بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
((اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وحَصِّنْ ثُغُورَ الْمُسْلِمِينَ بِعِزَّتِكَ))..
ما زال الكلام في تحصين الثغور وقلنا انّه مثلما هو مهم تحضير العدّة والعدد لمجابهة الأعداء فكذلك الاعداد النفسي والروحي..
وهنا سنتطرق الى مسألة التحصين النفسي والروحي..
فالمؤمن إذا لم يحصّن نفسه بما أمره الله تعالى فلا يكون دفاعه وقتاله في سبيله تعالى وإنّما يكون في سبيل الدنيا، ويتّضح هذا الأمر عند سؤال ذلك الاعرابي الذي جاء الى النبي صلّى الله عليه وآله وقال: ((يا رسول الله، الرجل يقاتل حمية، والرجل يقاتل شجاعة، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله! فقال (صلّى الله عليه وآله): من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله))..
إذن شرط قبول الشهادة أن تكون في سبيل الله تعالى، ولا تكون كذلك إلا من وطّن نفسه في حبّ الله تعالى فبذل نفسه رخيصة في سبيله، فقد قال تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) [البقرة: 218]، وقال تعالى: ((فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)) [النساء: 74]..
وسبيل الله معروف ولا يحتاج الى كثير من الايضاح، فقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام ((إنّ الله قد أوضح لكم سبيل الحق وأنار طرقه، فشقوة لازمة، أو سعادة دائمة))، والمؤمن الحقيقي هو من يلتزم طريق الله تعالى الذي أوضحه الرسول صلّى الله عليه وآله ومن بعده أوصياؤه المعصومون عليهم السلام..
والمؤمن المجاهد هو من تاجر مع الله تعالى تجارة لن تبور ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ*تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)) [الصف: 10، 11]..
فالمؤمن الداعي بتحصين الثغور ينبغي أن يدرك هذه المعاني عند تلفّظه بهذه الكلمات وأن يعي كنهها، فلا يقتصر في دعائه أن يجمّد تفكيره في معنى واحد فقط، بل ينبغي أن يتعدّاه ليصل الى ما أشرنا اليه من تحصين النفس.. بل انّ الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله قد أشار الى انّ جهاد النفس هو الجهاد الأكبر..
وتأتي قوة المؤمن من قوّة إيمانه، فالنسبة طردية، وانّ الله تعالى يحبّ المؤمن القويّ، لأنّ قوته عدّة ودعامة للدين، وبذلك يزداد المؤمنون تحصيناً بقوتهم الايمانية التي جاءت نتيجة حصانة أنفسهم من الأهواء والمشتهيات الدنيوية الزائلة وأبدلوها بحبّ الآخرة وعرفوا بمكامن أنفسهم بانّها الحياة الحقيقية الباقية...
تعليق