إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أيقظ حس العبادة في داخلك

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أيقظ حس العبادة في داخلك


    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد

    أنّ حسّ العبادة غريزة في الإنسان تَحدَّث عنها علماء النفس وقد تستيقظ هذه الغريزة في لحظة ما فيصحو من غفلته وينال السعادة في أخرته
    لماذا ندعو إلى أن يكون الإنسان ذا منهج في حياته؟ لأجل أنْ تصحو هذه الغريزة فيه. فالتزام المنهج يضيّق الخناق على الهوى بعض الشيء.
    لماذا نوصي بضرورة أن يكون الإنسان طالباً للنفع وفارّاً من الضرر؟ لأنه إذا طالبَ بمنافعه، ومن ثم – تدريجيّاً - بمنافعه الراقية، فسيتبادر إلى ذهنه السؤال الراقي جداً: "ثُمّ ماذا؟" لماذا يتحتّم على الإنسان أن يعرف قيود الدنيا، ويدرك أنّ الدنيا مليئة بالقيود؟ من أجل أن تسكُن نفسُه ولا يجزع أمام هذه القيود، فإن هدَأَ وسكنتْ نفسُه أمكنَ للتو التحدث إليه بالقول: "إنك لم تُولَد في هذه الدنيا لتُحَلَّ مشاكلُك، هذه المشكلات قائمة! قد تنقص وقد تزيد، لكنها لا تزول! دعكَ من هذه المشاكل وانظر لأيّ شيء خُلِقتَ؟"

    لماذا يجب على الإنسان أن يحدّد لحياته هدفاً، بل وأرقى هدف؟ وما هو أرقى الأهداف؟ إنه الهدف الذي يُلهبُني، ويثير فيَّ العشقَ والاضطراب، وكلما أطلتُ التفكير فيه أحرَقَني أكثر بنار الحب! وليس ذلك الهدف الذي إنْ تصوّرتُ بلوغَه كان بوسعي أن أتساءل: "وماذا بعد؟" حتى الجنة التي وعدَ الله هي من هذا القبيل، إذ يمكنني أن أتساءل: "وماذا بعدها؟" والجواب هو: "بعدها الله نفسُه!"

    ما إن يستيقظ حس العبادة فيك حتى تفتّش عن "أمرِ الله"
    حين يكون الله نفسُه هو هدف الإنسان، وحين يهتمّ الأنسان بهذا الهدف السامي يتولّد في داخله شعور أنه: "إلهي، أريد أن أعبدك! إلهي، هذا الحسّ كان مفقوداً، لكن ما إن لقيتك حتى استيقظ في داخلي! فإني إن صادفتُ زهرة قلتُ: ما أرَقَّها وأجملها! ما أطيب رائحتها! من الجميل أن أشُمّها! وإن وجدتُ طعاماً لذيذاً وأحسستُ بالجوع قلتُ: ما أحسن أن أتناول هذا الطعام! وإذا رأيتُ ماءً عذباً تذكّرتُ عطشي فقلتُ: من الأفضل أن أشربه! ..الخ. لكنني، يا ربِّ، ما إن رأيتُك قلتُ: ما أجمل أن أعبدك! أن تأمرني فأرُدّ: سمعاً وطاعة!"
    إذا صحا حس العبادة في كيانك ستخاطب ربك: "إلهي، ما الأمر الذي تودّ توجيهه إليَّ؟" وإنّ الله سبحانه، وبباعثِ رحمتِه ولُطفِه، لم يدَعْ هذا الطلب الغريزي من دون استجابة، فوجّه لعبده الأوامر، لأنه يعلم ماذا يريد عبدُه!
    ليس الله عزّ وجلّ خالقَنا وحسب، وما علاقتنا به مجرّد علاقة استرزاق واستعانة! وهل نحن نَمْل؟ النَمْل والحيوانات تستمدّ من الله العون وتسترزقه وحسب. جميع الحيوانات محتاجة إلى الاسترزاق من ربها. أما البشر فإنّ حسّاً آخر، يختلف عمّا تستشعره الحيوانات، يجتاحهم إذا وصلوا إلى الله، وهو حس العبادة.
    بل إن البشر إذا وصلوا إلى الله تعالى لا يسبّحوه وحسب. يشير الله عزّ وجلّ في كتابه إلى أنه ليس من الإنجاز أنْ تسبّحَني، فالسماوات والأرض كلّها تسبّحُني: «يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض» (الحشر/24)؛ أن تُثني عليَّ وتسبّحَني فهذا ليس إنجازك أنت وحدك؛ وإلّا فما فرقُك عن الحيوانات والنباتات والجمادات؟!

    إن كنتَ متيقّظ القلب أو صحَا قلبُك يوماً فعرفتني فسيستيقظ في أعماقك هذا الحس الغريب، ويحصل لك هذا التحوّل الإيجابي وهو أنه: "إلهي، أريد أن أطيعك طاعةَ العبد لمولاه! لا طاعةَ السائق لشرطي المرور، ولا طاعةَ التلميذ لمعلّمه ولمعاون مدير المدرسة، بل هي فوق هذه الأصناف من الطاعة. أريدك أن تكون مالِكي ومَن بيده أمري!
    العبد لا يكون مالكَ أمر نفسه أبداً! ولهذا يخاطب ربه: "إلهي، ماذا أصنع عند بزوغ الفجر؟" "صَلِّ ركعتين". "وكيف أُصَلّي؟" "توضّأ، وأقِم للصلاة". "ثم ماذا؟" "اتلُ الذِكْر". "وماذا بعد؟" "لا آمرُك بشيء!" "لكن إلهي، إن لم تأمرني هلكتُ!" "حسنٌ، اسعَ في كسب رزقك!" بل إن العبد لا يقدر أبداً على العيش من دون أوامر مولاه.
    إذا تهيّأتْ هذه الممهّدات في شخصية الإنسان يستيقظ في داخله الحس القائل: "إلهي، أريد أن أعبدك، وإنّ عبادتك في طاعتك!"

    "العبودية لله"؛ وهو ما يدعو القرآن الكريم إليه تحديداً: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم» (البقرة/21)؛ أي إن سبب وجود هذا الحس في داخلكم هو أن الله قد خلقكم. بمعنى أنه إن كانت فطرتك يقِظة فما إن تعرف مَن خالقُك حتى تودّ لو تكون عبده!
    لا بد لكل مَن لم يَصحُ هذا الشعورُ في أن يسعى أن يفتش "لماذا لم يستيقظ فيي حس العبادة؟
    انظر ماذا يصنع الله تعالى لإيقاظ حس العبودية هذا فينا! لقد جعلَ لنا الجنّة تشويقاً، والنار تنبيهاً! جعلَ في الحياةِ الموتَ والآلام.

    إنّ فلسفة كل ما في حياة البشر من مقدَّرات صعبة هي أن نستشعر يقظة هذا الحس في داخلنا، لكي نطرق باب الله تعالى على الدوام طالبين إليه: "إلهي، عالج لي مشكلتي هذه!" فيخاطبنا الله: "فإن عالجتُها لك، ألا تعود ثمّة حاجة أخرى عندك؟! هذه المشكلة أنا مَن خلقَها لك! الآن، إذ قصدتَني لتخاطبني، ألم يَصْحُ فيك أيُّ إحساس آخر؟!"
    يُمسك الله تبارك وتعالى أحياناً عن قضاء حاجة عبده ليرى أيَصحو حس العبادة هذا فيه أم لا؟ وقد يقضي له حاجته ويحلّ عقدته سريعاً قائلاً له: "حسنٌ، أتريد الآن أن تعبُدني أم لا؟" ولربما زادَ عليه نعمتَين أُخريَين ليُريح بالَه، ثم يقول له: "والآن! ألا تأتيني فتعبدني؟!"

    إذا استيقظ حسّ العبادة صار للذنب معنىً أيضاً

    إنّ هذا أساساً هو الهدف من خلقتنا: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» (الذاريات/56). إذ يريد الله تعالى أن يصحو هذا الحس الإيجابي فينا. فإنْ صحا هذا الحس، وصل الإنسان إلى مرحلة الذنب مرحلة مزعجة له تقض مضجعه ؛ فتُلهِب في أعماقه حُبّاً ضارياً وتُضرم في داخله ناراً مُستعرة!
    فينادي: "إنّا عَبَدالله! إنّا مُطيع لله!"
    "إني أحب أن أطيع الله، إني أخاف الله!" فبذالك يرتدع عن معصيته ويداوم على طاعته
    أن توجيه الله الأمر إلى عبادة ليستشعر
    إنّ حِسّ العبادة غرام! وإن غاية أوامر الله عزّ وجلّ لعبيده ومنتهى ذوبان العبيد بحبّ ربّهم يكمُن في أن يوجّه اللهُ لعبدٍ أمراً. ولهذا فإنه تعالى يوجّه للنبي(ص) أوامر أكثر منّا؛ فقد أمَرَه مثلاً أنّ: "صلاة الليل عليك واجبة!" طوبى لرسول الله(ص)، كم قد تلقّى من الأوامر أكثر منا! على أنّ الله سبحانه قد صمّمَ لأوليائه أوامرَ أخرى لا نبلغها نحن إطلاقاً، لأننا لا نصبر عليها.
    يقول رب العزة في الحديث القدسي: «يَا ابْنَ آدَمَ، أَنَا غَنِيٌ لَا أَفْتَقِرُ، أَطِعْنِي‏ فِيمَا أَمَرْتُكَ‏ أَجْعَلْكَ‏ غَنِيّاً لَا تَفْتَقِرُ. يَا ابْنَ آدَمَ، أَنَا حَيٌّ لَا أَمُوتُ، أَطِعْنِي فِيمَا أَمَرْتُكَ أَجْعَلْكَ حَيّاً لَا تَمُوت» (عدة الداعي/ ص310).​
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X