هو أحد أباة الضيم، ومن مقدمي علماء أهل البيت، قد اكتنفته الفضائل من شتى جوانبه، علم متدفق، وورع موصوف، وبسالة معلومة، وشدة في البأس، وشمم يضع له كل جامع، وإباء يكسح عنه أي ضيم، كل ذلك موصول بشرف نبوي، ومجد علوي، وسؤدد فاطمي، وروح حسيني.
والشيعة على بكرة أبيها لا تقول فيه إلا بالقداسة، وترى من واجبها تبرير كل عمل له من جهاد ناجع، ونهضة كريمة، ودعوة إلى الرضا من آل محمد، تشهد لذلك كله أحاديث أسندوها إلى النبي صلى الله عليه وآله وأئمتهم عليهم السلام، ونصوص علمائهم، و مدايح شعرائهم وتأبينهم له، وإفراد مؤلفيهم أخباره بالتدوين.
أما الأحاديث فمنها قول رسول الله صلى الله عليه وآله للحسين السبط: يخرج من صلبك رجل يقال له: زيد يتخطا هو وأصحابه رقاب الناس يدخلون الجنة بغير حساب 1.
وقوله صلى الله عليه وآله فيه: إنه يخرج ويقتل بالكوفة ويصلب بالكناسة، يخرج من قبره نبشا، وتفتح لروحه أبواب السماء، وتبتهج به أهل السموات والأرض 2.
وقول أمير المؤمنين عليه السلام وقد وقف على موضع صلبه بالكوفة فبكى وبكى أصحابه فقالوا له: ما الذي أبكاك؟! قال: إن رجلا من ولدي يصلب في هذا الموضع، من رضي أن ينظر إلى عورته أكبه الله على وجهه في النار 3.
وقول الإمام الباقر محمد بن علي عليهما السلام: أللهم اشدد أزري بزيد. وكان إذا نظر إليه يمثل:
لعمرك ما إن أبو مالك *** بواه ولا بضعيف قواه
ولا بالألد له وازع *** يعادي أخاه إذا ما نهاه
ولكنه هين لين *** كعالية الرمح عرد نساه
إذا سدته سدت مطواعة *** ومهما وكلت إليه كفاه
أبو مالك قاصر فقره *** على نفسه ومشيع غناه 4
ودخل عليه زيد فلما رآه تلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ ... ﴾ 5 . ثم قال: أنت والله يا زيد من أهل ذلك 6.
وقول الصادق عليه السلام: إنه كان مؤمنا، وكان عارفا، وكان عالما، وكان صدوقا، أما إنه لو ظفر لوفى، أما إنه لو ملك لعرف كيف يصنعها 7.
وقوله الآخر لما سمع قتله: إنا لله وإنا إليه راجعون، عند الله أحتسب عمي إنه كان نعم العم، إن عمي كان رجلا لدنيانا وآخرتنا، مضى والله عمي شهيدا كشهداء استشهدوا مع رسول الله وعلي والحسين مضى والله شهيدا 8.
وقوله الآخر: إن زيدا كان عالما، وكان صدوقا، ولم يدعكم إلى نفسه وإنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد، ولو ظفر لوفى بما دعاكم إليه، وإنما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه 9.
وقوله الآخر في حديث: أما الباكي على زيد فمعه في الجنة، أما الشامت فشريك في دمه.
وقول الرضا سلام الله عليه: إنه كان من علماء آل محمد غضب لله فجاهد أعداءه ، حتى قتل 10. والأحاديث في ذلك كثيرة وإنما اقتصرنا على المذكور تحريا للايجاز.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. عيون أخبار الرضا لشيخنا الصدوق في الباب ال 25، وكفاية الأثر.
2. عيون أخبار الرضا لشيخنا الصدوق.
3. كتاب الملاحم لسيدنا ابن طاوس في الباب ال 31.
4. الأغاني 20 ص 127.
5. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 135، الصفحة: 100.
6. الروض النضير 1 ص 55.
7. رجال الكشي ص 184.
8. عيون أخبار الرضا.
9. الكافي.
10. عيون الأخبار لشيخنا الصدوق.
تعليق