لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه (6) معاويه يقتل الحسن بن علي عليه السلام
الفصل السادس
معاويه يقتل الامام الحسن عليه السلام بالسم
تصف لنا السيده فاطمه الزهراء عليها السلام حال العرب البائس قبل الاسلام في خطبتها الفدكيه المشهوره فتقول :
(وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النّارِ، مُذْقَةَ الشّارِبِ، وَنُهْزَةَ الطّامِعِ، وَقُبْسَةَ الْعَجْلانِ، وَمَوْطِئَ الأقْدامِ، تَشْرَبُونَ الطّرْقَ، وَتَقْتاتُونَ الْوَرَقَ، أذِلَّةً خاسِئِينَ، {تَخافُونَ أنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِكُمْ} فَأنْقَذَكُمُ اللهُ تَبارَكَ وَتَعالى بِمُحَمَّدٍ صَلى الله عليه وآله بَعْدَ اللّتَيّا وَالَّتِي )
وقد إستطاع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أن ينقذهم من وضعهم البائس وأن يبنى مجتمعا إنسانيا لايفرق بين الابيض والاسود ولا بين الفقير والغني ولا بين العربي والاعجمي ولا بين العبد والحر
قال الله تعالى في سوره الحجرات ايه 13
(إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ)
وما أن أغمض رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عينينه حتى عاد العرب الى جاهليتهم فقسًمَ عمر المجتمع الى إثنتا عشره طبقه اجتماعيه متباينه في العطاء و فرق بين العرب والعجم وأبطل أوامر الله وخالف أياته و أحرق سنه رسوله واحاديثه المكتوبه وتبعه عثمان في تخريب البنيه الاجتماعيه فقسًمَ بيت مال المسلمين بين بني أميه والقبائل المتعاطفه معهم والسائره في ركابهم وقد تطرقنا لذلك بالتفصيل في الفصل السابق
ولما ولي الامام علي عليه السلام الخلافه أعاد الامور الى نصابها عملا بكتاب الله وسنه نبيه ولكن ذلك البً عليه بني أميه وجمهور المستفيدين من نهب ثروات المسلمين من الامويين والقبائل المؤيده لهم والذين يشكلون ثلاثه أرباع جيش الخلافه أنذاك وقد عانى الامام علي عليه السلام منهم كثيرا حتى ذمهم في موارد كثيره
أدت سياسيه عمر وعثمان الى تمزيق البنيه الاجتماعيه للمسلمين والى خلق مجتمع ناقم على علي وبنيه لانه أعاد العمل بسنه رسول الله
وكان أول الناقمين طلحه والزبير وقد خرجا الى البصره لمحاربه الامام علي في حرب زهقت فيها أرواح ثلاثين الف مسلم في معركه الجمل يتحمل مسؤليه الدماء فيها طلحه والزبير وعائشه وأبو بكر وعمر وعثمان وعثمان وبني أميه
المسلمون يبايعون الامام الحسن عليه السلام للخلافه
وبعد اغتيال الامام علي بايع المسلمون الامام الحسن للخلافه في وقت عصيب فالشام بيد الطليق إبن الطليق معاويه بن أبي سفيان وغالبيه جيش الخلافه أمويه الهوى وأنصار الامام علي والامام الحسن يشكلون نسبه قليله من الجيش
جيش الامام الحسن هو نفس الجيش الذي شكا منه الامام علي
إشتكى الامام علي عليه السلام من جيش الخلافه الذي جُله من القبائل التي إشتراها عثمان وبني أميه بالاقطاعيات الواسعه والاموال الضخمه وقد إسترجعها منهم الامام عليه السلام وأعادها لبيت مال المسلمين فنقموا عليه وعصوا أمره وتخاذلوا عن قتال معاويه.
ويقول الامام في احدى خطبه مشتكيا من جيش الخلافه :
أَمَّا بَعْدُ فَإنَّ الْجِهَاد بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَتَحَهُ اللّهُ لَخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ وَهُوَ لِباسُ التَّقْوَى وَدِرْعُ اللّهِ الْحَصِينَةُ وَجُنَّتُهُ الْوَثِيقَةُ.
فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ الْبَسَهُ اللّهُ ثَوْبَ الذُّلِّ وَشَمْلَةَ الْبَلَاءِ. وَدُيِّثَ بَالصِّغَارِ وَالْقَمَاءَةِ وَضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بَالْاءَسْدَادِ وَ ادِيلَ الْحَقُّ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ وَسِيمَ الْخَسْفَ وَمُنِعَ النَّصْفَ.
ألَا وَإنِّي قَدْ دَعَوْتُكُمْ إلَى قِتَالِ هوُلَاءِ الْقَومِ لَيْلاً وَنَهَارا، وَسِرا وَإعْلَانا، وَقُلْتُ لَكُمُ اغْزُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَعْزُوكُمْ، فَوَاللّهِ مَا غُزِيَ قَوْمٌ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ إلَّا ذَلُّوا. فَتَوَاكَلْتُمْ وَتَخَاذَلْتُمْ حَتَّى شُنَّتِ الْغَارَاتُ عَلَيْكُمْ وملكت عَلَيْكُمُ الْأَوْطَانُ. وَهْذَا اخُو غَامِدٍ قَدْ وَرَدَتْ خَيْلُهُ الْأَنبَارَ وَقَدْ قَتَلَ حَسَّانَ ابْنِ حَسَّانَ الْبَكْرِيَّ وَأَزَالَ خَيْلَكُمْ عَنْ مَسَالِحِهَا وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مَنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ وَالْأُخْرَى الْمُعَاهِدَةِ فَيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا وَقُلْبَهَا وَقَلاَئِدَهَا وَرِعَاثَهَا.
مَا تَمْتَنع مِنْهُ إلَّا بِاِلاسْتِرْجَاع وَالاِسْتِرْحَامِ ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرِينَ مَا نَالَ رَجُلاً مَنْهُمْ كَلْمٌ وَلَا أُرِيقَ لَهُمْ دَمٌ. فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِما مَاتَ مَنْ بَعْدِ هذَا اسَفا مَا كَانَ بَهِ مَلُوما بَلْ كَانَ بِهِ عِنْدِي جَدِيرا.
فَيَا عَجَبا وَاللّهِ يُمِيتُ الْقَلْبَ وَيَجْلِبُ الهمَّ مِنِ اجْتِمَاعِ هؤُلَاءِ الْقَوْمِ عَلَى بَاطِلِهِمْ وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ فَقُبْحا لَكُمْ وَتَرَحا حِينَ صِرْتُمْ غَرَضا يُرْمَى يُغارُ عَيْكُمْ وَلَا تُغِيرُونَ. وَتُغْزَوْنِ وَلَا تَغْزُونَ. وَيُعْصَى اللّهُ وَتَرْضَوْنِ فَاذَا أَمَرْتُكُم بِالسَّيْرِ إلَيْهِمْ فِي أَيَّامِ الْحَرَّ قُلْتُمْ هذِهِ حَمَارَّةُ الْقَيْظِ أَمْهِلْنَا يُسَبَّخْ عَنَّا الْحَرُّ وَإذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إلَيْهِم فِي الشِّتَاءِ قُلْتُمْ هذِهِ صَبَارَّةُ الْقُرِّ أمْهِلْنَا يَنْسَلِخْ عَنَّا الْبِرْدُ. كُلُّ هْذَا فِرَارا مِنَ الْحَرِّ وَالْقُرِّ فَإذَا كُنْتُمْ مِنَ الْحَرِّ وَالْقُرِّ تَفِرُّونَ فَإذا أَنْتُمْ وَاللّهِ مِنَ السَّيْفِ أفَرُّ.
يَا أَشْبَاهَ الرِّجَالِ وَلَارِجَالَ. حُلُومُ الْأَطْفَالِ. وَعُقُولُ ربَّاتِ الْحِجَالِ. لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ . مَعْرِفَةٌ وَاللّهِ جَرَّتْ نَدَما وَاعْقَبَتْ سَدَما. قَاتَلَكُمُ اللّهُ لَقَدْ مَلاُتُمْ قَلْبِي قَيْحا. وَشَحَنْتُمْ صَدْرِي غَيْظا. وَجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ التَّهْمَامِ أَنْفَاسا. وَأفَسَدْتُمْ عَلَيِّ رَأيِي بِالْعِصْيَانِ وَالْخِذْلَانِ حَتَّى لَقَدْ قَالَتْ قُرَيْشٌ إنَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ رَجُلٌ وَلكِنْ لَاعِلْمَ لَهُ بِالْحَرْبِ. للّهِ أَبُوهُمْ! وَهَلْ أَحَدٌ مَنْهُمْ أَشَدُّ لَهَا مِرَاسا وَأَقْدَمُ فِيهَا مَقَاما مِنِّي؟ لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا وَمَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ، وَهَا أَنَاذَا قَدْ ذَرِّفْتُ عَلَي السِّتِّينَ. وَلكِنْ لَا رَأيَ لَمِنْ لَا يُطَاعُ
ويصف لنا الشيخ المفيد جيش الامام الحسن لقتال معاويه فيقول
يتكون الجيش من أربعه اقسام:
اولا - الشيعه
وهؤلاء فيما يظهر عدد قليل في الجيش العراقي ولو كانوا عددا كثيرا فيه ، لما أُجبر أمير المؤمنين (ع) على التحكيم في صفين ولما صالح الحسن معاوية
ثانيا - الخوارج
وهم الذين كانوا ضمن جيش الامام وكانوا يرومون قتال معاوية بكل حيلة ووسيلة لا إيمانا منهم بقضية الحسن وباطل معاوية ، بل كانوا يرون الحسن ومعاوية في صعيد واحد ، وإنهما لا يستحقان الخلافة وإنما كانوا يستعجلون حرب معاوية ومناجزته لأنهم يعلمون انه أوفر قوة من الامام فرأوا أن ينضموا الى جيشه مؤقتا حتى ينهوا أمره ، فان قضي عليه فيكون أمر الحسن سهلا لأن اغتياله ليس بالعسير عليهم
ثالثا – اصحاب المطامع
وهم فصيلة من الجند لا تؤمن بالقيم الروحية ولا تقدس العدل ولا تفقه الحق وإنما كانوا ينشدون مصالحهم وأطماعهم وكانوا يرقبون من كثب أي الجهتين قد كتب لها النصر والظفر حتى يلحقوا بها
رابعا - الشكاكون
وأكبر الظن ان الشكاكين هم الذين أثرت عليهم دعوة الخوارج ودعاية الأمويين حتى شككوا في مبدأ أهل البيت (ع) ، وفي رسالتهم الإصلاحية ولو اندلعت نيران الحرب لما ساعدوا الإمام بشيء ، لأنهم لم يكونوا مدفوعين بدافع الإيمان والعقيدة
خامسا – اتباع الرؤساء
وهم أكثر العناصر عددا ، وأعظمهم خطرا ، فهم يتبعون زعماءهم ورؤساءهم اتّباع أعمى لا إرادة لهم ولا تفكير ولا شعور بالواجب ، وهم المعبر عنهم بالهمج الرعاع. وكان أغلب سواد العراق قد انتمى الى أحد الزعماء على غرار العشائر العراقية في هذا الوقت ، وأكثر زعماء العراق ممن كاتب معاوية بالطاعة والانقياد كقيس بن الأشعث ، وعمرو بن الحجاج وحجار بن أبجر وأضرابهم من الخوارج والمنافقين الذين اشتركوا في أعظم مأساة سجلها التأريخ وهي قتل سيد شباب أهل الجنة الحسين (ع) وهؤلاء هم من إشتراهم عثمان بالاموال الكبيره والاقطاعيات الواسعه والتي صادرها الامام علي لاحقا فنقموا عليه وعلى أهل بيته
هذه هي العناصر التي تكوّن منها الجيش العراقي ، بل العراق كله من نفر منه الى الحرب ومن لم ينفر ينطبق عليه أحد هذه العناوين التي ذكرها الشيخ المفيد رحمه الله في كلامه القيم ، وأكثر هؤلاء لا يؤمن من شرهم فى السلم فضلا عن الحرب
وعليه فان الجيش العراقي انذاك(جيش الخلافه ) قد كان اموي الهوى في الغالب
سياسه معاويه لتمزيق جيش العراق
بث الجواسيس
وكانت باكورة الدسائس الخطيرة التي قام بها معاوية فى إفساده مقدمه الجيش، انه بعث الجواسيس ، ونشر العيون ليذيعون الذعر والإرهاب ويقومون بخذلان الجيش ، وكانت دعايتهم ذات طابع واحد وهي
إن الحسن يكاتب معاوية على الصلح فلم تقتلون أنفسكم؟ (1)
وتركت هذه الموجة من الافتراء إضطرابا فظيعا ، وخوفا بالغا فى النفوس ، وأحدثت تمردا شاملا في جميع الوحدات العسكرية
رشوة الوجوه
ولم يقتصر معاوية في عمليات التخريب على ذلك ، فقد صنع ما هو أفتك منها وهو شراؤه الضمائر الرخيصة من قادة الجيش وزعمائه المقيمين في « مسكن » فقد بذل لهم أموالا ضخمة ، ومناهم بالوظائف والمراتب ، فأجابوه الى ذلك ، وتسللوا إليه ، والتحقوا بمعسكره في غلس الليل وفى وضح النهار (2)
إغراؤه لعبيد الله بن العباس
ولما رأى معاوية إن عملية الرشوة قد نجح بها الى حد كبير راح يعمل بنشاط فى اغرائه لذوي الضمائر القلقة ، والنفوس المريضة ، فمدّ أسلاك مكره الى عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب إبن عم الامام الحسن عليه السلام ، فجذبه إليه ، وصار العوبة بيده ، وقد خان
عبيد الله بذلك ثقل رسول الله ، وترك موكب الحق والهدى ، وإنضم الى معسكر الخيانة والجور ، أما نص رسالة معاوية التي خدعه بها فهي
إن الحسن قد راسلني فى الصلح ، وهو مسلم الأمر إليّ فان دخلت فى طاعتي الآن كنت متبوعا ، وإلا دخلت وأنت تابع ، ولك إن أجبتني الآن أن أعطيك ألف ألف درهم ، أعجل لك في هذا الوقت نصفها ، وإذا دخلت الكوفة النصف الآخر
غدر وخيانة
وتمثلت أمام عبيد الله ( المادة ) التي منّاه بها معاوية و سولت له نفسه الأثيمة بالغدر ونكث العهد ، فاستجاب لدنيا معاوية ، ومال عن الحق ، وانحرف عن الطريق القويم ، وخان الله ورسوله ، وترك سبط النبي (ص) وريحانته ، والتحق بمعسكر الظلم والجور ، وقد تسربل بثياب العار والخزي
لقد تسلل عبيد الله الى معاوية فى غلس الليل البهيم ومعه ثمانية آلاف من الجيش والأهواء الذين لم ينطبع الدين في قلوبهم ففي عنق عبيد الله الخائن الأثيم تقع المسئولية الكبرى فقد أدت خيانته الى زعزعة الجيش واضطرابه
إن هذه الخطة التي سلكها معاوية كانت من أهم الأسباب التي مهدت نجاحه ، وفوزه بالموقف وتغلبه على الأحداث ، فقد سببت إندحار جيش الإمام ، وقضت على عزائمه ، وفتحت باب الخيانة ، والغدر على مصراعيهما
وحين كان عبيد الله بن العباس واليا لعلي على اليمن هاجمت مجاميع من جيش معاويه اليمن فهرب عبيد الله بن العباس وترك اهله فذبح جيش معاويه طفلين له ذبحا امام امهما.
ولا آدرى كيف أنساه بريق الذهب أن يثأر من معاويه لذبحه طفليه
معاويه يغتال الامام الحسن بالسم
دعا (معاوية) (مروان بن الحكم) إلى إقناع (جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي) ـ وكانت من زوجات الإمام الحسن(عليه السلام) ـ بأن تسقي الحسن السمّ وكان شربة من العسل بالماء فإن هو قضى نحبه زوّجها بيزيد، وأعطاها مئة ألف درهم
وكانت (جعدة) هذه بنت الأشعث بن قيس ـ المنافق المعروف الذي أسلم مرتين بينهما ردّة منكرة ـ أقرب الناس روحاً إلى قبول هذه المعاملة النكراء
قال الإمام جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام) :
إنّ الأشعث شرك في دم أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وابنته (جعدة) سمّت (الحسن)، وابنه (محمّد) شرك في دم الحسين (عليه السلام)
تشييع جنازة الإمام عليه السلام
تولى الإمام الحسين عليه السلام مهمّة تغسيل الجسد الطاهر لأخيه الحسن عليه السلام و تكفينه ولفّه ، وبعدها حملت جنازة الإمام الحسن عليه السلام إلى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله ولمّا وصلوا المسجد اعترض مروان طريق الجنازة للحيلولة دون الدخول بها إلى المسجد ، ثمّ مضى إلى عائشة يحرضها على منع دفن الإمام الحسن عليه السلام عند جدّه ،
دفن الإمام(عليه السلام) وفتنة عائشة وحقد بنو اميه
ولم يشكَّ (مروان) ومن معه من بني أمية أنّهم سَيَدْفُنونَه عند رسول الله(صلى الله عليه وآله و سلم) ، فتجمَّعوا لذلك ولبسوا السلاح ، فلمّا توجّه به الحسين(عليه السلام) إلى قبر جدّه رسول الله(صلى الله عليه وآله و سلم) ليجدّد به عهداً أقبلوا إليهم في جمعهم، ولحقتهم (عائشة) على بغل وهي تقول: ما لي ولكم تريدون أن تُدخلوا بيتي من لا أحب، وجعل مروان يقول : يا رُبَّ هيجا هي خير مِن دَعَة، أَيُدْفَنُ عثمانُ في أقصى المدينة ويدفن الحسن مع النبيّ؟! لا يكون ذلك أبداً وأنا أحمل السيف
ورموا نعش الامام الحسن عليه السلام بالسهام ...انه حقد قريش وبني أميه الاعمى الذي لاتسلم معه حتى جثث القتلى فجثه الحسن عليه السلام ترمى بالسهام وجثه الحسين عليه السلام تداس بحوافر الخيل
وكادت الفتنة أن تقع بين بني هاشم وبني أمية فبادر (ابن عباس) إلى (مروان) فقال له : ارجع يا مروان من حيث جئت فإنّا ما نريد دفن صاحبنا عند رسول الله(صلى الله عليه وآله و سلم) لكنّا نريد أن نجدّد به عهداً بزيارته ثم نردّه إلى جدّته (فاطمة بنت أسد) فندفنه عندها بوصيته بذلك، ولو كان أوصى بدفنه مع النبي(صلى الله عليه وآله و سلم) لعلمت أنّك أقصر باعاً من ردّنا عن ذلك ، لكنّه(عليه السلام) كان أعلم بالله وبرسوله وبحرمة قبره من أن يطرق عليه هدماً ، كما طرق ذلك غيره ودخل بيته بغير إذنه
ثم أقبل على (عائشة) وقال لها: وا سوأتاه! يوماً على بغل ويوماً على جمل، تريدين أن تطفِئي نور الله وتقاتلي أولياء الله، ارجعي فقد كُفيت الذي تخافين وبلغت ما تحبين والله منتصر لأهل البيت ولو بعد حين
وقال الحسين(عليه السلام) :والله لو لا عهد الحسن بحقن الدماء وأن لا أُهريق في أمره محجمة دم لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مأخذها وقد نقضتم العهد بيننا وبينكم وأبطلتم ما أشترطنا عليكم لأنفسنا
ومضوا بالحسن فدفنوه بالبقيع عند جدّته (فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف) -رضي الله عنها-
وهكذا تمّ لمعاوية ما أراد، وكانت شهادته(عليه السلام) بالمدينة
وورد بريد (مروان) إلى (معاوية) بتنفيذ الخطّة المسمومة فلم يملك نفسه من إظهار السرور بموت الإمام الحسن(عليه السلام) وكان بالخضراء فكبّر وكبّر معه أهل الخضراء، ثم كبّر أهل المسجد بتكبير أهل الخضراء،
المصادر
(1) شرح ابن أبي الحديد ٤ / ٢١٥
(2) شرح ابن أبي الحديد ٤ / ٢٨
تعليق