لا تبقوا لاهل هذا البيت باقيه (1) اسباب النزاع والعداوه بين بني هاشم وبني اميه
الفصل الاول
الحسد يقود الى الخطيئه والعداوه
جذور النزاع والعداوه بين بني هاشم وبني اميه
بدأ النزاع بين بني هاشم وبني أميه في اليوم الذي تبنى فيه عبد شمس عبدا روميا يقال له أميه وكانت عاده العرب
أنذاك أن يحصل العبد المُتبنى على جميل حقوق وأمتيازات الولد الشرعي
فيما يلي اهم اسباب النزاع والعداوه :
1- الحسد الذي مبعثه تفوق بنو هاشم على بني اميه في السياده والرياسه فكلما ارادوا اللحاق ببني هاشم فشلوا وخابوا وسخرت منهم قريش
2- بني أميه يشعرون بالدونيه لان جدهم أميه عبد رومي تبناه عبد شمس وبنو هاشم من أصل شريف رفيع أتاهم الله مكانا عليا
(أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا)(النساء 54))
3 – يستشعر بنو أميه الخسه والضعه في نفوسهم لانهم منغمسون في الفساد والزنا وامهاتهم من ذوات الرايات ورحم الله الشاعر الشفهيني حيث يقول :
ان يحسدوك على علاك فانمـــــا متسافل الدرجات يحسد من علا
4 - وببعثه النبي محمد (ص) أكتسب الحسد زخما جديدا
فقد تمنى كل بيت من بيوتات قريش وخاصه بنو أميه ان يكون النبي المرتقب منهم فلما بعث الله محمد (ص) من بني هاشم أستشاطوا غضبا وحقدا وحسدا
5 - رفض الدين الجديد ومحاوله محوه وقتل النبي واهل بيته
انتصرالاسلام وكسر محمد (ص) اوثانهم واصنامهم ودحر دينهم وهذا دفعهم للحقد على محمد (ص) وتحين الفرص لقتله والتخلص منه ومن دينه فقلوبهم تغلي حسدا وحقدا وكرها لمحمد (ص) وبني هاشم وللدين الجديد
6 - علي (ع) حطم غرور بني اميه فحقدوا عليه وعلى ذريته
سبب اخر جديد للحقد ففي معركه بدر قتل علي (ع) دفاعا عن الاسلام فرسان بني اميه وكبارهم وهم :
1- حنظلة بن ابي سفيان أخو معاوية
2 - العاص بن سعيد العاص
3- عقبة بن أبي معيط
4 - الوليد بن عتبة أخو هند وخال معاوية
5 - عتبة وهو جد معاوية
وقد عبرت هند جده معاويه عن مقدار الكره والحقد والحسد الذي يغلي في صدرها وصدور الامويين بشق بطن حمزه (ع) والتمثيل بجثته وقطعت أجزاء من جسمه وعملت القلائد منها واستخرجت كبده ولاكته
الحسد يقود الى الخطيئه
دعونا نلقي نظره على الحسد وكيف فعل فعله في الامم السابقه والنتائج الكارثيه التي تسبب بها
فما هو الحسد ؟
الحسَد: هو أن يرى الإنسان لأخيه نعمةً، فيتمنى أن تزول عنه وتكون له دونه
اسباب او نتائج الحسد
النقاط التاليه هي أهم اسباب الحسد وقد ينشا الحسد من واحده او اكثر من هذه الاسباب وقد تكون بعض هذه النقاط ناتجه عن الحسد على راي الغزالي في كتاب احياء علوم الدين
أولا - العداوة والبغضاء
وهذه أشد أسباب الحسَد؛ فإن مَن آذاه شخص بسببٍ من الأسباب، وخالفه في أمرٍ ما بوجهٍ من الوجوه، أبغَضه قلبُه، وغضب عليه، ورسخ في نفسه الحقدُ، والحقد يقتضي منه التشفِّيَ والانتقام
وقد تكون العداوه والبغضاء من نتائج الحسد الذي حدث بفعل سبب اخر كالكبر والعصبيه العنصريه كما حدث لابليس حين تكبر وظن أن أصله من النار والنارأفضل من الطين فتكبر وحسد ادم وعصى الله ونصب العداوه والبغضاء لادم وبنيه الى يومنا هذا
(قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ) [الإسراء: 63]
(قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)(الحجر 39)
وقد تكون العداوه ناتج عن حسد حدث بسبب حب الرئاسه مثلا او خبث النفس وسوء الاصل والمنبت مثلما حصل لبني أميه مع بني هاشم حيث ناصب بنو اميه بني هاشم العداوه الى يومنا هذا وسالت بسبب ذلك الحسد الدماء الغزيره
ثانيا – التعزُّز والترفُّع
وهو أن يثقُلَ على الشخص أن يتقدم عليه غيرُه، فإذا أصاب أحدُ زملائه أو أقرانه مالًا أو منصبًا أو علمًا أو كرامه من الله حسده وتمنى زوال ذلك منه وهو ماتصفه الايه الكريمه
وقال سبحانه:
﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 54]
عن أبي جعفر (عليه السلام)، في تفسير قوله تبارك و تعالى:
{ أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ }: فنحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون الخلق جميعا
ثالثا – التكبُّر
ظن ابليس ان النار افضل من الطين وانه افضل من ادم فاصله من نار وأصل أدم من طين لذلك أحس التكبر في نفسه فحسد ادم وعصى امر الله سبحانه وتعالى
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا)الاسراء 61
رابعا – التعجب والعجب
ان بعض الناس يرى غيرَه في نعمة، فيندهش ويتعجب كيف حصل عليها هذا الشخص، وهو مثله، أو انه أحق بها منه؟ فعند ذلك يقع في الحسَد؛ لتزول هذه النعمة عن الغير
قال تعالى:
(إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ﴿ ١٤ ﴾ قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَٰنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ ﴿ ١٥ ﴾ [يس: 15]،
: وقال تعالى
﴿ فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 47]
في هذه الآيات المباركة تعجَّبَ المشركون أن يفوز بشرٌ مثلُهم برتبة الرسالة فحسَدوهم، وتمنَّوْا زوالَ النبوة والرساله عنهم
خامسا – الخوف من فَوْتِ المقاصد
هذا مِن أكثر أسباب الحسَد وقوعًا، وأوسعها انتشارًا، وهذا يقع بين أصحاب المهنة الواحدة؛ فالطبيب يزاحم طبيبًا غيره؛ حتى يحصل على شهرة أكبر مِن صاحبه، وهكذا بين العلماء والفلاحين والمدرسين والمهندسين وغيرهم، وكذلك الإخوة يتحاسدون من أجل نيل المنزلة العالية في قلوب الأبوَينِ،
وحسد اخوه يوسف اخاهم لما راوا ان اباهم يهتم به اكثر منهم لموت امه
: قال تعالى
(قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) ﴿ يوسف ٥ ﴾
سادسا – حب الرياسة وطلب الجاه مِن أسباب الحسَد
وهذا الذي منَع كثيرًا من صناديد قريش أن يؤمنوا برسالة النبي صلى الله عليه واله وسلم؛
: قال تعالى
﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ [الزخرف: 31]،
حسدت قريش النبي (ص) على نبوته وتمنت النبوه لعروه بن مسعود الثقفي بدلا عن محمد (ص) والقريتين المقصودتين هما مكه والطائف
عن أبي عبد الله (عليه السلام) في تفسير الايه السابقه قال: " أنه عروة بن مسعود الثقفي،
ولقد امتنع كثير من اليهود عن الإيمان بالنبي (ص) خشيةَ أن يفقدوا رياستهم، وكذلك هرقل ملك الروم، الذي أيقن نبوة الرسول صلى الله عليه واله وسلم، ولكنه لم يؤمن به خشيةَ أن يفقد رياسته على الروم
سابعا – خُبْث النفس وسوء المنبت
كان تبني العبيد في الجاهليه شائعا وبالتبني تساوي الجاهليه بين العبد وبين الولد الشرعي ذو الشرف الرفيع والمكانه العاليه
وبذلك يطمح العبد ان يساويه بالرفعه والسمو ولكنه يعجز لفساد في طبعه سيما اذا كان من ابناء الزنا وذوات الرايات والعهر وهذه مهن تخلق الشر في النفوس وتبعث على الحسد وهذا ماحدث مع اميه العبد الذي تبناه عبد شمس ومع بني اميه عموما ذو المنبت السئ وابناء الزنا وذوات الرايات
كل هؤلاء يملكون نفوسا تميل بطبعها الى الحسد والخسه تحسد كل شريف ساد باخلاقه واصله او تكريم الله له وقد أضمر أميه وبنو أميه حسدا وحقدا رهيبا على بني هاشم
ابليس اول الحاسدين
عبد ابليس ربه اكثر من سبعه الاف سنه حتى ظن الملائكه انه منهم وحين خلق الله أدم أمر ابليس بالسجود له
: قال تعالى
(ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12) الاعراف
تحركت العصبيه العنصريه والكبر في نفس ابليس فقادته الى الحسد فقال أنا خير من أدم خلقتني من نار وخلقته من طين
وقال تعالى :
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿ ٣٤ ﴾ البقره
(وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴿ ١١ ﴾ الاعراف
والحسد قاد ابليس الى عصيان امر الله والى أن يضمر العداء لادم وذريته الى يوم القيامه
قال تعالى:
(قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿ ١٦ ﴾ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴿ ١٧ ﴾ الاعراف
وقال :
قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا(الاسراء 62)
قال أمير المؤمنين علي عليه السلام:
(إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ أَقْبَلَ إِبْلِيسُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ حَسَداً لِمَا يَرَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الَّتِي تَغْشَاهُ )
قابيل يحسد اخاه فيقتله
: قال تعالى
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴿ ٢٧ ﴾ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴿ ٢٨ ﴾ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ﴿ ٢٩ ﴾ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿ ٣٠ ﴾المائده
ويقول السيد هاشم الحسيني البحراني في البرهان في تفسير القرآن
عن سليمان بن خالد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)
جعلت فداك، فيم قتل قابيل هابيل؟
فقال: في الوصية
ثم قال لي: يا سليمان، إن الله تبارك و تعالى أوحى إلى آدم أن يدفع الوصية و اسم الله الأعظم إلى هابيل، و كان قابيل أكبر منه، فبلغ ذلك قابيل فغضب، فقال: أنا أولى بالكرامة و الوصية
فأمرهما أن يقربا قربانا بوحي من الله إليه، ففعلا، فقبل الله قربان هابيل، فحسده قابيل، فقتله
اخوه يوسف يحسدون اخيهم فيرمونه في الجب
قال تعالى :
(إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴿ 4 ) قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴿ يوسف 5)
وحدث ماتوقعه يعقوب (ع) فكاد اخوه يوسف له وحاولوا قتله
إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿ ٨ ﴾ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ﴿ ٩ ﴾ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴿ ١٠ ﴾
استعر الحسد في قلب اخوه يوسف من حب ابيهم له فكادوا له ورموه في الجب ليموت هناك
اليهود يحسدون رسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم
قال تعالى
(إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴿ ٥٦ ﴾غافر
يقول الزمخشري في الكشاف
{ إِن فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ } إلا تكبر وتعظم، وهو إرادة التقدّم والرياسة، وأن لا يكون أحد فوقهم، ولذلك عادوك ودفعوا آياتك خيفة أن تتقدّمهم ويكونوا تحت يدك وأمرك ونهيك، لأن النبوة تحتها كل ملك ورياسة. أو إرادة أن تكون لهم النبوّة دونك حسداً وبغياً
قال تعالى : (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴿ ١٠٥ ﴾البقره
قال البيضاوي في انوار التنزيل
وفسر الخير بالوحي. والمعنى أنهم يحسدونكم به وما يحبون أن ينزل عليكم شيء منه { وَٱللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء }
وقال علي بن ابي طالب عليه السلام ان المقصود بالرحمه هنا هي نبوه محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم
وقال الله تعالى:
﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾ [البقرة: 109]
قال الإمام الحسن بن علي العسكري أبو القائم (عليهما السلام)، في قوله تعالى: { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً }. " بما يوردونه عليكم من الشبهة { حَسَداً مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ } لكم، بأن أكرمكم الله بمحمد و علي و آلهما الطيبين { مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْحَقُّ } المعجزات الدالات على صدق محمد (صلى الله عليه و آله وسلم)، و فضل علي (عليه السلام) و آلهما
وقال سبحانه :
﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 54]
عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)
{ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَاٰبَ } فهو النبوة { وَٱلْحِكْمَةَ } فهم الحكماء من الأنبياء من الصفوة، و أما الملك العظيم، فهو الأئمة الهداة من الصفوة
والمقصود ان الله انعم على محمد (صلى الله وسلم عليه وعلى اله) بالنبوه وعلى علي (عليه السلام) بالامامه وعلى الائمه الهداه من بعده بالملك العظيم اي الطاعه المفروضه
اليهود والنصارى يعرفون محمدا صلى الله عليه واله تمام المعرفه وتنكروا لهم حسدا
اليهود والنصاري يعرفون محمداصلى الله عليه واله وسلم باسمه ويتوسلون به قبل نبوته تمنيا أن يكون منهم ولما بعث الله محمد من بني هاشم حسدوه وانكروه
يقول الله عز و جل: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } يعرفون محمدا في التوراة و الإنجيل، كما يعرفون أبناءهم في منازلهم { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * }
اولا : تدل الايه على أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى يعرفون محمداً صلى الله عليه واله وسلم كما يعرفون أبناءهم
وهذه المعرفة لم تكن بسيطة ، بل كانت في أعلى مستويات المعرفة ، بدلالة الآية الكريمة
ثانيا : تصريح بعض أهل الكتاب باسمه فيما كانوا يبشرون به من خروج نبي آخر الزمان ، فقد كان بعض العرب قد سمى ابنه محمدا طمعا في أن يكون النبي المنتظر لما سمعوه من التبشير بخروجه
كما ان بعض اليهود سموا ابنائهم محمدا متمنين ان تكون النبوه فيه ومن هؤلاء محمد بن مسلمه
فأهل الكتاب يجدون ذكر نبوة محمد صلى الله عليه واله وسلم في كتبهم التوراة والإنجيل
قال تعالى :
{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ }[ سورة الصف الآية :6]
وقال تعالى
وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ(89)البقره
قال الإمام العسكري (ع):
” ذم الله اليهود، فقال: { وَلَمَّا جَآءَهُمْ } يعني هؤلاء اليهود الذين تقدم ذكرهم، و إخوانهم من اليهود، جاءهم { كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } القرآن { مُصَدِّقٌ } ذلك الكتاب لِما مَعَهُمْ من التوراة التي بين فيها أن محمدا الأمي من ولد إسماعيل، المؤيد بخير خلق الله بعده: علي ولي الله { وَكَانُواْ } يعني هؤلاء اليهود { مِن قَبْلُ } ظهور محمد (صلى الله عليه و آله) بالرسالة { يَسْتَفْتِحُونَ } يسألون الله الفتح و الظفر { عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من أعدائهم و المناوئين لهم، و كان الله يفتح لهم و ينصرهم
قال الله عز و جل: { فَلَمَّا جَآءَهُمْ } جاء هؤلاء اليهود ما { عَرَفُواْ } من نعت محمد (صلى الله عليه و آله) و صفته { كَفَرُواْ بِهِ } جحدوا نبوته حسدا له، و بغيا عليه، قال الله عز و جل: { فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ }
اليهود يتوسلون الله بالنبي محمد (ص) قبل نبوته
قال أمير المؤمنين (ع): إن الله تعالى أخبر رسوله بما كان من إيمان اليهود بمحمد (ص) قبل ظهوره، ومن استفتاحهم على أعدائهم بذكره،
قال (ع): ” و كان الله عز و جل أمر اليهود في أيام موسى (ع) و بعده إذا دهمهم أمر، أو دهتهم داهية أن يدعوا الله عز و جل بمحمد و آله الطيبين، و أن يستنصروا بهم، و كانوا يفعلون ذلك حتى كانت اليهود من أهل المدينة قبل ظهور محمد (ص) بسنين كثيرة يفعلون ذلك، فيكفيهم الله البلاء و الدهماء و الداهية
ثلثمائه يهودي ينتصرون على ثلاثه الاف بمحمد وال محمد(ص)
وفي تفسير الامام العسكري (ص 393 )يقول :
و كانت اليهود قبل ظهور محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعشر سنين تعادي أسد و غطفان- قوم من المشركين- و يقصدون أذاهم، فكانوا يستدفعون شرورهم و بلاءهم بسؤالهم ربهم بمحمد و آله الطيبين، حتى قصدهم في بعض الأوقات أسد و غطفان في ثلاثة آلاف فارس إلى بعض قرى اليهود حوالي المدينة، فتلقاهم اليهود و هم ثلاثمائة فارس، و دعوا الله بمحمد و آله فهزموهم
فقالت أسد و غطفان بعضهما لبعضهم: تعالوا نستعين عليهم بسائر القبائل فاستعانوا عليهم بالقبائل و أكثروا حتى اجتمعوا قدر ثلاثين ألفا، و قصدوا هؤلاء الثلاثمائة في قريتهم، فألجئوهم إلى بيوتها، و قطعوا عنها المياه الجارية التي كانت تدخل إلى قراهم، و منعوا عنهم الطعام، و استأمن اليهود فلم يأمنوهم، و قالوا: لا، إلا أن نقتلكم و نسبيكم و ننهبكم
فقالت اليهود بعضها لبعض: كيف نصنع؟
فقال لهم ذوو الرأي منهم: أما أمر موسى أسلافكم و من بعدهم بالاستنصار بمحمد و آله الطيبين؟
أما أمركم بالابتهال إلى الله عز و جل عند الشدائد بهم ؟ قالوا: بلى
قالوا: فافعلوا
فقالوا: اللهم بجاه محمد و آله الطيبين لما سقيتنا، فقد قطع الظلمة عنا المياه حتى ضعف شباننا، و تماوت ولداننا، و أشرفنا على الهلكة فبعث الله تعالى لهم وابلا ، ملأ حياضهم و آبارهم و أنهارهم وأوعيتهم و ظروفهم،
فقالوا: هذه إحدى الحسنيين ثم أشرفوا من سطوحهم على العساكر المحيطة بهم، فإذا المطر قد آذاهم غاية الأذى، و أفسد أمتعتهم و أسلحتهم و أموالهم، فانصرف عنهم لذلك بعضهم، لأن ذلك المطر أتاهم في غير أوانه، في حمارة القيظ، حين لا يكون مطر
فقال الباقون من العساكر: هبكم سقيتم، فمن أين تأكلون؟ و لئن انصرف عنكم هؤلاء، فلسنا ننصرف حتى نقهركم على أنفسكم و عيالاتكم، و أهاليكم و أموالكم، و نشفي غيظنا منكم
فقالت اليهود: إن الذي سقانا بدعائنا بمحمد و آله قادر على أن يطعمنا، و إن الذي صرف عنا من صرفه، قادر على أن يصرف عنا الباقين
ثم دعوا الله بمحمد و آله أن يطعمهم، فجاءت قافلة عظيمة من قوافل الطعام قدر ألفي جمل و بغل و حمار محمله حنطة و دقيقا، و هم لا يشعرون بالعساكر، فانتهوا إليهم و هم نيام، و لم يشعروا بهم، لأن الله تعالى ثقل نومهم حتى دخلوا القرية، و لم يمنعوهم، و طرحوا أمتعتهم و باعوها منهم فانصرفوا و بعدوا، و تركوا العساكر نائمة ، فلما بعدوا انتبهوا، و نابذوا اليهود الحرب، و جعل يقول بعضهم لبعض: إن هؤلاء اشتد بهم الجوع و سيذلون لنا
قال لهم اليهود: هيهات، بل قد أطعمنا ربنا و كنتم نياما، جاءنا من الطعام كذا و كذا، و لو أردنا قتالكم في حال نومكم لتهيأ لنا، و لكنا كرهنا البغي عليكم، فانصرفوا عنا، و إلا دعونا عليكم بمحمد و آله، و استنصرنا بهم أن يخزيكم
فأبوا إلا طغيانا، فدعوا الله تعالى بمحمد و آله و استنصروا بهم، ثم برز الثلاثمائة إلى ثلاثين ألفا، فقتلوا منهم و أسروا واستوثقوا منهم بأسرائهم، فكان لا ينالهم مكروه من جهتهم، لخوفهم على من لهم في أيدي اليهود
فلما ظهر محمد (ص) حسدوه، إذ كان من العرب، فكذبوه
بنو اميه يحسدون بني هاشم
قلب اميه يغلي حقدا وحسدا على بني هاشم
لعبد مناف بن قصي اربعه اولاد هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل وهناك بعض الاراء التي تقول ان عبد شمس ونوفل أبناء احد زوجاته وقد رباهما وتبناهما وسنتطرق لذلك لاحقا
وحين تبنى عبد شمس عبدا روميا اسمه أميه استيقن قلب أميه بانه أصبح مساويا لهاشم في الرتبه والمنزله أعتمادا على تقاليد العرب انذاك
نار الحسد تحرق قلب اميه
قال الله تعالى
(أمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا(النساء 54)
صارت السقاية والرفادة، وهما من أعظم مكارم قريش ، إلى هاشم بن عبد مناف، وكان هاشم تاجراً بارعاً ، ومخططاً ناجحاً لتوسيع تجارة قريش ، فهو الذي نظم لها رحلتي الشتاء والصيف ، وهما الرحلتان اللتان ذكرهما الله في القرآن الكريم في مجال المنّ على قريش بالنعم التي وهبها لهم
ولأنه كان تاجراً ناجحاً فقد أثرى ثراءً كبيراً، وكان ينفق أموالاً كثيرة على السقاية والرفادة، ويعتبر حجاج البيت ضيوفاً على قريش
وعندما أصاب القحط قريشاً توجه هاشم إلى غزة وأتى بالخبز وهشمه وطبخه باللحم وأطعم قريشاً ، وبهذا العمل سمي هاشماً
كان هاشم مطعم قريش ، وعلى صغر سنه فقد كان القرشيون يقدمونه ويجلونه ويمتدحونه ، فحسده أمية بن عبد شمس( ان اميه ليس من صلب عبد شمس وانما عبد تبناه عبد شمس) وحاول اميه أن يفعل مثل هاشم ولكنه قصّر عن ذلك، فشمت به ناس من قريش فغضب غضباً شديداً وتحدى هاشماً مدعياً أنه افضل منه لسياده قريش وحاول هاشم أن يتفادى ذلك، ولكن أمية أصر على المنافرة
والمنافرة هي التحكيم عند مَن يقع عليه الاختيار من عليّة القوم ، ليحكم بميزة أحد المتنافرين وتفضيله على الآخر ، من حيث الملكات والقابليّات والوجاهة والمقام والحق، ويكون الحكم نهائيّاً مقبولاً عند العرب ، ، وليس من شك أنّ الذي دعاه إلى ذلك هو الحسد والغرور والنزاع على السلطه
وبإصرار أمية وافق هاشم، وأصبحت قريش فريقين ، كل فريق يدعي السيادة لصاحبه، ثم إنهم اتفقوا على أن يحكموا في ذلك الكاهن الخزاعي
كان موضوع المنافرة السيادة والشرف والجود والكرم، وكان الرهان خمسين ناقة تنحر بمكة، وعلى الجلاء من مكة عشر سنين
هذه المنافرة كان فيها شرطا قاسيا هوالجلاء عن مكة عشر سنين ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الشر قد تفاقم بين هاشم وأمية، وأن قريشاً خافت عواقبه ، فجعلوا الشرط القاسي حتى يفرقوا بين الزعيمين مدة طويلة حتى ينسى هذا الخلاف وتبرد نار العداوة
وارتضى الفريقان الكاهن الخزاعي حكماً، وذهبوا إليه ، ولم يكن بعيداً عن مكة، فخزاعة كلها تسكن حول مكة، وعرض الأمر على الكاهن ، فنفَّر هاشماً ، وحكم له بالسيادة ، وصاغ هذا الحكم بسجع الكهان قائلا
(والقمر الباهر، والكوكب الزاهر، والغمام الماطر، وما بالجوّ من طائر ، وما اهتدى بحَكَم مسافر، في منجد وغائر، لقد سبق هاشم أمية إلى المآثر، أول منها وآخر)
وأخذ هاشم الإبل ونحرها وأطعم لحمها من حضر، وخرج أمية إلى الشام فأقام فيها عشر سنين
كانت شجره الحسد والحقد في قلبه تنمو كل يوم وكل ساعه على هاشم وبنيه
عاد اميه بعد عشر سنين وصدره بركان يغلي حسدا وحقدا على هاشم
يقول الاستاذ جعفر الخليلي في ( موسوعه العتبات المقدسه) ان الكثير من بني أمية قد حاولوا الاستظهار بعد ذلك على بني هاشم بمختلف الطرق ، وكان صدر أمية نفسه يغلي بالحقد والغضب بعد رجوعه من جلائه ، وكان هاشم قد مات ، ولكنّ بني هاشم أحياء وقد تزعمهم عبد المطّلب ، وعبد المطّلب في ذلك اليوم ذو شأن كبيرجدا في قريش ، فإذا استطاع أمية أن ينتقم لنفسه ويثأر منه فقد يعود له ولبنيه وأصحابه ما فقدوا من عِزّ وما لحق بهم من عار في حدود أعرافهم يومذاك
فجاء إلى عبد المطلب يراهنه في سباق فرسيهما مراهنة خرجت عن مألوف رهان الخيل العام وانه كان واثقا من فرسه والا لم يقدم على هذه المراهنه بل التحدّي لأخذ الثأر والانتقام فقد كان الشرط أن يدفع المغلوب الذي تقصّر فرسه عن بلوغ الشرط : مئة ناقة من الإبل وعشرة من العبيد ، ومثلها من الإماء ، ثمّ استعباد سنة وذلك بأن يستعبد السابق الغالب المتسابق المغلوب سنة كاملة ، يتّخذ منه عبداً ، وفوق كل ذلك فللغالب أن يجزّ ناصية المغلوب
ومن هذه الشروط القاسيه نفهم أنّ المقصود بذلك كله كان إذلال المغلوب وتحقيره ، والمعتقد أنّ أمية كان واثقاً من فرسه ومعتقداً بفوزه ، وإلاّ فليس هو من الغباوة بحيث يقدم على مثل هذه المغامرة مهما بلغ حسده وغروره وكبرياؤه
وكانت النتيجة أن جاءت على خلاف ما كان قد اعتقد أمية وجزم ؛ فدفع الرهان كاملاً ، ولكنّه افتدى جزّ الناصية بمضاعفة استعباد عبد المطّلب له وجعلها عشر سنين ، وقد جاء في ج 3 ص 466 من شرح نهج البلاغة
( أنّ أمية في حشم عبد المطلب وعضاريطه عشر سنين )
المنافرة الثانية
غدا عبد المطلب سيداً مقدماً في قريش لحلمه وعقله وبسبب حلمه وحكمته ، ورغبة منه في نسيان الماضي الأليم اقترب عبد المطلب من حرب بن أمية ، ونادمه ، واصطفاه خليلاً
وكان في جوار عبد المطلب رجل تاجر، تآمر حرب بن أمية على قتله ، وألب عليه فتيان قريش فقتلوه، ولما علم عبد المطلب بذلك ، وعلم بتحريض حرب لقتله ، أتى حرباً فأنبه وطالبه بدية جاره، وبتسليم قاتليه
رفض حرب ، وأعلن أنه أجار قاتليه، ونشب الخلاف، وطارت شرارته ، فتداعيا للمنافرة
واقترحا أن يكون الحكم بينهما نجاشيّ الحبشة، فاعتذر النجاشي وأبى أن يدخل بينهما، ثم اتفقا على أن يكون الحكم نفيل بن عبد العزى العدوي
واجتمع القوم ببابه ، فخرج عليهم معلناً حكمه
وقال لحرب بن أمية
يا أبا عمرو( ويقصد حرب بن اميه ) ؛ أتنافر رجلاً هو أطول منك قامة، وأوسم منك وسامة ، وأعظم منك هامة ، وأقل منك لامة ، وأكثر منك ولداً ، وأجزل منك صلة، وأطول منك مذوداً ( الذود المدافعة ) ، وإني لأقول هذا وإنك لبعيد الغضب ، رفيع الصوت في العرب، جلد النزيرة ( الإلحاح في الطلب ) تحبك العشيرة ، ولكنك نافرت منفَّرا
ونفَّر العدويّ عبد المطلب بن هاشم اي حكم لصالحه
وغضب حرب بن أمية ، وأغلظ لنفيل القول ، وقال له : من انتكاس الدهر أن جعلتك حكماً
ثم إن عبد المطلب أخذ من حرب بن أمية دية جاره مئة ناقة
وقيل إن عبد المطلب إذا دخل شهر رمضان صعد حراء وأطعم المساكين جميع الشهر، وكان صعوده للتفكر في جلال الله وعظمته بعيدا عن الناس
ويؤثر عن عبد المطلب سنن جاء بها القرآن وجاءت بها السنّة ، منها الوفاء بالنذر، والمنع من نكاح المحارم، وقطع يد السارق، والنهي عن قتل الموءودة، وتحريم الخمر والزنا والحد عليه، وألا يطوف بالبيت عُريان، وتعظيم الأشهر الحرم. وهو أول من سنَّ دية النفس مائة من الإبل فجرت في قريش، ثم نشأت في العرب وأقرَّها وكانت قريش تصفه بانه ابراهيم الثاني
عبد المطلب يحفر بئر زمزم
جاء في البدايه والنهايه
عن علي بن ابي طالب(ع) انه قال:
قال عبد المطلب: إني لنائم في الحجر، إذ أتاني آت فقال لي: احفر طيبة. قال: قلت وما طيبة؟
قال ثم ذهب عني. قال فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي، فنمت فجاءني فقال: احفر برة. قال: قلت وما برة؟ قال ثم ذهب عني
فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت، فجاءني فقال: احفر المضنونة. قال: قلت وما المضنونة؟ قال ثم ذهب عني. فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني قال: احفر زمزم. قال: قلت وما زمزم؟
قال: لا تنزف أبدا ولا تزم، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم عند نقرة الغراب الأعصم عند قرية النمل. قال: فلما بين لي شأنها، ودل على موضعها، وعرف أنه قد صدق، غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث بن عبد المطلب، وليس له يومئذ ولد غيره، فحفر
لم يكن لعبد المطلب يومئذ من الاولاد الا الحارث وكانت قريش تمر به وتستهزء منه لحفره البئر ولقله اولاده نذر ان رزقه الله عشره اولاد ليذبحن احدهم قربانا لله عند الكعبه
ومن الله على عبد المطلب واتم حفر البئر وكان ماؤها وفيرا ووجد فيها غزالين من ذهب واسياف وادرع
المنافره الثالثه — نار الحسد والحقد تشب من جديد
قريش بالامس لم تعاون عبد المطلب في الحفر لا بل كانت تهزا منه واليوم اتته قائله
يا عبد المطلب إنها بئر أبينا إسماعيل وإن لنا فيها حقا، فأشركنا معك فيها. قال: ما أنا بفاعل إن هذا الأمر قد خصصت به دونكم، وأعطيته من بينكم. قالوا له: فأنصفنا فإنا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها
قال: فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه. قالوا: كاهنة بني سعد بن هذيم. قال: نعم وكانت بأشراف الشام
فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني أمية، وركب من كل قبيلة من قريش نفر، فخرجوا وفي الطريق نفد ماء عبد المطلب وأصحابه فعطشوا حتى استيقنوا بالهلكة، فاستسقوا من معهم فأبوا عليهم وقالوا: إنا بمفازة وإنا نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم
فقال عبد المطلب: إني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرته لنفسه بما لكم الآن من القوة، فكلما مات رجل دفعه أصحابه في حفرته، ثم واروه حتى يكون آخرهم رجلا واحدا، فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب جميعه
فقالوا: نعما أمرت به. فحفر كل رجل لنفسه حفرة، ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشى، ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه: ألقينا بأيدينا هكذا للموت، لا نضرب في الأرض، لا نبتغي لأنفسنا لعجز، فعسى أن يرزقنا االله ماء ببعض البلاد
فارتحلوا حتى إذا بعث عبد المطلب راحلته، انفجرت من تحت خفها عين ماء عذب، فكبر عبد المطلب وكبر أصحابه، ثم نزل فشرب وشرب أصحابه واستسقوا حتى ملئوا أسقيتهم. ثم دعا قبائل قريش وهم ينظرون إليهم في جميع هذه الأحوال، فقال: هلموا إلى الماء فقد سقانا الله، فجاؤوا فشربوا واستقوا كلهم
ثم قالوا: قد قضى الله لك علينا والله ما نخاصمك في زمزم أبدا، إن الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة هو الذي سقاك زمزم، فارجع إلى سقايتك راشدا، فرجع ورجعوا معه ولم يصلوا إلى الكاهنة، وخلوا بينه وبين زمزم
نار الحسد تشتعل من جديد
وجد عبد المطلب في البئر غزالين من ذهب واسياف وادرع فعادت قريش تطالب بحصه منها
فقالت له قريش: يا عبد المطلب لنا معك في هذا شرك وحق
قال: لا، ولكن هلم إلى أمر نصف بيني وبينكم، نضرب عليها بالقداح
قالوا: وكيف نصنع؟
قال: أجعل للكعبة قدحين، ولي قدحين، ولكم قدحين، فمن خرج قدحاه على شيء كان له ومن تخلف قدحاه فلا شيء له
قالوا: أنصفت. فجعل للكعبة قدحين أصفرين، وله أسودين، ولهم أبيضين، ثم أعطوا القداح للذي يضرب
قال: وضرب صاحب القداح، فخرج الأصفران على الغزالين للكعبة، وخرج الأسودان على الأسياف والأدرع لعبد المطلب، وتخلف قدحا قريش
فضرب عبد المطلب الأسياف بابا للكعبة، وضرب في الباب الغزالين من ذهب، فكان أول ذهب حلية للكعبة
ثم إن عبد المطلب أقام سقاية زمزم للحاج
وعندما غزا الحبشة الكعبة طَمْأنَ عبد المطلب الناس بأنهم لن يصلوا إليها فصدقت نبوءته ، وجعل الله كيدهم في تضليل وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ، فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَاكُولٍ
ثم وضع عبد المطلب للناس سنناً ، فجعل الطواف سبعاً، وكان بعض العرب يطوفون عرايا لأن ثيابهم ليست حلالاً فحرم عبد المطلب ذلك ، ونهى عن قتل المؤودة ، وأوجب الوفاء بالنذر ، وعظم الأشهر الحرم ، وحرم الخمر والزنا وجعل عليه الحد ، ونفى البغايا ذوات الرايات إلى خارج مكة ، وحرم نكاح المحارم ، وأوجب قطع يد السارق ، وشدد على القتل وجعل ديته مئة من الإبل.. وأقر ذلك الإسلام مما يدل على أن عبد المطلب كان مؤمناً ملهماً من ربه وله مقام عنده وقيل انه ابراهيم الثاني
قريش وبنو اميه يحسدون بني هاشم على النبوه والامامه
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] دَعَانِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُنْذِرَ عَشِيرَتِي الْأَقْرَبِينَ، فَضِقْتُ ذَرْعًا وَعَلِمْتُ أَنِّي مَتَى أُبَادِرُهُمْ بِهَذَا الْأَمْرِ أَرَ مِنْهُمْ مَا أَكْرَهُ، فَصَمَتُّ عَلَيْهِ حَتَّى جَاءَنِي جِبْرَائِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِلَّا تَفْعَلْ مَا تُؤْمَرُ بِهِ يُعَذِّبْكَ رَبُّكَ. فَاصْنَعْ لَنَا صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِ رِجْلَ شَاةٍ، وَامْلَأْ لَنَا عُسًّا مِنْ لَبَنٍ، وَاجْمَعْ لِي بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَتَّى أُكَلِّمَهُمْ وَأُبَلِّغَهُمْ مَا أُمِرْتُ بِهِ. فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ
فَأَكَلُوا، وَسَقَيْتُهُمْ ذَلِكَ الْعُسَّ، فَشَرِبُوا حَتَّى رَوَوْا جَمِيعًا وَشَبِعُوا، ثُمَّ تَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ شَابًّا فِي الْعَرَبِ جَاءَ قَوْمَهُ بِأَفْضَلَ مِمَّا قَدْ جِئْتُكُمْ بِهِ، قَدْ جِئْتُكُمْ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَقَدْ أَمَرَنِي اللَّهُ تَعَالَى أَنْ أَدْعُوَكُمْ إِلَيْهِ، فَأَيُّكُمْ يُؤَازِرُنِي عَلَى هَذَا الْأَمْرِ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَخِي وَوَصِيَّتِي وَخَلِيفَتِي فِيكُمْ؟ فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ عَنْهَا جَمِيعًا، وَقُلْتُ - وَإِنِّي لَأَحْدَثُهُمْ سِنًّا، وَأَرْمَصُهُمْ عَيْنًا، وَأَعْظَمُهُمْ بَطْنًا وَأَحْمَشُهُمْ سَاقًا: أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَكُونُ وَزِيرَكَ عَلَيْهِ. فَأَخَذَ بِرَقَبَتِي ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا أَخِي وَوَصِيِّي وَخَلِيفَتِي فِيكُمْ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا. قَالَ فَقَامَ الْقَوْمُ يَضْحَكُونَ فَيَقُولُونَ لِأَبِي طَالِبٍ: قَدْ أَمَرَكَ أَنْ تَسْمَعَ لِابْنِكَ وَتُطِيعَ (1)
سمعت قريش بنبا حديث الدار ووعته جيدا فالنبوه ستكون في بني هاشم والامامه و الخلافه من بعده لعلي اي لبني هاشم ايضا وانهم لانصيب لهم بذلك فاستعرت نار الحسد والحقد في قلوبهم
يقول احمد حسن يعقوب في كتابه المواجهه مع رسول الله
وهكذا برأى البطون (يعني بطون قريش) ينال الهاشميون شرف النبوه وشرف الملك معا، وتحرم من هذين الشرفين كافه بطون قريش، وفى ذلك اجحاف بحق البطون على حد تعبير عمر بن الخطاب
اعترضت قريش على رب العالمين كما اعترض ابليس على ربه
يورد لنا ابن الاثير في الكامل في التاريخ 3/24 محاوره ابن عباس مع عمر بن الخطاب في فتره خلافته وقد كشف عمرعن مكنونات قلبه وعن نوايا قريش حينها
قال عمر لابن عباس أثناء خلافته : يا ابن عباس أتدري ما منع قومكم منكم بعد محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ؟
قال ابن عباس : فكرهت أن أجيبه ، فقلت
إن لم أكن أدري فإن أمير المؤمنين يدري فقال عمر
كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة و الخلافة ، فتبجحوا على قومكم بجحا بجحا فاختارت قريش لأنفسها فأصابت و وفقت
قال : فقلت : يا أمير المؤمنين إن تأذن لي في الكلام و تحط عني الغضب تكلمت ، قال : تكلم
قال ابن عباس فقلت : أما قولك يا أمير المؤمنين : اختارت لأنفسها فأصابت ووفقت فلو أن قريشا اختارت لأنفسها من حيث اختار الله لها لكان الصواب بيدها غير مردود و لا محسود
و أما قولك : إنهم أبوا أن تكون لنا النبوة و الخلافة فإن الله عز و جل وصف قوما بالكراهية فقال : ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم
فقال عمر : هيهات يا ابن العباس قد كانت تبلغني عنك أشياء أكره أن أقرك عليها فتزيل منزلتك مني فقلت : يا أمير المؤمنين فإن كان حقا فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك ، و إن كان باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه
فقال عمر
بلغني أنك تقول صرفوها عنا حسدا و بغيا و ظلما
قال ابن عباس : فقلت : أما قولك يا أمير المؤمنين ظلما فقد تبين للجاهل و الحليم ، و أما قولك حسدا فإن آدم حُسد و نحن ولده المحسودون
فقال عمر : هيهات هيهات ، أبت والله قلوبكم يا بني هاشم إلا حسدا لا يزول
قال : فقلت يا أمير المؤمنين مهلا لا تصف بهذا قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا
ان بقاء الدين الجديد الذي اتى به محمد صلى الله عليه واله سيخلد ذكر محمد وال محمد من بني هاشم وعدم محو ذكرهم فهذا محمد يرفع اسمه في الاذان خمس مرات وهؤلاء اهل البيت لا تتم الصلاه الابهم ولذلك وللقضاء على بني هاشم يجب القضاء على محمد وال محمد ودينهم دين محمد صلى الله عليه واله وسلم
حسد معاويه وحقده على لمحمد صلى الله عليه واله
قال في شرح النهج: 5 / 129: (وقد طعن كثير من أصحابنا في دين معاوية، ولم يقتصروا على تفسيقه، وقالوا عنه إنه كان ملحدا لا يعتقد النبوة، ونقلوا عنه في فلتات كلامه، وسقطات ألفاظه، ما يدل على ذلك
روى الزبير بن بكار في الموفقيات، وهو غير متهم على معاوية، ولا منسوب إلى اعتقاد الشيعة، لما هو معلوم من حاله من مجانبة علي عليه السلام والانحراف عنه : قال المطرف بن المغيرة بن شعبة: دخلت مع أبي على معاوية فكان أبى يأتيه فيتحدث معه ثم ينصرف إلي فيذكر معاوية وعقله ويعجب بما يرى منه، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء، ورأيته مغتما فانتظرته ساعة وظننت أنه لأمر حدث فينا، فقلت: ما لي أراك مغتما منذ الليلة؟ فقال: يا بني، جئت من عند أكفر الناس وأخبثهم! قلت: وما ذاك؟! قال: قلت له وقد خلوت به: إنك قد بلغت سنا يا أمير المؤمنين فلو أظهرت عدلا وبسطت خيرا، فإنك قد كبرت. ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم، فوالله ما عندهم اليوم شئ تخافه، وإن ذلك مما يبقى لك ذكره وثوابه. فقال: هيهات هيهات! أي ذكر أرجو بقاءه؟! ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلا أن يقول قائل: أبو بكر! ثم ملك أخو عدي، فاجتهد وشمر عشر سنين، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلا أن يقول قائل: عمر. وإن ابن أبي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات: أشهد أن محمدا رسول الله! فأي عمل لي يبقى، وأي ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك! لا والله إلا دفنا دفنا
حسد ابو سفيان لمحمد صلى الله عليه واله
قال ابن عباس كنا في محفل فيه ابو سفيان فقال أبو سفيان وقد كف بصره وفينا علي (عليه السلام) فأذن المؤذن، فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله قال أبو سفيان: ههنا من يحتشم؟ قال واحد من القوم: لا، فقال: لله در أخي بني هاشم، انظروا أين وضع اسمه؟ فقال علي (عليه السلام): أسخن الله عينك يا با سفيان، الله فعل ذلك بقوله عز من قائل: ورفعنا لك ذكرك
(اسخن الله عينيك بمعنى ابكاك)
قريش تقول ..الموت ولا الاقرار بولايه علي عليه السلام
وفي تفسير فرات الكوفي ص 505
عن الحسين بن محمدالخارفي قال : سالت سـفـيان بن عيينة عن :
سال سائل , فيمن نزلت : قال : يا ابن اخي سالتني عن شي ما سالني عنه احد قـبـلك , لقد سالت جعفر بن محمد (ع ) عن مثل الذي سالتني عنه , فقال : اخبرني ابي عن جدي عن ابـيـه عـن ابن عباس (رض ) قال :لما كان يوم غدير خم , قام رسول اللّه (ص ) خطيبا فاوجز في خـطـبته , ثم دعا علي بن ابي طالب (ع ) فاخذ بضبعه ثم رفع بيده حتى رئي بياض ابطيهما وقال : الم ابلغكم الرسالة ؟ الم انصح لكم ؟ قالوا : اللهم نعم , فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه , اللهم وال من والاه , وعـاد مـن عـاداه , وانصر من نصره واخذل من خذله ففشت في الناس فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري , فرحل راحلته ثم استوى عليها ورسول اللّه (ص ) اذ ذاك بمكة ـ حتى انتهى الى الابطح , فاناخ ناقته ثم عقلها ثم جاء الى النبي (ص ) فسلم فرد عليه النبي (ص ) فقال
يا محمد انك دعوتنا ان نقول لا اله الا اللّه فقلنا, ثم قلت صلوا فصلينا , ثم قلت صوموا فصمنا فاظمانا نهارنا واتعبنا ابداننا , ثم قلت حجوا فحججنا , ثم قلت اذا رزق احدكم ماتي درهم فليتصدق بخمسة كل سنة , ففعلنا
ثـم انك اقمت ابن عمك فجعلته علما وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه , اللهم وال من والاه وعاد من عـاداه وانصر من نصره واخذل من خذله , افعنك ام عن اللّه ؟ قال : فنهض , وانه لمغضب وانه ليقول : اللهم ان كان ما قال محمد حقا فامطر علينا حجارة من السما , تكون نقمة في اولنا وآية في آخرنا, وان كان ما قال محمد كذبا فانزل به نقمتك
ثـم اثـار نـاقته فحل عقالها ثم استوى عليها , فلما خرج من الابطح رماه اللّه تعالى بحجر من السما فـسقط على راسه وخرج من دبره , وسقط ميتا فانزل اللّه فيه : سال سائل بعذاب واقع , للكافرين ليس له دافع , من اللّه ذي المعارج
جمع الحسد بين قلوب الحاسدين الثلاثه قريش واليهود وبني اميه وشكلوا حلفا لمحاربه محمد وبني هاشم والقضاء عليه وعلى الدين الجديد وعلى بني هاشم
وسنتطرق في الفصول القادمه الى محاولات الحلف لمحاربه الدين الجديد وتنفيذ شعارهم (لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه )
الفصل الاول
الحسد يقود الى الخطيئه والعداوه
جذور النزاع والعداوه بين بني هاشم وبني اميه
بدأ النزاع بين بني هاشم وبني أميه في اليوم الذي تبنى فيه عبد شمس عبدا روميا يقال له أميه وكانت عاده العرب
أنذاك أن يحصل العبد المُتبنى على جميل حقوق وأمتيازات الولد الشرعي
فيما يلي اهم اسباب النزاع والعداوه :
1- الحسد الذي مبعثه تفوق بنو هاشم على بني اميه في السياده والرياسه فكلما ارادوا اللحاق ببني هاشم فشلوا وخابوا وسخرت منهم قريش
2- بني أميه يشعرون بالدونيه لان جدهم أميه عبد رومي تبناه عبد شمس وبنو هاشم من أصل شريف رفيع أتاهم الله مكانا عليا
(أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا)(النساء 54))
3 – يستشعر بنو أميه الخسه والضعه في نفوسهم لانهم منغمسون في الفساد والزنا وامهاتهم من ذوات الرايات ورحم الله الشاعر الشفهيني حيث يقول :
ان يحسدوك على علاك فانمـــــا متسافل الدرجات يحسد من علا
4 - وببعثه النبي محمد (ص) أكتسب الحسد زخما جديدا
فقد تمنى كل بيت من بيوتات قريش وخاصه بنو أميه ان يكون النبي المرتقب منهم فلما بعث الله محمد (ص) من بني هاشم أستشاطوا غضبا وحقدا وحسدا
5 - رفض الدين الجديد ومحاوله محوه وقتل النبي واهل بيته
انتصرالاسلام وكسر محمد (ص) اوثانهم واصنامهم ودحر دينهم وهذا دفعهم للحقد على محمد (ص) وتحين الفرص لقتله والتخلص منه ومن دينه فقلوبهم تغلي حسدا وحقدا وكرها لمحمد (ص) وبني هاشم وللدين الجديد
6 - علي (ع) حطم غرور بني اميه فحقدوا عليه وعلى ذريته
سبب اخر جديد للحقد ففي معركه بدر قتل علي (ع) دفاعا عن الاسلام فرسان بني اميه وكبارهم وهم :
1- حنظلة بن ابي سفيان أخو معاوية
2 - العاص بن سعيد العاص
3- عقبة بن أبي معيط
4 - الوليد بن عتبة أخو هند وخال معاوية
5 - عتبة وهو جد معاوية
وقد عبرت هند جده معاويه عن مقدار الكره والحقد والحسد الذي يغلي في صدرها وصدور الامويين بشق بطن حمزه (ع) والتمثيل بجثته وقطعت أجزاء من جسمه وعملت القلائد منها واستخرجت كبده ولاكته
الحسد يقود الى الخطيئه
دعونا نلقي نظره على الحسد وكيف فعل فعله في الامم السابقه والنتائج الكارثيه التي تسبب بها
فما هو الحسد ؟
الحسَد: هو أن يرى الإنسان لأخيه نعمةً، فيتمنى أن تزول عنه وتكون له دونه
اسباب او نتائج الحسد
النقاط التاليه هي أهم اسباب الحسد وقد ينشا الحسد من واحده او اكثر من هذه الاسباب وقد تكون بعض هذه النقاط ناتجه عن الحسد على راي الغزالي في كتاب احياء علوم الدين
أولا - العداوة والبغضاء
وهذه أشد أسباب الحسَد؛ فإن مَن آذاه شخص بسببٍ من الأسباب، وخالفه في أمرٍ ما بوجهٍ من الوجوه، أبغَضه قلبُه، وغضب عليه، ورسخ في نفسه الحقدُ، والحقد يقتضي منه التشفِّيَ والانتقام
وقد تكون العداوه والبغضاء من نتائج الحسد الذي حدث بفعل سبب اخر كالكبر والعصبيه العنصريه كما حدث لابليس حين تكبر وظن أن أصله من النار والنارأفضل من الطين فتكبر وحسد ادم وعصى الله ونصب العداوه والبغضاء لادم وبنيه الى يومنا هذا
(قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ) [الإسراء: 63]
(قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)(الحجر 39)
وقد تكون العداوه ناتج عن حسد حدث بسبب حب الرئاسه مثلا او خبث النفس وسوء الاصل والمنبت مثلما حصل لبني أميه مع بني هاشم حيث ناصب بنو اميه بني هاشم العداوه الى يومنا هذا وسالت بسبب ذلك الحسد الدماء الغزيره
ثانيا – التعزُّز والترفُّع
وهو أن يثقُلَ على الشخص أن يتقدم عليه غيرُه، فإذا أصاب أحدُ زملائه أو أقرانه مالًا أو منصبًا أو علمًا أو كرامه من الله حسده وتمنى زوال ذلك منه وهو ماتصفه الايه الكريمه
وقال سبحانه:
﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 54]
عن أبي جعفر (عليه السلام)، في تفسير قوله تبارك و تعالى:
{ أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ }: فنحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون الخلق جميعا
ثالثا – التكبُّر
ظن ابليس ان النار افضل من الطين وانه افضل من ادم فاصله من نار وأصل أدم من طين لذلك أحس التكبر في نفسه فحسد ادم وعصى امر الله سبحانه وتعالى
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا)الاسراء 61
رابعا – التعجب والعجب
ان بعض الناس يرى غيرَه في نعمة، فيندهش ويتعجب كيف حصل عليها هذا الشخص، وهو مثله، أو انه أحق بها منه؟ فعند ذلك يقع في الحسَد؛ لتزول هذه النعمة عن الغير
قال تعالى:
(إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ﴿ ١٤ ﴾ قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَٰنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ ﴿ ١٥ ﴾ [يس: 15]،
: وقال تعالى
﴿ فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 47]
في هذه الآيات المباركة تعجَّبَ المشركون أن يفوز بشرٌ مثلُهم برتبة الرسالة فحسَدوهم، وتمنَّوْا زوالَ النبوة والرساله عنهم
خامسا – الخوف من فَوْتِ المقاصد
هذا مِن أكثر أسباب الحسَد وقوعًا، وأوسعها انتشارًا، وهذا يقع بين أصحاب المهنة الواحدة؛ فالطبيب يزاحم طبيبًا غيره؛ حتى يحصل على شهرة أكبر مِن صاحبه، وهكذا بين العلماء والفلاحين والمدرسين والمهندسين وغيرهم، وكذلك الإخوة يتحاسدون من أجل نيل المنزلة العالية في قلوب الأبوَينِ،
وحسد اخوه يوسف اخاهم لما راوا ان اباهم يهتم به اكثر منهم لموت امه
: قال تعالى
(قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) ﴿ يوسف ٥ ﴾
سادسا – حب الرياسة وطلب الجاه مِن أسباب الحسَد
وهذا الذي منَع كثيرًا من صناديد قريش أن يؤمنوا برسالة النبي صلى الله عليه واله وسلم؛
: قال تعالى
﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ [الزخرف: 31]،
حسدت قريش النبي (ص) على نبوته وتمنت النبوه لعروه بن مسعود الثقفي بدلا عن محمد (ص) والقريتين المقصودتين هما مكه والطائف
عن أبي عبد الله (عليه السلام) في تفسير الايه السابقه قال: " أنه عروة بن مسعود الثقفي،
ولقد امتنع كثير من اليهود عن الإيمان بالنبي (ص) خشيةَ أن يفقدوا رياستهم، وكذلك هرقل ملك الروم، الذي أيقن نبوة الرسول صلى الله عليه واله وسلم، ولكنه لم يؤمن به خشيةَ أن يفقد رياسته على الروم
سابعا – خُبْث النفس وسوء المنبت
كان تبني العبيد في الجاهليه شائعا وبالتبني تساوي الجاهليه بين العبد وبين الولد الشرعي ذو الشرف الرفيع والمكانه العاليه
وبذلك يطمح العبد ان يساويه بالرفعه والسمو ولكنه يعجز لفساد في طبعه سيما اذا كان من ابناء الزنا وذوات الرايات والعهر وهذه مهن تخلق الشر في النفوس وتبعث على الحسد وهذا ماحدث مع اميه العبد الذي تبناه عبد شمس ومع بني اميه عموما ذو المنبت السئ وابناء الزنا وذوات الرايات
كل هؤلاء يملكون نفوسا تميل بطبعها الى الحسد والخسه تحسد كل شريف ساد باخلاقه واصله او تكريم الله له وقد أضمر أميه وبنو أميه حسدا وحقدا رهيبا على بني هاشم
ابليس اول الحاسدين
عبد ابليس ربه اكثر من سبعه الاف سنه حتى ظن الملائكه انه منهم وحين خلق الله أدم أمر ابليس بالسجود له
: قال تعالى
(ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12) الاعراف
تحركت العصبيه العنصريه والكبر في نفس ابليس فقادته الى الحسد فقال أنا خير من أدم خلقتني من نار وخلقته من طين
وقال تعالى :
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿ ٣٤ ﴾ البقره
(وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴿ ١١ ﴾ الاعراف
والحسد قاد ابليس الى عصيان امر الله والى أن يضمر العداء لادم وذريته الى يوم القيامه
قال تعالى:
(قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿ ١٦ ﴾ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴿ ١٧ ﴾ الاعراف
وقال :
قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا(الاسراء 62)
قال أمير المؤمنين علي عليه السلام:
(إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ أَقْبَلَ إِبْلِيسُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ حَسَداً لِمَا يَرَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الَّتِي تَغْشَاهُ )
قابيل يحسد اخاه فيقتله
: قال تعالى
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴿ ٢٧ ﴾ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴿ ٢٨ ﴾ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ﴿ ٢٩ ﴾ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿ ٣٠ ﴾المائده
ويقول السيد هاشم الحسيني البحراني في البرهان في تفسير القرآن
عن سليمان بن خالد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)
جعلت فداك، فيم قتل قابيل هابيل؟
فقال: في الوصية
ثم قال لي: يا سليمان، إن الله تبارك و تعالى أوحى إلى آدم أن يدفع الوصية و اسم الله الأعظم إلى هابيل، و كان قابيل أكبر منه، فبلغ ذلك قابيل فغضب، فقال: أنا أولى بالكرامة و الوصية
فأمرهما أن يقربا قربانا بوحي من الله إليه، ففعلا، فقبل الله قربان هابيل، فحسده قابيل، فقتله
اخوه يوسف يحسدون اخيهم فيرمونه في الجب
قال تعالى :
(إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴿ 4 ) قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴿ يوسف 5)
وحدث ماتوقعه يعقوب (ع) فكاد اخوه يوسف له وحاولوا قتله
إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿ ٨ ﴾ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ﴿ ٩ ﴾ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴿ ١٠ ﴾
استعر الحسد في قلب اخوه يوسف من حب ابيهم له فكادوا له ورموه في الجب ليموت هناك
اليهود يحسدون رسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم
قال تعالى
(إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴿ ٥٦ ﴾غافر
يقول الزمخشري في الكشاف
{ إِن فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ } إلا تكبر وتعظم، وهو إرادة التقدّم والرياسة، وأن لا يكون أحد فوقهم، ولذلك عادوك ودفعوا آياتك خيفة أن تتقدّمهم ويكونوا تحت يدك وأمرك ونهيك، لأن النبوة تحتها كل ملك ورياسة. أو إرادة أن تكون لهم النبوّة دونك حسداً وبغياً
قال تعالى : (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴿ ١٠٥ ﴾البقره
قال البيضاوي في انوار التنزيل
وفسر الخير بالوحي. والمعنى أنهم يحسدونكم به وما يحبون أن ينزل عليكم شيء منه { وَٱللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء }
وقال علي بن ابي طالب عليه السلام ان المقصود بالرحمه هنا هي نبوه محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم
وقال الله تعالى:
﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾ [البقرة: 109]
قال الإمام الحسن بن علي العسكري أبو القائم (عليهما السلام)، في قوله تعالى: { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً }. " بما يوردونه عليكم من الشبهة { حَسَداً مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ } لكم، بأن أكرمكم الله بمحمد و علي و آلهما الطيبين { مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْحَقُّ } المعجزات الدالات على صدق محمد (صلى الله عليه و آله وسلم)، و فضل علي (عليه السلام) و آلهما
وقال سبحانه :
﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 54]
عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)
{ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَاٰبَ } فهو النبوة { وَٱلْحِكْمَةَ } فهم الحكماء من الأنبياء من الصفوة، و أما الملك العظيم، فهو الأئمة الهداة من الصفوة
والمقصود ان الله انعم على محمد (صلى الله وسلم عليه وعلى اله) بالنبوه وعلى علي (عليه السلام) بالامامه وعلى الائمه الهداه من بعده بالملك العظيم اي الطاعه المفروضه
اليهود والنصارى يعرفون محمدا صلى الله عليه واله تمام المعرفه وتنكروا لهم حسدا
اليهود والنصاري يعرفون محمداصلى الله عليه واله وسلم باسمه ويتوسلون به قبل نبوته تمنيا أن يكون منهم ولما بعث الله محمد من بني هاشم حسدوه وانكروه
يقول الله عز و جل: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } يعرفون محمدا في التوراة و الإنجيل، كما يعرفون أبناءهم في منازلهم { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * }
اولا : تدل الايه على أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى يعرفون محمداً صلى الله عليه واله وسلم كما يعرفون أبناءهم
وهذه المعرفة لم تكن بسيطة ، بل كانت في أعلى مستويات المعرفة ، بدلالة الآية الكريمة
ثانيا : تصريح بعض أهل الكتاب باسمه فيما كانوا يبشرون به من خروج نبي آخر الزمان ، فقد كان بعض العرب قد سمى ابنه محمدا طمعا في أن يكون النبي المنتظر لما سمعوه من التبشير بخروجه
كما ان بعض اليهود سموا ابنائهم محمدا متمنين ان تكون النبوه فيه ومن هؤلاء محمد بن مسلمه
فأهل الكتاب يجدون ذكر نبوة محمد صلى الله عليه واله وسلم في كتبهم التوراة والإنجيل
قال تعالى :
{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ }[ سورة الصف الآية :6]
وقال تعالى
وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ(89)البقره
قال الإمام العسكري (ع):
” ذم الله اليهود، فقال: { وَلَمَّا جَآءَهُمْ } يعني هؤلاء اليهود الذين تقدم ذكرهم، و إخوانهم من اليهود، جاءهم { كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } القرآن { مُصَدِّقٌ } ذلك الكتاب لِما مَعَهُمْ من التوراة التي بين فيها أن محمدا الأمي من ولد إسماعيل، المؤيد بخير خلق الله بعده: علي ولي الله { وَكَانُواْ } يعني هؤلاء اليهود { مِن قَبْلُ } ظهور محمد (صلى الله عليه و آله) بالرسالة { يَسْتَفْتِحُونَ } يسألون الله الفتح و الظفر { عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من أعدائهم و المناوئين لهم، و كان الله يفتح لهم و ينصرهم
قال الله عز و جل: { فَلَمَّا جَآءَهُمْ } جاء هؤلاء اليهود ما { عَرَفُواْ } من نعت محمد (صلى الله عليه و آله) و صفته { كَفَرُواْ بِهِ } جحدوا نبوته حسدا له، و بغيا عليه، قال الله عز و جل: { فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ }
اليهود يتوسلون الله بالنبي محمد (ص) قبل نبوته
قال أمير المؤمنين (ع): إن الله تعالى أخبر رسوله بما كان من إيمان اليهود بمحمد (ص) قبل ظهوره، ومن استفتاحهم على أعدائهم بذكره،
قال (ع): ” و كان الله عز و جل أمر اليهود في أيام موسى (ع) و بعده إذا دهمهم أمر، أو دهتهم داهية أن يدعوا الله عز و جل بمحمد و آله الطيبين، و أن يستنصروا بهم، و كانوا يفعلون ذلك حتى كانت اليهود من أهل المدينة قبل ظهور محمد (ص) بسنين كثيرة يفعلون ذلك، فيكفيهم الله البلاء و الدهماء و الداهية
ثلثمائه يهودي ينتصرون على ثلاثه الاف بمحمد وال محمد(ص)
وفي تفسير الامام العسكري (ص 393 )يقول :
و كانت اليهود قبل ظهور محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعشر سنين تعادي أسد و غطفان- قوم من المشركين- و يقصدون أذاهم، فكانوا يستدفعون شرورهم و بلاءهم بسؤالهم ربهم بمحمد و آله الطيبين، حتى قصدهم في بعض الأوقات أسد و غطفان في ثلاثة آلاف فارس إلى بعض قرى اليهود حوالي المدينة، فتلقاهم اليهود و هم ثلاثمائة فارس، و دعوا الله بمحمد و آله فهزموهم
فقالت أسد و غطفان بعضهما لبعضهم: تعالوا نستعين عليهم بسائر القبائل فاستعانوا عليهم بالقبائل و أكثروا حتى اجتمعوا قدر ثلاثين ألفا، و قصدوا هؤلاء الثلاثمائة في قريتهم، فألجئوهم إلى بيوتها، و قطعوا عنها المياه الجارية التي كانت تدخل إلى قراهم، و منعوا عنهم الطعام، و استأمن اليهود فلم يأمنوهم، و قالوا: لا، إلا أن نقتلكم و نسبيكم و ننهبكم
فقالت اليهود بعضها لبعض: كيف نصنع؟
فقال لهم ذوو الرأي منهم: أما أمر موسى أسلافكم و من بعدهم بالاستنصار بمحمد و آله الطيبين؟
أما أمركم بالابتهال إلى الله عز و جل عند الشدائد بهم ؟ قالوا: بلى
قالوا: فافعلوا
فقالوا: اللهم بجاه محمد و آله الطيبين لما سقيتنا، فقد قطع الظلمة عنا المياه حتى ضعف شباننا، و تماوت ولداننا، و أشرفنا على الهلكة فبعث الله تعالى لهم وابلا ، ملأ حياضهم و آبارهم و أنهارهم وأوعيتهم و ظروفهم،
فقالوا: هذه إحدى الحسنيين ثم أشرفوا من سطوحهم على العساكر المحيطة بهم، فإذا المطر قد آذاهم غاية الأذى، و أفسد أمتعتهم و أسلحتهم و أموالهم، فانصرف عنهم لذلك بعضهم، لأن ذلك المطر أتاهم في غير أوانه، في حمارة القيظ، حين لا يكون مطر
فقال الباقون من العساكر: هبكم سقيتم، فمن أين تأكلون؟ و لئن انصرف عنكم هؤلاء، فلسنا ننصرف حتى نقهركم على أنفسكم و عيالاتكم، و أهاليكم و أموالكم، و نشفي غيظنا منكم
فقالت اليهود: إن الذي سقانا بدعائنا بمحمد و آله قادر على أن يطعمنا، و إن الذي صرف عنا من صرفه، قادر على أن يصرف عنا الباقين
ثم دعوا الله بمحمد و آله أن يطعمهم، فجاءت قافلة عظيمة من قوافل الطعام قدر ألفي جمل و بغل و حمار محمله حنطة و دقيقا، و هم لا يشعرون بالعساكر، فانتهوا إليهم و هم نيام، و لم يشعروا بهم، لأن الله تعالى ثقل نومهم حتى دخلوا القرية، و لم يمنعوهم، و طرحوا أمتعتهم و باعوها منهم فانصرفوا و بعدوا، و تركوا العساكر نائمة ، فلما بعدوا انتبهوا، و نابذوا اليهود الحرب، و جعل يقول بعضهم لبعض: إن هؤلاء اشتد بهم الجوع و سيذلون لنا
قال لهم اليهود: هيهات، بل قد أطعمنا ربنا و كنتم نياما، جاءنا من الطعام كذا و كذا، و لو أردنا قتالكم في حال نومكم لتهيأ لنا، و لكنا كرهنا البغي عليكم، فانصرفوا عنا، و إلا دعونا عليكم بمحمد و آله، و استنصرنا بهم أن يخزيكم
فأبوا إلا طغيانا، فدعوا الله تعالى بمحمد و آله و استنصروا بهم، ثم برز الثلاثمائة إلى ثلاثين ألفا، فقتلوا منهم و أسروا واستوثقوا منهم بأسرائهم، فكان لا ينالهم مكروه من جهتهم، لخوفهم على من لهم في أيدي اليهود
فلما ظهر محمد (ص) حسدوه، إذ كان من العرب، فكذبوه
بنو اميه يحسدون بني هاشم
قلب اميه يغلي حقدا وحسدا على بني هاشم
لعبد مناف بن قصي اربعه اولاد هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل وهناك بعض الاراء التي تقول ان عبد شمس ونوفل أبناء احد زوجاته وقد رباهما وتبناهما وسنتطرق لذلك لاحقا
وحين تبنى عبد شمس عبدا روميا اسمه أميه استيقن قلب أميه بانه أصبح مساويا لهاشم في الرتبه والمنزله أعتمادا على تقاليد العرب انذاك
نار الحسد تحرق قلب اميه
قال الله تعالى
(أمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا(النساء 54)
صارت السقاية والرفادة، وهما من أعظم مكارم قريش ، إلى هاشم بن عبد مناف، وكان هاشم تاجراً بارعاً ، ومخططاً ناجحاً لتوسيع تجارة قريش ، فهو الذي نظم لها رحلتي الشتاء والصيف ، وهما الرحلتان اللتان ذكرهما الله في القرآن الكريم في مجال المنّ على قريش بالنعم التي وهبها لهم
ولأنه كان تاجراً ناجحاً فقد أثرى ثراءً كبيراً، وكان ينفق أموالاً كثيرة على السقاية والرفادة، ويعتبر حجاج البيت ضيوفاً على قريش
وعندما أصاب القحط قريشاً توجه هاشم إلى غزة وأتى بالخبز وهشمه وطبخه باللحم وأطعم قريشاً ، وبهذا العمل سمي هاشماً
كان هاشم مطعم قريش ، وعلى صغر سنه فقد كان القرشيون يقدمونه ويجلونه ويمتدحونه ، فحسده أمية بن عبد شمس( ان اميه ليس من صلب عبد شمس وانما عبد تبناه عبد شمس) وحاول اميه أن يفعل مثل هاشم ولكنه قصّر عن ذلك، فشمت به ناس من قريش فغضب غضباً شديداً وتحدى هاشماً مدعياً أنه افضل منه لسياده قريش وحاول هاشم أن يتفادى ذلك، ولكن أمية أصر على المنافرة
والمنافرة هي التحكيم عند مَن يقع عليه الاختيار من عليّة القوم ، ليحكم بميزة أحد المتنافرين وتفضيله على الآخر ، من حيث الملكات والقابليّات والوجاهة والمقام والحق، ويكون الحكم نهائيّاً مقبولاً عند العرب ، ، وليس من شك أنّ الذي دعاه إلى ذلك هو الحسد والغرور والنزاع على السلطه
وبإصرار أمية وافق هاشم، وأصبحت قريش فريقين ، كل فريق يدعي السيادة لصاحبه، ثم إنهم اتفقوا على أن يحكموا في ذلك الكاهن الخزاعي
كان موضوع المنافرة السيادة والشرف والجود والكرم، وكان الرهان خمسين ناقة تنحر بمكة، وعلى الجلاء من مكة عشر سنين
هذه المنافرة كان فيها شرطا قاسيا هوالجلاء عن مكة عشر سنين ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الشر قد تفاقم بين هاشم وأمية، وأن قريشاً خافت عواقبه ، فجعلوا الشرط القاسي حتى يفرقوا بين الزعيمين مدة طويلة حتى ينسى هذا الخلاف وتبرد نار العداوة
وارتضى الفريقان الكاهن الخزاعي حكماً، وذهبوا إليه ، ولم يكن بعيداً عن مكة، فخزاعة كلها تسكن حول مكة، وعرض الأمر على الكاهن ، فنفَّر هاشماً ، وحكم له بالسيادة ، وصاغ هذا الحكم بسجع الكهان قائلا
(والقمر الباهر، والكوكب الزاهر، والغمام الماطر، وما بالجوّ من طائر ، وما اهتدى بحَكَم مسافر، في منجد وغائر، لقد سبق هاشم أمية إلى المآثر، أول منها وآخر)
وأخذ هاشم الإبل ونحرها وأطعم لحمها من حضر، وخرج أمية إلى الشام فأقام فيها عشر سنين
كانت شجره الحسد والحقد في قلبه تنمو كل يوم وكل ساعه على هاشم وبنيه
عاد اميه بعد عشر سنين وصدره بركان يغلي حسدا وحقدا على هاشم
يقول الاستاذ جعفر الخليلي في ( موسوعه العتبات المقدسه) ان الكثير من بني أمية قد حاولوا الاستظهار بعد ذلك على بني هاشم بمختلف الطرق ، وكان صدر أمية نفسه يغلي بالحقد والغضب بعد رجوعه من جلائه ، وكان هاشم قد مات ، ولكنّ بني هاشم أحياء وقد تزعمهم عبد المطّلب ، وعبد المطّلب في ذلك اليوم ذو شأن كبيرجدا في قريش ، فإذا استطاع أمية أن ينتقم لنفسه ويثأر منه فقد يعود له ولبنيه وأصحابه ما فقدوا من عِزّ وما لحق بهم من عار في حدود أعرافهم يومذاك
فجاء إلى عبد المطلب يراهنه في سباق فرسيهما مراهنة خرجت عن مألوف رهان الخيل العام وانه كان واثقا من فرسه والا لم يقدم على هذه المراهنه بل التحدّي لأخذ الثأر والانتقام فقد كان الشرط أن يدفع المغلوب الذي تقصّر فرسه عن بلوغ الشرط : مئة ناقة من الإبل وعشرة من العبيد ، ومثلها من الإماء ، ثمّ استعباد سنة وذلك بأن يستعبد السابق الغالب المتسابق المغلوب سنة كاملة ، يتّخذ منه عبداً ، وفوق كل ذلك فللغالب أن يجزّ ناصية المغلوب
ومن هذه الشروط القاسيه نفهم أنّ المقصود بذلك كله كان إذلال المغلوب وتحقيره ، والمعتقد أنّ أمية كان واثقاً من فرسه ومعتقداً بفوزه ، وإلاّ فليس هو من الغباوة بحيث يقدم على مثل هذه المغامرة مهما بلغ حسده وغروره وكبرياؤه
وكانت النتيجة أن جاءت على خلاف ما كان قد اعتقد أمية وجزم ؛ فدفع الرهان كاملاً ، ولكنّه افتدى جزّ الناصية بمضاعفة استعباد عبد المطّلب له وجعلها عشر سنين ، وقد جاء في ج 3 ص 466 من شرح نهج البلاغة
( أنّ أمية في حشم عبد المطلب وعضاريطه عشر سنين )
المنافرة الثانية
غدا عبد المطلب سيداً مقدماً في قريش لحلمه وعقله وبسبب حلمه وحكمته ، ورغبة منه في نسيان الماضي الأليم اقترب عبد المطلب من حرب بن أمية ، ونادمه ، واصطفاه خليلاً
وكان في جوار عبد المطلب رجل تاجر، تآمر حرب بن أمية على قتله ، وألب عليه فتيان قريش فقتلوه، ولما علم عبد المطلب بذلك ، وعلم بتحريض حرب لقتله ، أتى حرباً فأنبه وطالبه بدية جاره، وبتسليم قاتليه
رفض حرب ، وأعلن أنه أجار قاتليه، ونشب الخلاف، وطارت شرارته ، فتداعيا للمنافرة
واقترحا أن يكون الحكم بينهما نجاشيّ الحبشة، فاعتذر النجاشي وأبى أن يدخل بينهما، ثم اتفقا على أن يكون الحكم نفيل بن عبد العزى العدوي
واجتمع القوم ببابه ، فخرج عليهم معلناً حكمه
وقال لحرب بن أمية
يا أبا عمرو( ويقصد حرب بن اميه ) ؛ أتنافر رجلاً هو أطول منك قامة، وأوسم منك وسامة ، وأعظم منك هامة ، وأقل منك لامة ، وأكثر منك ولداً ، وأجزل منك صلة، وأطول منك مذوداً ( الذود المدافعة ) ، وإني لأقول هذا وإنك لبعيد الغضب ، رفيع الصوت في العرب، جلد النزيرة ( الإلحاح في الطلب ) تحبك العشيرة ، ولكنك نافرت منفَّرا
ونفَّر العدويّ عبد المطلب بن هاشم اي حكم لصالحه
وغضب حرب بن أمية ، وأغلظ لنفيل القول ، وقال له : من انتكاس الدهر أن جعلتك حكماً
ثم إن عبد المطلب أخذ من حرب بن أمية دية جاره مئة ناقة
وقيل إن عبد المطلب إذا دخل شهر رمضان صعد حراء وأطعم المساكين جميع الشهر، وكان صعوده للتفكر في جلال الله وعظمته بعيدا عن الناس
ويؤثر عن عبد المطلب سنن جاء بها القرآن وجاءت بها السنّة ، منها الوفاء بالنذر، والمنع من نكاح المحارم، وقطع يد السارق، والنهي عن قتل الموءودة، وتحريم الخمر والزنا والحد عليه، وألا يطوف بالبيت عُريان، وتعظيم الأشهر الحرم. وهو أول من سنَّ دية النفس مائة من الإبل فجرت في قريش، ثم نشأت في العرب وأقرَّها وكانت قريش تصفه بانه ابراهيم الثاني
عبد المطلب يحفر بئر زمزم
جاء في البدايه والنهايه
عن علي بن ابي طالب(ع) انه قال:
قال عبد المطلب: إني لنائم في الحجر، إذ أتاني آت فقال لي: احفر طيبة. قال: قلت وما طيبة؟
قال ثم ذهب عني. قال فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي، فنمت فجاءني فقال: احفر برة. قال: قلت وما برة؟ قال ثم ذهب عني
فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت، فجاءني فقال: احفر المضنونة. قال: قلت وما المضنونة؟ قال ثم ذهب عني. فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني قال: احفر زمزم. قال: قلت وما زمزم؟
قال: لا تنزف أبدا ولا تزم، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم عند نقرة الغراب الأعصم عند قرية النمل. قال: فلما بين لي شأنها، ودل على موضعها، وعرف أنه قد صدق، غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث بن عبد المطلب، وليس له يومئذ ولد غيره، فحفر
لم يكن لعبد المطلب يومئذ من الاولاد الا الحارث وكانت قريش تمر به وتستهزء منه لحفره البئر ولقله اولاده نذر ان رزقه الله عشره اولاد ليذبحن احدهم قربانا لله عند الكعبه
ومن الله على عبد المطلب واتم حفر البئر وكان ماؤها وفيرا ووجد فيها غزالين من ذهب واسياف وادرع
المنافره الثالثه — نار الحسد والحقد تشب من جديد
قريش بالامس لم تعاون عبد المطلب في الحفر لا بل كانت تهزا منه واليوم اتته قائله
يا عبد المطلب إنها بئر أبينا إسماعيل وإن لنا فيها حقا، فأشركنا معك فيها. قال: ما أنا بفاعل إن هذا الأمر قد خصصت به دونكم، وأعطيته من بينكم. قالوا له: فأنصفنا فإنا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها
قال: فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه. قالوا: كاهنة بني سعد بن هذيم. قال: نعم وكانت بأشراف الشام
فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني أمية، وركب من كل قبيلة من قريش نفر، فخرجوا وفي الطريق نفد ماء عبد المطلب وأصحابه فعطشوا حتى استيقنوا بالهلكة، فاستسقوا من معهم فأبوا عليهم وقالوا: إنا بمفازة وإنا نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم
فقال عبد المطلب: إني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرته لنفسه بما لكم الآن من القوة، فكلما مات رجل دفعه أصحابه في حفرته، ثم واروه حتى يكون آخرهم رجلا واحدا، فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب جميعه
فقالوا: نعما أمرت به. فحفر كل رجل لنفسه حفرة، ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشى، ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه: ألقينا بأيدينا هكذا للموت، لا نضرب في الأرض، لا نبتغي لأنفسنا لعجز، فعسى أن يرزقنا االله ماء ببعض البلاد
فارتحلوا حتى إذا بعث عبد المطلب راحلته، انفجرت من تحت خفها عين ماء عذب، فكبر عبد المطلب وكبر أصحابه، ثم نزل فشرب وشرب أصحابه واستسقوا حتى ملئوا أسقيتهم. ثم دعا قبائل قريش وهم ينظرون إليهم في جميع هذه الأحوال، فقال: هلموا إلى الماء فقد سقانا الله، فجاؤوا فشربوا واستقوا كلهم
ثم قالوا: قد قضى الله لك علينا والله ما نخاصمك في زمزم أبدا، إن الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة هو الذي سقاك زمزم، فارجع إلى سقايتك راشدا، فرجع ورجعوا معه ولم يصلوا إلى الكاهنة، وخلوا بينه وبين زمزم
نار الحسد تشتعل من جديد
وجد عبد المطلب في البئر غزالين من ذهب واسياف وادرع فعادت قريش تطالب بحصه منها
فقالت له قريش: يا عبد المطلب لنا معك في هذا شرك وحق
قال: لا، ولكن هلم إلى أمر نصف بيني وبينكم، نضرب عليها بالقداح
قالوا: وكيف نصنع؟
قال: أجعل للكعبة قدحين، ولي قدحين، ولكم قدحين، فمن خرج قدحاه على شيء كان له ومن تخلف قدحاه فلا شيء له
قالوا: أنصفت. فجعل للكعبة قدحين أصفرين، وله أسودين، ولهم أبيضين، ثم أعطوا القداح للذي يضرب
قال: وضرب صاحب القداح، فخرج الأصفران على الغزالين للكعبة، وخرج الأسودان على الأسياف والأدرع لعبد المطلب، وتخلف قدحا قريش
فضرب عبد المطلب الأسياف بابا للكعبة، وضرب في الباب الغزالين من ذهب، فكان أول ذهب حلية للكعبة
ثم إن عبد المطلب أقام سقاية زمزم للحاج
وعندما غزا الحبشة الكعبة طَمْأنَ عبد المطلب الناس بأنهم لن يصلوا إليها فصدقت نبوءته ، وجعل الله كيدهم في تضليل وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ، فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَاكُولٍ
ثم وضع عبد المطلب للناس سنناً ، فجعل الطواف سبعاً، وكان بعض العرب يطوفون عرايا لأن ثيابهم ليست حلالاً فحرم عبد المطلب ذلك ، ونهى عن قتل المؤودة ، وأوجب الوفاء بالنذر ، وعظم الأشهر الحرم ، وحرم الخمر والزنا وجعل عليه الحد ، ونفى البغايا ذوات الرايات إلى خارج مكة ، وحرم نكاح المحارم ، وأوجب قطع يد السارق ، وشدد على القتل وجعل ديته مئة من الإبل.. وأقر ذلك الإسلام مما يدل على أن عبد المطلب كان مؤمناً ملهماً من ربه وله مقام عنده وقيل انه ابراهيم الثاني
قريش وبنو اميه يحسدون بني هاشم على النبوه والامامه
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] دَعَانِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُنْذِرَ عَشِيرَتِي الْأَقْرَبِينَ، فَضِقْتُ ذَرْعًا وَعَلِمْتُ أَنِّي مَتَى أُبَادِرُهُمْ بِهَذَا الْأَمْرِ أَرَ مِنْهُمْ مَا أَكْرَهُ، فَصَمَتُّ عَلَيْهِ حَتَّى جَاءَنِي جِبْرَائِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِلَّا تَفْعَلْ مَا تُؤْمَرُ بِهِ يُعَذِّبْكَ رَبُّكَ. فَاصْنَعْ لَنَا صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِ رِجْلَ شَاةٍ، وَامْلَأْ لَنَا عُسًّا مِنْ لَبَنٍ، وَاجْمَعْ لِي بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَتَّى أُكَلِّمَهُمْ وَأُبَلِّغَهُمْ مَا أُمِرْتُ بِهِ. فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ
فَأَكَلُوا، وَسَقَيْتُهُمْ ذَلِكَ الْعُسَّ، فَشَرِبُوا حَتَّى رَوَوْا جَمِيعًا وَشَبِعُوا، ثُمَّ تَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ شَابًّا فِي الْعَرَبِ جَاءَ قَوْمَهُ بِأَفْضَلَ مِمَّا قَدْ جِئْتُكُمْ بِهِ، قَدْ جِئْتُكُمْ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَقَدْ أَمَرَنِي اللَّهُ تَعَالَى أَنْ أَدْعُوَكُمْ إِلَيْهِ، فَأَيُّكُمْ يُؤَازِرُنِي عَلَى هَذَا الْأَمْرِ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَخِي وَوَصِيَّتِي وَخَلِيفَتِي فِيكُمْ؟ فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ عَنْهَا جَمِيعًا، وَقُلْتُ - وَإِنِّي لَأَحْدَثُهُمْ سِنًّا، وَأَرْمَصُهُمْ عَيْنًا، وَأَعْظَمُهُمْ بَطْنًا وَأَحْمَشُهُمْ سَاقًا: أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَكُونُ وَزِيرَكَ عَلَيْهِ. فَأَخَذَ بِرَقَبَتِي ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا أَخِي وَوَصِيِّي وَخَلِيفَتِي فِيكُمْ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا. قَالَ فَقَامَ الْقَوْمُ يَضْحَكُونَ فَيَقُولُونَ لِأَبِي طَالِبٍ: قَدْ أَمَرَكَ أَنْ تَسْمَعَ لِابْنِكَ وَتُطِيعَ (1)
سمعت قريش بنبا حديث الدار ووعته جيدا فالنبوه ستكون في بني هاشم والامامه و الخلافه من بعده لعلي اي لبني هاشم ايضا وانهم لانصيب لهم بذلك فاستعرت نار الحسد والحقد في قلوبهم
يقول احمد حسن يعقوب في كتابه المواجهه مع رسول الله
وهكذا برأى البطون (يعني بطون قريش) ينال الهاشميون شرف النبوه وشرف الملك معا، وتحرم من هذين الشرفين كافه بطون قريش، وفى ذلك اجحاف بحق البطون على حد تعبير عمر بن الخطاب
اعترضت قريش على رب العالمين كما اعترض ابليس على ربه
يورد لنا ابن الاثير في الكامل في التاريخ 3/24 محاوره ابن عباس مع عمر بن الخطاب في فتره خلافته وقد كشف عمرعن مكنونات قلبه وعن نوايا قريش حينها
قال عمر لابن عباس أثناء خلافته : يا ابن عباس أتدري ما منع قومكم منكم بعد محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ؟
قال ابن عباس : فكرهت أن أجيبه ، فقلت
إن لم أكن أدري فإن أمير المؤمنين يدري فقال عمر
كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة و الخلافة ، فتبجحوا على قومكم بجحا بجحا فاختارت قريش لأنفسها فأصابت و وفقت
قال : فقلت : يا أمير المؤمنين إن تأذن لي في الكلام و تحط عني الغضب تكلمت ، قال : تكلم
قال ابن عباس فقلت : أما قولك يا أمير المؤمنين : اختارت لأنفسها فأصابت ووفقت فلو أن قريشا اختارت لأنفسها من حيث اختار الله لها لكان الصواب بيدها غير مردود و لا محسود
و أما قولك : إنهم أبوا أن تكون لنا النبوة و الخلافة فإن الله عز و جل وصف قوما بالكراهية فقال : ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم
فقال عمر : هيهات يا ابن العباس قد كانت تبلغني عنك أشياء أكره أن أقرك عليها فتزيل منزلتك مني فقلت : يا أمير المؤمنين فإن كان حقا فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك ، و إن كان باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه
فقال عمر
بلغني أنك تقول صرفوها عنا حسدا و بغيا و ظلما
قال ابن عباس : فقلت : أما قولك يا أمير المؤمنين ظلما فقد تبين للجاهل و الحليم ، و أما قولك حسدا فإن آدم حُسد و نحن ولده المحسودون
فقال عمر : هيهات هيهات ، أبت والله قلوبكم يا بني هاشم إلا حسدا لا يزول
قال : فقلت يا أمير المؤمنين مهلا لا تصف بهذا قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا
ان بقاء الدين الجديد الذي اتى به محمد صلى الله عليه واله سيخلد ذكر محمد وال محمد من بني هاشم وعدم محو ذكرهم فهذا محمد يرفع اسمه في الاذان خمس مرات وهؤلاء اهل البيت لا تتم الصلاه الابهم ولذلك وللقضاء على بني هاشم يجب القضاء على محمد وال محمد ودينهم دين محمد صلى الله عليه واله وسلم
حسد معاويه وحقده على لمحمد صلى الله عليه واله
قال في شرح النهج: 5 / 129: (وقد طعن كثير من أصحابنا في دين معاوية، ولم يقتصروا على تفسيقه، وقالوا عنه إنه كان ملحدا لا يعتقد النبوة، ونقلوا عنه في فلتات كلامه، وسقطات ألفاظه، ما يدل على ذلك
روى الزبير بن بكار في الموفقيات، وهو غير متهم على معاوية، ولا منسوب إلى اعتقاد الشيعة، لما هو معلوم من حاله من مجانبة علي عليه السلام والانحراف عنه : قال المطرف بن المغيرة بن شعبة: دخلت مع أبي على معاوية فكان أبى يأتيه فيتحدث معه ثم ينصرف إلي فيذكر معاوية وعقله ويعجب بما يرى منه، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء، ورأيته مغتما فانتظرته ساعة وظننت أنه لأمر حدث فينا، فقلت: ما لي أراك مغتما منذ الليلة؟ فقال: يا بني، جئت من عند أكفر الناس وأخبثهم! قلت: وما ذاك؟! قال: قلت له وقد خلوت به: إنك قد بلغت سنا يا أمير المؤمنين فلو أظهرت عدلا وبسطت خيرا، فإنك قد كبرت. ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم، فوالله ما عندهم اليوم شئ تخافه، وإن ذلك مما يبقى لك ذكره وثوابه. فقال: هيهات هيهات! أي ذكر أرجو بقاءه؟! ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلا أن يقول قائل: أبو بكر! ثم ملك أخو عدي، فاجتهد وشمر عشر سنين، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلا أن يقول قائل: عمر. وإن ابن أبي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات: أشهد أن محمدا رسول الله! فأي عمل لي يبقى، وأي ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك! لا والله إلا دفنا دفنا
حسد ابو سفيان لمحمد صلى الله عليه واله
قال ابن عباس كنا في محفل فيه ابو سفيان فقال أبو سفيان وقد كف بصره وفينا علي (عليه السلام) فأذن المؤذن، فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله قال أبو سفيان: ههنا من يحتشم؟ قال واحد من القوم: لا، فقال: لله در أخي بني هاشم، انظروا أين وضع اسمه؟ فقال علي (عليه السلام): أسخن الله عينك يا با سفيان، الله فعل ذلك بقوله عز من قائل: ورفعنا لك ذكرك
(اسخن الله عينيك بمعنى ابكاك)
قريش تقول ..الموت ولا الاقرار بولايه علي عليه السلام
وفي تفسير فرات الكوفي ص 505
عن الحسين بن محمدالخارفي قال : سالت سـفـيان بن عيينة عن :
سال سائل , فيمن نزلت : قال : يا ابن اخي سالتني عن شي ما سالني عنه احد قـبـلك , لقد سالت جعفر بن محمد (ع ) عن مثل الذي سالتني عنه , فقال : اخبرني ابي عن جدي عن ابـيـه عـن ابن عباس (رض ) قال :لما كان يوم غدير خم , قام رسول اللّه (ص ) خطيبا فاوجز في خـطـبته , ثم دعا علي بن ابي طالب (ع ) فاخذ بضبعه ثم رفع بيده حتى رئي بياض ابطيهما وقال : الم ابلغكم الرسالة ؟ الم انصح لكم ؟ قالوا : اللهم نعم , فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه , اللهم وال من والاه , وعـاد مـن عـاداه , وانصر من نصره واخذل من خذله ففشت في الناس فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري , فرحل راحلته ثم استوى عليها ورسول اللّه (ص ) اذ ذاك بمكة ـ حتى انتهى الى الابطح , فاناخ ناقته ثم عقلها ثم جاء الى النبي (ص ) فسلم فرد عليه النبي (ص ) فقال
يا محمد انك دعوتنا ان نقول لا اله الا اللّه فقلنا, ثم قلت صلوا فصلينا , ثم قلت صوموا فصمنا فاظمانا نهارنا واتعبنا ابداننا , ثم قلت حجوا فحججنا , ثم قلت اذا رزق احدكم ماتي درهم فليتصدق بخمسة كل سنة , ففعلنا
ثـم انك اقمت ابن عمك فجعلته علما وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه , اللهم وال من والاه وعاد من عـاداه وانصر من نصره واخذل من خذله , افعنك ام عن اللّه ؟ قال : فنهض , وانه لمغضب وانه ليقول : اللهم ان كان ما قال محمد حقا فامطر علينا حجارة من السما , تكون نقمة في اولنا وآية في آخرنا, وان كان ما قال محمد كذبا فانزل به نقمتك
ثـم اثـار نـاقته فحل عقالها ثم استوى عليها , فلما خرج من الابطح رماه اللّه تعالى بحجر من السما فـسقط على راسه وخرج من دبره , وسقط ميتا فانزل اللّه فيه : سال سائل بعذاب واقع , للكافرين ليس له دافع , من اللّه ذي المعارج
جمع الحسد بين قلوب الحاسدين الثلاثه قريش واليهود وبني اميه وشكلوا حلفا لمحاربه محمد وبني هاشم والقضاء عليه وعلى الدين الجديد وعلى بني هاشم
وسنتطرق في الفصول القادمه الى محاولات الحلف لمحاربه الدين الجديد وتنفيذ شعارهم (لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه )
تعليق