بسمه تعالى
باب الزهراء النوراني مسته أيادي الطغيانِ
• لما سار القوم إلى منزل علي عليه السلام وقد عزموا على إحراق البيت بمن فيه قال أبي بن كعب فسمعنا صهيل الخيل، وقعقعة اللجم، واصطفاق الأسنة، فخرجنا من منازلنا مشتملين بأرديتنا مع القوم حتى وافوا منزل علي عليه السلام، وكانت فاطمة عليها السلام قاعدة خلف الباب، قد عصبت رأسها ونحل جسمها في وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلما رأتهم اغلقت الباب في وجوههم وهي لا تشك أن لا يدخل عليها إلا بإذنها، فقرعوا الباب قرعا شديدا ورفعوا أصواتهم وخاطبوا من في البيت بخطابات شتى، ودعوهم إلى بيعة أبي بكر.
• وصاح عمر : يا بن أبي طالب افتح الباب، والله لئن لم تفتحوا لانحرقنه بالنار! والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم ! أخرج يا علي إلى ما أجمع عليه المسلمون وإلا قتلناك ! إن لم تخرج يا بن أبي طالب وتدخل مع الناس لأحرقن البيت بمن فيه! یا بن أبي طالب! افتح الباب وإلا أحرقت عليك دارك ! والله لتخرجن إلى البيعة والتابعين خليفة رسول الله (صل الله عليه وآله وسلم) وإلا أضرمت عليك النار يا علي! أخرج وإلا أحرقنا البيت بالنار!
• فخرجت فاطمة عليها السلام فوقفت من وراء الباب، فقالت: أيها الضالون المكذبون! ماذا تقولون؟ وأي شيء تريدون؟ فقال عمر : يا فاطمة! فقالت: ما تشاء يا عمر؟ قال: ما بال ابن عمك قد أوردك للجواب وجلس من وراء الحجاب؟ فقالت: طغيانك يا شقي أخرجني والزمك الحجة، وكل ضال غوي. فقال: دعي عنك الأباطيل وأساطير النساء ! وقولي لعلي يخرج. فقالت: لا حب ولا كرامة، أبحزب الشيطان تخوفني يا عمر ؟! وكان حزب الشيطان ضعيفا.
• فقال: إن لم يخرج جئت بالحطب الجزل وأضرمتها نارا على أهل هذا البيت وأحرق بمن فيه، أو يقاد علي إلى البيعة! فقالت فاطمة عليها السلام : يا عمر! ما لنا ولك لا تدعنا وما نحن فيه؟ فقال: افتحي الباب وإلا أحرقنا عليكم بيتكم، فقالت فاطمة عليها السلام: أفتحرق علي ولدي؟! فقال: إي والله أو ليخرجن وليبايعن.
• وفي رواية: يا بن الخطاب! أتراك محرقا عليَّ بابي ؟! قال: نعم. قالت: ويحك يا عمر ما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله تريد ان تقطع نسله مـن الدنيا وتطفئ نور الله والله متم نوره؟! فقال: كفي يا فاطمة! فليس محمد حاضرا! ولا الملائكة آتية بالأمر والنهي والزجر من عند الله ! وما علي إلا كأحد من المسلمين، فاختاري إن شئت خروجه لبيعة أبي بكر أو إحراقكم جميعا فقالت – وهي باكية - : اللهم إليك نشكو فقد نبيك ورسولك وصفيك،وارتداد أمته علينا، ومنعهم إيانا حقنا الذي جعلته لنا في كتابك المنزل على نبيك المرسل. فقال لها عمر : دعي عنك يا فاطمة حماقات النساء ! فلم يكن الله ليجمع لكم النبوة والخلافة !! فقالت: يا عمر أما تتقي الله عز وجل تدخل على بيتي، وتهجم على داري؟! فأبى أن ينصرف .
• ثم أمر عمر بجعل الحطب حوالي البيت وانطلق هو بنار وأخذ يصيح: أحرقوا دارها بمن فيها. فنادت فاطمة عليها السلام بأعلى صوتها: يا أبت يا رسول الله! ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة .
• فلما سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين، وبقي عمر ومعه قوم، ودعا بالنار وأضرمها في الباب، فأخذت النار في خشب الباب، ودخل الدخان البيت، فدخل قنفذ يده يروم فتح الباب. فأخذت فاطمة عليها السلام بعضادتي الباب تمنعهم من فتحه، وقالت: ناشدتكم الله وبأبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تكفوا عنا وتنصرفوا. فأخذ عمر السوط من قنفذ وضرب به عضدها، فالتوى السوط على يديها حتى صار كالدملج الأسود.
• وروي عن عمر : فضربت فاطمة يديها من الباب تمنعني من فتحه، فرمته، فتصعب عليّ، فضربت كفيها بالسوط فآلمها، فسمعت لها زفيرا وبكاء فكدت أن ألين وانقلب عن الباب. فذكرت أحقاد علي، وولوعه في دماء صناديد العرب، وكيد محمد وسحره، فركلت الباب، وقد الصقت أحشائها بالباب تترسه وسمعتها، وقد صرخت صرخة حسبتها قد جعلت أعلى المدينة أسفلها .
• وقالت : يا أبتاه يا رسول الله هكذا كان يفعل بحبيبتك وابنتك، آه يا فضة إليك فخذيني، فقد والله قتل ما في أحشائي من حمل.
━━━━━━━━━━━━━━
المصادر :
- بيت الأحزان
- سليم بن قيس
- الأسرار الفاطمية
- الهجوم على بيت فاطمة
- شرح نهج البلاغة لابن ابي حديد
(مقتبس من كتاب يوم
العذاب للشيخ الحبيب
#الليالي_المحسنية
تعليق