إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اختراق المشكلات

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اختراق المشكلات




    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد
    يقول تعالى: ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾. [يوسف: 87]
    يودّ الإنسان أن يعيش حياة هادئة هانئة بلا مشاكل ولا صعوبات، ويتمنّى أن يكون طريق حياته مفروشًا بالورود والرياحين، يخلو من العراقيل والعقبات.
    لكنّ هذه الأمنية التي تدغدغ نفس كلّ إنسان ليست قابلة للتحقق؛ لأنّها تخالف طبيعة الحياة التي تحكمها سنن وقوانين، ولا تسيّرها الرغبات والأمنيات.
    يقول تعالى: ﴿أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ﴾
    فعلى الإنسان أن يهيئ نفسه لمواجهة مشاكل الحياة، وأن يقرّر نهجًا وأسلوباً للتعامل معها.
    حين يواجه الإنسان مشكلة عليه ألّا يستسلم لها، وألّا ينهزم أمامها، بل عليه بالدرجة الأولى أن يفكر في معالجة المشكلة وفي التغلب عليها.
    فليست كلّ مشكلة لا يمكن معالجتها. كثير من المشاكل قابلة للحلّ. لكنّ ذلك رهن بتوجه الإنسان لحلّ المشكلة ولمواجهتها. على الصعيد الفردي والاجتماعي.
    المشاكل التي يواجهها المجتمع، قسمٌ كبيرٌ منها قابلٌ للحلّ. لكن بشرط أن تكون هناك إرادة لمواجهة المشكلة ولحلّها. البعض من الناس أفرادًا ومجتمعات يكتفون بالتأوه والتألم ويتحدثون عن معاناتهم ومظلوميتهم ويجترون الغبن ويقفون عند هذا الحد.
    نهج التعامل مع المشكلات
    إنّ النهج السليم في التعامل مع أيّ مشكلة يمرّ بالمحطات التالية:
    أولًا: دراسة المشكلة دراسة موضوعية، سواء أكانت مشكلة صحية أو اقتصادية أو اجتماعية.
    وتعني دراسة المشكلة التأكد من حقيقة وجودها ومن حدود حجمها، ذلك أنّ بعض المشاكل تكون صنيعة وهم الإنسان، ولا وجود حقيقيًّا لها، وتشير بعض التقارير الطبية مثلاً إلى شياع الأمراض الوهمية.
    (30 في المئة من الأشخاص الذين يزورون طبيب العائلة أو الطبيب العام، و50 في المئة من النساء اللاتي يزرن الطبيب، يعانون من أعراض لا يمكن أن تعزى إلى أسباب جسدية)
    وفي مجال العلاقات البينية ربما يتصور الإنسان مشكلة بينه وبين آخر، بناءً على سوء ظنٍّ نشأ في نفسه، أو معلومة خطأ وصلت إليه، أو لتفسير متكلّف عن كلام أو موقف لآخر.
    كما أنّ على الإنسان أن يحدّد حجم المشكلة ليكون اهتمامه بها متناسباً مع حجمها، فلا تتضخم المشكلة الصغيرة أو يصحبها تهويل وترهيب.
    ثانيًا: تحمّل المسؤولية. بأن يعترف الإنسان بمدى مسؤوليته في حدوث المشكلة. هذه المشكلة التي تعيشها قد تكون بسبب خطئك وتقصيرك. لعلّك مسؤول عن جزء من المشكلة. تحمّل مسؤوليتك وغير من ذاتك، وأسلوبك، الإنسان قد يغالط نفسه، ويُلقي باللائمة على الآخرين، ويحمّلهم كامل المسؤولية، مبرئاً نفسه.
    القرآن الكريم يقول: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ قسم كبير من المشاكل بسبب أخطاء الإنسان نفسه، والغفلة عن هذه الحقيقة أو التنكر لها لا يساعد في حلّ المشكلات.
    ثالثًا: التفكير في الحلول، انطلاقاً من أنّ لكل مشكلة حلًّا، ومن الإيمان بطاقة الإنسان الخلاقة وقدرته العقلية الثاقبة،
    يقول الإمام علي عليه السلام فيما روي عنه: "بِالْفِكْرِ تَنْجَلِي غَيَاهِبُ اَلْأُمُورِ".
    فلا يقع الإنسان تحت هيمنة العواطف والانفعالات وإنّما يرجع إلى عقله وفكره.
    رابعًا: أن يبذل الإنسان جهده عمليًّا لمواجهة المشكلة.
    إنّ على الإنسان أن يسعى لاختراق المشكلة التي تواجهه، بالبحث عن الحلول والمعالجات، والاستمرار في السعي للتغلب على المشكلة.
    لا للإحباط واليأس
    وأسوأ ما يقع فيه الإنسان تجاه أيّ مشكلة هو سيطرة اليأس والإحباط على نفسه، مما يشلّ تفكيره ويوقف حركته.
    والآية الكريمة يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾. [يوسف: 87] تقدّم لنا درساً مهمًّا من حياة نبي الله يعقوب ، فرغم مضي سنوات على فقده لولده يوسف، وبعد ذلك فقده لولده الآخر شقيق يوسف، إلّا أنه كان يعيش الأمل والرجاء، إنه يحفّز أبناءه للذهاب مرة أخرى إلى مصر ويطلب منهم البحث عن يوسف وأخيه، وكانوا يعتقدون بهلاك يوسف ويعاتبون أباهم على الاستمرار في تذكره ﴿قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ﴾.
    وقد أدرك يعقوب مشكلة أبنائه وهي سيطرة الياس على نفوسهم، فطلب منهم تجاوز حالة اليأس.
    علينا أن نستحضر ثقافة الأمل والعمل على اختراق المشكلات، وأن نشيع هذه الثقافة في بيوتنا بين أبنائنا وبناتنا، وفي الأجواء العامة لمجتمعنا، كجزء من ثقافتنا الدينية ووعينا بواقع الحياة.
    فاليأس من روح الله مظهر من مظاهر الكفر، يقول تعالى: ﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾. [يوسف: 87]
    وفي آية أخرى يقول تعالى: ﴿وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾. [الحجر: 56]
    ذلك أنّ المؤمن بقدرة الله وعلمه ورحمته لا يسمح لليأس أن يسيطر على نفسه.
    إنّ أبناءنا وبناتنا وهم يدخلون معترك الحياة بحاجة إلى من يرفع معنوياتهم، ويرشدهم إلى أفضل السبل لمواجهة المشكلات، حتى لا يقعوا ضحايا اليأس والإحباط، والمواقف الانفعالية في إدارة شؤون حياتهم الفردية والعائلية والاجتماعية.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X