إعصار مدمّر ضرب المدينة، حوّل حياته الى معين آخر غير ما كان يتمتع به من ملذات الدنيا، لم تمر حياته كلها بأزمة تجعله يعاني الألم والحيرة كما يعاني هو اليوم من غربة تصلبت فيه، كان لا يمتلك من سبل النجاة سوى ذاكرته المشلولة التي أثارت لديه الكثير من المتاعب، يعيش دائماً في الشعور الحذر ويحمي نفسه بغربة تخفيه عن أنظار الألم.
لا أعتقد انه كان يرى الجهات الأربع، لا أبداً اظنه كان يراني كل الجهات، هكذا بدأت أفسر تأملاته وشحوبه ونظراته التي لا تفارق مأواي، شعرت بأن عوالمه المذبوحة جعلته يألف معنى الحب الذي تألق في عينيه، وابتسامته التي ربما هي وليدة ازمان تعرشت فيه، أعادتها الذاكرة عبر وجعي انا.
لا أدري من يكابد من..؟ أسمع صمته ينادي: اعتقيني وعنقي الذي تكبل بهواه، صرت مزهوة بالتوق والحنين، أسمع صمته ينادي: اطلقي سراحي، وأسأل من يطلق سراح من..؟ فرحي الحقيقي بأني كنت أناجيه ويسمع نجواي.
أعاهده بأن أكون بلسماً يشفي جراحاته، وأنا من يا ترى يشفي جراحاتي سواه..؟
يا الهي.. هكذا وبكل بساطة ادخل عوالم الشجو اضمد جراحاته، وهو الذي حمل القلب الى فيافي الوطن ليدافع عني فيه، أتمعن فيه، في ذلك الصدق الذي امتلكني وقال:ـ اوصيك، اياك والبكاء، فكل دمعة تقربني الى موتي..
قررت أن لا أبكي فلا يعقل أن أبعث الموت لمن بعث لي الحياة.