بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ اللهِ وَبَرَكآتُهْ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ اللهِ وَبَرَكآتُهْ
الحَدثُ العظيمُ الّذي هَدَّ الأنامَ ، وَتَجَرَأَ أهلُ الظُّلمِ والطُّغيان على خيرِ أهلِ الأرضِ ووليهَا في ذلكَ الزَّمانِ بالقَّتلِ بِسِلاحِ السَّمِّ الّذي هوَ سِلاحُ الضُّعَفَاءِ وَوَسِيلَةُ الجُبَنَاءِ ، هذا الإسلوبُ المستعملُ مِنْ قِبَلِ المَأمونِ العَباسيِّ للتَّخَلُّصِ منْ حُجَّةِ اللهِ في أرضهِ الإمامِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ، في السَابعِ عَشَرِ منْ صَفَرِ سَنَةِ 203 للهِجرَةِ ، وَقَدْ ذَكَرتْ الرِّواياتِ الشَّريفَةِ بعضَ مَا جَرى معَ الإمامِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) في تِلكَ الحادِثَةِ الأليمَةِ الّتي مِنْ خِلالهَا نَتَعَرَّفُ عَلَى كَيفِيَّةِ شَهَادَتِهِ ، وَمِنْهَا:-
رَوَى اَلنُّعْمَانُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أَنَّهُ قَالَ : ( سَيُقْتَلُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي بِأَرْضِ خُرَاسَانَ بِالسَّمِّ ظُلْماً اِسْمُهُ اِسْمِي وَ اِسْمُ أَبِيهِ اِسْمُ اِبْنِ عِمْرَانَ مُوسَى عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَلاَ فَمَنْ زَارَهُ فِي غُرْبَتِهِ غَفَرَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ ذُنُوبَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا وَ مَا تَأَخَّرَ وَ لَوْ كَانَتْ مِثْلَ عَدَدِ اَلنُّجُومِ وَ قَطْرِ اَلْأَمْطَارِ وَ وَرَقِ اَلْأَشْجَارِ )، مَنْ لَا يَحضُرُهُ الفَقيهُ للصَّدوقِ، ج 2 ،ص 584.
كانَ سَبَّبُ قَتلَ المَأمُونُ الإمامَ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أنَّهُ كانَ لَا يُحَابيَ المَأمُونَ فِي حَقٍّ، وَيُجيبَهُ في أكثَرِ أحوالِهِ بِمَا يَغيظُ وَيَحقِدُهُ عَلَيْهِ، ولَا يُظهِرُ ذلكَ لَهُ وَ كَانَ اَلرِّضَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ يُكْثِرُ وَعْظَ اَلْمَأْمُونِ إِذَا خَلاَ بِهِ وَ يُخَوِّفُهُ بِاللَّهِ وَ يُقَبِّحُ لَهُ مَا يَرْتَكِبُهُ مِنْ خِلاَفِهِ فَكَانَ اَلْمَأْمُونُ يُظْهِرُ قَبُولَ ذَلِكَ مِنْهُ وَ يُبْطِنُ كَرَاهَتَهُ وَ اِسْتِثْقَالَهُ ، هذا بالإضافةِ الَى السبَّبِ الرَئيس وهوَ التَّخَلُصُ مِنْ إمامِ الأمَّةِ كَي تَخلو الساحةُ لَهُ ولَيسَ مِنْ مُنازِعٍ ،وَهُنَاكَ أسبَّأبُ كُيرَةٌ يَطولُ المَقامُ بِذِكرِهَا ، والشّاهِدُ عَلَى بَعْضِهَا ،
مَا رُويَّ وَذَكَرَهُ الشَّيخُ المُفيدُ أنَّهُ: َدَخَلَ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يَوْماً عَلَيْهِ فَرَآهُ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ وَ اَلْغُلاَمُ يَصُبُّ عَلَى يَدِهِ اَلْمَاءَ فَقَالَ: ( لاَ تُشْرِكْ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ أَحَداً فَصَرَفَ اَلْمَأْمُونُ اَلْغُلاَمَ وَ تَوَلَّى تَمَامَ وُضُوئِهِ بِنَفْسِهِ وَ زَادَ ذَلِكَ فِي غَيْظِهِ وَ وَجْدِهِ. وَ كَانَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يُزْرِي عَلَى اَلْحَسَنِ وَ اَلْفَضْلِ اِبْنَيْ سَهْلٍ عِنْدَ اَلْمَأْمُونِ إِذَا ذَكَرَهُمَا وَ يَصِفُ لَهُ مَسَاوِئَهُمَا وَ يَنْهَاهُ عَنِ اَلْإِصْغَاءِ إِلَى قَوْلِهِمَا وَ عَرَفَا ذَلِكَ مِنْهُ فَجَعَلاَ يَحْطِبَانِ عَلَيْهِ عِنْدَ اَلْمَأْمُونِ وَ يَذْكُرَانِ لَهُ عَنْهُ مَا يُبْعِدُهُ مِنْهُ وَ يُخَوِّفَانِهِ مِنْ حَمْلِ اَلنَّاسِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَزَالاَ كَذَلِكَ حَتَّى قَلَبَا رَأْيَهُ وَ عَمِلَ عَلَى قَتْلِهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَاتَّفَقَ أَنَّهُ أَكَلَ هُوَ وَ اَلْمَأْمُونُ يَوْماً طَعَاماً فَاعْتَلَّ مِنْهُ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ أَظْهَرَ اَلْمَأْمُونُ تَمَارُضاً )، الإرشاد ، ج2،ص269.
وَمِنْهَا: حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ تَمِيمٍ اَلْقُرَشِيُّ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ اَلْأَنْصَارِيِّ قَالَ: ( سَأَلْتُ أَبَا اَلصَّلْتِ اَلْهَرَوِيَّ فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ طَابَتْ نَفْسُ اَلْمَأْمُونِ بِقَتْلِ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) مَعَ إِكْرَامِهِ وَ مَحَبَّتِهِ لَهُ وَ مَا جَعَلَ لَهُ مِنْ وِلاَيَةِ اَلْعَهْدِ بَعْدَهُ فَقَالَ: إِنَّ اَلْمَأْمُونَ إِنَّمَا كَانَ يُكْرِمُهُ وَ يُحِبُّهُ لِمَعْرِفَتِهِ بِفَضْلِهِ وَ جَعَلَ لَهُ وِلاَيَةَ اَلْعَهْدِ مِنْ بَعْدِهِ لِيُرِيَ اَلنَّاسَ أَنَّهُ رَاغِبٌ فِي اَلدُّنْيَا فَيُسْقِطَ مَحَلَّهُ مِنْ نُفُوسِهِمْ فَلَمَّا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ فِي ذَلِكَ لِلنَّاسِ إِلاَّ مَا اِزْدَادَ بِهِ فَضْلاً عِنْدَهُمْ وَ مَحَلاًّ فِي نُفُوسِهِمْ جَلَبَ عَلَيْهِ اَلْمُتَكَلِّمِينَ مِنَ اَلْبُلْدَانِ طَمَعاً فِي أَنْ يَقْطَعَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَيَسْقُطَ مَحَلُّهُ عِنْدَ اَلْعُلَمَاءِ وَ بِسَبَبِهِمْ يَشْتَهِرُ نَقْصُهُ عِنْدَ اَلْعَامَّةِ فَكَانَ لاَ يُكَلِّمُهُ خَصْمٌ مِنَ اَلْيَهُودِ وَ اَلنَّصَارَى وَ اَلْمَجُوسِ وَ اَلصَّابِئِينَ وَ اَلْبَرَاهِمَةِ وَ اَلْمُلْحِدِينَ وَ اَلدَّهْرِيَّةِ وَ لاَ خَصْمٌ مِنْ فِرَقِ اَلْمُسْلِمِينَ اَلْمُخَالِفِينَ إِلاَّ قَطَعَهُ وَ أَلْزَمَهُ اَلْحُجَّةَ وَ كَانَ اَلنَّاسُ يَقُولُونَ وَ اَللَّهِ إِنَّهُ أَوْلَى بِالْخِلاَفَةِ مِنَ اَلْمَأْمُونِ وَ كَانَ أَصْحَابُ اَلْأَخْبَارِ يَرْفَعُونَ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَيَغْتَاظُ مِنْ ذَلِكَ وَ يَشْتَدُّ حَسَدُهُ لَهُ وَ كَانَ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لاَ يُحَابِي اَلْمَأْمُونَ مِنْ حَقٍّ وَ كَانَ يُجِيبُهُ بِمَا يَكْرَهُ فِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهِ فَيَغِيظُهُ ذَلِكَ وَ يَحْقِدُهُ عَلَيْهِ وَ لاَ يُظْهِرُهُ لَهُ فَلَمَّا أَعْيَتْهُ اَلْحِيلَةُ فِي أَمْرِهِ اِغْتَالَهُ فَقَتَلَهُ بِالسَّمِّ )، عيونُ أخبَارِ الرِّضَا ،ج 2 ، ص 239.
وَمِنْهَا: مَا وَرَدَ عَنْ أبي الصَّلْتِ عَبْدِ اَلسَّلاَمِ بْنِ صَالِحٍ اَلْهَرَوِيِّ قَالَ: دَخَلَ دِعْبِلُ بْنُ عَلِيٍّ اَلْخُزَاعِيُّ "ره" عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى اَلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بِمَرْوَ فَقَالَ لَهُ: ( يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِنِّي قَدْ قُلْتُ فِيكَ قَصِيدَةً وَ آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ لاَ أُنْشِدَهَا أَحَداً قَبْلَكَ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): هَاتِهَا فَأَنْشَدَهُ
مَدَارِسُ آيَاتٍ خَلَتْ مِنْ تِلاَوَةٍ ********* وَمَنْزِلُ وَحْيٍ مُقْفِرُ اَلْعَرَصَاتِ
فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ:
أَرَى فَيْئَهُمْ فِي غَيْرِهِمْ مُتَقَسِّماً ********* وَ أَيْدِيَهُمْ مِنْ فَيْئِهِمْ صِفْرَاتٍ
بَكَى أَبُو اَلْحَسَنِ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ قَالَ لَهُ: صَدَقْتَ يَا خُزَاعِيُّ فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ:
إِذَا وُتِرُوا مَدُّوا إِلَى وَاتِرِيهِمْ ************ أَكُفّاً عَنِ اَلْأَوْتَارِ مُنْقَبِضَاتٍ
جَعَلَ أَبُو اَلْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ وَ يَقُولُ: أَجَلْ وَ اَللَّهِ مُنْقَبِضَاتٍ فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ:
لَقَدْ خِفْتُ فِي اَلدُّنْيَا وَأَيَّامِ سَعْيِهَا ******* وَإِنِّي لَأَرْجُو اَلْأَمْنَ بَعْدَ وَفَاتِي
قَالَ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): آمَنَكَ اَللَّهُ يَوْمَ اَلْفَزَعِ اَلْأَكْبَرِ فَلَمَّا اِنْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ:
وَ قَبْرٌ بِبَغْدَادَ لِنَفْسٍ زَكِيَّةٍ ************* تَضَمَّنَهَا اَلرَّحْمَنُ فِي اَلْغُرُفَاتِ
قَالَ لَهُ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَفَلاَ أُلْحِقُ لَكَ بِهَذَا اَلْمَوْضِعِ بَيْتَيْنِ بِهِمَا تَمَامُ قَصِيدَتِكَ فَقَالَ: بَلَى يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ):
وَ قَبْرٌ بِطُوسٍ يَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ ******** تَوَقَّدُ فِي اَلْأَحْشَاءِ بِالْحُرُقَاتِ
إِلَى اَلْحَشْرِ حَتَّى يَبْعَثَ اَللَّهُ قَائِماً ********** يُفَرِّجُ عَنَّا اَلْهَمَّ وَ اَلْكُرُبَاتِ
فَقَالَ دِعْبِلٌ: يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ هَذَا اَلْقَبْرُ اَلَّذِي بِطُوسَ قَبْرُ مَنْ هُوَ فَقَالَ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): قَبْرِي وَ لاَ تَنْقَضِي اَلْأَيَّامُ وَ اَللَّيَالِي حَتَّى تَصِيرَ طُوسُ مُخْتَلَفَ شِيعَتِي وَ زُوَّارِي أَلاَ فَمَنْ زَارَنِي فِي غُرْبَتِي بِطُوسَ كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ مَغْفُوراً لَهُ ثُمَّ نَهَضَ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) بَعْدَ فَرَاغِ دِعْبِلٍ مِنْ إِنْشَادِ اَلْقَصِيدَةِ وَ أَمَرَهُ أَنْ لاَ يَبْرَحَ مِنْ مَوْضِعِهِ فَدَخَلَ اَلدَّارَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَاعَةٍ خَرَجَ اَلْخَادِمُ إِلَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ رَضَوِيَّةٍ فَقَالَ لَهُ: يَقُولُ لَكَ مَوْلاَيَ اِجْعَلْهَا فِي نَفَقَتِكَ فَقَالَ دِعْبِلٌ: وَ اَللَّهِ مَا لِهَذَا جِئْتُ وَ لاَ قُلْتُ هَذِهِ اَلْقَصِيدَةَ طَمَعاً فِي شَيْءٍ يَصِلُ إِلَيَّ وَ رَدَّ اَلصُّرَّةَ وَ سَأَلَ ثَوْباً مِنْ ثِيَابِ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) لِيَتَبَرَّكَ وَ يَتَشَرَّفَ بِهِ فَأَنْفَذَ إِلَيْهِ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) جُبَّةَ خَزٍّ مَعَ اَلصُّرَّةِ)، عيونُ أخبارِ الرِّضَا ،ج2، ص263.
وَمِنْهَا: مَا حَدَّثَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِي اَلصَّلْتِ اَلْهَرَوِيِّ قَالَ: بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي اَلْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى اَلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) إِذْ قَالَ لِي: ( يَا أَبَا اَلصَّلْتِ اُدْخُلْ هَذِهِ اَلْقُبَّةَ اَلَّتِي فِيهَا قَبْرُ هَارُونَ فَائْتِنِي بِتُرَابٍ مِنْ أَرْبَعِ جَوَانِبِهَا قَالَ فَمَضَيْتُ فَأَتَيْتُ بِهِ فَلَمَّا مَثَلْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ لِي: نَاوِلْنِي مِنْ هَذَا اَلتُّرَابِ وَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اَلْبَابِ فَنَاوَلْتُهُ فَأَخَذَهُ وَ شَمَّهُ ثُمَّ رَمَى بِهِ ثُمَّ قَالَ: سَيُحْفَرُ لِي هَاهُنَا قَبْرٌ وَ تَظْهَرُ صَخْرَةٌ لَوْ جُمِعَ عَلَيْهَا كُلُّ مِعْوَلٍ بِخُرَاسَانَ لَمْ يَتَهَيَّأْ قَلْعُهَا ثُمَّ قَالَ فِي اَلَّذِي عِنْدَ اَلرِّجْلِ وَ اَلَّذِي عِنْدَ اَلرَّأْسِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: نَاوِلْنِي هَذَا اَلتُّرَابَ فَهُوَ مِنْ تُرْبَتِي ثُمَّ قَالَ: سَيُحْفَرُ لِي فِي هَذَا اَلْمَوْضِعِ فَتَأْمُرُهُمْ أَنْ يَحْفِرُوا لِي سَبْعَ مَرَاقِيَ إِلَى أَسْفَلَ وَ أَنْ يُشَقَّ لِي ضَرِيحَةٌ فَإِنْ أَبَوْا إِلاَّ أَنْ يَلْحَدُوا فَتَأْمُرُهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا اَللَّحْدَ ذِرَاعَيْنِ وَ شِبْراً فَإِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ سَيُوَسِّعُهُ لِي مَا شَاءَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَإِنَّكَ تَرَى عِنْدَ رَأْسِي نَدَاوَةً فَتَكَلَّمْ بِالْكَلاَمِ اَلَّذِي أُعَلِّمُكَ فَإِنَّهُ يَنْبُعُ اَلْمَاءُ حَتَّى يَمْتَلِئَ اَللَّحْدُ وَ تَرَى فِيهِ حِيتَاناً صِغَاراً فتفتت [فَفَتِّتْ] لَهَا اَلْخُبْزَ اَلَّذِي أُعْطِيكَ فَإِنَّهَا تَلْتَقِطُهُ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ خَرَجَتْ مِنْهُ حُوتَةٌ كَبِيرَةٌ فَالْتَقَطَتِ اَلْحِيتَانَ اَلصِّغَارَ حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْهَا شَيْءٌ ثُمَّ تَغِيبُ فَإِذَا غَابَتْ فَضَعْ يَدَكَ عَلَى اَلْمَاءِ وَ تَكَلَّمْ بِالْكَلاَمِ اَلَّذِي أُعَلِّمُكَ فَإِنَّهُ يَنْضُبُ وَ لاَ يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ وَ لاَ تَفْعَلْ ذَلِكَ إِلاَّ بِحَضْرَةِ اَلْمَأْمُونِ ثُمَّ قَالَ: عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا أَبَا اَلصَّلْتِ غَداً أَدْخُلُ هَذَا اَلْفَاجِرَ فَإِنْ خَرَجْتُ وَ أَنَا مَكْشُوفُ اَلرَّأْسِ فَتَكَلَّمْ أُكَلِّمْكَ وَ إِنْ خَرَجْتُ وَ أَنَا مُغَطَّى اَلرَّأْسِ فَلاَ تُكَلِّمْنِي قَالَ أَبُو اَلصَّلْتِ: فَلَمَّا أَصْبَحْنَا مِنَ اَلْغَدِ لَبِسَ ثِيَابَهُ وَ جَلَسَ فِي مِحْرَابِهِ يَنْتَظِرُ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ غُلاَمُ اَلْمَأْمُونِ فَقَالَ لَهُ: أَجِبْ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ فَلَبِسَ نَعْلَهُ وَ رِدَاءَهُ وَ قَامَ يَمْشِي وَ أَنَا أَتَّبِعُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى اَلْمَأْمُونِ وَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَبَقُ عِنَبٍ وَ أَطْبَاقُ فَاكِهَةٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ بِيَدِهِ عُنْقُودُ عِنَبٍ قَدْ أَكَلَ بَعْضَهُ وَ بَقِيَ بَعْضُهُ فَلَمَّا بَصُرَ بِالرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَثَبَ إِلَيْهِ وَ عَانَقَهُ وَ قَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَ أَجْلَسَهُ مَعَهُ ثُمَّ نَاوَلَهُ اَلْعُنْقُودَ وَ قَالَ: يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ هَلْ رَأَيْتَ عِنَباً أَحْسَنَ مِنْ هَذَا فَقَالَ اَلرِّضَا: رُبَّمَا كَانَ عِنَباً حَسَناً يَكُونُ مِنَ اَلْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ: كُلْ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ اَلرِّضَا: أَ وَ تُعْفِينِي مِنْهُ فَقَالَ: لاَ بُدَّ مِنْ ذَلِكَ مَا يَمْنَعُكَ مِنْهُ لَعَلَّكَ تَتَّهِمُنَا بِشَيْءٍ فَتَنَاوَلَ اَلْعُنْقُودَ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ نَاوَلَهُ فَأَكَلَ مِنْهُ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ ثَلاَثَ حَبَّاتٍ ثُمَّ رَمَى بِهِ وَ قَامَ فَقَالَ لَهُ اَلْمَأْمُونُ: إِلَى أَيْنَ قَالَ: إِلَى حَيْثُ وَجَّهْتَنِي وَ خَرَجَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ مُغَطَّى اَلرَّأْسِ فَلَمْ أُكَلِّمْهُ حَتَّى دَخَلَ اَلدَّارَ ثُمَّ أَمَرَ أَنْ يُغْلَقَ اَلْبَابُ فَغُلِقَ ثُمَّ نَامَ عَلَى فِرَاشِهِ فَمَكَثْتُ وَاقِفاً فِي صَحْنِ اَلدَّارِ مَهْمُوماً مَحْزُوناً فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلَيَّ شَابٌّ حَسَنُ اَلْوَجْهِ قَطَطُ اَلشَّعْرِ أَشْبَهُ اَلنَّاسِ بِالرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَبَادَرْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ دَخَلْتَ وَ اَلْبَابُ مُغْلَقٌ – فَقَالَ: اَلَّذِي جَاءَ بِي مِنَ اَلْمَدِينَةِ فِي هَذَا اَلْوَقْتِ هُوَ اَلَّذِي أَدْخَلَنِي اَلدَّارَ وَ اَلْبَابُ مُغْلَقٌ فَقُلْتُ لَهُ: وَ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ لِي: أَنَا حُجَّةُ اَللَّهِ عَلَيْكَ يَا أَبَا اَلصَّلْتِ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ثُمَّ مَضَى نَحْوَ أَبِيهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَدَخَلَ وَ أَمَرَنِي بِالدُّخُولِ مَعَهُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَثَبَ إِلَيْهِ وَ عَانَقَهُ وَ ضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ وَ قَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ سَحَبَهُ سَحْباً إِلَى فِرَاشِهِ وَ أَكَبَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يُقَبِّلُهُ وَ يُسَارُّهُ بِشَيْءٍ لَمْ أَفْهَمْهُ وَ رَأَيْتُ عَلَى شَفَتَيِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ زُبْداً أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ اَلثَّلْجِ وَ رَأَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَلْحَسُهُ بِلِسَانِهِ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ بَيْنَ ثَوْبِهِ وَ صَدْرِهِ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا شَيْئاً شَبِيهاً بِالْعُصْفُورِ فَابْتَلَعَهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَ قَضَى اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ )، الأمَالي للصَّدوقِ، ص 526 ، ح 17 ، مجلس 94.
وَمِنْهَا: مَا ذُكِرَ عَنْ تَمِيمِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ تَمِيمٍ اَلْقُرَشِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ اَلْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اَلسَّلاَمِ بْنِ صَالِحٍ اَلْهَرَوِيِّ عَنِ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فِي حَدِيثٍ: أَنَّهُ دَخَلَ اَلْقُبَّةَ اَلَّتِي فِيهَا قَبْرُ هَارُونَ ، فِي دَارِ حُمَيْدِ بْنِ قَحْطَبَةَ ، ثُمَّ قَالَ: ( هَذِهِ تُرْبَتِي وَ فِيهَا أُدْفَنُ وَ سَيَجْعَلُ اَللَّهُ هَذَا اَلْمَكَانَ مُخْتَلَفَ شِيعَتِي وَ أَهْلِ مَحَبَّتِي وَ اَللَّهِ لاَ يَزُورُنِي مِنْهُمْ زَائِرٌ وَ لاَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ مِنْهُمْ مُسَلِّمٌ إِلاَّ وَجَبَ لَهُ غُفْرَانُ اَللَّهِ وَ رَحْمَتُهُ بِشَفَاعَتِنَا أَهْلَ اَلْبَيْتِ ، ثُمَّ اِسْتَقْبَلَ اَلْقِبْلَةَ فَصَلَّى رَكَعَاتٍ وَ دَعَا بِدَعَوَاتٍ فَلَمَّا فَرَغَ سَجَدَ سَجْدَةً طَالَ مَكْثُهُ فِيهَا فَأَحْصَيْتُ لَهُ خَمْسَمِائَةِ تَسْبِيحَةٍ ثُمَّ اِنْصَرَفَ)، وسائل الشیعة ، ج14، ص559.
أعظَمَ اللهُ لَكُمُ الأجرَ بذِكرَى شَهادَةِ مَولَانَا الإمامِ عَلِيٍّ بْنِ مُوسى الرِّضَا(عَلَيْهِ السَّلامُ).
تعليق