بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ اللهِ وَبَرَكآتُهْ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ اللهِ وَبَرَكآتُهْ
ولد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) في المدينة المنورة في كنف العلم وبيت الهداية ومجمع الفضائل ومنبع الوحي وصرح الإباء والشرف في سنة (80هـ) وعمره الشريف يوم استشهاده (42 سنة) وكانت سنة استشهاده (122هـ).
وأمّا أُمّه فاسمها حورية أو حوراء اشتراها المختار بن أبي عبيدة الثقفي وأهداها إلى علي بن الحسين (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)
رَوَى أَبُو اَلْفَرَجِ اَلْأَصْفَهَانِيُّ فِي مَقَاتِلِ اَلطَّالِبِيِّينَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى زِيَادِ بْنِ اَلْمُنْذِرِ قَالَ: اِشْتَرَى اَلْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ جَارِيَةً بِثَلاَثِينَ أَلْفاً فَقَالَ لَهَا أَدْبِرِي فَأَدْبَرَتْ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَقْبِلِي فَأَقْبَلَتْ ثُمَّ قَالَ مَا أَرَى أَحَداً أَحَقَّ بِهَا مِنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَبَعَثَ بِهَا إِلَيْهِ وَ هِيَ أُمُّ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ، وأنجبت له زيداً وعمر، وعلياً وخديجة.
مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ اَلْحِلِّيُّ فِي اَلسَّرَائِرِ ، عَنْ كِتَابِ أَبِي اَلْقَاسِمِ بْنِ قُولَوَيْهِ قَالَ رَوَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ -فَكَانَ إِذَا صَلَّى اَلْفَجْرَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى تَطْلُعَ اَلشَّمْسُ فَجَاءُوهُ يَوْمَ وُلْدِ فِيهِ زَيْدٌ فَبَشَّرُوهُ بِهِ بَعْدَ صَلاَةِ اَلْفَجْرِ قَالَ فَالْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَ قَالَ: ( أَيَّ شَيْءٍ تَرَوْنَ أَنْ أُسَمِّيَ هَذَا اَلْمَوْلُودَ قَالَ فَقَالَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ سَمِّهِ كَذَا سَمِّهِ كَذَا قَالَ فَقَالَ يَا غُلاَمُ عَلَيَّ بِالْمُصْحَفِ قَالَ فَجَاءُوا بِالْمُصْحَفِ فَوَضَعَهُ عَلَى حِجْرِهِ قَالَ ثُمَّ فَتَحَهُ فَنَظَرَ إِلَى أَوَّلِ حَرْفٍ فِي اَلْوَرَقَةِ وَ إِذَا فِيهِ ﴿ وَ فَضَّلَ اَللّٰهُ اَلْمُجٰاهِدِينَ عَلَى اَلْقٰاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ﴾، سُورَةُ النِّساءِ، الآية 95، قَالَ ثُمَّ طَبَّقَهُ ثُمَّ فَتَحَهُ فَنَظَرَ فَإِذَا فِي أَوَّلِ اَلْوَرَقَةِ ﴿ إِنَّ اَللّٰهَ اِشْتَرىٰ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوٰالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ اَلْجَنَّةَ يُقٰاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي اَلتَّوْرٰاةِ وَ اَلْإِنْجِيلِ وَ اَلْقُرْآنِ وَ مَنْ أَوْفىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اَللّٰهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ اَلَّذِي بٰايَعْتُمْ بِهِ وَ ذٰلِكَ هُوَ اَلْفَوْزُ اَلْعَظِيمُ ﴾، سُورَةُ التَّوبَةِ، الآية 111، ثُمَّ قَالَ هُوَ وَ اَللَّهِ زَيْدٌ هُوَ وَ اَللَّهِ زَيْدٌ فَسُمِّيَ زَيْداً ). السرائر،ج 3،ص638، قسم المستطرفات .
وفي الروض النضير بعد نقل الآيتين، قال الاِمام: ( عزّيت عن هذا المولود وأنّه لمن الشهداء) السياغي: الروض النضير،ج 1، ص100. وإنّما اختار الاِمام هذا الاسم بعد التفاوَل بالقرآن والمفاجأة بالآيتين، في صدر الورقة لما تضافر عن النبي والوصي والحسين بن علي (عَلَيْهِم السَّلاَمُ) رَوَى اَلشَّيْخُ اَلصَّدُوقُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ بَابَوَيْهِ فِي كِتَابِ عُيُونِ أَخْبَارِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ اَلدَّقَّاقُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ اَلْقَاضِي اَلْعَلَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ اَلنَّاصِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رُشَيْدٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِي مُعَمَّرِ سَعِيدِ بْنِ خَيْثَمٍ عَنْ أَخِيهِ مُعَمَّرٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ اَلصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فَجَاءَهُ زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) إِلَى أَنْ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: ( حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ وُلْدِهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: زَيْدٌ يُقْتَلُ بِالْكُوفَةِ، وَ يُصْلَبُ بِالْكُنَاسَةِ....اَلْحَدِيثَ)،عيون أخبار الرضا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ،ج 1،ص250، الباب 25 ، فأيقن أنّ المولود هو الذي تنبّأ به الرسول الاَعظم (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه)
نقل السياغي عن الشيخ أبي محمد يحيى بن يوسف بن محمد الحجوري الشافعي: أنَّ زيداً كان أبيض اللون، أعين، مقرون الحاجبين، تام الخلق، طويل القامة، كث اللحية، عريض الصدر، أقنى الاَنف، أسود الرأس واللحية، إلاّ أنّه خالطه الشيب في عارضيه.
كان مثل جده (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) في شجاعته وسخاوته وفصاحته وبلاغته وعلمه وحلمه
وقال الشيخ المفيد قدس سره: " وكان زيد بن علي بن الحسين (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)
عين إخوته بعد أبي جعفر (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وأفضلهم، وكان عابدا ورعا فقيها
سخيا شجاعا، وظهر بالسيف يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويطلب بثارات
الحسين (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).
واعتقد كثير من الشيعة فيه الإمامة، وكان سبب اعتقادهم ذلك فيه خروجه
بالسيف يدعو إلى الرضا من آل محمد (عَلَيْهِم السَّلاَمُ) فظنوه يريد بذلك نفسه
ولم يكن يريدها به لمعرفته باستحقاق أخيه للإمامة من قبله ووصيته عند وفاته
إلى أبي عبد الله (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ، ولما قتل بلغ ذلك من أبي عبد الله الصادق (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) كل مبلغ وحزن له حزنا عظيما حتى بان عليه، وفرق من ماله في عيال من
أصيب معه من أصحابه ألف دينار
يمكن معرفة الدوافع الرئيسية لثورة زيد (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) حيث قال: (إني أدعو إلى كتاب الله وسنة نبيه وإحياء السنن وإماتتة البدع فإن تسمعوا يكن خيرا لكم ولي وإن تأبوا فلست عليكم بوكيل).
وقال (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): (وإنما خرجت على بني أمية لأنهم قتلوا جدي الحسين (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وأغاروا على المدينة يوم الحرة ثم رموا بيت الله بالمنجنيق والنار)
وهناك أسباب ودوافع أخرى للثورة منها المؤامرة القذرة التي حاك خيوطها (اللعين) يوسف بن عمر الثقفي والي العراق من قبل الطاغية هشام الاموي الذي ادعى أن "خالد بن عبد الله القسري" الوالي السابق كان قد أعطى زيداً (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ستمائة ألف درهم وكتب بذلك إلى "هشام" وكان "يوسف" هذا قد اشتهر بولائه الشديد للأمويين بقدر بغضه الشديد للعلويين.
وظل يوسف يحيك الدسائس على زيد حتى أرسل هشام يطلب زيداً منه فلما دخل عليه قال هشام: (أنت المؤهل نفسك للخلافة، الراجي لها وما أنت وما ذاك، لا أم لك وإنما أنت ابن أمة). فقال له زيد (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): (إني لا أعلم أحداً أعظم منزلة عند الله من نبي بعثه وهو ابن أمة، فلو كان ذلك يقصر عن منتهى غاية لم يبعث وهو إسماعيل بن إبراهيم الخليل، فالنبوة أعظم منزلة عند الله من الخلافة يا هشام، وبعد فما يقصر برجل أبوه رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه)وهو ابن علي بن أبي طالب (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)). فوثب هشام من مجلسه وقال: (لا يبيتن هذا في عسكري فخرج زيد (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وهو يقول: (لم يكره قوم قط حر السيوف إلا ذلوا) وسُمِعَ يقول: (فوالله لو لم يكن إلا أنا ويحيى ابني لخرجت عليه ــ أي هشام ــ وجاهدته حتى أفنى)
لقد اختار زيد الكوفة منطلقاً لثورته فهي المدينة الوحيدة التي زخر تاريخها السياسي بمواجهة النظام الأموي وهي قاعدة المعارضة الشيعية الدائمة للشام، وأقبل الناس يختلفون إليه ويبايعونه حتى أحصي ديوانه فكان خمسة عشر ألف رجل سوى أهل المدائن والبصرة وواسط والموصل وخراسان والري وجرجان والجزيرة، وقيل إن عدد المبايعين بلغ أربعين ألفاً وقد بايعه كبار الفقهاء، وكان أبو حنيفة يفتي سراً بالجهاد معه ودعم الثورة بالمال والخروج معه
خرج زيد في غير الوقت الذي عينه مع أصحابه بعد أن انكشف أمره عن طريق الجواسيس المندسين في صفوفه، فقام والي الكوفة بعدة إجراءات لوأد الثورة قبل قيامها، فجمع أهل الكوفة في المسجد ومنعهم من الخروج لشؤونهم حتى إلقاء القبض على زيد (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وقتله، لذلك قرر زيد الخروج قبل الوقت المحدد فدعا أتباعه إلى الخروج في ليلة شديدة البرد وكانت ليلة الأربعاء فلم يجب دعوته سوى مائتين وخمسة عشر رجلا، فخرجوا وهم يوقدون النيران في المشاعل إيذانا بإعلان الثورة تحت شعار (يا منصور أمت)، وواجه زيد بهذه القلة جيشاً منظماً تعداده "خمسة عشر ألف" مقاتل لكنه لم يتراجع ولم يهن وصمم على القتال فحاول السيطرة على الكوفة وفك الحصار عن أصحابه المحبوسين في المسجد لكنه لم يستطع لكثرة الجيش الأموي ولإحكام الحصار على المسجد وقلة أنصاره، فكان جند الوالي الاموي يرمون زيداً وأصحابه بالسهام من فوق أسوار المسجد، فانسحب زيد (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وقرر مقاتلة الجند خارج الكوفة، فاصطدم بقوة قوامها خمسمائة رجل فهزمهما.
وفي اليوم التالي الخميس (الثاني من صفر سنة 122 هـ) عبأ يوسف بن عمر جيش الشام بعد أن جاءته تعزيزات وإمدادات فاصطدم بزيد (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وانصاره وقد قل أصحابه وبقي معه القلة القليلة من المخلصين وفي هذا اليوم، فقد زيد (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) واحداً من أكفأ أصحابه وأشجعهم وهو "نصر بن معاوية" الذي ضرب المثل الأعلى في الصبر والعزيمة والثبات والشجاعة، وقد قال لزيد عند خروجه: (إنما علي أن أضرب بسيفي حتى أموت). وكان هذا الرجل يمثل الذراع الأيمن لزيد (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ، وكثر القتل في أصحابه فبان النقص فيهم، ثم قُتل "معاوية بن إسحاق" والذي كان بمنزلة "نصر" في الشجاعة والإخلاص، ثم ضُرب زيد (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بسهم في جبهته فبلغ دماغه فسقط وحمله من بقي من أصحابه وطلبوا طبيباً لانتزاع السهم، فقال له الطبيب: (إنك إن نزعته مت الآن). فقال زيد (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) (الموت أهون عليَّ مما أنا فيه). فسحب الطبيب كلبتي السهم فانتزعه ففاضت روحه الطاهرة إلى بارئها.
حفر له أصحابه قبراً وسط ساقية ودفنوه فيه وردموها ووضعوا عليها النبات، وكان في تلك المنطقة عبداً سندياً كان يراقبهم وهم لا يعلمون بوجوده، فلما انتهوا وتفرقوا أسرع العبد وأخبر "يوسف بن عمر" الذي استخرجه وقطع رأسه وأرسله إلى هشام فأرسله الطاغية هشام إلى المدينة فعلق عند قبر رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) ثم أرسل إلى مصر حيث طيف به هناك، أما الجسد الطاهر فصُلب منكوساً بسوق الكناسة وصلب معه اصحابه، وبقي مصلوبا على هذا الحال طيلة أربع سنوات ولما مات الطاغية هشام وولي من بعده الوليد بن عبد الملك كتب إلى حاكم الكوفة يوسف بن عمر كتابا يأمر به بأن ينزل الجثمان المقدس ويحرقه بالنار وقام ولي الكوفة بإحراق الجسد وذره في الفرات وهو يقول: والله يا أهل الكوفة لأدعكم تأكلونه في طعامكم وتشربونه في مائكم.
تعليق