بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ اللهِ وَبَرَكآتُهْ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ اللهِ وَبَرَكآتُهْ
بعثَ معاويةُ إلَى عاهلِ الرُّومِ يطلبُ منْهُ سِمّاً فتَّاكاً ، بعدَ انْ قالَ: إنّهُ لَا يَصلحُ لنَا في ديننَا أنْ نُعينَ علَى قتالِ منْ لَا يُقاتلُنَا ، فراسلَهُ معاويةُ يقولُ: إنّ هذا الرجلَ هو إبنُ الّذي خَرَجَ بأرضِ تُهَامَةَ -يعني رسولَ اللهِ(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) ليطلبَ مُلكَ أبيكَ، وأنَا أُريدُ أنْ أدُسَّ إليهِ السمَّ فأُرِيحَ منْهُ العبادَ والبلادَ ، فَبَعَثَ مِلكُ الرُّومِ إلَى معاويةَ بالسمِّ الفتَّاكِ فَدَسَّهُ إلَى الإمامِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)عنْ طريقِ جَعدةِ .
والسؤالُ هُنَا يَطْرحُ نفسَهُ مِنْ خِلالِ رسَالةِ معَاويَةَ الَى ملِكِ الرُّومِ " إنّ هذا الرجل هو ابن الذي خرج بأرض تهامة ليطلب ملك أبيك" مَا سِرِّ هَذا التوافِقُ بينَهُمَا ؟؟؟.
والجَوابُ هوَ:- لقد كانت الدولة البيزنطيَّة متغلغلة في حكومة معاوية بن أبي سفيان، لأقصى حد وقد استعان بها لتمرير اغتيالاته السياسية المتكررة، لشخصيات ذات نفوذ قوي على الساحة الإسلامية، فهو الذي استعان بالدولة البيزنطية في قتل الإمام الحسن (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، والواضح من هذه الرواية ان معاوية وملك الروم النصراني، قد جمعهم مشترك واحد وهو بغض الرجل الذي خرج في أرض تهامة، ويقصد الرسول الأعظم (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) ، وجمعهم هدفاً واحد أيضا وهو الاشتراك في التخلص من أولاد الأنبياء، وهذا يدل على كفر معاوية وابتعاده عن الدين الإسلامي
وقال مؤلف كتاب إلزام النواصب ،ص104 - 105: أمية لم يكن - وشأن أمية بن عبد الشمس شأن العوام، فإنه لم يكن- من صلب عبد شمس وإنما هو من الروم - عبد الشمس بن عبد مناف، وإنما هو عبد من الروم- فاستلحقه عبد شمس فنسب إليه، فبنو أمية كلهم ليس من صميم قريش- كما نسب العوام إلى خويلد، فبنو أمية جميعهم ليسوا من -، وإنما هم يلحقون بهم، -ملحقون بهم وتصديق ذلك جواب - أمير المؤمنين (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أن بني أمية لصاق وليسوا صحيحي النسب إلى عبد مناف، ولم يستطع معاوية إنكار ذلك . بحار الأنوار، ج 31 ، ص 544.
وكان جواب علي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لمعاوية:
( وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ فَكَذَلِكَ نَحْنُ وَ لَكِنْ لَيْسَ أُمَيَّةُ كَهَاشِمٍ وَ لاَ حَرْبٌ كَعَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ وَ لاَ أَبُو سُفْيَانَ كَأَبِي طَالِبٍ وَ لاَ اَلْمُهَاجِرُ كَالطَّلِيقِ وَ لاَ اَلصَّرِيحُ كَاللَّصِيقِ وَ لاَ اَلْمُحِقُّ كَالْمُبْطِلِ وَ لاَ اَلْمُؤْمِنُ كَالْمُدْغِلِ وَ لَبِئْسَ اَلْخَلْفُ خَلْفٌ يَتْبَعُ سَلَفاً هَوَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَ فِي أَيْدِينَا بَعْدُ فَضْلُ اَلنُّبُوَّةِ اَلَّتِي أَذْلَلْنَا بِهَا اَلْعَزِيزَ وَ نَعَشْنَا بِهَا اَلذَّلِيلَ وَ لَمَّا أَدْخَلَ اَللَّهُ اَلْعَرَبَ فِي دِينِهِ أَفْوَاجاً وَ أَسْلَمَتْ لَهُ هَذِهِ اَلْأُمَّةُ طَوْعاً وَ كَرْهاً كُنْتُمْ مِمَّنْ دَخَلَ فِي اَلدِّينِ إِمَّا رَغْبَةً وَ إِمَّا رَهْبَةً عَلَى حِينَ فَازَ أَهْلُ اَلسَّبْقِ بِسَبْقِهِمْ وَ ذَهَبَ اَلْمُهَاجِرُونَ اَلْأَوَّلُونَ بِفَضْلِهِمْ فَلاَ تَجْعَلَنَّ لِلشَّيْطَانِ فِيكَ نَصِيباً وَ لاَ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلاً وَ اَلسَّلاَمُ ). الرسالة 17، إلى معاوية، جواباً عن كتاب منه .
ويقول ابن ابي الحديد في شرح المهاجر والطليق والصريح واللصيق
المهاجر : الذي ترك وطنه و لحق برسول اللَّه (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه)
و الطليق : الأسير اذا أطلق سبيله بعد فتح مكه
و الإمام (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يشير الى فتح مكة ، فقد كان المنتظر أن يقتص الرسول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه)منهم ، و لكنه عفى عنهم تكرّما ،
و قال : إذهبوا فأنتم الطلقاء ، و أبو سفيان و معاوية منهم.
وفي شرح معنى اللصيق والطليق يقول:
الصريح... الصحيح النسب
و اللصيق .. الدعي الملصق بغير أبيه ،(كما ورد في كل معاجم اللغه ومنها معجم المعاني الجامع).
ويذهب المقريزي في كتابه النزاع والتخاصم الى نفس هذا المذهب .
وفي شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد ج6 ص 146 يقول :
وَ مِنْ كَلاَمٍ لَهُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَهُ لِمَرْوَانَ بْنِ حَكَمٍ بِالْبَصْرَةِ قَالُوا: أُخِذَ مَرْوَانُ بْنُ حَكَمٍ أَسِيراً يَوْمَ اَلْجَمَلِ فَاسْتَشْفَعَ بِالْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ إِلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَكَلَّمَاهُ فِيهِ فَخَلَّى سَبِيلَهُ فَقَالاَ لَهُ: ( يُبَايِعُكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَوَ لَمْ يُبَايِعْنِي بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ لاَ حَاجَةَ لِي فِي بَيْعَتِهِ إِنَّهَا كَفٌّ يَهُودِيَّةٌ لَوْ بَايَعَنِي بِيَدِهِ لَغَدَرَ بِسَبَّتِهِ أَمَا إِنَّ لَهُ إِمْرَةً كَلَعْقَةِ اَلْكَلْبِ أَنْفَهُ وَ هُوَ أَبُو اَلْأَكْبُشِ اَلْأَرْبَعَةِ وَ سَتَلْقَى اَلْأُمَّةُ مِنْهُ وَ مِنْ وُلْدِهِ يَوْماً أَحْمَرَ)، بحار الأنوار ج32 ص234.
أمَّا زوجَتَه جَعدَة الزَّوجَةِ الخائنَةِ الّتي كانتْ تنتمي إلَى أُسرَةٍ فاجرَةٍ ،الخبيثة إبنة الخبيث الاشعث الذي اشترك بدم امير المؤمنين (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، والذي قاد الحركه النفاقيه ضد الامام علي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)في الكوفة كما ان ولده قيس ابن الاشعث قاد قبيلة كنده لحرب الامام الحسين (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وقد قام بسرقة قطيفة الامام عند استشهاده فسمى بـ (قيس القطيفة) وولده الاخر محمد بن الاشعث الذي قام بمحاربة مسلم بن عقيل واسره بعد ان اعطاه الامان حتى اذا قتل مسلم اشترك في قتال الامام الحسين (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فيالها من عائلة لطخت ايديها بدماء الازكياء من آل الله، وانها من تلك الشجرة الخبيثة التي التصقت بالشجرة الملعونة في القرآن، باعت دينها بدنيا غيرها ولم تحصل على ما رامت اليه، فقد هلك الاشعث بعد شهادة امير المؤمنين عليه السلام بايام قلائل وكسبت بنته جعده العار والشنار وكذلك كانت نهاية قيس بن الاشعث حيث قتله مختار الخير الثقفي .
لَمَّا تَمَّ مِنْ إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ عَشْرُ سِنِينَ وَ عَزَمَ عَلَى اَلْبَيْعَةِ لِيَزِيدَ دَسَّ إِلَى جَعْدَةَ بِنْتِ اَلْأَشْعَثِ زَوْجَةِ اَلْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِنِّي مُزَوِّجُكِ مِنْ يَزِيدَ اِبْنِي عَلَى أَنْ تَسُمَّ اَلْحَسَنَ وَ بَعَثَ إِلَيْهَا مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَتَلَتْهُ وَ سَمَّتْهُ فَسَوَّغَهَا اَلْمَالَ وَ لَمْ يُزَوِّجْهَا مِنْ يَزِيدَ فَخَلَفَ عَلَيْهَا رَجُلٌ مِنْ آلِ طَلْحَةَ فَأَوْلَدَهَا وَ كَانَ إِذَا جَرَى كَلاَمٌ عَيَّرُوهُمْ وَ قَالُوا يَا بَنِي مُسِمَّةِ اَلْأَزْوَاجِ. المناقب ج4 ص42.
وفي ذلك النهار حيث كان قد مضى أربعون يوماً أو ستون على سقيه السُّم، أتمَّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)وصاياه التي أوصى بها إلى أخيه الإمام الحسين (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وعلم باقتراب أجله
فكان (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يبتهل إلى الله تعالى قائلاً: ( اللَّهُمَّ إني أحتسب عندك نفسي، فإنها أعزُّ الأنفس عليَّ، لم أُصَب بمثلها، اللَّهُمَّ آنِسْ صرعتي، وآنس في القبر وحدتي، ولقد حاقت شربته ـ أي معاوية ـ، والله ما وفيَ بما وعد، ولا صَدَق فيما قال ). تذكرة الخواص، ص 192.
وكان(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) حين التحق بالرفيق الأعلى، يتلو آياتٍ من الذكر الحيكم
وكانت شهادته (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) في السابع من صفر سنة 50 هـ، وفي رواية في الثامن والعشرين من صفر سنة 50 هـ
وَ رَوَى عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ زِيَادِ بْنِ اَلْمُخَارِقِيِّ قَالَ: ( لَمَّا حَضَرَتِ اَلْحَسَنَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلْوَفَاةُ اِسْتَدْعَى اَلْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ: لَهُ يَا أَخِي إِنِّي مُفَارِقُكَ وَ لاَحِقٌ بِرَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَدْ سُقِيتُ اَلسَّمَّ وَ رَمَيْتُ بِكَبِدِي فِي اَلطَّسْتِ وَ إِنِّي لَعَارِفٌ بِمَنْ سَقَانِي اَلسَّمَّ وَ مِنْ أَيْنَ دُهِيتُ وَ أَنَا أُخَاصِمُهُ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَبِحَقِّي عَلَيْكَ إِنْ تَكَلَّمْتَ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ فَإِذَا قَضَيْتُ نَحْبِي فَغَمِّضْنِي وَ غَسِّلْنِي وَ كَفِّنِّي وَ اِحْمِلْنِي عَلَى سَرِيرِي إِلَى قَبْرِ جَدِّي رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِأُجَدِّدَ بِهِ عَهْداً ثُمَّ رُدَّنِي إِلَى قَبْرِ جَدَّتِي فَاطِمَةَ رَحْمَةُ اَللَّهِ عَلَيْهَا فَادْفِنِّي هُنَاكَ وَ سَتَعْلَمُ يَا اِبْنَ أُمِّ أَنَّ اَلْقَوْمَ يَظُنُّونَ أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ دَفْنِي عِنْدَ جَدِّي رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَيَجْلِبُونَ فِي مَنْعِكُمْ مِنْ ذَلِكَ وَ بِاللَّهِ أُقْسِمُ عَلَيْكَ أَنْ تُهَرِيقَ فِي أَمْرِي مِحْجَمَةَ دَمٍ ثُمَّ وَصَّى إِلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِأَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ وَ تَرَكَاتِهِ وَ مَا كَانَ وَصَّى بِهِ إِلَيْهِ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ اِسْتَخْلَفَهُ وَ أَهْلَهُ لِمَقَامِهِ وَ دَلَّ شِيعَتَهُ عَلَى اِسْتِخْلاَفِهِ وَ نَصْبِهِ لَهُمْ عَلَماً مِنْ بَعْدِهِ فَلَمَّا مَضَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِسَبِيلِهِ غَسَّلَهُ اَلْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ كَفَّنَهُ وَ حَمَلَهُ عَلَى سَرِيرِهِ فَلَمْ يَشُكَّ مَرْوَانُ وَ مَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ أَنَّهُمْ سَيَدْفَنُونَ عِنْدَ جَدِّهِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَتَجَمَّعُوا لَهُ وَ لَبِسُوا اَلسِّلاَحَ فَلَمَّا تَوَجَّهَ اَلْحُسَيْنُ بِهِ إِلَى قَبْرِ جَدِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِيُجَدِّدَ بِهِ عَهْداً أَقْبَلُوا إِلَيْهِمْ فِي جَمْعِهِمْ وَ لَحِقَتْهُمْ عَائِشَةُ عَلَى بَغْلٍ وَ هِيَ تَقُولُ مَا لِي وَ لَكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُدْخِلُوا بَيْتِي مَنْ لاَ أُحِبُّ وَ جَعَلَ مَرْوَانُ يَقُولُ: يَا رُبَّ هَيْجَاءٍ هِيَ خَيْرٌ مِنْ دَعَةٍ
أَيُدْفَنُ عُثْمَانُ فِي أَقْصَى اَلْمَدِينَةِ وَ يُدْفَنُ اَلْحَسَنُ مَعَ اَلنَّبِيِّ لاَ يَكُونُ ذَلِكَ أَبَداً وَ أَنَا أَحْمِلُ اَلسَّيْفَ وَ كَادَتِ اَلْفِتْنَةُ تَقَعُ بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَ بَنِي أُمَيَّةَ ، فَبَادَرَ اِبْنُ عَبَّاسٍ إِلَى مَرْوَانَ فَقَالَ لَهُ اِرْجِعْ يَا مَرْوَانُ مِنْ حَيْثُ جِئْتَ فَإِنَّا مَا نُرِيدُ دَفْنَ صَاحِبِنَا عِنْدَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَكِنَّا نُرِيدُ أَنْ نُجَدِّدَ بِهِ عَهْداً وَ بِزِيَارَتِهِ ثُمَّ نَرُدَّهُ إِلَى جَدَّتِهِ فَاطِمَةَ رَحْمَةُ اَللَّهِ عَلَيْهَا فَنَدْفَنُهُ بِوَصِيَّتِهِ عِنْدَهَا وَ لَوْ كَانَ وَصَّى بِدَفْنِهِ مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَعَلِمْتَ أَنَّكَ أَقْصَرُ بَاعاً مِنْ رَدِّنَا عَنْ ذَلِكَ وَ لَكِنَّهُ كَانَ أَعْلَمَ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ بِحُرْمَةِ قَبْرِهِ مِنْ أَنْ يَطْرُقَ عَلَيْهِ هَدْماً كَمَا طَرَقَ ذَلِكَ غَيْرُهُ وَ دَخَلَ بَيْتَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَ قَالَ وَا سَوْأَتَاهْ يَوْماً عَلَى بَغْلٍ وَ يَوْماً عَلَى جَمَلٍ تُرِيدِينَ أَنْ تُطْفِئِي نُورَ اَللَّهِ وَ تُقَاتِلِي أَوْلِيَاءَ اَللَّهِ اِرْجِعِي فَقَدْ كُفِيتِ اَلَّذِي تَخَافِينَ وَ بَلَّغْتِ مَا تُحِبِّينَ وَ اَللَّهُ تَعَالَى مُنْتَصِرٌ لِأَهْلِ هَذَا اَلْبَيْتِ وَ لَوْ بَعْدَ حِينٍ.. وَ قَالَ اَلْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: وَ اَللَّهِ لَوْ لاَ عَهْدُ اَلْحَسَنِ إِلَيَّ بِحَقْنِ اَلدِّمَاءِ وَ أَنْ لاَ أُهَرِيقَ فِي أَمْرِهِ مِحْجَمَةَ دَمٍ لَعَلِمْتُمْ كَيْفَ تَأْخُذُ سُيُوفُ اَللَّهِ مِنْكُمْ مَأْخَذَهَا وَ قَدْ نَقَضْتُمُ اَلْعَهْدَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ وَ أَبْطَلْتُمْ مَا اِشْتَرَطْنَا عَلَيْكُمْ لِأَنْفُسِنَا وَ مَضَوْا بِالْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَدَفَنُوهُ بِالْبَقِيعِ عِنْدَ جَدَّتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا ). الإرشاد ج2 ص17.
فراحوا إلى مقبرة البقيع، وقد اكتظَّت بالناس، فدفنوه فيها، حيث الآن يُزار مرقده الشريف (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).
وقفَ الحسينُ عند قبرِ أخيه (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)بعد أنْ حمِد اللهَ وأثنى عليه قال: ( رَحِمَكَ اللهُ أَبا مُحَمَّد! أنْ كُنْتَ لَتُباصِرُ الْحَقَّ مَظانَّهُ، وَتُؤْثِرُ اللهَ عِنْدَ مداحُضِ الْباطِلِ في مَواطِنِ التَّقيَّةِ بِحُسْنِ الرَّوِيَّةِ، وَتَسْتَشِفُّ جَليلَ مَعاظِمِ الدُّنْيا بِعَين لَها حاقِرَة، وتَفيضُ عَلَيْها يَداً طاهِرَةَ الأْطْرافِ نَقيَّةَ الأْسِّرَةِ، وَتَرْدَعُ بادِرَةَ غُرَبِ أَعْدائِكَ بِأَيْسَرِ الْمَؤُونَةِ عَلَيْكَ، وَلا غَرْوَ وَأَنْتَ ابْنُ سُلالَةِ النُّبُوَّةِ، وَرَضيعُ لِبانِ الْحِكْمَةِ، فَإِلى رَوْح وَرَيْحان وَجَنَّةِ نَعيم، أَعْظَمَ اللهُ لَنا وَلَكُمُ الأْجْرَ عَلَيْهِ، وَوَهَبَ لَنا وَلَكُمُ السَّلْوَةَ وَحُسْنَ الأْسى عَنْهُ )، كفاية الطالب، ص 268.
وهكذا عاش السبط الأكبر لرسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) نقيّاً، طاهراً، مَقهوراً، مُهتَضَماً، ومضى شهيداً، مظلوماً، مُحتَسِباً
فَسَلام الله عليه يَومَ وُلِدَ وَيَومَ إُسْتُشْهِدَ وَيَومَ يُبْعَثُ حَيَا .
تعليق