إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الرَسُولُ الأكْرَمُ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)إِمَامُ مَنِ اتَّقَى:-

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرَسُولُ الأكْرَمُ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)إِمَامُ مَنِ اتَّقَى:-

    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
    اٰللـــٌٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
    السَلآْمُ عَلْيُكّمٌ ورحَمُةّ الله وبُركآتُهْ

    قَالَ أميرُ المؤمنينَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): (فَهُوَ إِمَامُ مَنِ اتَّقَى، وَبَصِيرَةُ مَنِ اهْتَدَى، وسِرَاجٌ لَمَعَ ضَوْؤُهُ، وَشِهَابٌ سَطَعَ نُورُهُ وَزَنْدٌ بَرَقَ لَـمْعُهُ; سِيرَتُهُ الْقَصْدُ، وَسُنَّتُهُ الرُّشْدُ، وَكَلاَمُهُ الْفَصْلُ، وَحُكْمُهُ الْعَدْلُ; أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَترَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وَهَفْوَةٍ عَنِ الْعَمَلِ، وَغَبَاوَةٍ مِنَ الأُمَمِ )، نهجُ البَلاغَةِ، 183.

    لقد أكرمَ اللهُ عزَّ وجلَّ نبيَّهُ الكريمَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، فهو أفضلُ خلقِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فخصَّهُ بالكرامات، حتَّى بلغَ مقامَ قابِ قوسَينِ أو أدنى، وما ورد في كلامِ أميرِ المؤمنينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) هو وصفٌ أقربِ الناسِ إلى النبيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، وأحبِّهم إليه، ويصفه بأنّه:
    إمامُ مَن اتّقى: أصحابُ التقوى هم الذين اتّخذوا من النبيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) قدوةً وأسوة، فاتّبَعوه ليكونوا مِن أصحابِ القُرْبِ من اللهِ عزَّ وجلَّ، يَقولُ الإمامُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): ( فتَأَسَّ بِنَبِيِّكَ الأَطْيَبِ الأَطْهَرِ (صلى الله عليه وآله)؛ فَإِنَّ فِيهِ أُسْوَةً لِمَنْ تَأَسَّى، وعَزَاءً لِمَنْ تَعَزَّى، وأَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللهِ الْمُتَأَسِّي بِنَبِيِّهِ، والْمُقْتَصُّ لأَثَرِهِ، قَضَمَ الدُّنْيَا قَضْماً، ولَمْ يُعِرْهَا طَرْفاً... )، نهجُ البَلاغَةِ، 227.
    تُعَدّ كلمةُ التَّقْوى في اللُّغةِ مُشتَقَّةٌ مِنْ (وقي)، وهي مصدرُ (اتِّقاء)، وهي إسمُ مَنْ (إتَّقى)، وهي منَ الوقايَةِ، وتعني: مَا يَحمي بهِ الشَّخصُ نَفسَهُ، يُقال: وَقَيْتُ الشيء؛ أي صُنْتَه وسَتَرْتَه عن الأَذى، والتَّقوى لُغةً: الخَشِّيَّةُ والخَوفُ، وتَقْوى اللهِ: خشيَّتُه، وامتثالُ أوامرِهِ، وإجتنابُ نواهيهِ، أمّا في الإصطلاح الشَّرعيّ، فهي تعني: أنْ يجعلَ الشَّخصُ حاجزاً بينَهُ وبينَ المَعاصي، وأنْ يلتزمَ أوامرَ اللهِ تَعالَى، ويبتعدَ عن المُحرَّماتِ .
    وقدْ جاءت كلمةُ التَّقْوى في القُرآنِ الكريمِ علَى عدّةِ مَعانٍ، وبيانُهَا فيمَا يأتي:
    أ- الخَشِّيَّةُ والهَيبَةُ: وذلكَ بمعنَى الخَشِّيَّةُ منَ اللهِ تعالَى ، كمَا في قوله: ﴿ وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ﴾،سُورَةُ البَقَرَةِ ، الآية 41، أو الخوفُ منْ اليومِ الآخرِ، أو منَ النَّارِ، كمَا في قولِهِ تَعالَى : ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾، سُورَةُ آلِ عِمرانَ ، الآية 131.
    ب- العبادةُ والطَّاعَةُ: كمَا جاءَ في قولِهِ تَعالَى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾، سُورَةُ آلِ عِمرانَ ، الآية 102، أي اعبدوه، وأطيعوه حَقّ العبادة والطاعة.
    ج- البُعد عن الذُّنوب: وذلك هو المقصود من التقوى في معناها الشرعيّ، كما جاء في قوله تعالى-: ﴿ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾، سُورَةُ النُّورِ، الآية 52.
    هناك العديد من السُّبُل التي يُمكن من خلالها الوصول إلى درجة التقوى والمُتَّقين، ومن ذلك ما يأتي:
    1- الإيمان بالله والإخلاص في عبادته: ويكون ذلك بإدراك الإنسان حقيقةَ خَلْقه؛ وهي العبادة، وأنّ الغاية من العبادة وصوله إلى التقوى، فيتقرّب إلى خالقه بالفرائض، والإكثار من النوافل.
    2- المُحافَظة على تلاوة القُرآن والعمل به: ويكون ذلك بتربية النَّفس على تلاوته، والتعبُّد به؛ ليصل العبد إلى الطريق المُستقيم، وقد أخبر الله تعالى عن ذلك، فقال: ﴿ وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا ﴾، سُورَةُ طهِ، الآية 113، فيُعوِّد المُسلم نفسه على تلاوة القُرآن الكريم بشكلٍ يوميّ؛ ليزرعَ في نفسه الإيمان، والتقوى.
    3- مُجاهدةُ النَّفسِ علَى الإلتزامِ بأوامِرِ اللهِ تَعَالَى : ويتمثّل ذلك بقناعة المسلم الكاملة بعظمة خالقه، وأنّه المُتصرِّف الوحيد في الكون، وحتى تتحقَّق قيمة التقوى، لا بُدّ من المُجاهدة، وقد أخبر الله تعالى عن ذلك بقوله: ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾، سُورَةُ مُحَمَّدٍ ، الآية 17، ومن الوسائل التي تُساعد العبد على المُجاهدة: الصَّلاة في جماعة، وكثرة الصَّلاة على النبيّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، وذِكر الله تعالى.
    4- التوكُّل على الله: ويكون ذلك باليقين التامّ بأنّ كُلّ شيء من الله تعالى ، وهذا اليقين من السُّبل التي تُحقّق التقوى، وتصل بالعبد إلى درجات الإيمان .

    فَعندَمَا تتَوفرُ هذهِ المعَاني والسُّبُل يقينناً فيهِ سيكون مِنْ أصحَابِ التَّقوى وبالنتيجَةِ سَيتّخذ من النبيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) قدوةً وأسوة، فيتّبَعه ليكون مِن أصحابِ القُرْبِ من اللهِ عزَّ وجلَّ ومنَ الّذينَ يعرفونَهُ مِنْ خِلالِ كونهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) إمامُ المتَّقْينَ ، قال النَّبيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ): ( أَصْلُ اَلدِّينِ اَلْوَرَعُ كُنْ وَرِعاً تَكُنْ أَعْبَدَ اَلنَّاسِ وَ كُنْ بِالْعَمَلِ بِالتَّقْوَى أَشَدَّ اِهْتِمَاماً مِنْكَ بِالْعَمَلِ بِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لاَ يَقِلُّ عَمَلٌ بِالتَّقْوَى وَ كَيْفَ يَقِلُّ عَمَلٌ يُتَقَبَّلُ لِقَوْلِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ﴿ إِنَّمٰا يَتَقَبَّلُ اَللّٰهُ مِنَ اَلْمُتَّقِينَ﴾، سُورَةُ المَائِدَةِ ، الآية 27)، بحار الأنوار ، ج67، ص286 . وفي الوحي القديم: العمل مع أكل الحرام كناقل الماء في المنخل .
    فعنْ عبادةِ الرَّسولِ الأكرمِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) رَوَى اَلطَّبْرِسِيُّ فِي اَلاِحْتِجَاجِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ قَالَ: قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : ( وَ لَقَدْ قَامَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) عَشْرَ سِنِينَ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ وَ اِصْفَرَّ وَجْهُهُ يَقُومُ اَللَّيْلَ أَجْمَعَ حَتَّى عُوتِبَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: ﴿ طه `مٰا أَنْزَلْنٰا عَلَيْكَ اَلْقُرْآنَ لِتَشْقىٰ ﴾، سُورَةُ طه ، الآية 1-2، بَلْ لِتَسْعَدَ بِهِ اَلْخَبَرَ)، مستدرك الوسائل ، ج ص118.
    ولأهمية الصلاة وبأنها معراج المؤمن إلى الله، فكان الرسول (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) عاشقًا لها، يعرج من خلالها إلى الله بكل جوارحه وحواسه وقلبه وروحه.
    جاء في بحار الأنوار بأن الرسول (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) قد عبّر عن عشقه للصلاة والعبادة بالقول: ( يا أبا ذرّ جعل الله جلّ ثَنَاؤه قرّة عيني في الصّلاة وحَبّب إليّ الصّلاة كما حَبّب إلى الجائع الطّعام وإلى الظّمآن الماء، وإنّ الجائع إذا أكل شبع وإنّ الظّمآن إذا شرب رَوِيَ، وأنا لا أشبع من الصّلاة )، بحار الأنوار ،ج 74، ص 77.
    وكما كانت الصلاة محببة إلى قلب نبينا، فقد كان القرآن أيضًا أنيسه في كل أوقاته، وفي جوف الليل حيث تغمض العيون إلَّا عيون النبي كانت ساهرة من أجل عبادة متكاملة لله عز وجل، كانت عيونه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) تبقى ساهرة ليغتنم حلاوة تذوق تلاوة القرآن، فكان النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يُكثر من قراءة القرآن في كلّ أحواله، وكان يُركّز على تلاوته ليلًا لأمر الله تعالى له بذلك في سورة المزّمّل: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾،سورة المزمل، الآيتان 1و2.
    وللدعاء أيضًا مكانه الأوفر في وجدان النبي
    (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، حيث كان (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يختلي في مناجاة ربه، ملتذًا في مخاطبته بلسان العابد الفقير المتوسل لرحمته وغفرانه، فكان (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يدعو في كل الأوقات، لم يترك وقتًا إلا ودعا الله فيه، وكان أيضًا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) من اللاهجين بذكر الله عز وجل بشكل دائم. ففي الكافي “أنَّهُ كان (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) دائم الدعاء والذكر لله تعالى، فنجد له أدعيةً في جميع الأحوال عند الصباح والمساء، وبعد كلّ صلاة، وعند السفر وفي الحرب…
    وأمّا الذّكر فقد كان ذاكرًا على الدوام، وقد ورد في ذلك عن الإمام الصادق (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): ( كان رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يحمد الله في كلّ يوم ثلاثمائة وستين مرّة ويقول: الحمد لله ربّ العالمين كثيرًا على كلّ حال )، الكافي، ج2، ص 503.
    أما عن صوم النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، ففي وسائل الشيعة يتحدث عن صوم الرسول حيث يقول العلامة الحر العاملي: أمّا صومه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) فقد قال أمير المؤمنين (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فيه: ( صَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) الدَّهْرَ كُلَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ وصَامَ صِيَامَ دَاوُدَ عليه السلام : يَوْماً لِلَّهِ ويَوْماً لَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ فَصَامَ الاثْنَيْنِ والْخَمِيسَ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ وصَامَ الْبِيضَ ثَلاثَةَ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ صِيَامَهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ إلَيْهِ )، وسائل الشيعة، ج10، ص 437.
    كانت عبادة النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) لا تضاهيها أي عبادة، كانت عبادة عابدٍ عاشقٍ لله، عبادة عابد ذائب في حبه لله، وكانت صلاته معراج روحه الموصل إلى لقاء الحبيب، وهذه العبادة المشرفة أوصلته إلى مراتب الكمال التي لا يصلها أي إنسان، فكان حبيب الله، وصفة حبيب الله لم تطلق على أي نبي أو رسول سوى النَّبي محمد (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، فعبادته (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) كان فيها لذة العشق والوصال، حيث يفنى عن هذه الدنيا وينسلخ عن جوارحه ويحلق بروحه التي تتعلق ببارئها فقط، ليعود بعد إتمام العبادة ويتابع حياته الاجتماعية ويهتم بشؤون قومه، فهو العابد الساجد الداعي الذاكر، الصائم التالي للقرآن، وأيضًا هو القائد الذي يتابع أمور أمته غير غافل عن أي تفصيل من تفاصيل حياتهم اليومية ولا عن الجهاد في سبيل الله .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X