بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
السؤال : إنّ الشيعة تدّعي : أنّ الخليفتين نكثوا العهد بعد الرسول ، فلماذا كانوا أقرب الناس إلى الرسول؟ وكانوا معاونيه في الدعوة الإسلاميّة ، ألم يكن الرسول يعلم بذلك؟ وهو الذي يخبر عن كلّ صغيرة وكبيرة ، فلماذا لم يتكلّم الرسول ويخبر بذلك؟
الجواب : أمّا قولك : لماذا كان الشيخان أقرب الناس إلى الرسول ، فلا ندري ما مقصودك من القرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله؟ هل بمعنى القرابة؟ فهذا ـ كما تعلميّن ـ غير صحيح ، أم أنّك تقصدين أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان يعتمد عليهما في كلّ صغيرة وكبيرة ، فهذا ـ كما تعلميّن أيضاً ـ غير ثابت ، وذلك لأنّ النبيّ صلى الله عليه وآله لم يخصّهما في شيء كما خصّ غيرهما.
وأهمّ ما نلاحظه أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله لم يؤاخ بينه وبين أحدٍ منهما ، بل لم تذكر جميع كتب السير أنّه صلى الله عليه وآله خصّهما في المشورة دون أصحابه ، أو أودعهما سرّه دون غيرهما من المسلمين ، أو ولاّهما على شيء قد اختصّا به ، بل بالعكس من ذلك ، فإنّ الحقيقة هي خلاف ما تذكرينه تماماً ، وذلك لشواهد :
أوّلاً : أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله سدّ الأبواب المشرفة على المسجد ، ومنها باب أبي بكر وعمر ، ولم يميّزهما عن غيرهما ، وأبقى باب علي بن أبي طالب عليه السلام مفتوحاً.
فقد روي عن النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه قال : ( أمّا بعد ، فإنّي أُمرت بسدّ هذه الأبواب إلاّ باب علي ، فقال فيه قائلكم : والله ما سددت شيئاً ولا فتحته ، ولكن أمرت بشيء فاتّبعته ) (1).
وروي أيضاً عن الإمام علي عليه السلام أنّه قال : ( أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيدي ، فقال : إنّ موسى سأل ربّه أن يطهّر مسجده بهارون ، وإنّي سألت ربّي أن يطهّر مسجدي بك وبذرّيتك ، ثمّ أرسل إلى أبي بكر أن سدّ بابك ، فاسترجع ثمّ قال : سمعاً وطاعة ، فسدّ بابه ، ثمّ أرسل إلى عمر ، ثمّ أرسل إلى العباس بمثل ذلك ، ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب علي ، ولكن الله فتح باب علي وسدّ أبوابكم ) (2).
ثانياً : أنّه صلى الله عليه وآله أمّر أُسامة بن زيد على الشيخين ، وعلى جمعٍ من الصحابة ، وكان فتىً صغيراً ، ولم يقدّم الشيخين في هذا الجيش؟ فعن عبد الله بن عبد الرحمن : ( أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله في مرض موته ، أمّر أُسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جلّة المهاجرين والأنصار ، منهم أبو بكر وعمر ، وأبو عبيدة بن الجرّاح ، وعبد الرحمن بن عوف ، وطلحة والزبير ، وأمره أن يغير على مؤتة ، حيث قتل أبوه زيد ... ) (3).
ثالثاً : أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد آخى بينه وبين علي عليه السلام ، في حين لم يؤاخ بينه وبين أحدٍ من الشيخين ، بل آخى بين أبي بكر وبين خارجة بن زيد (4) ، وآخى بين عمر بن الخطّاب وبين عتبان بن مالك (5).
فلو كان الشيخان أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه وآله لآخى بينه وبين أحدهما.
رابعاً : أنّ الشيخين لو كانا قريبين من رسول الله صلى الله عليه وآله لبلّغ أحدهما عنه ، في حين أنّه قال : ( علي منّي وأنا منه ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ علي ) (6).
فلو كان الشيخان أقرب الناس لبلّغا عن النبيّ صلى الله عليه وآله وخصصهما بتبليغه.
إلى آخر الصفات والمنازل التي لم يختصّ بهما الشيخان ، فكيف يكونان من أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله؟
أمّا عدم إخبار الرسول عن خفايا سرائرهم فإنّه كان يخضع لمصالح ومفاسد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلم بها ، ويمكن استنتاجها لمن نظر نظرة تأمّل لتاريخ تلك الحقبة وكما أنّ الرسول صلى الله عليه وآله لم يخبر عن المنافقين اللذين كانوا يحيطون به.
____________
1 ـ المستدرك 3 / 125 ، السنن الكبرى للنسائيّ 5 / 118 ، خصائص أمير المؤمنين : 73 ، كنز العمّال 11 / 618 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 138 ، البداية والنهاية 7 / 379 ، المناقب : 327 ، جواهر المطالب 1 / 186 ، ينابيع المودّة 2 / 169 و 233 و 398.
2 ـ كنز العمّال 13 / 175 ، النزاع والتخاصم : 117.
3 ـ شرح نهج البلاغة 6 / 52.
4 ـ الجامع لأحكام القرآن 14 / 124 ، تفسير القرآن العظيم 3 / 477 ، الدرّ المنثور 3 / 207 ، فتح القدير 2 / 330.
5 ـ مقدّمة فتح الباري : 321.
6 ـ سنن ابن ماجة 1 / 44 ، المصنّف لابن أبي شيبة 7 / 495 ، الآحاد والمثاني 3 / 183 ، كتاب السنّة : 584 ، فيض القدير 4 / 470 ، تحفة الأحوذيّ 10 / 152 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 47.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
السؤال : إنّ الشيعة تدّعي : أنّ الخليفتين نكثوا العهد بعد الرسول ، فلماذا كانوا أقرب الناس إلى الرسول؟ وكانوا معاونيه في الدعوة الإسلاميّة ، ألم يكن الرسول يعلم بذلك؟ وهو الذي يخبر عن كلّ صغيرة وكبيرة ، فلماذا لم يتكلّم الرسول ويخبر بذلك؟
الجواب : أمّا قولك : لماذا كان الشيخان أقرب الناس إلى الرسول ، فلا ندري ما مقصودك من القرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله؟ هل بمعنى القرابة؟ فهذا ـ كما تعلميّن ـ غير صحيح ، أم أنّك تقصدين أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان يعتمد عليهما في كلّ صغيرة وكبيرة ، فهذا ـ كما تعلميّن أيضاً ـ غير ثابت ، وذلك لأنّ النبيّ صلى الله عليه وآله لم يخصّهما في شيء كما خصّ غيرهما.
وأهمّ ما نلاحظه أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله لم يؤاخ بينه وبين أحدٍ منهما ، بل لم تذكر جميع كتب السير أنّه صلى الله عليه وآله خصّهما في المشورة دون أصحابه ، أو أودعهما سرّه دون غيرهما من المسلمين ، أو ولاّهما على شيء قد اختصّا به ، بل بالعكس من ذلك ، فإنّ الحقيقة هي خلاف ما تذكرينه تماماً ، وذلك لشواهد :
أوّلاً : أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله سدّ الأبواب المشرفة على المسجد ، ومنها باب أبي بكر وعمر ، ولم يميّزهما عن غيرهما ، وأبقى باب علي بن أبي طالب عليه السلام مفتوحاً.
فقد روي عن النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه قال : ( أمّا بعد ، فإنّي أُمرت بسدّ هذه الأبواب إلاّ باب علي ، فقال فيه قائلكم : والله ما سددت شيئاً ولا فتحته ، ولكن أمرت بشيء فاتّبعته ) (1).
وروي أيضاً عن الإمام علي عليه السلام أنّه قال : ( أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيدي ، فقال : إنّ موسى سأل ربّه أن يطهّر مسجده بهارون ، وإنّي سألت ربّي أن يطهّر مسجدي بك وبذرّيتك ، ثمّ أرسل إلى أبي بكر أن سدّ بابك ، فاسترجع ثمّ قال : سمعاً وطاعة ، فسدّ بابه ، ثمّ أرسل إلى عمر ، ثمّ أرسل إلى العباس بمثل ذلك ، ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب علي ، ولكن الله فتح باب علي وسدّ أبوابكم ) (2).
ثانياً : أنّه صلى الله عليه وآله أمّر أُسامة بن زيد على الشيخين ، وعلى جمعٍ من الصحابة ، وكان فتىً صغيراً ، ولم يقدّم الشيخين في هذا الجيش؟ فعن عبد الله بن عبد الرحمن : ( أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله في مرض موته ، أمّر أُسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جلّة المهاجرين والأنصار ، منهم أبو بكر وعمر ، وأبو عبيدة بن الجرّاح ، وعبد الرحمن بن عوف ، وطلحة والزبير ، وأمره أن يغير على مؤتة ، حيث قتل أبوه زيد ... ) (3).
ثالثاً : أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد آخى بينه وبين علي عليه السلام ، في حين لم يؤاخ بينه وبين أحدٍ من الشيخين ، بل آخى بين أبي بكر وبين خارجة بن زيد (4) ، وآخى بين عمر بن الخطّاب وبين عتبان بن مالك (5).
فلو كان الشيخان أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه وآله لآخى بينه وبين أحدهما.
رابعاً : أنّ الشيخين لو كانا قريبين من رسول الله صلى الله عليه وآله لبلّغ أحدهما عنه ، في حين أنّه قال : ( علي منّي وأنا منه ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ علي ) (6).
فلو كان الشيخان أقرب الناس لبلّغا عن النبيّ صلى الله عليه وآله وخصصهما بتبليغه.
إلى آخر الصفات والمنازل التي لم يختصّ بهما الشيخان ، فكيف يكونان من أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله؟
أمّا عدم إخبار الرسول عن خفايا سرائرهم فإنّه كان يخضع لمصالح ومفاسد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلم بها ، ويمكن استنتاجها لمن نظر نظرة تأمّل لتاريخ تلك الحقبة وكما أنّ الرسول صلى الله عليه وآله لم يخبر عن المنافقين اللذين كانوا يحيطون به.
____________
1 ـ المستدرك 3 / 125 ، السنن الكبرى للنسائيّ 5 / 118 ، خصائص أمير المؤمنين : 73 ، كنز العمّال 11 / 618 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 138 ، البداية والنهاية 7 / 379 ، المناقب : 327 ، جواهر المطالب 1 / 186 ، ينابيع المودّة 2 / 169 و 233 و 398.
2 ـ كنز العمّال 13 / 175 ، النزاع والتخاصم : 117.
3 ـ شرح نهج البلاغة 6 / 52.
4 ـ الجامع لأحكام القرآن 14 / 124 ، تفسير القرآن العظيم 3 / 477 ، الدرّ المنثور 3 / 207 ، فتح القدير 2 / 330.
5 ـ مقدّمة فتح الباري : 321.
6 ـ سنن ابن ماجة 1 / 44 ، المصنّف لابن أبي شيبة 7 / 495 ، الآحاد والمثاني 3 / 183 ، كتاب السنّة : 584 ، فيض القدير 4 / 470 ، تحفة الأحوذيّ 10 / 152 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 47.
تعليق