بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنّ تلك الأوضاع التي تبدأ بالتدهور شيئاً فشيئاً لتزداد الأمور سوءاً وتعقيداً أكثر فأكثر، يكون لها أعظم الأثر في شدّ الناس نحو المنقذ، ولفت انتباه البشرية إلى أنّه لابدّ من يوم الخلاص، اليوم الذي تملأ فيه الارض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجورا, حينما تضيق السبل ويقف العلم الحديث بكل إمكاناته وما وصل إليه من التطوّر والرُقي, حينما يقف عاجزا أمام حل مشاكل الناس ويعجز عن تسيير الحياة بعجلتها المسرعة على الاتجاه الصحيح، حينها لابدّ أنْ يبحث الجميع عن الحل.
وهنا تبرز فكرة المنقذ في أذهان الجميع, تلك الفكرة التي أجمع العالم بدياناته واتّجاهاته العقائدية كافة على الإيمان بها, وإنْ اختلفوا في التفاصيل، إلاّ أنّ أصل الفكرة واحد، هو أنّ العالم بحاجة إلى منقذ، وانّه آت لا محالة.
ولعل ما نعيشه اليوم _ومن باب انتظار الفرج_ هو بوادر ومقدمات ظهوره المبارك وهذا ما سنستفيده من روايات أهل البيت عليه السلام التي نرى في انطباقها على هذا الزمن مجالاً واسعاً مع بقاء الأمر في دائرة الاحتمال، لا الجزم والقطع.
إنّ كلّ دين وكل عقيدة بحاجة إلى دولة وحكومة تسندها.
لذا نرى اليوم أنّ أصحاب كل دين أو مذهب أو كل حزب يسعى جاهداً لتولّي السلطة واستلام زمام الأمور وتشكيل الحكومة, لما في ذلك من أثر في نشر أفكاره.
ولذا نجد الصراعات قوية في هذا المضمار, وعلى مّر العصور كان أصحاب الحق و أتباع الرسالات السماوية محاربين مضطهدين، مع أنّ الله تعالى قد وعدهم بقيام دولتهم في آخر الزمــان (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ).
ونتيجة لابتعاد الحكومات عن الصراط القويم، ودخول الأمزجة والاجتهادات الشخصية في كثير من الأحكام، يزداد الوضع سوءاً يوما بعد يوم, وتتفاقم الأمور, فكيف سيكون الوضع قبيل الظهور المقدس على الصعيد الدولي؟
وجواباً على ذلك نقول:
إنّ السياسات الخاطئة هي التي تقود المجتمعات والدول نحو الهاوية، وذلك له أسبابه التي ترى فيها الدول ضرورة لبقائها واستمراريتها، ولكنّها في الحقيقة تحفر قبرها، وذلك يتّضح من خلال:
١. الظلم والجور:
ورد ذلك في علامات الظهور، فامتلاء الأرض ظلماً وجوراً علامة واضحة على قرب اليوم الموعود.
فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: (تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً حتى يدخل في كل بيت خوف وحرب فيسألون درهماً فلا يعطونه).
وعن علي عليهم السلام أنّه قال: (تملأ الأرض ظلماً وجوراً حتى يدخل في كل بيت خوف وحزن).
وعن أبي جعفر عليه السلام قال: (لا يخرج المهدي عليه السلام حتى يرقى الظَّلمة).
وقال عليه السلام: (لا يقوم القائم إلاّ على خوف شديد).
وفي خبر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: (ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع ببلاء أشدّ منه حتى يضيق عليهم الأرض الرحبة حتى تملأ الأرض ظلماً وجورا لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم).
من كل هذه الروايات يظهر أنّ العالم قبيل الظهور يعيش حالة من انتشار الخوف بسبب الحكام الظلمة و الجبابرة الذين يحكمون بالبطش والقوة ويقمعون شعوبشهم.
وها نحن اليوم نعيش في حكم الغاب, إذ حتى الدول الإسلامية، اغلبها إنّما هي إسلامية بالاسم فقط، وامّا مبادئ الإسلام فمركونة في زاوية ثانية.
٢. الحكومات المتزلزلة:
نتيجة لأساليب القمع و الإرهاب التي يمارسها الطغاة وولاة الجور سوف لن يكون هناك استقرار على الإطلاق، وإنّما هي حكومات متزلزلة مفكّكة, وهذا التزلزل والتفكّك هو نتيجة حتميّة لهذه التركيبة المأساوية للدولة, فليس فيها إلاّ كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (يكون ولاة جور و أمراء خونة وقضاة فسقة ووزراء ظلمة).
بل يصل الأمر في عدم الاستقرار وكثرة الاضطرابات و التزلزل الى تشكيل حكومة في أول النهار و إقالتها أو استقالتها في آخر النهار.
فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: (كيف انتم إذا بقيتم بلا إمام هدى، ولا علم، يبرأ بعضكم من بعض فعند ذلك تميزون وتمحصون وتغربلون وعند ذلك اختلاف السيفين و إمارة في أول النهار وقتل وخلع في آخر النهار).
٣. تولّي النساء والصبيان:
من الأمور التي تبرز في آخر الزمان وخلافاً للمعهود على مر العصور من تولي أهل الخبرة والحنكة لمقاليد الأمور، هو تولي الصبيان للحكم ودخول النساء في الحكومات وتأثيرها المباشر وغير المباشر في اتخاذ القرارات.
وقد ورد عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قوله: (ليأتينَّ على الناس زمان يظرف فيه الفاجر ويقرّب فيه الماجن ويضعف فيه المنصف) فقيل له: متى ذلك يا أمير المؤمنين ؟ فقال عليه السلام: (إذا اتخذ الأمانة مغنما والزكاة مغرما والعبادة استطالة والصلة منّاً). فقيل متى ذلك يا أمير المؤمنين؟ فــقال عليه السلام: (إذا تسلط النساء وسلّطت الإمــاء وأمّر الصبيان).
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (تعوّذوا بـالله من رأس السبعين وإمارة الصبيان).
ولعل المراد برأس السبعين الفترة التي أعقبت موت معاوية بن أبي سفيان الذي مات على رأس السبعين للهجرة ثم تولّى بعد ذلك يزيد بن معاوية.
وعن سعيد بن المسيّب قال: تكون فتنة كأنّ أوّلها لعب الصبيان.
تعليق