《الخطوط العامة التي تميز الشريعة الاسلامية》
قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ ....} الاعراف:157
إن الخطوط العامة هي ما يميّز الشريعة الإسلامية التي جاء بها النبي محمد(ص)، وهي تتحرك في حياة الناس في نقاط ثلاث: -
النقطة الأولى: هي <الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر>، فليس هناك عمل يأمر به الإسلام إلا وهو خاضعٌ لعنوان المعروف، ويعني ما يعرفه الناس في وجدانهم لانسجامه مع المبادئ الخيّرة والقيم الروحية، وارتكازه على قاعدة المصلحة الإنسانية، أو ما لو عرف الناس أساسه التشريعي لأصبح قريباً ممّا يعرفونه أو يألفونه فيما يرتبط بحياتهم المستقبلية..
وليس هناك عمل ينهى عنه الإسلام إلّا وهو خاضعٌ لعنوان المنكر الذي هو ما ينكره الناس في فطرتهم الإنسانية لنتائجه السلبية على حياتهم، ولارتكازه على قاعدة المفسدة والمضرة التي تسيء إلى حركة التوازن في الحياة. وربما كان لهاتين الكلمتين «المعروف» و «المنكر» بعض الإيحاء بأن التشريع ينسجم مع الخطّ الوجداني للفطرة الإنسانية السليمة التي لا تعرف ولا تألف إلاّ الخير، ولا تنكر أو ترفض إلاّ الشرّ، فإذا عرفت الشر، وأنكرت الخير، فإن ذلك يعني الانحراف عن الاستقامة في الفكر والوجدان والشعور.
النقطة الثانية: <تحليل الطيّبات وتحريم الخبائث>، فليس فيما أحلّه الله إلا الطيّب الذي يرتاح إليه الذوق الإنساني، فيما يتذوّقه الناس من الأشياء الطيّبة، أو الذي يلتقي بالمنفعة لحياتهم في أرواحهم وأجسادهم، وليس فيما حرّمه الله إلا الخبيث الذي تعافه النفس، ويستقذره الذوق، وترفضه الفطرة.
وإذا كان الناس يستطيبون بعض المحرّمات أو يعافون بعض المحللات، فلأنهم كانوا لا ينظرون إلا إلى لجانب السطحي من تلك الأشياء، ولا يتطلّعون إلى أعماقها ليكتشفوا الجانب الخبيث في عناصرها الذاتية التي يستطيبون، وليعرفوا الجانب الطيب في أعماق الأشياء التي يعافونها، لأنّ المقياس في ذلك كله هو في الخصائص الذاتية للأشياء وللأعمال وليس في الجوانب الظاهرية منها.
النقطة الثالثة: <الإصر وهو الثقل والأغلال>، فليس في الإسلام حكم يثقل على الإنسان القيام به، إلا بما يفرضه التكليف في ذاته من ثقلٍ طبيعيٍّ يمارسه الإنسان بطريقةٍ عاديّة... وقد رفع القيود التي فرضتها بعض الظروف والأوضاع السلبية لدى الشعوب الماضية، مما اقتضى الشدّة في التشريع والصرامة في التحريم. وبذلك كانت الشريعة الإسلامية شريعة التخفيف والتسهيل والتسامح في كل أحكامها المتعلّقة بالفرد أو بالمجتمع.
تعليق