بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
هذه بعض
اعترف كثير من الصحابة بما ارتكبوه من جنايات وما قاموا به من أعمال بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله . قال البخاريّ في صحيحه : ج 2 ، ص 295 ، طبعة دار الإحياء ، في باب مناقب عمر بن الخطّاب : لمّا طُعن عمر جعل يَأْلَمُ . فقال له ابن عبّاس وكأنّه يجزّعه : يا أمير المؤمنين ! ولئن كان ذاك لقد صحبتَ رسول الله فأحسنتَ صحبته ثمّ فارقته وهو عنك راضٍ . ثمّ صحبتَ أبا بكر فأحسنت صحبته ثمّ فارقته وهو عنك راضٍ . ثمّ صحبتَ صَحَبَتَهُم فَأحسنتَ صُحْبَتَهُم ولئن فارقتهم لتفارقنّهم وهم عنك راضون . قال عمر : أمّا ما ذكرت من صحبة رسول الله صلّى الله عليه وآله ورضاه ، فإنّما ذاك مَنّ مِن الله تعالى مَنّ به عَلَيّ . وأمّا ما ذكرتَ من صحبة أبي بكر ورضاه ، فإنّما ذاك مَنّ مِن الله جلّ ذكره مَنّ به عَلَيّ .
وأمّا ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك ! وَاللَه لو أنّ طِلَاع الأرض ذهباً لافتديتُ به من عذاب الله عزّ وجلّ قبل أن أراه .
يقصد عمر من أصحاب ابن عبّاس أمير المؤمنين عليه السلام . وكان طالما يواجه ابن عبّاس بهذا التعبير .
ذكر أبو نُعيم في «حلية الأولياء» ج 1 ، ص 52 ، وابن تيميّة في «منهاج السّنّة» ج 3 ، ص 131 ، أنّ عمر كان يقول : لَيْتَني كنتُ كَبْشَ أهلي ، يُسَمّنُونِي ما بدا لهم حتّى إذا كنتُ أسْمَنَ ما أكونُ زارهم بعضُ ما يُحبّون فجعلوا بعضي شوَاءً ، ويعطونّي قَديداً ثمّ أكلوني وأخرجوني عَذَرَةً ولم أَكُنْ بَشَراً .
وكذلك روى ابن تيميّة في «منهاج السنّة» ج 3 ، ص 120 ، ومحبّ الدين الطبريّ في «الرياض النضرة» ج 1 ، ص 134 ، بشأن أبي بكر أنّه لمّا وقع نظره على طائر على شجرة قال : طُوبَى لك يا طائر ، تأكل الثمر ، وتقعُ على الشّجر ، وما من حساب ولا عقاب عليك ، لوددتُ أنّي شجرة على جانب الطريق مرّ عَلَيّ جَمَلٌ فَأكلني وأخرجني في بَعْره ولم أكُنْ مِنَ البَشَرِ .
أقول : بعد هذا الأعتراف الصريح نذكر ما أعده الله للمؤمنين في الدنيا قبل الأخر .
هذا كتاب الله يبشر عباده المؤمنين بقوله :
( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، الذين آمنوا وكانوا يتقون ،
لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم )(1).
ويقول أيضا :
( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم )
(2). صدق الله العلي العظيم .
فكيف يتمنى الشيخان أبوبكر وعمر أن لا يكونا من البشر الذي كرمه الله على سائر مخلوقاته .
وإذا كان المؤمن العادي الذي يستقيم في حياته تتنزل عليه الملائكة وتبشره بمقامه في الجنة فلا يخاف من عذاب الله ولا يحزن على ما خلف وراءه في الدنيا وله البشرى في الحياة الدنيا قبل أن يصل إلى الآخرة ، فما بال الصحابة أصحاب
- يتمنون أن يكونوا عذرة ، وبعرة ، وشعرة ، وتبنة ،
ولو أن الملائكة بشرتهم بالجنة ما كانوا ليتمنوا أن لهم مثل طلاع الارض ذهبا ليفتدوا به من عذاب الله قبل لقاه .
قال تعالى :
( ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الارض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون )(3).
قال أيضا :
( ولو أن للذين ظلموا ما في الارض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ، وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون )(4)
____________
( 1 ) سورة يونس : آية 62 و 63 و 64 .
( 2 ) سورة فصلت : آية 30 ، 31 ، 32 .
( 3 ) سورة يونس : آية 54 .
( 4 ) سورة الزمر : آية 47 ، 48 .
قال تعالى: ( ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الارض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون )
وفي تخريج احاديث إحياء علوم الدين ج 6 ص 2507 رقم الحديث
3947 - (وقد قال - صلّى الله عليه وسلم - لن يخرج أحدكم من الدنيا حتى يعلم أين مصيره وحتى يرى مقعده من الجنة أو النار).
قال العراقي: رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الموت من رواية رجل لم يسم عن علي مرفوعاً لا يخرج نفس ابن آدم من الدنيا حتى يعلم إلى أين مصيره إلى الجنة أم إلى النار وفي رواية حرام على نفس أن تخرج من الدنيا حتى تعلم من أهل الجنة هي أم من أهل النار وفي الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت ما يشهد لذلك أن المؤمن إذا حضره الموت .
المصدر الكتاب: تخريج أحاديث إحياء علوم الدين
المؤلفون: العِراقي (725 - 806 هـ)، ابن السبكى (727 - 771 هـ)، الزبيدي (1145 - 1205 هـ)
استِخرَاج: أبي عبد اللَّه مَحمُود بِن مُحَمّد الحَدّاد (1374 هـ -؟)
الناشر: دار العاصمة للنشر - الرياض
الطبعة: الأولى، 1408 هـ - 1987 م
عدد الأجزاء: 7 (6 ومجلد للفهارس)
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
هذه بعض
اعترف كثير من الصحابة بما ارتكبوه من جنايات وما قاموا به من أعمال بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله . قال البخاريّ في صحيحه : ج 2 ، ص 295 ، طبعة دار الإحياء ، في باب مناقب عمر بن الخطّاب : لمّا طُعن عمر جعل يَأْلَمُ . فقال له ابن عبّاس وكأنّه يجزّعه : يا أمير المؤمنين ! ولئن كان ذاك لقد صحبتَ رسول الله فأحسنتَ صحبته ثمّ فارقته وهو عنك راضٍ . ثمّ صحبتَ أبا بكر فأحسنت صحبته ثمّ فارقته وهو عنك راضٍ . ثمّ صحبتَ صَحَبَتَهُم فَأحسنتَ صُحْبَتَهُم ولئن فارقتهم لتفارقنّهم وهم عنك راضون . قال عمر : أمّا ما ذكرت من صحبة رسول الله صلّى الله عليه وآله ورضاه ، فإنّما ذاك مَنّ مِن الله تعالى مَنّ به عَلَيّ . وأمّا ما ذكرتَ من صحبة أبي بكر ورضاه ، فإنّما ذاك مَنّ مِن الله جلّ ذكره مَنّ به عَلَيّ .
وأمّا ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك ! وَاللَه لو أنّ طِلَاع الأرض ذهباً لافتديتُ به من عذاب الله عزّ وجلّ قبل أن أراه .
يقصد عمر من أصحاب ابن عبّاس أمير المؤمنين عليه السلام . وكان طالما يواجه ابن عبّاس بهذا التعبير .
ذكر أبو نُعيم في «حلية الأولياء» ج 1 ، ص 52 ، وابن تيميّة في «منهاج السّنّة» ج 3 ، ص 131 ، أنّ عمر كان يقول : لَيْتَني كنتُ كَبْشَ أهلي ، يُسَمّنُونِي ما بدا لهم حتّى إذا كنتُ أسْمَنَ ما أكونُ زارهم بعضُ ما يُحبّون فجعلوا بعضي شوَاءً ، ويعطونّي قَديداً ثمّ أكلوني وأخرجوني عَذَرَةً ولم أَكُنْ بَشَراً .
وكذلك روى ابن تيميّة في «منهاج السنّة» ج 3 ، ص 120 ، ومحبّ الدين الطبريّ في «الرياض النضرة» ج 1 ، ص 134 ، بشأن أبي بكر أنّه لمّا وقع نظره على طائر على شجرة قال : طُوبَى لك يا طائر ، تأكل الثمر ، وتقعُ على الشّجر ، وما من حساب ولا عقاب عليك ، لوددتُ أنّي شجرة على جانب الطريق مرّ عَلَيّ جَمَلٌ فَأكلني وأخرجني في بَعْره ولم أكُنْ مِنَ البَشَرِ .
أقول : بعد هذا الأعتراف الصريح نذكر ما أعده الله للمؤمنين في الدنيا قبل الأخر .
هذا كتاب الله يبشر عباده المؤمنين بقوله :
( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، الذين آمنوا وكانوا يتقون ،
لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم )(1).
ويقول أيضا :
( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم )
(2). صدق الله العلي العظيم .
فكيف يتمنى الشيخان أبوبكر وعمر أن لا يكونا من البشر الذي كرمه الله على سائر مخلوقاته .
وإذا كان المؤمن العادي الذي يستقيم في حياته تتنزل عليه الملائكة وتبشره بمقامه في الجنة فلا يخاف من عذاب الله ولا يحزن على ما خلف وراءه في الدنيا وله البشرى في الحياة الدنيا قبل أن يصل إلى الآخرة ، فما بال الصحابة أصحاب
- يتمنون أن يكونوا عذرة ، وبعرة ، وشعرة ، وتبنة ،
ولو أن الملائكة بشرتهم بالجنة ما كانوا ليتمنوا أن لهم مثل طلاع الارض ذهبا ليفتدوا به من عذاب الله قبل لقاه .
قال تعالى :
( ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الارض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون )(3).
قال أيضا :
( ولو أن للذين ظلموا ما في الارض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ، وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون )(4)
____________
( 1 ) سورة يونس : آية 62 و 63 و 64 .
( 2 ) سورة فصلت : آية 30 ، 31 ، 32 .
( 3 ) سورة يونس : آية 54 .
( 4 ) سورة الزمر : آية 47 ، 48 .
قال تعالى: ( ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الارض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون )
وفي تخريج احاديث إحياء علوم الدين ج 6 ص 2507 رقم الحديث
3947 - (وقد قال - صلّى الله عليه وسلم - لن يخرج أحدكم من الدنيا حتى يعلم أين مصيره وحتى يرى مقعده من الجنة أو النار).
قال العراقي: رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الموت من رواية رجل لم يسم عن علي مرفوعاً لا يخرج نفس ابن آدم من الدنيا حتى يعلم إلى أين مصيره إلى الجنة أم إلى النار وفي رواية حرام على نفس أن تخرج من الدنيا حتى تعلم من أهل الجنة هي أم من أهل النار وفي الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت ما يشهد لذلك أن المؤمن إذا حضره الموت .
المصدر الكتاب: تخريج أحاديث إحياء علوم الدين
المؤلفون: العِراقي (725 - 806 هـ)، ابن السبكى (727 - 771 هـ)، الزبيدي (1145 - 1205 هـ)
استِخرَاج: أبي عبد اللَّه مَحمُود بِن مُحَمّد الحَدّاد (1374 هـ -؟)
الناشر: دار العاصمة للنشر - الرياض
الطبعة: الأولى، 1408 هـ - 1987 م
عدد الأجزاء: 7 (6 ومجلد للفهارس)