(يُثْخِنَ):
قال تعالى: ((مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) {الأنفال/67} جاء في كتاب التبيان للشيخ الطوسي (قدس سره)، أن المعنى ما كان لنبي أن يحبس كافراً للفداء والمن حثى يثخن في الأرض، والإثخان في الأرض تغليظ الخيال بكثرة القتل، وقوله تعالى: ((تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا..))، يعني: تريدون الفداء والعرض متاع الدنيا، وسماه عرضاً لقلة لبثه؛ لأنه بمعنى العرض في اللغة.
وقوله تعالى: ((وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ..)) معناه والله يريد عمل الآخرة من الطاعات التي تؤدي الى الثواب، وارادة الله لنا خير من ارادتنا لأنفسنا. وقد روي عن النبي (ص) كره اخذ الفداء حتى رأى سعد بن معاذ كراهية ذلك في وجهه، فقال: يا رسول الله، هذه اول حرب لقينا فيها مشركين، أردت أن يمعن فيهم القتل حتى لا يعود احد بعد هذا الى خلافك وقتالك، قال رسول الله (ص): "ولكني رأيت ما صنع قوم من الصحابة الذين مالوا الى الدنيا واخذ الفداء". والفعل يثخن مأخوذ من الثخن ومعناه الضخامة والغلظة والثقل ويدل على المبالغة والشدة في قتل الأعداء.
(إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً):
قال تعالى: ((لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ)) {التوبة/10} كتب السيد مكارم الشيرازي في كتابه تفسير الأمثل: إن كلمة (الإل) معناها القرابة، وقال بعضهم: انها تعني العهد والميثاق، فعلى المعنى الأول الى (القرابة) يكون المراد ان بعض المسلمين لم تعط هذه القرابة والرحم، ولم ترع حرمتها، فكيف اذن نتوقع من النبي والمسلمين احترام علاقتها بها، وعلى المعنى الثاني تكون كلمة (إل) مؤكدة بكلمة ذمة وتعني العهد والميثاق، وجعل (الإل) كل حالة ظاهرة من عهد وقرابة، أما محل البحث فالكلام فيها عن عدم رعايتهم وحرمة كل مؤمن، الا ان المشركين لا ينظرون الى النبي والخواص من الصحابة نظرة تمتاز بالعداء.
(وَلِيجَةً):
قال تعالى: ((وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)) {التوبة/16} يرى العلامة الفيض الكاشاني (قدس سره) في كتابه تفسير الأصفى: إن وليجة الرجل بطانته ودخلاؤه وخاصته، وما يتخذه معتمدا عليه، والبطانة من يواليه ويتحمل اسراره، ويعني لا تتركوا على ما انتم عليه، ولم يتبين المخلصون منكم، وقيل: ان الوليجة الذي يقام دون ولي الأمر، ويرى ان الوليجة يعني المخلصين غير المتخذين من دونهم بطانة، يوالونهم ويعطونهم اسرارهم.
(تَرَبَّصُوا):
قالوا: ما سمعنا بهذا.. يعني بما قال نوح ويمثل وعوده ومثل يمثله بشرا أتى برسالة من ربه في اسلافنا الماضين، وآبائنا واجدادنا الذين تقدمونا، ثم قالوا: إن هو إلا رجل به جنة، يقصدون نوحاً، أي ليس هذا إلا رجل به جنة ما يقوله ويخرجه عن حال الصحة وكمال العقل، فكان اشراف قومه يصدون الناس عن اتباعه بما حكى الله عنهم، وقالوا:ـ انه لمجنون يأتي بجنونه بمثل هذا، ويحتمل ان يكونوا أرادوا كأنه كان في حكمة وما يدعوا اليه جنون، قال بعضهم: ((إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ)) {المؤمنون/25} أي الى وقت ما، كأنهم قالوا لهم: تربصوا به الهلاك وتوقفوه، التربص عند الشيخ الطوسي يعني الانتظار بالشيء انقلاب حال أي خلافها، والمعنى انكم تربصتم به حوادث الدهر والهلاك.