خطبة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي 15 / كانون الأول 2006م
أهتمت مدرسة اهل البيت عليهم السلام بالمعرفة وعمليات الادراك وانشطة الفكر من أجل تسخيرها ، لتنمية السلوك الانساني ، معرفتنا لصفات المتقين وأوصافهم تجعلنا نعمل لجعل الصفات معايير لأدراك انفسنا ، ولتنشيط المدركات والمفاهيم التي تقودنا للتماثل مع هذه السمات والصفات ، التي شخصها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، كالصلاة وقراءة القرآن والخشوع والتدبر والتفكير للتعايش والتآلف الروحي مع معاني الآيات ومضامينها ، فآيات القرآن تجعلهم يعيشون الارتقاء الروحي ، وهذه المعرفة تجعلنا نعرف الطبيعة الانسانية، وعلمنا أمير المؤمنين عليه السلام الكيفية التي يفكر بها الانسان، الجنة هي حلم المتقين ، لكن التقى يعني البهجة الروحية مع القلق الإنساني والخشية من غضب الله ونار جهنم وفي وصف بلاغي شخص به الداء والدواء ، هناك اثارة انتباه اسلوبية تعرفنا معنى الدواء ، تلاوة كتاب الله تعالى، يرى سماحة الشيخ في خطبته ان القراءة التي يقصدها أمير المؤمنين عليه السلام ليس ترديد الآيات المباركة عبر اللسان بل تتجاوز مسامعهم الى داخل قلوبهم الى أعماق قلوبهم وارواحهم ، الى الالتزام بطاعات الله تعالى والاجتناب عن المعاصي وتحلية النفس بمكارم الاخلاق ، القراءة بالترتيل ، قراءة ذهنية روحية شعورية تتحول الى سلوك انساني قادر على تطهير النفس ، ان لا يكون المقصود السلوك الظاهر وانما هو السلوك الإيماني المؤثر يتأثر قلب المتقي مع الوجود القرآني ،يفرح مع بشائر الجنة ويحزن ويخاف من زفرات جهنم ، القضية التي يشخصها سماحة الشيخ الكربلائي انهم يخافون حقيقة النار كون جهنم غائبة عن الابصار، والتأثير هو الصورة المعبرة عن غضب الله سبحانه ، تحسين ادراك الفرد يأتي من الايمان ، ما نفع المعرفة دون ايمان وقضية الايمان هي التصديق بالكثير من الامور الغيبية ، فاذا كنا نحب ان تكون مساكننا ودورنا مهبطا للملائكة يهجر منها الشياطين وتشع لأهل السماء، لابد ان نحي في مساكننا ودونا ومحلاتنا تلاوة القرآن ، تطور العقل يمنح الانسان العلم ، والايمان يمنح الانسان الحلم ولا نفع بعلم لا حلم معه ، ومن صفات الحلم متصفا بالمعاشرة الايمانية، لا يكون انسانا جزوعا، وان يتحمل هفوات من حوله واساءاتهم وتجاوزاتهم ، فكيف بمن يتجاوزعلى الناس ويسيء اليهم ، مقدرة الانسان على التماسك الايماني تظهر من خلال مقدرته على اقتران القول بالفعل والانسان الكذاب من ايمانه من اقواله تعاكس افعاله نهضة الانسان لا تتحقق الا من خلال الوعي والوعي الايماني لا يحتكم الى ظاهر العبادة الى السلوك الظاهري ، لذلك يقول الامام الصادق عليه السلام ، ( لا يفتخر أحدكم بكثرة صلاته وصيامه وزكاته ونسكه ) المصدر علل الشرائع الجزء الثاني 2 ص61 ،محاورة تلك الحكمة من قبل سماحة الشيخ عبد المهدي تضعنا امام المعنى عبر اسئلة عديدة ، لماذا ينهانا الامام الصادق عليه السلام ، من المفاخرة بالعبادة ، اي بمعنى ان لابد من البحث عن الانسان، اعماق القلب ، تلك لا يدركها الا الله سبحانه تعالى ، في اعماق القلب أحيانا نجد الكثير من الصفات الذميمة التي تهلك الانسان دنيا وآخرة ، كل انسان لا يعلم ما حاله في مرثية التقوى ، ولكي تتوسع في مفهوم الصفات السلوكية للمتقين بان السلوك الانساني ليس ظاهرة عفوية ، يحدث عن طريق الصدفة وانما النظام ،الامام عليه السلام ، يعرفنا سلوك المتقين فهم لا يرضون بقليل ما يقدمون ولا يستكثرون الكثير ، يتهمون انفسهم بالتقصير دائما ولا يرضون عن انفسهم ، وعدم الرضا عن النفس له عدة تفسيرات ومنها التقصير بحق الله سبحانه تعالى ، المتقي قليل الرضا عن نفسه كونه يطمح بالكمال ، والتقوى تعني التحفظ والمهابة وهو منهج سلوكي يقوم على ايثار الآخرة ، السعي لبلوغ الاستقامة ، فالمطلوب بعد ما اتضحت الصورة يعنيها الامام عليه السلام بهذه الصفات ، علينا ان تجعل هذه المضامين منارا لنا ، لنصل من خلالها الى الاتصاف بصفات شيعته علي وأهل البيت عليهم السلام