اَلْبَصَرَ وَ سَوَّى لَهُ اَلْعَظْمَ وَ اَلْبَشَرَ ! اُنْظُرُوا إِلَى اَلنَّمْلَةِ فِي صِغَرِ جُثَّتِهَا وَ لَطَافَةِ هَيْئَتِهَا لاَ تَكَادُ تُنَالُ بِلَحْظِ اَلْبَصَرِ وَ لاَ بِمُسْتَدْرَكِ اَلْفِكَرِ كَيْفَ دَبَّتْ عَلَى أَرْضِهَا وَ صُبَّتْ عَلَى رِزْقِهَا تَنْقُلُ اَلْحَبَّةَ إِلَى جُحْرِهَا وَ تُعِدُّهَا فِي مُسْتَقَرِّهَا تَجْمَعُ فِي حَرِّهَا لِبَرْدِهَا وَ فِي وِرْدِهَا لِصَدَرِهَا مَكْفُولٌ بِرِزْقِهَا مَرْزُوقَةٌ بِوِفْقِهَا لاَ يُغْفِلُهَا اَلْمَنَّانُ وَ لاَ يَحْرِمُهَا اَلدَّيَّانُ وَ لَوْ فِي اَلصَّفَا اَلْيَابِسِ وَ اَلْحَجَرِ اَلْجَامِسِ وَ لَوْ فَكَّرْتَ فِي مَجَارِي أَكْلِهَا، فِي عُلْوِهَا وَ سُفْلِهَا، وَ مَا فِي اَلْجَوْفِ مِنْ شَرَاسِيفِ بَطْنِهَا وَ مَا فِي اَلرَّأْسِ مِنْ عَيْنِهَا وَ أُذُنِهَا لَقَضَيْتَ مِنْ خَلْقِهَا عَجَباً وَ لَقِيتَ مِنْ وَصْفِهَا تَعَباً - فَتَعَالَى اَلَّذِي أَقَامَهَا عَلَى قَوَائِمِهَا وَ بَنَاهَا عَلَى دَعَائِمِهَا لَمْ يَشْرَكْهُ فِي فِطْرَتِهَا فَاطِرٌ وَ لَمْ يُعِنْهُ عَلَى خَلْقِهَا قَادِرٌ وَ لَوْ ضَرَبْتَ فِي مَذَاهِبِ فِكْرِكَ لِتَبْلُغَ غَايَاتِهِ مَا دَلَّتْكَ اَلدَّلاَلَةُ إِلاَّ عَلَى أَنَّ فَاطِرَ اَلنَّمْلَةِ هُوَ فَاطِرُ اَلنَّخْلَةِ لِدَقِيقِ تَفْصِيلِ كُلِّ شَيْءٍ وَ غَامِضِ اِخْتِلاَفِ كُلِّ حَيٍّ وَ مَا اَلْجَلِيلُ وَ اَللَّطِيفُ وَ اَلثَّقِيلُ وَ اَلْخَفِيفُ وَ اَلْقَوِيُّ وَ اَلضَّعِيفُ فِي خَلْقِهِ إِلاَّ سَوَاءٌ)، نهجُ البَلاغَةِ ،ج1 ،ص270.
عَنِ اَلصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: ( سَمِعْتُ جَدِّي رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ لِي: اِعْمَلْ بِفَرَائِضِ اَللَّهِ تَكُنْ أَتْقَى اَلنَّاسِ وَ اِرْضَ بِقِسْمِ اَللَّهِ تَكُنْ أَغْنَى اَلنَّاسِ وَ كُفَّ عَنْ مَحَارِمِ اَللَّهِ تَكُنْ أَوْرَعَ اَلنَّاسِ وَ أَحْسِنْ مُجَاوَرَةَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُؤْمِناً وَ أَحْسِنْ مُصَاحَبَةَ مَنْ صَاحَبَكَ تَكُنْ مُسْلِماً )، الأمالی (للصدوق) ،ج1 ،ص201.
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: ( قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : وَ إِنَّ اَلرُّوحَ اَلْأَمِينَ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا فَأَجْمِلُوا فِي اَلطَّلَبِ وَ لاَ يَحْمِلَنَّكُمُ اِسْتِبْطَاءُ شَيْءٍ مِنَ اَلرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوا مَا عِنْدَ اَللَّهِ مِنْ مَعَاصِيهِ فَلاَ يُنَالُ مَا عِنْدَ اَللَّهِ إِلاَّ بِالطَّاعَةِ )، مُستدرَكُ الوسائلِ ، ج13 ،ص31 .
قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): ( مَنْ رَضِيَ مِنَ اَللَّهِ بِمَا قَسَمَ لَهُ اِسْتَرَاحَ بَدَنُهُ)، بحارُ الأنوارِ ، ج68 ،ص139.
وَ مِنْ كِتَابِ اَلْمَحَاسِنِ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: ( قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ أَغْنَى اَلنَّاسِ فَلْيَكُنْ بِمَا فِي يَدَيِ اَللَّهِ أَوْثَقَ مِنْهُ بِمَا فِي أَيْدِي غَيْرِ)، الكافي،ج 2 ،ص139 ،ح 8.
عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) قَالَ: ( قَالَ رَجُلٌ عِنْدَ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَللَّهُمَّ أَغْنِنَا عَنْ جَمِيعِ خَلْقِكَ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لاَ تَقُولَنَّ هَكَذَا وَ لَكِنْ قُلِ اَللَّهُمَّ أَغْنِنَا عَنْ شِرَارِ خَلْقِكَ فَإِنَّ اَلْمُؤْمِنَ لاَ يَسْتَغْنِي عَنْ أَخِيهِ اَلْمُؤْمِنِ)، مشکاةُ الأنوارِ ، ج1 ، ص132.
وَ كَانَ مِنْ دُعَاءِ الإمامِ زينِ العَابِدينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي الرِّضَا إِذَا نَظَرَ إِلَى أَصْحَابِ الدُّنْيَا : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رِضًى بِحُكْمِ اللَّهِ ، شَهِدْتُ أَنَّ اللَّهَ قَسَمَ مَعَايِشَ عِبَادِهِ بِالْعَدْلِ ، وَ أَخَذَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ بِالْفَضْلِ .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ، وَ لَا تَفْتِنِّي بِمَا أَعْطَيْتَهُمْ ، وَ لَا تَفْتِنْهُمْ بِمَا مَنَعْتَنِي فَأَحْسُدَ خَلْقَكَ ، وَ أَغْمَطَ حُكْمَكَ .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ، وَ طَيِّبْ بِقَضَائِكَ نَفْسِي ، وَ وَسِّعْ بِمَوَاقِعِ حُكْمِكَ صَدْرِي ، وَ هَبْ لِيَ الثِّقَةَ لِأُقِرَّ مَعَهَا بِأَنَّ قَضَاءَكَ لَمْ يَجْرِ إِلَّا بِالْخِيَرَةِ ، وَ اجْعَلْ شُكْرِي لَكَ عَلَى مَا زَوَيْتَ عَنِّي أَوْفَرَ مِنْ شُكْرِي إِيَّاكَ عَلَى مَا خَوَّلْتَنِي وَ اعْصِمْنِي مِنْ أَنْ أَظُنَّ بِذِي عَدَمٍ خَسَاسَةً ، أَوْ أَظُنَّ بِصَاحِبِ ثَرْوَةٍ فَضْلًا ، فَإِنَّ الشَّرِيفَ مَنْ شَرَّفَتْهُ طَاعَتُكَ ، وَ الْعَزِيزَ مَنْ أَعَزَّتْهُ عِبَادَتُكَ . فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ، وَ مَتِّعْنَا بِثَرْوَةٍ لَا تَنْفَدُ ، وَ أَيِّدْنَا بِعِزٍّ لَا يُفْقَدُ ، وَ اسْرَحْنَا فِي مُلْكِ الْأَبَدِ ، إِنَّكَ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ ، الَّذِي لَمْ تَلِدْ وَ لَمْ تُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُواً أَحَدٌ )، الصحیفةُ السَّجادیَّةُ ، ج1 ،ص158.