إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ثقافة فكر.. (محنة الذات) علي حسين الخباز

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ثقافة فكر.. (محنة الذات) علي حسين الخباز



    لو استثنينا المغزى النقدي في موضوع محنة الذات لمحمد رضوان، لرأينا المأساة الإنسانية هي الصراع غير المتكافئ بين الانسان والسلطة، بمعنى أن أحد الطرفين يحمل فكرة قمع الآخر أو قهره وإذلاله ثم الانتصار عليه، وهذا الصراع هو السمة الاساسية لتأريخ البشر، فإن الحس المأساوي، القمعي، هو الغالب على بقية أحاسيسهم، وبحاجة الى التعبير عن روح المقاومة الذائبة لهذه المأساة، لتشكل من هذه الروح طقوساً اجتماعية وظروفاً تاريخية، تصنع تلك المقاومة؛ لكون الحرب الذي عاشها العراق في أكثر من نسخة خلفت حالة الضياع والبطالة والانحلال والبؤس عبر آلية القمع الجماعي الذي عمر حياة العراقيين، ليرميهم الى الاحتلال وسياسة التحزبات المريرة..!
    نحن نحتفظ بقراءات لبيئة المجتمع العراقي، لكننا لا نمتلك قراءات فكرية جادة تناولت بنية المجتمع الجديد بكافة شرائحه الاجتماعية والسياسية، لدينا مبالغات في تعميق صورة المأساة التي همشت لنا الانتماء الوطني، وسترت مكامن الفساد والانتماء اليه بدراية أو من غير دراية، وكلا الأمرين بحاجة الى معالجة، تنمو آليات القمع والاستلاب، فتفرز حالة من حالات الضياع الاقتصادي والتيه الاجتماعي، أديا الى خلل مريب في البنية الفردية نفسياً وسلوكياً، الأمر الذي خلق مناخات ملائمة للقهر السياسي والفساد الاجتماعي، عبر تشابك العلاقات بين فئات البرجوازية المختلفة والفئات الأخرى، يؤدي الى مزيج من التناقضات بين الشعب وقيمه المبدئية، فتحولهم الى ضياع يبحث عن استقرار معاشي يديم الحياة في ضنك السياسة المستترة بقيم وطقوس اجتماعية، أفرزتها الحقب التاريخية السابقة عبر آلية المصالح العمياء وإلغاء الحوار وعدم الاعتراف بالرأي الآخر.
    وينقسم المجتمع الواحد الى عالمين: عالم قمعي هو عالم اغنياء السلطة، وعالم الطبيعة المثقفة، لكن المشكلة الحقيقية في ان الطبقة المتنفذة تمتلك القوة والقدرة على الاستمرار وحماية نفسها من جهة، وضعف وسائل القوة الفردية واخفاقاتها في انجاز عملية التغيير بشكل فردي، وهذا يقتضي التنظيم والعمل الجماعي والقوة اللازمة لدحر آلية القمع تتجلى في التعذيب الجمعي: كالفاقة والعوز ليس باعتباره امتهاناً بل تجسيد صارخ لمنهج السلطة السياسية، والسرقات المنظم.
    إن آلية القمع والاستلاب تتجلى في متاهة العيش العوز والفقر والفاقة تجعل الشباب يبحثون عن الوهم خارج الحدود، البحث عن الأمكنة البديلة مغامرة، وان عشعش الماضي في الحاضر متحكم بحركته الراهنة، هناك زيف بالوعي التاريخي الذي يفصل الماضي عن الحاضر، وينغلق في زمن وهمي، فالسلطة المستبدة وآليات قمعها كونت فلسفتها الرسمية في أساليب الحكم، حيث يدمر هذا القمع السلطوي الانسان والمجتمع معا، ثم يدمر السلطة نفسها في سبيل انقاذ الطغاة المتسلطين مخلفاً تحت ركامه مجتمعاً حزيناً يحصد التراكم من كل الأزمنة، فتولى القمع والاستبداد من جهة وقمع الوعي المضاد من جهة أخرى، هي شخصيات متشابهة في ارهابها داخل السلطة والمجتمع، من حيث الأهداف والنتائج والسلوك، وحركة القمع وآلياته المتعددة والتي تمارس باسم العدالة والنزاهة والدفاع عن حقوق المواطن باتقان عجيب، تجعل العيون تراه وتنظر اليه بإعجاب، ويجعلون السلطة مرجعاً حقيقياً، وتجعل من السياسة فن تدمير المجتمع باسم الدفاع عن مصالحه، اذ يتبدد معنى القانون ومفهوم النظام الاجتماعي والاقتصادي، وتتجلى السلطة وكالة تنظم هذا الوباء، تنسج هلاك المجتمع وتحيله الى كارثة..!
    يغرق المستبد في سادية غاية في التعقيد والكثافة، يلغي كل ما هو خارج عن فرديته تاركا حوله أدوات توافق معنى الاستبداد، كوسيلة لإلغاء حياة كل من يرفض له قولاً أو إشارة، وتختار السلطة من بين ضفاف النفوس عيونا على الناس، ثم تنقض على من تفشل في تجنيده، وتعمل على قهره، ثم سحقته في اقبية سجونها، وقد اكتسبت آلة القمع هذه شكلا قدريا علويا، حتى تظل قادرة على كل شيء لها قوة ابتداع الخرافة والقوانين والفتاوى التي تتحكم بحياة الناس، وتقتل وتهجر وتقيم علاقات مع أمريكا وإسرائيل، فيرتقي الصراع بتجلياته القمعية، فيتصاعد الصراع بانعكاساته القمعية والتمردية..!
    علينا أن نتحذ لتشكيل ادانة صارخة ضد الإرهاب، صارخة ضد الإرهاب الفكري والذي تلوذ خلفه آلية القمع العربية التي تستمد ارهابها عبر شلالات الدم والانشقاقات الثأرية عند معاوية ويزيد وأبي العباس السفاح وهارون ولم تنته بعد، فاشتغل العراق بالخلافات الفكرية الحادة، البعض ذهب للتبعية المطلقة، وفقدان خصوصية الهوية العراقية، فيسود العراق القمع والقهر والاستلاب، وقد دمر اقتصاد العراق في حروب خاسرة، وقتل عشرات الآلاف في حروب طائفية، اعدت لإلغاء الآخر وعدم الاعتراف بالتعددية الفكرية، وبسبب غياب فكر الحوار والجميع يتحدث بالديمقراطية، ويخادع بحرية التعبير والحوار.ونحن اليوم بأمس الحاجة الى سمات الموقف الوطني الإنساني المسؤول، ليعاد لنا الامل بالتجسيد الحي للسلوك الوجداني، لتستيقظ الحكمة، ويصل بنا الوعي العام الى التمسك بوطنيتنا وانسايتنا تحت ظل الدين القويم.
    أعجبني
    تعليق
    مشاركة​
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X