نص الشبهة:
ثبت بالاتّفاق أنّ سلمان الفارسي (رضي الله عنه) قد تأمّر على المدائن زمن خلافة عمر، وأنّ عمّار بن ياسر (رضي الله عنه) قد تأمّر على الكوفة، وهما ممّن يقول الشيعة أنّهما كانا من أنصار عليّ (عليه السلام) وشيعته، فكيف يعملون بهذه الوظائف في خلافة عمر؟.
الجواب:
إنّ تعاون هذين الصحابيّين الجليلين وغيرهما مع جهاز الخلافة حينئذاك، نابع من أصل أشار إليه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في إحدى رسائله وهو قوله: ما كان يُلقى في روعي ولا يخطر ببالي أنّ العرب تزعج هذا الأمر من بعده (صلى الله عليه وآله وسلم) عن أهل بيته، إلى أن قال: حتّى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد فَخَشِيتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرِ الاِْسْلاَمَ وَأَهْلَهُ أَنْ أَرَى فِيهِ ثَلْماً أَوْ هَدْماً، تَكُونُ الْمُصِيبَةُ بِهِ عَلَيَّ أَعْظَمَ مِنْ فَوْتِ وِلاَيَتِكُمُ الَّتِي إِنَّمَا هِيَ مَتَاعُ أَيَّام قَلاَئِلَ 1. وفي هذه الظروف الحسّاسة لا يمكن لعليّ (عليه السلام) وأصحابه صرف النظر عن جوهر الإسلام وأصله، في بذل أقصى جهدهم للمحافظة عليه، فانبرى هذا الفريق الذي هو أطهر أصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم ) ومورد مدحه الكبير وثنائه العظيم، مدافعاً عن أصل الإسلام، فقبل البعض منهم تلك المناصب حتّى وإن كانت الخلافة غير شرعية في نظرهم، للتقليل من الخسائر وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، عملاً بوظيفتهم الشرعيّة، ومنطق العقل والشرع يوجبان هذا النوع من التعاون، وكأنّ هؤلاء الأصحاب يحدّثون أنفسهم قائلين: الآن وبعدما عزل القائد العظيم الذي نصّبه الله وارتضاه هو ورسوله وبالتالي عدم تحقّق الوضع المثالي الإسلامي، إلاّ أنّ ذلك لا يمنع من تقديم خدمة للإسلام بطرق وأساليب شتّى.
بقي التذكير أنّ هذا النوع من التعاون لا يثبت ما ذهب إليه جامع الأسئلة ولا يحقّق غرضه، وكلّ ما هناك أنّه تعاون شبيه بتعاون يوسف (عليه السلام) مع المصريّين القدامى .
المصادر
1. نهج البلاغة، الكتاب رقم 62.
تعليق