للزهراء (عليها السلام) دور دفاعي عن العقيدة المحمدية العلوية، أحرقت مبايعة السقيفة الباطلة، وصفعت الباطل بيد الحق، لقد بقيت مصافحة ليد أمير المؤمنين (عليه السلام) ومبايعة له كأبيها رسول الله(ص)، فهي شبيهة محمد ونفسه(ص)، وافتدت علياً (عليه السلام) بضلعها وبحرق دارها وابنها المحسن (عليه السلام) قربانا لله ودين الله المستقيم.
إنها تعلم بأن صراط علي (عليه السلام) هو الحق (اهدنا الصراط المستقيم)، لذا أثبتت الزهراء (عليها السلام) لجميع العوالم أنها استشهدت من أجل الله، وفي طاعته وطاعة رسوله ووصيه علي (عليه السلام)، متمثلة بطاعتها لوليها وزوجها، وهي سيدة معصومة وسيدة نساء العالمين، وزوجة معصوم وبنت نبي الرحمة، وأمّ لحجج الله المعصومين (عليهم السلام)، فهل يوجد أحد بمكانتها من بين نساء العالمين..؟!!
مظلوميتها:
عندما غدر اخوة يوسف بأخيهم يوسف (عليه السلام) قالوا لأبيه يعقوب (عليه السلام): لقد أكله الذئب ((وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ))، وعندما سأل نبي الله يعقوب (عليه السلام)، ذلك الذئب؟ قال له: اني بريء من قتل يوسف (عليه السلام)، وأثبت الذئب براءته، وأثبت قميص يوسف (عليه السلام) جرم اخوته به، وكذبهم على أبيهم، ولو سأل نبي الله محمد باب دار فاطمة الزهراء (عليها السلام) عمن قتلها، لأجابه بصدق قائلاً: إن الذي قيل له في الدار فاطمة قال: وإن.. هو من آذاها، وأنتم يا رسول الله قد قلت فيها: ((فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني))، فماذا تقول في مَن ظلمها وسلب حقها وصفع خدها وضربها بالسوط، وحرق دارها، ولوّع أهلها وأسقط جنينها وأحزنها وإن استخبرتها أخبرتك بحالها وأنتم أعلم بالمصاب...
مظلومية الزهراء لن تنتهي قائمة قضيتها إلى يوم القيامة.. فقد ذكرت بعض الروايات انها عصرت وأنها ضغطت بين الحائط والباب، يمكن القول: إنها قد ضغطت وعصرت فأما الضغط في اللغة فهو ضغط شيء إلى الحائط، مما أدى الى كسر أضلاعها.
وأما العصر في اللغة، فيعني الضغط مع استخلاص نتيجة كما يعصر العنب لاستخلاص مائه، وبذلك أدى إلى سقوط جنينها بالعصر، فإذا كان كذلك فالزهراء (عليها السلام) تكون قد ضُغِطَتْ وعُصِرَتْ وما أعظم الجريمة..!! وكانت أدواتهم الأيدي والباب والضمائر الميتة، حيث لا يوجد وراءه إلّا فاطمة، ولا أعرف لو كانت امرأة غير الزهراء (عليها السلام) وحدث لها هذا من الناحية الطبية، هل تقاوم أم تموت من يومها..؟!! واذا كان كذلك، فإنّ هذا يدل على عظمة الزهراء وصلابتها، وأنّه لا شبيهَ لها في نساء العالمين.
لذا قد أثبتت الزهراء من هذا أيضاً لنساء العالمين كيف يكون الحجاب، وقيمة الحجاب، وأنّها شهيدة الحجاب، وكلّ ما فعلته السيدة الزهراء (عليها السلام) هو من أجلنا (وتعيها أذن واعية).
وأثبتت الزهراء (عليها السلام) أيضاً أنّ مَنْ هجمَ على دارها واستخف بحرمتها لا يمكن أن تُسلَّمَ بيده ذرةُ قمحٍ، فكيف يريد من الزهراء (عليها السلام) أن تسلمَ بيده مصير أمة؟! لذلك أبت ومازالت تأبى أن يُسلَّم العالم بيد السفهاء، وهذا نهجها ونهج أبيها وزوجها (عليهم السلام) ونهج ذريتها من بعدها (صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين).
وأثبتت الزهراء (عليها السلام) أيضاً أنّ من قتلها من أرباب الجاهلية؛ لأنّه جهل حرمةَ كلّ امرأة، فكيف وهي الزهراء بنت رسول الله(ص)؟! وهو الذي جاء ليغير مبادئ الجاهلية التي تتعارض والإسلام، ومنها قتل البنت وهي حية ودفنها، فلا فرق بينهم وبين من قتل الزهراء (عليها السلام) بهذه الوحشية متجاهلاً حقها، وناكراً لقول رسول الله (ص) فيها: ((فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني))، حتى ذهبت روح الزهراء شاكية لربها صنع القوم فيها: ((وإذا الموءودة سُئلت بأي ذنبٍ قُتِلَتْ)).
لقد أثبتت الزهراء (عليها السلام) لجميع العلوم والعوالم قوة روحها وصلابتها على أنّها امرأة متميزة مختلفة، حوراء أنسية وسيدة الوجود وليلة القدر، لقد نظر الله في خلقه فلم يجد لها كفوا إلا علياً (عليه السلام)، ولم يجد علي (عليه السلام) حبيبةً وانيسةً في دنياه كفاطمة بنت محمد (ص)، فقد كانت شبيهة الرسول، وما أحب هذا الوصف على قلب أمير المؤمنين (عليه السلام)، فكيف إذا غيّبوا طيفها عنه؛ لذا لم يجد إلا البئر كي يضع فيه رأسه، ويبث فيه أسرار شوقه ولوعته لزهرائه وفراشته التي رحلت حتى قال لرسول الله فيها: ((فلقد استُرجِعتِ الوديعةُ وأُخِذَتِ الرهينة..!، أما حزني فسرمدٌ، وأما ليلي فمُسهَّدٌ، إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم. وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك على هضمها، فأخفِها السؤال، واستخبرها الحال...)).