بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اٰللـــٌٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْمُ عَلْيُكّمٌ ورحَمُةّ الله وبُركآتُهْ
قَالَ أميرُ المؤمنينَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): (حَتَّى أَفْضَتْ كَرَامَةُ اللهِ سُبْحَانَهُ إِلَى مُحَمَّد (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَخْرَجَهُ مِنْ أَفْضَلِ الْمَعَادِنِ مَنْبِتاً، وَأَعَزِّ الأرُومَاتِ مَغْرِساً، مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي صَدَعَ مِنْهَا أَنْبِيَاءَهُ، وَانْتَجَبَ مِنْهَا أُمَنَاءَهُ، عِتْرَتُهُ خَيْرُ الْعِتَرِ، وَأُسْرَتُهُ خَيْرُ الأسَرِ، وَشَجَرَتُهُ خَيْرُ الشَّجَرِ نَبَتَتْ فِي حَرَم، وَبَسَقَتْ فِي كَرَم، لَهَا فُرُوعٌ طِوَالٌ، وَثَمَرٌ لاَ يُنَالُ )، نهجُ البَلاغَةِ، 182 – 183.اٰللـــٌٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْمُ عَلْيُكّمٌ ورحَمُةّ الله وبُركآتُهْ
وَشَجَرَتُهُ خَيْرُ الشَّجَرِ نَبَتَتْ فِي حَرَم، وَبَسَقَتْ فِي كَرَم، لَهَا فُرُوعٌ طِوَالٌ، وَثَمَرٌ لاَ يُنَالُ:
فَهذه الشَّجرةِ أشار الى معناها السَّجادُ في الصَّلواتِ الشَّعبانيَّةِ منْ خِلالِ مطلَعِهَا : (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ شَجَرَةِ ٱلنُّبُوَّةِ، وَمَوْضِعِ ٱلرِّسَالَةِ، وَمُخْتَلَفِ الْمَلاَئِكَةِ، وَمَعْدِنِ الْعِلْمِ، وَأَهْلِ بَيْتِ الْوَحْيِ)
فعندَمَا نقولُ شَجَرَةَ ٱلنُّبُوَّةِ فإنَّ ذلكَ يُمثلُ ٱلنُّبُوَّةَ بِشَجَرَةِ لَهَا إنغراسٌ وتَعَمُّقٍ تَمتَدُّ إلَى إبراهيمَ وإلَى مَا قَبلَ إبراهيمَ وهَي الشَّجَرَةُ الّتي صَدَعَ مِنْهَا أنبياءُ اللهِ كَمَا يقولُ أميرُ المؤمنينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وتَستَمِرُّ إلَى نَبيِّنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وإلَى عِتْرَتِهِ وذُريَّتِهِ والأئمِةِ المعصومينَ (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، ولذلكَ نَقرأُ في دُعَاءِ النُّدبَةِ: ( أَنَا وَعَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ واحِدَةٍ ، وَسائِرُ الناسِ مِنْ شَجَرٍ شَتّى)، فإنَّ هذهِ الشَّجرَةِ الّتي صَدَعَ اللهُ مِنْهَا أنْبيَّاءَهُ نَفْسَهَا الّتي إنتخَبَ مِنْهَا أُمَنَاءَهُ وإنتجَبَ مِنْهَا أوصِيَّاءَهُ.
وقولُهُ: " نَبَتَتْ فِي حَرَم " يجوزُ أنْ يَعنَى بِهِ مَكَةَ، ويجوزُ أنْ يَعنَى بِهِ المِنْعَةِ والعزِّ
"وَبَسَقَتْ" طَالتْ وعَلَتْ،"فِي كَرَم " أي في شَرَفٍ، " لَهَا فُرُوعٌ طِوَالٌ "قالَ تَعالَى لَهُ: ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾، سُورَةُ الكَوثَر .
ومعنى قوله: " وَثَمَرٌ لاَ يُنَالُ " إنّ شرفَ الشّجرِ بِعلُوّهِ حتّى لَا يَنهَبُ ثَمرَهُ كُلُّ مَنْ مَرَّ عليْهِ، والمُرادُ أنّ علومَ النَّبيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وكمالاته ليست عاديّة متعارفة حتّى يدّعي نيابته كلّ أحد، وغرضه (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) التّعريض بالمتقدّمين عليه بكونهم غير مؤهّلين لتصدّي مقامه (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، لأنّ النّائب كالمنوب عنه بقضيّة العقول، وأين هم من النّبيّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).
وليس على أن يريد به أن ثمرها لا ينتفع به، لان ذلك ليس بمدح بل يريد به أن ثمرها لا ينال قهرا، ولا يجنى غصبا، ويجوز أن يريد بثمرها نفسه (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، ومن يجرى مجراه من أهل البيت (عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)، لأنهم ثمرة تلك الشجرة
ولا ينال، أي لا ينال مساعيهم ومآثرهم ولا يباريهم أحد، وقد روى في الحديث عن النبي (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) في فضل قريش وبنى هاشم الكثير المستفيض، نحو : خَطَبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلنَّاسَ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ فَقَالَ: ( أَيُّهَا اَلنَّاسُ قَدِّمُوا قُرَيْشاً وَ لاَ تَقَدَّمُوهَا وَ تَعَلَّمُوا مِنْهَا وَ لاَ تُعَلِّمُوهَا قُوَّةُ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ تَعْدِلُ قُوَّةَ رَجُلَيْنِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَ أَمَانَةُ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ تَعْدِلُ أَمَانَةَ رَجُلَيْنِ مِنْ غَيْرِهِمْ أَيُّهَا اَلنَّاسُ أُوصِيكُمْ بِحُبِّ ذِي قُرْبَاهَا أَخِي وَ اِبْنِ عَمِّي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ وَ لاَ يُبْغِضُهُ إِلاَّ مُنَافِقٌ مَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِي وَ مَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَنِي وَ مَنْ أَبْغَضَنِي عَذَّبَهُ اَللَّهُ بِالنَّارِ )، بحار الأنوار ، ج40،ص84. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ فَضَائِلِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، وَعَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: قَالَ اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : ( اَلْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ )، عيون الأخبار ، ج2،ص63 ، وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ اَلْأَسْقَعِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : ( إِنَّ اَللَّهَ اِصْطَفَى مِنْ وُلْدِ إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ وَ اِصْطَفَى مِنْ إِسْمَاعِيلَ كِنَانَةَ وَ اِصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشاً وَ اِصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَ اِصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ )، الأمالي (للمفید) ، ج1، ص215 ، وقوله: " إن جبرائيل (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قال لي:
( يا محمد قد طفت الأرض شرقا وغربا فلم أجد فيها أكرم منك، ولا بيتا أكرم من بني هاشم )، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد،ج 7 ،ص 63 ، ، وقولُهُ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: ( نُقِلْنَا مِنَ اَلْأَصْلاَبِ. اَلطَّاهِرَةِ إِلَى اَلْأَرْحَامِ اَلزَّكِيَّةِ )، بحار الأنوار ، ج35، ص156 ، وقوله (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): ( إن الله تعالى لم يمسسني بسفاح في أرومتي منذ إسماعيل بن إبراهيم إلى عبد الله ابن عبد المطلب )، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد،ج 7 ،ص 63 ، وقوله (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): ( سادة أهل محشر، سادة أهل الدنيا:أنا وعلى وحسن وحسين وحمزة وجعفر )، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد،ج 7 ،ص 64، وقولُهُ وقدْ سَمِعَ رَجُلاً ينشدُ:
( يا أيها الرجل المحول رحله * هلا نزلت بآل عبد الدار!
أهكذا قال يا أبا بكر! منكرا لما سمع، فقال أبو بكر: لا، يا رسول الله، إنه لم يقل هكذا ولكنه قال: يا أيها الرجل المحول رحله * هلا نزلت بآل عبد مناف (لمطرود بن كعب الخزاعي، أمالي المرتضى،ج 2،ص 268) عمرو العلى هشم الثريد لقومه * ورجال مكة مسنتون عجاف فسر (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بذلك )، وقولُهُ: ( أذل الله من أذل قريشا )، قالها ثلاثا، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد،ج 7 ،ص 64، وكقوله: ( أَنَا اَلنَّبِيُّ لاَ كَذِبْ أَنَا اِبْنُ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبْ)، تفسير نور الثقلين ، ج4، ص393 ، وقولُهُ لبني هاشم:
( والله لا يبغضكم أحد إلا أكبه الله على منخريه في النار )، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد،ج 7 ،ص 64، وقوله: ( ما بال رجال يزعمون أن قرابتي غير نافعة، بلى إنها لنافعة، وإنه لا يبغض أحد أهلي إلا حرمه الله الجنة) . شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد،ج 7 ،ص 64.
والأخبار الواردة في فضائل قريش وبنى هاشم وشرفهم كثيرة جدا، ولا نرى الإطالة هاهنا باستقصائها.