بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورحَمُةّ الله وبُركآتُهْ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورحَمُةّ الله وبُركآتُهْ
قَالَ تَعالَى في كِتابِهِ المُعَظَّمِ : ﴿ .........كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۖ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾، سُورَةُ الأنعَامِ ، الآية 54.
" كتب " تأتي في كثير من الأحيان كناية عن الالزام والتعهد، إذ إن من نتائج الكتابة توكيد الأمر وثبوته
وقَالَ تَعالَى في الكِتابِ المَجيدِ:﴿ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ۚ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ۖ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾، سُورَةُ الأعرافِ ، الآية 156.
إنَّ هذهِ الرَّحمَةَ الواسعَةَ يُمكنْ أنْ تكونَ إشارةً إلَى النِّعمِ والمواهبِ الدُّنيويَّةِ الّتي تشملُ الجميعَ ويستفيدُ مِنْهَا الكُلُّ، بَراً وفاجراً، صالحاً وطالحاً.
كمَا يُمكنُ أنْ تكونَ إشارةً إلَى أنواعِ الرَّحمةِ الماديَّةِ والمعنويَّةِ، لأنَّ النِّعمَ المعنويَّةَ لَا تختصُّ بقومٍ دونَ قومٍ، وإنْ كانَ لهَا شرائطٌ تتوفرُ لدَى الجميعَ
وبعبارةٍ أُخرَى: إنَّ أبوابَ الرَّحمةِ الإلهيَّةِ مفتوحةٌ للجميعِ، وإنَّ النَّاسَ هُمُ الّذينَ عليْهُم أنْ يُقرروا دخولَ هذهِ الأبوابُ فلو لَمْ تَتوفرَ شرائطُ الورودِ في بعضِ النَّاسِ فإنَّ ذلكَ دليلٌ علَى تقصيرِهِم هُمُ ، لَا مَحدوديَّةُ الرَّحمَةِ الإلهيَّةِ ،لأنَّ صِفةَ الرَّحمةِ مِنَ الصِّفاتِ الأخلاقيَّةِ الرَّفيعَةِ، وهي دليلٌ علَى صفاءِ القلبِ وطهارتِهِ ونظافتِهِ؛ فعلَى المؤمنِ أنْ يكونَ رحيماً بنفسِهِ أولاً، ورحيماً بأهلِهِ، ورحيماً بأصدقائه، ورحيماً بجيرانِهِ، ورحيماً بأبناءِ مُجتمعِهِ، بلْ ورحيماً حتَّى بأعدائِهِ !
فلَابِدَّ أنْ يرحمَ النَّاسُ بعضَهُم بعضاً، وأنْ يَعطِفَ بعضُهم علَى بعضٍ، وأنْ يشفِقَ بعضُهُم علَى بعضِ، وليسَ أنْ يتعامَلوا معَ بعضِهِم بِقَسوَةٍ وغِلظَةٍ وفَظاظَةٍ لأنَّهُ خلافَ التَّعاليمَ الدينيَّةِ، والفطرةَ السليمَةِ، ومنطقَ العَقلِ .
فالتَّحلي بصفَةِ الرَّحمةِ والتَّراحمِ بينَ النَّاسِ مِنَ القِيَّمِ الأخلاقيَّةِ الفُضلَى الّتي حَثَّ عليْهَا الإسلامُ، وأمرَ أتبَاعَهُ بالتَّحلَي بِهَا، والعملِ بمقتضَاهَا؛ لِمَا لَهَا مِنْ فوائدٍ كُبرَى في بناءِ الإجتماعِ الإنساني ، فقدْ أكدَتْ النُّصوصُ الدينيَّةِ علَى أهميَةِ التَّحلي بصِفَةِ الرَّحمَةِ والتَّراحُمِ بينَ المؤمنينَ، وتجنبِ القَسوَةِ والغِلظَةِ والفَظاظَةِ في التَّعاملِ معَ الآخرينَ
فقد رُوي عنْ رسولِ اللهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أنَّهُ قَالَ : ( اَلرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ اَلرَّحْمَنُ اِرْحَمُوا مَنْ فِي اَلْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي اَلسَّمَاءِ )، مستدرك الوسائل ج12 ص385 ، وقولُهُ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): ( إنّ اللَّهَ رَحيمٌ يُحِبُّ الرَّحيمَ، يَضَعُ رحمَتَهُ على كُلِّ رحيمٍ )، كنز العمّال ، ج 4، ص 249 ،ح 10381 .
وقولُهُ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): ( إنّما يَرحَمُ اللَّهُ مِن عِبادِهِ الرُّحَماءَ )، كنز العمّال ، ج 3، ص 162 ،ح 5967 .
وقال الإمامُ عليٌّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): ( أحسِنْ يُحسَنْ إلَيكَ...، إرحَمْ تُرحَمْ )، أمالي الصدوق : 174 / 9
وَعَنِ اَلنَّبِيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: ( وَ اَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يَضَعُ اَللَّهُ اَلرَّحْمَةَ إِلاَّ عَلَى رَحِيمٍ قُلْنَا يَا رَسُولَ اَللَّهِ كُلُّنَا رَحِيمٌ قَالَ اَلَّذِي يَرْحَمُ نَفْسَهُ وَ أَهْلَهُ خَاصَّةً ذَاكَ اَلَّذِي يَرْحَمُ اَلْمُسْلِمِينَ )، مستدركُ الوسائلِ ، ج12، ص242.
اَلْعَلاَّمَةُ اَلْحِلِّيُّ فِي اَلرِّسَالَةِ اَلسَّعْدِيَّةِ ، عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: ( وَ اَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يَضَعُ اَللَّهُ اَلرَّحْمَةَ إِلاَّ عَلَى رَحِيمٍ قَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ كُلُّنَا رَحِيمٌ قَالَ لَيْسَ اَلَّذِي يَرْحَمُ نَفْسَهُ وَ أَهْلَهُ خَاصَّةً وَ لَكِنِ اَلَّذِي يَرْحَمُ اَلْمُسْلِمِينَ وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ تَعَالَى إِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ رَحْمَتِي فَارْحَمُوا )، مستدركُ الوسائلِ ، ج9، ص54.
عنْ رسولِ اللهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أنَّهُ قَالَ: ( ليس مِنّا مَن لم يَرحَم صغيرَنا ولم يُوَقّر كبيرَنا )، الكافي ،ج 2، ص 165.
أميرُ المؤمنينَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أنَّهُ قالَ: ( مَنْ لَمْ يَرْحَمِ اَلنَّاسَ مَنَعَهُ اَللَّهُ رَحْمَتَهُ )، غرر الحکم ج1 ص651.
ومنْ أوضحِ مصَاديقِ التَعاطي بالرَّحمَةِ مِن أوسَعِ أبوابِهَا في هذهِ الحياةِ هيَ المرأةُ الأمُّ ، فالمرأةُ بطبيعتِهَا الأُنثويَّةِ هي ينبوعُ الرَّحمةِ والعطفِ والرَّأفةِ والحنانِ، فكيفَ إذا كانت هذهِ المرأةُ هي سيدةُ نساءِ العَالمينَ منَ الأولينَ والآخرينَ؟!
فمِنَ الصِّفاتِ البَارزَةِ في شخصيَّةِ السَّيدةِ فاطمةَ الزهراءِ (عَلَيْهِا اَلسَّلاَمُ) صفةِ الرَّحمةِ والعطفِ والشَّفقةِ والرأفةِ، فقدْ كانتْ (عَلَيْهِا اَلسَّلاَمُ) في غايةِ الرَّحمةِ والعطفِ، وفي منتهى الشَّفقةِ والرَّأفةِ .
إنَّ السَّيدةَ الزَّهراءِ (عَلَيْهِا اَلسَّلاَمُ) قدْ سارتْ بسيرةِ أبيهَا رسولِ اللهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الّذي كانَ يتميَّزُ بعظيمِ الرَّحمةِ، حيثُ كانتْ الرَّحمةُ صفةً منْ صفاتِهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وسِمَةً مِنْ سماتِهِ البَارزةِ، وعلامَةً منْ علاماتِهِ الفَارقةِ؛ فقدْ جسّدَ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قيمَةَ الرَّحمةِ في جميعِ أبعادِ حياتِهِ، قولاً وفعلاً، فهو المبعوثُ رحمةً للعالمينَ ، قالَ تَعالَى :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾، سُورَةُ الأنبياءِ ، الآية 107. وهكذا نَهجتْ بضعتَهُ السَّيدةُ فاطمةُ الزَّهراءِ (عَلَيْهِا اَلسَّلاَمُ) نَفسَ النَّهجِ .
ومعالمُ الرَّحمةِ في سيرةِ السَّيدةِ فاطمةَ الزَّهراءِ (عَلَيْهِا اَلسَّلاَمُ) كانتْ في عِدَّةِ مواقفٍ مُهمَّةٍ: كالرَّحمةِ بأبيِهَا رسولِ اللهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، والرَّحمةِ بزوجِهَا أميرِ المؤمنينَ (عَلَيْهِا اَلسَّلاَمُ)، والرَّحمةِ بالفقراءِ والمساكينَ، والرَّحمةِ بجيرانِهَا، معَ ذكرِ مجموعةٍ منَ الأمثلَةِ والنَّماذجِ علَى ذلكَ .
كانتْ السَّيدةُ الزَّهراءِ (عَلَيْهِا اَلسَّلاَمُ) تفيضُ رحمةً وعطفاً ورأفةً وحناناً بأبيِهَا رسولِ اللهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حتَّى كنّاها بـ (أم ابيها) وذلكَ لِكَثرَةِ رحمتِهَا وعطفِهَا وحنوهَا عليه (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وكانَ كثيراً مَا يُرَدِّدُ: (فداكِ أبي وأمي)
هذهِ الكُنيَةِ تَدِّلُ أيضاً علَى أنَّ السَّيدةَ الزَّهراءِ (عَلَيْهِا اَلسَّلاَمُ) قامتْ بدورِ الأمِّ في العِنايَةِ بأبيهَا (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) والإهتمامِ بشؤونِهِ والرَّأفةِ بِهِ، والعطفِ عليْهِ، ولذلكَ كانَ الرَّسولُ الأكرمُ (صلى الله عليه وآله) يُعاملُهَا معاملَةَ الأُمِّ أيضاً؛ فيقومُ لَهَا ويُقَبِّلُ يَدَهَا ويُجلسَهَا مجلسَهُ، كمَا كانتْ تفعلُ هيَ معَهُ نفسَ الصَّنيعِ .
وفي هذا درسٌ عظيمٌ نتعلَمَهُ في الأُسرةُ الإسلاميَّةِ منْ سيرةِ السَّيدةِ فاطمةَ الزهراءِ (عَلَيْهِا اَلسَّلاَمُ) في الرَّحمةِ بالآباءِ والأمهاتِ، وخصوصاً في فترةِ الشَّيخوخةِ المُتأخرَةِ حيثُ يكونونَ بأمسِّ الحاجةِ إلِى العنايةِ والرعايةِ، وإظهارِ مظاهرِ الرَّحمةِ والعطفِ والحنانِ لَهُم، وتَفَقُدِ أحوالِهِم، والقيامِ بمَا يحتاجونَ إليهِ منْ مُهماتٍ وخدماتٍ ورعايةٍ وإهتمامٍ ، ومنْ معالمِ الرَّحمةِ عنايةِ الزَّهراءِ (عَلَيْهِا اَلسَّلاَمُ) بزوجِهَا أميرِ المؤمنينَ (عَلَيْهِا اَلسَّلاَمُ)، ورحمتِهَا بِهِ، والإهتمامِ بشؤونِهِ، والعطفِ عليْهِ .
فمِنْ صفاتِ المَرأةِ الصَّالحةِ، المعاشرةِ الحَسنَةِ، وطيبِ المُعاملَةِ، و منْ مظاهرِ الرَّحمةِ في الحياةِ الزَّوجيَّةِ أنْ تُراعي الزَّوجةُ ظروفَ زوجِهَا المَاليَّةِ، وقدراتِهِ المَاديَّةِ، وعدمِ إجبارِهِ علَى شراءِ أشياءٍ كماليَّةٍ بمَا لَا يتناسبُ معَ وضعَهِ المَادي لأنَّ ذلكَ قدْ يُجبرُهُ علَى الإقتراضِ وتحملُ أعباءَ الدِّيونِ الثَّقيلَةِ .
كانتْ السَّيدةُ الزَّهراءِ (عَلَيْهِا اَلسَّلاَمُ) لَا تُكَلِّفُ زوجَهَا شيئاً، ولَا تَطلبُ منْهُ أيُّ شيءٍ، وعندمَا يعلمُ أميرُ المؤمنينَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) بعدمِ وجودِ طعامٍ في البيتِ يقولُ لَهَا: يا فاطمةُ ألَا كنُتِ أعلمتِني فأبغيكمْ شيئاً؟
فتقولُ (عَلَيْهِا اَلسَّلاَمُ): ( يَا أَبَا اَلْحَسَنِ إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْ إِلَهِي أَنْ تُكَلِّفَ نَفْسَكَ مَا لاَ تَقْدِرُ عَلَيْهِ )، بحار الأنوار ، ج43، ص95.
وفي هذا درسٌ آخرٌ منْ دروسِ الرَّحمةِ الفَاطميَّةِ وهو تَفَهُّمَ ظروفَ الزَّوجِ، وعدمَ الضَّغطِ عليْهِ، ومراعاةَ ظروفهِ الماديَّةِ، والرَّحمةِ بِهِ، وعدمَ تكليفِهِ بمَا لَا يُطاقُ
نعمْ يستجبُ للزَّوجِ إذا كانَ مقتدراً أنْ يُوسِّعَ على عيالِهِ، وأنْ لا يبخلَ عليهِم بشيءٍ، فقدْ رُوي عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلاَّدٍ ، عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، قَالَ: ( يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى عِيَالِهِ لِئَلاَّ يَتَمَنَّوْا مَوْتَهُ، وَ تَلاَ هَذِهِ اَلْآيَةَ وَ يُطْعِمُونَ اَلطَّعٰامَ عَلىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً اَلْأَسِيرُ عِيَالُ اَلرَّجُلِ، يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ إِذَا زِيدَ فِي اَلنِّعْمَةِ أَنْ يَزِيدَ أُسَرَاءَهُ فِي اَلسَّعَةِ عَلَيْهِمْ». ثُمَّ قَالَ: إِنَّ فُلاَناً أَنْعَمَ اَللَّهُ عَلَيْهِ بِنِعْمَةٍ فَمَنَعَهَا أُسَرَاءَهُ وَ جَعَلَهَا عِنْدَ فُلاَنٍ، فَذَهَبَ اَللَّهُ بِهَا، قَالَ مُعَمَّرٌ : وَ كَانَ فُلاَنٌ حَاضِراً )، الکافي ، ج4،ص11 .
وعن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ) قال: ( إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَى اَللَّهِ أَحْسَنُكُمْ عَمَلاً وَ إِنَّ أَعْظَمَكُمْ عِنْدَ اَللَّهِ عَمَلاً أَعْظَمُكُمْ فِيمَا عِنْدَ اَللَّهِ رَغْبَةً وَ إِنَّ أَنْجَاكُمْ مِنْ عَذَابِ اَللَّهِ أَشَدُّكُمْ خَشْيَةً لِلَّهِ وَ إِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنَ اَللَّهِ أَوْسَعُكُمْ خُلُقاً وَ إِنَّ أَرْضَاكُمْ عِنْدَ اَللَّهِ أَسْبَغُكُمْ عَلَى عِيَالِهِ وَ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَلَى اَللَّهِ أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ )، من لا یحضره الفقیه ج4 ص408.
عَنِ اِبْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنِ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: قَالَ: ( صَاحِبُ اَلنِّعْمَةِ يَجِبُ عَلَيْهِ اَلتَّوْسِعَةُ عَلَى عِيَالِهِ )، وسائل الشیعة ج21 ص540.
ومنْ معالمِ الرَّحمةِ عندَ السَّيدةِ الزهراءِ (عَلَيْهِأ اَلسَّلاَمُ)، أنَّها كانت رحيمةً بالفقراءِ والمساكينَ والضعفاءِ والعجزةِ، فكانت تتبرعُ بأجودِ مَا لديهَا إليهم، وعندمَا لَا يوجدُ عندهَا ما تنفقُهُ عليهم تتبرعُ ولو بطعامِهَا وطعامِ أولادِها وزوجِهَا؛ إذْ كانتْ منَ المعنيين - مع زوجها وولديها - بقوله تعالى: ﴿ ِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا ﴾، سُورَةُ الإنسانِ ، الآية 8.
وما كانتْ السَّيدةُ الزهراءُ (عَلَيْهِا اَلسَّلاَمُ) تردُ سائلاً يسألُ، أو طارقاً يطرقُ بابَ بيتِهَا؛ بلْ تتبرعُ إليهِ بمَا تستطيعُ، حيثْ سجلَتْ لنَا كُتبُ التَّاريخِ نماذجَ مشرقةً من سيرةِ السَّيدةِ الزهراءِ (عَلَيْهِا اَلسَّلاَمُ) في البِّرِ بالفقراءِ والمساكينَ، وقدْ أعطَتْ أروعَ صورَ العطاءِ والإنفاقِ والبذلِ والبِّرِ بالمحتاجينَ، عندمَا تصدَقَتْ بثوبِ زفافِهَا ليلة َعرسِهَا لفتاةٍ فقيرةٍ منَ الأنصارِ . إنتهى