أصعد الى هامة مرقد تبجله الشهادة، ليكون مشرق البصيرة والهداية والنور والرشاد، هو مرقد الشهيد جعفر الطيار(عليه السلام)، أقول: سلاماً.. فيرد المرقد المزار سلامي، أسأل: من شيّدك صرحاً ومزاراً؟ فقال: من زمن العهد المملوكي، شيّدني الظاهر بيبرس، هو رابع سلاطين الملوك في 1277م، وقد جدد بتبرعات الزائرين.
نقرأ في لوحة من الرخام مكتوب عليها: هذا مقام الصحابي الجليل سيدنا جعفر ابن أبي طالب ابن عم رسول الله.. هاجر الهجرتين.. وكان القائد في معركة (مؤتة)، وفيها فقَدَ ذراعيه، ثم استشهد، فأخبر الرسول(ص): إن الله تعالى قد أبدله منها بجناحين يطير بهما في الجنة، فسمي جعفراً الطيار.
قلت: أيها المرقد الكريم، قال مولاي الامام الباقر (عليه السلام): "أوصى الله تعالى الى رسوله (ص) اني شكرت لجعفر بن أبي طالب أربع خصال"، فدعاه النبي (ص)، فقال جعفر: "لولا أن الله تعالى أخبرك ما اخبرتك، انا ما شربت خمرا قط؛ لأني علمت إن شربتها زال عقلي، وما كذبت قط؛ لأن الكذب ينقص المروءة، وما زنيت قط؛ لأني اذا عملتُ عُمل بي، وما عبدت صنماً قط؛ لأني علمت أنه لا يضر ولا ينفع".
فضرب النبي (ص) على عاتقه وقال: "حق الله تعالى أن يجعل لك جناحين تطير بهما مع الملائكة في الجنة". قال المرقد حينها: أتعلم انه كان اشد أقارب النبي (ص) شبهاً به، وقال له رسول الله (ص): أما انت يا جعفر، فأشبهت خَلقي وخُلقي، وأنت من عترتي، وهل تعلم قالها المرقد مبتسماً: إن ملك الحبشة النجاشي قد أسلم على يديه، لهذا انا افتخر بوجودي مرقداً مباركاً، رغم من يسعى ويعمل لتهديمي؛ لأني أخ المجاهد امير المؤمنين (عليه السلام).