بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ اللهِ وَبَرَكآتُهْ
اٰللـــٌّٰـهٌمٓ صَلِّ عٓـلٰىٰ مُحَمَّدٍ وُاّلِ مُحَمَّدٍ
السَلآْم عَلْيُكّمٌ ورَحَمُةّ اللهِ وَبَرَكآتُهْ
إنَّ أحَدَ المسائلِ التَّأريخيَّةِ المُسَلَّمَةِ هَيَ أنَّ الحُكامَ الأمويِّينَ وكذلكَ الحُكامَ العباسيِّينَ كانوا يَعترفونَ بأنَّ الإمامةَ حقٌّ مُسَلَّمٌ للأئمةِ الأطهارِ(عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ) وكانَ ذلكَ منْ الواضحِ لَديهِم أنَّ الامامةَ منِ حقِّ وشأنِ هذهِ الذُّريَّةِ، مُضافاً إلىَ هذا أنَّ الرِّواياتِ والأدِلَّةَ النَّقليَّةِ الكَثيرَةِ أنَّ هؤلاءِ الحُكامِ كانوا يعلمونَ أكثرْ مِنَ النَّاسِ بهذا الأمرِ، وأنَّ مراجعةَ حايتِهِم وآثارِهِم وأوصافِهِم تشهدُ بهذا الأمرِ بوضوحٍ .
إنَّ جعفرَ أخَا الإمامِ الحسنِ العَسكري(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) كانَ يقولُ للمعتمدِ العَبَّاسيِّ أحدثْ لنَا خطةً بحيث أكونُ أنَا إمامَ الشِّيعَةِ فأجابَهُ المُعتمد العَبَّاسيِّ: «إعْلَمْ أَنَّ مَنْزِلَةَ أَخِيكَ لَمْ تَكُنْ بِنَا إِنَّمَا كَانَتْ بِاللهِ عَزَّوَجَلَّ» وأنَّ هذا المَقامُ المنزلةُ الّتي يتحلَى بهَا أخيكَ لمْ نُعطِهَا لَهُ نحنُ وإنَّمَا اللهُ أعطَاهَا لَهُ .
والنُّقطَةُ الّتي ولِلأسفِ قدْ تُطرَحُ أحياناً في زَماننَا أنَّ بعضَ الأشخاصِ يطرحونَ شُبهَةً وغَرَضَهُم منْهَا الحَطُّ منَ الإمامَةِ وهذا مَا أعترَفَ بِهِ المُعتمدُ العَبَّاسيِّ قبلُ في القُرونِ الأولَى للإسلامِ فاعترافُ أعداءُ الائمةِ الطَّاهرينَ (عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ) بحيث يقولونَ أنَّ هذهِ المنزلةِ الّتي يَتحلَى بهَا الائمةُ ليسَ منْ قِبَلِنَا ونحنُ لمْ نُعطِهَا لَهُم وإنَّمَا أعطَاها اللهُ تبارَكَ وتعالَى لَهُم ، ثُمَّ يقولونَ أنَّ العملَ الوحيدِ الّذي نَستطيعُ أنْ نَعملَهُ هو: «نَحْنُ كُنَّا نَجْتَهِدُ فِي حَطِّ مَنْزِلَتِهِ وَ الْوَضْعِ مِنْهُ وَ كَانَ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَأْبَى إِلَّا أَنْ يَزِيدَهُ كُلَّ يَوْمٍ رِفْعَةً بِمَا كَانَ فِيهِ مِنَ الصِّيَانَةِ وَ حُسْنِ السَّمْتِ وَ الْعِلْمِ وَ الْعِبَادَة»؛ وهذا إعترافٌ ثانٍ منَ المُعتمدِ العَبَّاسيِّ مِنْ أنَّنَا نحاولُ قدرَ المُستطاعُ أنْ نَحُطَّ مِنْ مَنْزلَةِ الإمامِ الحَسَنِ العَسكريِّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) بينَ النَّاسِ ولَكنْ مَهْمَا نَسعَى لِذلكَ نَجدُ أنَّ إرادةَ اللهِ تَبارَكَ وتَعالَى تَقْتَضي رِفْعَةِ هذا الانسانُ لِماذا؟ لأنَّ العِلْمَ والعِبَادَةَ والخُصوصيَّاتِ الّتي كانَ يَتَحلَى بِهَا هيَ العاملُ المُهِّمَ في رِفعَتِهِم وَسُمُوهِم .
مِنَ النُّقاطِ الأُخرى ذاتِ الصِّلَةِ بالإمامِ الحسنِ العَسكريِّ(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ومنَ القَضايَا الَّلطيفَةِ الّتي حَصَلتِ في عَصرِهِ إعترافِ المَذاهبِ الأُخَرَى بحقانيَّةِ الشِّيعَةِ وإمامَةِ الحَسنِ العَسكريِّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ونفسُ هذا الشيءِ مُهِّمٌ جِداً، وهذا يَعني إنَّنَا لَوَ راجعنَا التَّأريخَ لَوجدنَا أمراً مُهِّماً وهو أنَّ الشِّيعَةَ ليستْ هيَ الفِرقَةُ الوحيدَةُ الّتي تَقِرُّ بإمامَةِ الأئمَةِ المَعصومينَ (عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ) ومِنْهُم الإمامُ الحسنِ العَسكريِّ(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) بَلْ المذاهبُ الاُخرَى أيضاً كَالقِسِّيسينَ والرُّهبَانِ والأولياءِ مِنْ سَائرِ الأديانِ والمذاهبِ كاليهودِ والنَصارى الّذينَ كانوا في ذلكَ العَصرِ كانوا يعترفونَ بامامَةِ الإمامِ الحسنِ العَسكريِّ(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) وأهلِ بيتِ العِصْمَةِ والطَّهارَةِ .
وإنَّ قضيَّةَ أُنوشِ النَصرانيِّ معروفةٌ جِداً حيث أرادَ منَ المُعتمدِ العبَّاسيِّ أنْ يُوصي الامامَ الحسنِ العَسكريِّ(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) بالدُّعاءِ لولدَيِهِ المَريضينَ، والعِباراتُ الّتي قَالَهَا أُنوشُ المَسيحيِّ هيَ «لِنَتَبَارَكَ بِبَقَايَا اَلنُّبُوَّةِ وَ اَلرِّسَالَةِ»؛ وهیَ عبارَةٌ لَطيفَةٌ إنَّنَا نَتبرَكُ ونَحُلُّ مَشاكلَنَا بِبركَةِ دُعاءِ بقايا النُّبوَّةِ ،
والقِصَّةُ مَعروفةٌ ومُفَصَّلَةٌ ولَمَّا سِمِعَ الإمامُ الحَسنِ العَسكريِّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) بأنَّ أُنوشَ النَصرانيِّ قالَ هذهِ العبارَةَ: ( لِنَتَبَارَكَ بِبَقَايَا اَلنُّبُوَّةِ وَ اَلرِّسَالَةِ) قالَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): ( اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي جَعَلَ اَلْيَهُودَ وَ اَلنَّصَارَى أَعْرَفَ بِحَقِّنَا مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ )؛ فالإمَامُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) يشكرُ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ بحيثْ أصبحَ بعضُ النَصارى أكثرَ مَعرفَةً بحَقِّ الأئمةِ مِنْ المُسلمينَ والمُرادُ أكثرُ المسلمينَ في عَصرهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) الذين يدعون الاسلام ولكنهم غصبوا خلافة الائمة المعصومين (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ونصبوا أنفسهُم حُكاماً علَى المُسلمينَ ثُمَّ جاءَ الإمامُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) إلى بيتِ أُنوشِ النَصرانيِّ ،
وقدْ ورَدَ في التَّأريخِ والرِّواياتِ كيفيةِ إستقبالِ أُنوشِ للإمامِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْقَصِيرِ اَلْبَصْرِيِّ ، قَالَ: ( حَضَرْنَا عِنْدَ سَيِّدِنَا أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) اَلْمُكَنَّى بِالْعَسْكَرِيِّ فَدَخَلَ عَلَيْهِ خَادِمٌ مِنْ دَارِ اَلسُّلْطَانِ جَلِيلُ اَلْقَدْرِ، فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ: يُقْرِئُكَ اَلسَّلاَمَ وَ يَقُولُ لَكَ: كَاتِبُنَا أَنُوشُ اَلنَّصْرَانِيُّ وَ قِيلَ: اَلْيَهُودِيُّ يُطَهِّرُ اِبْنَيْنِ لَهُ وَ قَدْ سَأَلَنَا أَنْ نَرْكَبَ إِلَى دَارِهِ وَ نَدْعُوَ لاِبْنَيْهِ بِالسَّلاَمَةِ وَ اَلْبَقَاءِ فَوَجَبَ أَنْ نَرْكَبَ وَ نَفْعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّا لَمْ نَحْمِلْ هَذَا اَلْفَيْءَ إِلاَّ أَنْ قَالَ: لِنَتَبَارَكَ بِبَقَايَا اَلنُّبُوَّةِ وَ اَلرِّسَالَةِ، فَقَالَ مَوْلاَنَا: اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي جَعَلَ اَلْيَهُودَ وَ اَلنَّصَارَى أَعْرَفَ بِحَقِّنَا مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أَسْرَجُوا اَلنَّاقَةَ فَرَكِبَ وَ وَرَدَ إِلَى دَارِ أَنُوشَ فَخَرَجَ مَكْشُوفَ اَلرَّأْسِ حَافِيَ اَلْقَدَمِ وَ حَوْلَهُ اَلْقِسِّيسُونَ وَ اَلشَّمَامِسَةُ وَ اَلرُّهْبَانُ وَ عَلَى صَدْرِهِ اَلْإِنْجِيلُ وَ تَلَقَّاهُ عَلَى بَابِ دَارِهِ وَ قَالَ: يَا سَيِّدَنَا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِهَذَا اَلْكِتَابِ اَلَّذِي أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَ مَا عَرَفْتَ دِينِي فَهُوَ غِنَاكَ وَ اَلْمَسِيحِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ وَ مَا جَاءَ بِهِ هَذَا اَلْإِنْجِيلُ مِنْ عِنْدِ اَللَّهِ إِلاَّ مَا سَأَلْتَ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ مَسْأَلَتَكَ هَذِهِ فَمَا وَجَدْنَاكُمْ فِي هَذَا اَلْإِنْجِيلِ إِلاَّ مِثْلَ عِيسَى اَلْمَسِيحِ عِنْدَ اَللَّهِ فَقَالَ مَوْلاَنَا (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): اَلْحَمْدُ لِلَّهِ وَ دَخَلَ عَلَى فِرَاشِهِ وَ اَلْغِلْمَانُ عَلَى مَنْصَبِهِ وَ قَدْ قَامَ اَلنَّاسُ عَلَى أَقْدَامِهِمْ فَقَالَ أَمَّا اِبْنُكَ هَذَا فَبَاقٍ عَلَيْكَ وَ اَلْآخَرُ مَأْخُوذٌ مِنْكَ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَ هَذَا اَلْبَاقِي عَلَيْكَ يُسْلِمُ وَ يَحْسُنُ إِسْلاَمُهُ وَ يَتَوَلاَّنَا أَهْلَ اَلْبَيْتِ فَقَالَ أَنُوشُ : وَ اَللَّهِ يَا سَيِّدِي قَوْلُكَ حَقٌّ وَ لَقَدْ سَهُلَ عَلَيَّ مَوْتُ اِبْنِي هَذَا لِمَا عَرَّفْتَنِي أَنَّ اِبْنِي هَذَا يُسْلِمُ وَ يَتَوَالَى أَهْلَ اَلْبَيْتِ ، فَقَالَ لَهُ اَلْقِسِّيسُ: وَ أَنْتَ مَا لَكَ لاَ تُسْلِمُ فَقَالَ لَهُ أَنُوشُ : أَنَا مُسْلِمٌ وَ مَوْلاَيَ يَعْلَمُ هَذَا فَقَالَ مَوْلاَنَا صَدَقَ أَنُوشُ وَ لَوْلاَ يَقُولُ اَلنَّاسُ: أَنَا مَا أُخْبِرُ لَمَا أَخْبَرْتُكَ بِمَوْتِ اِبْنِكَ وَ لَوْ لَمْ يَمُتْ كَمَا أَخْبَرْتُكَ لَسَأَلْتُ اَللَّهَ يُبْقِيهِ عَلَيْكَ فَقَالَ أَنُوشُ لاَ أُرِيدُ يَا مَوْلاَيَ إِلاَّ كَمَا تُرِيدُ، قَالَ جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ اَلْقَصِيرُ مَاتَ وَ اَللَّهِ ذَلِكَ اَلاِبْنُ لِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَ أَسْلَمَ اَلْآخَرُ بَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ لَزِمَ اَلْبَابَ مَعَنَا إِلَى وَفَاةِ سَيِّدِنَا اَلْحَسَنِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ). الهداية الكبرى ج1 ص334.
لكنَّ الأمرَ المُهِمَ هو أنَّ الإنجيلَ في ذلكَ الزَّمانِ ونَفسُ القِسِّيسَ إعترَفَ إنَّنَا نَجدُ إنَّكَ في هذا الكِتابِ عندَ اللهِ كَعيسَى المَسيحِ وبِالطَبعِ إنَّنَا نَعتقدُ أنَّ الأئمَةَ المَعصومينَ أعلَى مرتبَةً مِنْ عِيسَى المَسيحَ حيثُ أنَّنَا نَعتقدُ أنَّ الأئمَةَ الطَّاهرينَ أعلَى مرتبَةً مِنْ الأنبياءِ وقدْ تَمَّ بيانُ دليلِ هذا الكَلامُ في محلِهِ وهذا الإقرارُ عندنَا مُهِّمٌ أيضاً ، هي يقولُ أنَّنَا وجدنَا في كتابنَا إنَّكَ لَستَ بأقَلَّ درجَةٍ منَ المَسيحِ ولِذا طَلبنَا مِنْكَ المَجيءَ إلَى هُنَا لترَى أطفالي المَرضَى فقال(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): ( إنَّ أحدَ هؤلاءِ سيكونُ منَ المُسلمينَ الشِّيعةِ ومِنْ مُحبي أهلِ بيتِ العِصمَةِ والطَّهارَةِ ) ،وفعلاً حصلَ هذا وأمَّا الآخرُ فَسيفارِقُ الحَياةَ بعدَ ثلاثةِ ايامٍ ونقلَ التَّأريخُ أنَّ نفسَ هذا الأمرُ تحقَّقَ بعدَ سَنَةٍ .
إذنْ فهذا الإعترافُ منَ الحَاكِمِ العَبَّاسيِّ وإعترافُ المذاهبِ المُختلفَةِ بشأنِ الإمامِ الحسنِ العسكريِّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) وأنَّهُ إمامٌ مَعصومٌ هيَ حقِّيقَةٌ مُسَلَّمَةٌ وإنَّهُ منْ أولادِ رسولِ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وكانَ موضعُ إجلالِ وتكريمِ الحَاكمِ العَباسيِّ بعنوانِهِ صاحبُ مَنزلَةٍ ومقامٍ لَا بعنوانِ أنَّهُ شخصٌ إعتياديٌّ بلْ هوَ شخصيَّةٌ مرموقَةٌ وحُجَّةُ اللهِ في أرضِهِ بالرَّغْمِ منْ أنَّهُ كانَ في سَنواتِ شَبابِهِ .
وَرَوَى الشَّيخُ الكُلينيُّ ( رضيَ اللّهُ عَنْهُ ) قَالَ: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ اَلْمَكْفُوفُ قَالَ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ بَعْضِ فَصَّادِي اَلْعَسْكَرِ مِنَ اَلنَّصَارَى : ( أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ بَعَثَ إِلَيَّ يَوْماً فِي وَقْتِ صَلاَةِ اَلظُّهْرِ فَقَالَ لِي اِفْصِدْ هَذَا اَلْعِرْقَ قَالَ وَ نَاوَلَنِي عِرْقاً لَمْ أَفْهَمْهُ مِنَ اَلْعُرُوقِ اَلَّتِي تُفْصَدُ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي مَا رَأَيْتُ أَمْراً أَعْجَبَ مِنْ هَذَا يَأْمُرُنِي أَنْ أَفْصِدَ فِي وَقْتِ اَلظُّهْرِ وَ لَيْسَ بِوَقْتِ فَصْدٍ وَ اَلثَّانِيَةُ عِرْقٌ لاَ أَفْهَمُهُ ثُمَّ قَالَ لِيَ اِنْتَظِرْ وَ كُنْ فِي اَلدَّارِ فَلَمَّا أَمْسَى دَعَانِي وَ قَالَ لِي سَرِّحِ اَلدَّمَ فَسَرَّحْتُ ثُمَّ قَالَ لِي أَمْسِكْ فَأَمْسَكْتُ ثُمَّ قَالَ لِي كُنْ فِي اَلدَّارِ فَلَمَّا كَانَ نِصْفُ اَللَّيْلِ أَرْسَلَ إِلَيَّ وَ قَالَ لِي سَرِّحِ اَلدَّمَ قَالَ فَتَعَجَّبْتُ أَكْثَرَ مِنْ عَجَبِيَ اَلْأَوَّلِ وَ كَرِهْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ قَالَ فَسَرَّحْتُ فَخَرَجَ دَمٌ أَبْيَضُ كَأَنَّهُ اَلْمِلْحُ قَالَ ثُمَّ قَالَ لِيَ اِحْبِسْ قَالَ فَحَبَسْتُ قَالَ ثُمَّ قَالَ كُنْ فِي اَلدَّارِ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَمَرَ قَهْرَمَانَهُ أَنْ يُعْطِيَنِي ثَلاَثَةَ دَنَانِيرَ فَأَخَذْتُهَا وَ خَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ اِبْنَ بَخْتِيشُوعَ اَلنَّصْرَانِيَّ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ اَلْقِصَّةَ قَالَ فَقَالَ لِي: وَ اَللَّهِ مَا أَفْهَمُ مَا تَقُولُ وَ لاَ أَعْرِفُهُ فِي شَيْءٍ مِنَ اَلطِّبِّ وَ لاَ قَرَأْتُهُ فِي كِتَابٍ وَ لاَ أَعْلَمُ فِي دَهْرِنَا أَعْلَمَ بِكُتُبِ اَلنَّصْرَانِيَّةِ مِنْ فُلاَنٍ اَلْفَارِسِيِّ فَاخْرُجْ إِلَيْهِ قَالَ فَاكْتَرَيْتُ زَوْرَقاً إِلَى اَلْبَصْرَةِ وَ أَتَيْتُ اَلْأَهْوَازَ ثُمَّ صِرْتُ إِلَى فَارِسَ إِلَى صَاحِبِي فَأَخْبَرْتُهُ اَلْخَبَرَ قَالَ وَ قَالَ أَنْظِرْنِي أَيَّاماً فَأَنْظَرْتُهُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ مُتَقَاضِياً قَالَ فَقَالَ لِي إِنَّ هَذَا اَلَّذِي تَحْكِيهِ عَنْ هَذَا اَلرَّجُلِ فَعَلَهُ اَلْمَسِيحُ فِي دَهْرِهِ مَرَّةً وهذا نظيرُهُ في آياتِهِ وبَراهينِهِ ، ثُمَّ إنْصَرَفَ إليهِ ولَزِمَ خِدمَتِهِ إلَى أنْ مَاتَ )، الکافي ج1 ص512.
ويكفي في زُهدِ الأمامِ الحَسنِ العَسكريِّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) القِصَّةُ المَشهورَةُ أنَّهُ حِينَمَا كانَ في السِّجْنِ ووُضِعَ عَليهِ سَجانينِ إثنينِ مِنْ أشَرِّ خَلقِ اللهِ ولَكنَّهُمَا بعدَ فترَةٍ تحولا إلَى عابدينِ زاهدينِ فأرادتْ الطُّغمَةُ الحَاكمَةُ مُعاقبتِهِمَا بأنَّهُ كيفَ أصبحتُمَا هَكذا نَحنُ وَضعناكُمُ هُنَا لتراقباهُ فقالَا: «مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ يَصُومُ النَّهَارَ وَ يَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ وَ لَا يَتَشَاغَلُ وَ إِذَا نَظَرْنَا إِلَيْهِ ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُنَا وَ يُدَاخِلُنَا مَا لَا نَمْلِكُهُ مِنْ أَنْفُسِنَا»؛
أخِيراً نُسَلِّمَ عَلَى إمَامَنَا العَسكَريَّ بِهَذا السَّلامُ:
السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله وَخالِصَتَهُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا إِمامَ المُؤْمِنِينَ ، وَوارِثَ المُرْسَلِينَ ، وَحُجَّةَ رَبِّ العالَمِينَ. صَلّى الله عَلَيْكَ وَعَلى آلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ.
تعليق