يا أخا زينب ، في كفكَ نورٌ
شعر عدنان عبدالنبي البلداوي
رَجَـــزَ البَـــدرُ ، فحـيّــاهُ الـحُـسـامُ
واقــتـدى بالــنّهْـج أنـصــارٌ كِــرامُ
فـــيــه صَــبْــرٌ ، وإبـاءٌ وثـَـبــاتٌ
ونَـــقــاءٌ ، ووفـــاءٌ ، واعــتِـصـامُ
أذْهَــلَ الـخَـصْـمَ ، بأوصـافٍ بـهـا
قَـبَـسُ الــمـوروث :عِــلـمٌ ومَـقـامُ
زانَـهــا فـي مُعجَم الأبـطالِ ذِكْـــرٌ
هــو لـلــحَـزْمِ ولـلـعَــزْم وِســـامُ
عــنـدمــا أوْهَـنَــهُـم ضاقـتْ بــهـم
وغَـــزَتْ أجْــواءَهــم أسْـــــــقــامُ
ذكَّــرَتْــهُـــم بـانـتـصاراتٍ لــــه
شهــدتْ صِفّين ، والحربُ ضِرامُ
ثـم لــمّـا جالَ فـي الطـفِ ، تَـنـادَوا :
حَــتْــفُــنـا آتٍ ، اذا جَــدَّ الـخِـصامُ
فكّـروا ، أنْ يُـبْعِـدوا البأساءَ عـنهـم
قــبْــلَ أنْ يَـنْـتــابـَهــم مَـــوتٌ زُؤامُ
فـاسْــتَـغَـلّوا صِــلةَ الأنـساب حَــلاً
كـي يـضمّـوه ، وفـي الأمْـرِ مَـرامُ
قـالـوا يا بـنَ الأخْــتِ : هــيّا مَعنا
فــي أمـانٍ لــكَ ، والـوَعـدُ الـتِـزامُ
زأرَ الــشِــــبْـلُ ، فــدَوّى زاجِــراً:
إنني للسّــبْطِ ، ســــيـفٌ لا يُـضـامُ
كــبّــرَ الأنصارُ : هـــذا فَـخْـرُنــا
حـامـِلُ الرايــةِ عــبـاسُ ، الـهُـمـامُ
وَظّــفَ الحَرفَ مع الرمح اقتِحاماً
فـأصابَ الـخَصْـمَ ذُعـرٌ وارتـِطامُ
نَـــسْـلُ طـه ، فــي خُـطى إقْـدامِـه
عَــزْمُ صِنْـديـدٍ يــؤاخـيـه الـتّـمـامُ
شـتّـتَ الفرســانَ فـي سُوح الوَغى
راجــزا ، والـحــربُ نـارٌ وحِـمـامُ
قد تَـراءى لــهم الــكــرّارُ يـَخْـطــو
فــــي نِــزالٍ ، صـاغَــه الإلــهــامُ
مِــن سَــــنا أم الـبنـيــن انـبَـثَــقَــتْ
وارتَـقَـتْ، في الأفقِ أهْدافٌ عِظامُ:
قَــدَّمَـتْ أولادَهــا لـلطّــفِّ جُــنْــدا
رِفْـقَــة السّــبْطِ ، إذا حـانَ الصِـدامُ
أوْدَعَـــتْ فـيهـم صُـمـوداً حاسِـماً
قــبـل أن تأتـي الـمُهِـمّـاتُ الجِـسامُ
جُــبِـلَ الأنـصـارُ ، كُـلٌّ لـه عَــيـنٌ
لا تُــبالــي ، إذا جـافــاهــا الـمـنـامُ
مِـنْ أبــي الـفـضلِ دُروسَـا أخَــذَتْ
عَــن فــنونِ الحَربِ أسْـداها الإمـامُ
مـع أصــوات الـنِــزالِ اقــتَـرَنَــتْ
مُـفــرداتٌ ، مُـؤلِــمٌ فــيـهـا الكــلامُ :
قِـربـةُ الماء – فـراتٌ – وعَـطاشى
كــان فــيهــا لأبـي الفـضلِ الزِّمـامُ
مـنـعـوا الـمـاءَ ، وللتاريـخ سِـــفْـرٌ
فـيه سَــطْرُ اللؤْمِ ،عــارٌ و ظـــلامُ
أقـدمَ الضرغامُ صوْبَ النهرِ يَسْعى
حـطّــمَ الأسـوارَ فــاسْـتـاءَ الـنِّظــامُ
سـَـقَطَتْ هـيْـبَـتُهـم ، إذ كيف يَغْـزو
فــارسٌ ألْـفَـاً ، عــلى الــنهـرِ قِـــيامُ
يــا وَضِـيـئاً ، كلــمـا اسْـــمُـك دَوّى
ســادَ فـي الأعـداءِ رُعـْبٌ وانْهِــزامُ
يَـفْخَـرُ الموهـوبُ ، بالمَجْـدِ وِسـامـا
وبـــك الـمَـجْــدُ فَــخُــورٌ، مُـسْـتـدامُ
عــندمــا أنْـهَــكَـهُـم سَــيـفُـكَ فَــتْـكـا
فـــي نِــزالٍ ، دامَ فـــيـه الإحــتِــدامُ
عَــمَــدوا نَــصْـبَ كَــمِــينٍ غـادِرٍ
فـــيـه حِــقْــدٌ مُــسْــتَـديمٌ ، وانـتِـقامُ
ونــوايا ســادَهـا مِــن خُــبْـثِ أصْـلٍ
عَــفَــنٌ ، والــطّـبْـعُ غــذّاهُ الـحَــرامُ
قَــطَـعــوا كـــفّــيْـكَ ، إنــقـاذاً لــهــم
حــيـثُ مـنهـا نالــهـم ، طَعنٌ عُــرامُ
مَــشْـهَــدُ الكــفّـــيـنِ للأجـيـالِ رَمْــزٌ
لـلـتَّـفــانـي ، ولــــه الـخُــلْــدُ يُــقــامُ
يا أخـا زيــنـبَ ، فــي كــفِّـــكَ نــورٌ
يـَــسْـــتــقـي مِـــن ضـوئــه الإقْــدامُ
شــاهِـداً يــبــقى عــلى مَــرِّ الزمـانِ
يَــنـصُـر الـحــقَّ ، ولـلـعـدلِ حِــزامُ
بــيــن صَـبْـرٍ، وصُـمـودٍ ، وجُروح
وحــروفٍ فـــي مآقــيهـا اضْـطِـرامُ
ودَّعَ الــسِـبـْطُ عــلى النهــرِ ذِراعــاً
وظــهِـــيـراً ، وهُـمــامـاً لا يـُـضـامُ
مَــلأ الـهِــمَّــةَ عَــزْمــاً وســـــداداً
كــي يُــصـانَ الــسِّــلــمُ والإســـلامُ
أبَــداً جـــرحُــكَ يــبــقـى نــاطــقــاً
يـَـمْـحَـقُ الــظُّــلمَ ، ويـَخـشاهُ اللـئـامُ
شـــامِـخٌ صـرْحُـكَ ، للأجـيـالِ رَمْـزٌ
أيــنـما مَــرّوا بأرضٍ ، أو أقــامــوا
(من بحر الرمل)
تعليق